The Lebanese Center for Human Rights (CLDH) is a local non-profit, non-partisan Lebanese human rights organization in Beirut that was established by the Franco-Lebanese Movement SOLIDA (Support for Lebanese Detained Arbitrarily) in 2006. SOLIDA has been active since 1996 in the struggle against arbitrary detention, enforced disappearance and the impunity of those perpetrating gross human violations.

Search This Blog

January 28, 2011

Assafir - Special Tribunal - January 28,2011



المحكمة الخاصة بلبنان:
السيناريوهات المفترضة لنهايتها (2)
هادي راشد
«السيناريو» الأول للمحكمة، محاكمة المجرمين ومعاقبتهم:
ربما يشكل هذا «السيناريو» المقاربة الأكثر طوباوية في متابعة عمل المحكمة نظراً للمسار الذي سلكته لجنة التحقيق الدولية حتى الساعة وللارتدادات شبه الزلزالية التي تحدثها محلياً ودولياً أي خطوة تقوم بها المحكمة.
ولكن يبقى انه في حال قدر للمحكمة ان تسير ضمن ما هو مرسوم لها، فستقوم بعد تقديم القرار الاتهامي من قبل المدعي العام دانيال بيلمار وقبوله من قبل قاضي الإجراءات التمهيدية دانيال فرنسين، بعقد جلسات محاكمة تصدر بنتيجتها الأحكام المنتظرة بداية واستئنافاً.
ولكن يجب في هذا «السيناريو» الأول، التوقف عند عدة مسائل جوهرية منها:
أ- لقد أعطى نظام المحكمة المختلط صلاحيات كبيرة لقاض جديد على الساحة القضائية اللبنانية أطلق عليه أسم قاضي الإجراءات التمهيدية، الذي له حق تقدير اعمال المدعي العام وإصدار مذكرات التوقيف بناء على طلب هذا الاخير (المادة 18 من النظام الاساسي).
ب- لكن وبالعودة الى ما حصل بين «الدانياليْن»، أي بين قاضي الإجراءات التمهيدية فرنسين والمدعي العام بيلمار في قضية الاستحصال على مستندات شهود الزور في قضية اللواء جميل السيد، يتبين انه يمكن لقاضي الإجراءات التمهيدية الا يكون على اتفاق مع المدعي العام في بعض الأمور أو في جميعها مما قد يؤخر إصدار القرارات اللازمة المتعلقة بتقدير اعمال المدعي العام.
ت- لا بل أكثر من ذلك، فقد جاء في المادة 18 من النظام الأساسي ما حرفيته: يتولى قاضي الإجراءات التمهيدية استعراض لائحة الاتهام فإذا اقتنع بأن المدعي العام أقام دعوى ظاهرة الوجاهية، فإنه يعمد الى تثبيت الاتهام. اما اذا لم يقنع بذلك فترفض الدعوى. بما معناه ان إمكان رفض الدعوى يمكن ان يتم قبل ان تبدأ.
ث- أنشأ نظام المحكمة مكتباً للدفاع (المادة 13 من النظام) يتولى حماية حقوق المدعى عليهم، وتقديم المساعدة لمحامي الدفاع، بما في ذلك جمع الأدلة والمثول امام المحكمة، مع ما يمكن ان يؤدي ذلك الى إثقال أصول المحاكمات ومهلها بتقنيات قد تطيل امد المحاكمة.
ج- تم بالفعل، إثقال المحكمة بنظام مسؤوليات خاص وغريب. اذ اعتبرت المادة 3 من نظامها الأساسي ان الرئيس مسؤول عن اعمال مرؤوسيه نتيجة لعدم سيطرته سيطرة سليمة عليهم (...) بما معناه وجود إمكانية غير محدودة في الانتقال من ملاحقة متهم الى ملاحقة رئيسه المباشر، ومن ثم غير المباشر، وبعدهما الى رئيس الرئيس والى آفاق غير معلومة وغير محمودة.
«السيناريو» الثاني، إيقاف مفاعيل المحكمة لبنانياً ومحاكمات غيابية خارجياً:
اذا كانت مقاربة «السيناريو» الأول، تفترض تجاوب السلطات اللبنانية مع كل ما هو مطلوب منها بموجب مذكرات التفاهم والاتفاقيات والقرارات الدولية لمساعدة المحكمة الدولية، عبر تقديم الدعم اللوجستي (وخاصة توقيف المطلوبين)، والقانوني والمالي، بحيث انه وبالرغم من هذا التجاوب قد يطول امد المحاكمة بشكل لافت للنظر.
يبقى ان «السيناريو» الثاني يفترض، وفق ما يطالب به البعض، ان الحكومة اللبنانية إما:
أ- أتخذت قراراً داخلياً سيادياً بعدم التجاوب مع الاتفاقيات والمذكرات المبينة اعلاه، فترفع الدولة اللبنانية الغطاء عن المحكمة وتسحب القضاة منها وتتوقف عن تمويل ميزانيتها.
ب- أو على الأقل رفضت الحكومة أو عجزت عن تسليم أي من المطلوبين الى المحكمة.
نسارع الى القول إن أي من ردات الفعل هذه لن تعطل عمل المحكمة، إذ أن هذه الأخيرة ستكمل عملها بتمويل من مجلس الأمن أو من بعض الدول المانحة وبقضاة من غير اللبنانيين أو من اللبنانيين المستقيلين أو المتقاعدين، فتصدر عندها مذكرات التوقيف ومن ثم الأحكام بشكل غيابي بحق من سيتم الاشتباه بهم وذلك عملا بأحكام المادة 22 من النظام الأساسي.
حينها سندخل في معضلة أصعب، إذ أنه لن يكون هناك إمكانية لتنفيذ هذه المذكرات والأحكام الغيابية في المدى المنظور، وطالما أن الدولة اللبنانية ترفض أو تعجز عن التعاون. لكن تبقى في الوقت نفسه المذكرات والأحكام الغيابية قائمة حكماً مع جميع مفاعيلها، لا سيما مفعولها الضاغط سياسياً، تماماً كالمذكرة الدولية الصادرة بحق الرئيس السوداني عمر حسن البشير.
هذا الأمر سيؤدي إلى اضطراب سياسي كبير في العلاقات بين لبنان والدول المستمرة في رعاية المحكمة، والى اضطراب أمني بين اللبنانيين الداعمين للمحكمة والمناهضين لها.
«السيناريو» الثالث، إنهاء المحكمة بمضي مدتها:
إن كل ما جاء في «السيناريوهيْن» الأول والثاني، يؤكد على طول أمد الإجراءات التي رافقت وسترافق عمل المحكمة، بحيث أصبح واضحاً أن أي محاكمة لن تبدأ على أقل تقدير قبل أواخر العام الحالي. أما المفارقة، فتظهر في أن من وضع نظام المحكمة لم يأخذ في الاعتبار العامل الزمني الضاغط، إذ أنه لم ينتبه إلى المدة التي استغرقتها أعمال التحقيق، في وقت أن المحكمة استعجلت عملية المباشرة بعملها حيث بدأته رسمياً في أول آذار 2009.
وبالعودة إلى نص المادة 21 من ألاتفاق مع الأمم المتحدة بشأن المحكمة الخاصة نقرأ ما حرفيته:
1- يظل هذا الاتفاق ساري المفعول لمدة ثلاث سنوات اعتباراً من تاريخ مباشرة المحكمة الخاصة عملها (أي 3 سنوات منذ 1 اذار 2009 وحتى الأول من آذار 2012).
2- بعد مضي ثلاث سنوات على بدء عمل المحكمة الخاصة، يقوم الطرفان بالتشاور مع مجلس الأمن، باستعراض ما تحرزه من تقدم في أعمالها. وإذا لم تكتمل أنشطة المحكمة في نهاية فترة الثلاث سنوات، يمدد الاتفاق للسماح للمحكمة بإنجاز عملها، وذلك لمدة (او مدد) إضافية يحددها الأمين العام بالتشاور مع الحكومة ومجلس الأمن.
أما قراءة هذه المادة بشكل دقيق مبني على التسلسل الزمني للأحداث فتظهر:
أ- أنه يستحيل على المحكمة أن تنهي أعمالها قبل الأول من آذار 2012.
ب- أن كلمة الطرفين المبينة أعلاه تشير إلى الأمم المتحدة والجمهورية اللبنانية.
ت- أنه بنهاية المدة الأصلية يجب اتخاذ خطوة إجرائية لتمديد عمل المحكمة.
ث- أن هذه الخطوة يجب أن تتم بالتشاور مع احد الطرفين، ألا وهو حكومة لبنان أقله فيما يتعلق بمدة التمديد.
ج- إن هذه الخطوة يجب التحضير لها لأسابيع أو ربما لأشهر قبل استحقاقها.
بحيث يصح التساؤل عما سيكون موقف مجلس الأمن في حال طلبت حكومة لبنان وقتذاك عدم تمديد مدة عمل المحكمة؟
الجواب الطبيعي الأول سيكون بأن يلتزم مجلس الأمن بطلب لبنان باعتبار أن اساسات المحكمة القانونية مبنية على انها ولدت بناء لطلب من حكومة لبنان (هذا ما يردده الأمين العام للأمم المتحدة وعدد من الحكومات الغربية بصورة مستمرة)... ومع تجاوب مجلس الأمن، تتوقف اعمال المحكمة حكماً لمضي مدتها.
أما الجواب الآخر الممكن، فيكون بألا يقبل مجلس الأمن طلب لبنان ويقرر أحادياً، تحت ستار عدم إيقاف مسار العدالة، تمديد أعمال المحكمة فيدحض نهائياً مقولة إنشائها بناء لطلب لبنان، وتظهر حينها النيات السياسية المخفية وراء تأسيس المحكمة ونية التدخل في الشؤون الداخلية للدول.
ويبقى ان السير في هذا الاحتمال الثاني يجب ان يحصل في ظل الأمور المبينة في متن هذه الدراسة التي أظهرت:
- ان مجلس الأمن تصرف في بداية مسار المحكمة فقط بناء لكتب أرسلت من رئيس الحكومة ومن دون أي إبرام قانوني ـ دستوري لبناني للاتفاقية.
- أن سفراء روسيا والصين وثلاث دول اخرى أبدوا تحفظهم على الاتفاق (في مجلس الأمن).
- أن مجلس الأمن كان إبان اتخاذ القرار بموجب الفصل السابع تحت ضغط الاغتيالات والتنفجيرات في لبنان.
بحيث يصح أيضاً الأفتراض ان الحكومة المقبلة ستباشر فور إعلانها، بالتواصل الحثيث مع الدول الأعضاء في مجلس الأمن لإظهار الأضرار البنيوية التي تحدثها المحكمة بتركيبة لبنان، تماماً كما استشعر بذلك السفراء الروسي والصيني والقطري لدى مجلس الأمن حين قالوا: «إن القرار 1757 مشكوك فيه بموجب القانون الدولي لأنه يلتف على شروط واردة في الدستور اللبناني، وأن مجلس الأمن تجاهل ضرورة حصول توافق وطني لبناني بشأن المحكمة وأن هذا الأمر سيسبب مشاكل سياسية وقانونية وأن القرار لا يدعم الاستقرار في لبنان».
ولربما تكون هذه هي المهمة الأولى والوحيدة للحكومة الجديدة العتيدة ولمن سيكون وزيراً لخارجيتها، بحيث تضع ثقلها وعلاقاتها لإقناع احدى دول «الفيتو» باستعماله ضد أي اقتراح أممي أحادي في تمديد عمل المحكمة خشية من إلحاق لبنان بالسودان...

([) محام متخصص في القانون الدولي ـ محاضر في جامعة القديس يوسف،
عضو هيئة تحديث القوانين في المجلس النيابي اللبناني.

No comments:

Post a Comment

Archives