The Lebanese Center for Human Rights (CLDH) is a local non-profit, non-partisan Lebanese human rights organization in Beirut that was established by the Franco-Lebanese Movement SOLIDA (Support for Lebanese Detained Arbitrarily) in 2006. SOLIDA has been active since 1996 in the struggle against arbitrary detention, enforced disappearance and the impunity of those perpetrating gross human violations.

Search This Blog

February 2, 2011

Almustaqbal - Starting conference of legal proceedings in the hague - February 02,2011


لاهاي ـ قاسم خليفة
يكتسب المؤتمر القانوني العربي لدراسة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان أهمية استثنائية في الظرف الراهن كونه يأتي في ظل "هجمة" مركزة عليها تهدف فيما تهدف الى إزاحة الانظار عن مبدأ إحقاق العدالة الدولية، وإثارة جدل حول تفاصيل، تعد "شكلية"، نسبة الى امكان تطبيق قاعدة عدم الإفلات من العقاب، تتعلق بدستوريتها وظروف انشائها، الامر الذي أخذ المؤتمر على عاتقه مهمة إلقاء المزيد من الضوء عليها، من وجهات نظر مختلفة تتعدى في معظمها الجهات المحلية اللبنانية التي "تتناحر" عليها، والتي أضاعت هذه القوى اللبنانية المعارضة سياسيا وقانونيا للمحكمة برفضها فرصة المشاركة في المؤتمر، لتوضيح وجهة نظرها في معقل العدالة الدولية، من خلال نقاش علمي جدي ، وفّره المؤتمر الذي انطلق في مقر اكاديمية القانون الدولي في هاغ في لاهاي في قصر السلام في محكمة العدل الدولية.
وكان لافتاً الدعم العربي الملحوظ للمؤتمر، حيث شكل فرصة حقيقية للالتفاف العربي حول العدالة الدولية، وعدم التشكيك بها لاسباب سياسية من خلال مشاركة العديد من الدول العربية عبر خيرة قانونييها وقضاتها، والتي كانت مناسبة لطرح اشكالية التشكيك العربي بالامم المتحدة وقراراتها على الصعيدين السياسي والقانوني، من دون مسوغات واسباب، الامر الذي يساعد بعض الحكام ومسؤولي الدول على التمادي في غيهم وطغيانهم، فكان إجماع من المؤتمرين على ان تكون الكلمة الفصل للمحاكم الدولية حصرا ً.
وتخللت المؤتمر مداخلات لعدد من المؤتمرين العرب أفضت الى نقاش حقيقي حول دور مجلس الامن واختصاصه، ولكنها أجمعت كلها على ان مجلس الامن يقارب تحركه لإحقاق العدالة الدولية في حالات تشكل تهديدا للسلم والأمن الدوليين، من أجل ارساء السلام وتحت الفصل السابع، وعلى ان لبنان دولة من دول العالم وهو عضو مؤسس وفاعل في الامم المتحدة، وهو ما نص عليه الدستور، وملتزم بقراراتها.
كما جرى توضيح وتصويب بعض "المغالطات" التي وردت بداية من تسمية المحكمة بأنها ليست دولية انما محكمة خاصة ذات طابع دولي، مروراً بواقع عرض مشروع الاتفاقية على مجلس النواب التي ارسلت اليه ولكنه لم يدرجها في جدول اعماله وبالتالي لم تناقش، وهي حتى تاريخه لم يرفضها او يقبلها لكي ينتهي المسار الدستوري بالتصديق او عدمه.
وكذلك حظي المؤتمر باهتمام المحكمة الخاصة بلبنان التي هي صاحبة العلاقة، بالإضافة إلى فاعليات قضائية وقانونية، عبر مشاركة عدد كبير من المعنيين بها كزائرين لمتابعة وقائع المؤتمر، كرئيس مكتب الدفاع فرنسوا رو، القاضية اللبنانية الرديفة في المحكمة ميشلين بريدي، والقاضي في مكتب المدعي العام دانيال بلمار التونسي محمد اللجمي، وزملاء له في المكتب، ومسؤولة الاتصال الخارجي اولغا كارافان اضافة الى موظفين ومستشارين وخبراء.
دقة التنظيم ، لم تمنع تأخر موعد افتتاح المؤتمر، بسبب صعوبة وصول الوفد المصري في الوقت المحدد الذي استقل طائرة خاصة. كما تخلله مداخلة تلفزيونية لنقيب المحامين السابق ميشال ليان الذي اعتذر عن الحضور لأسباب صحية.


نقاشات معمّقة تشدد على أهمية إنشاء المحكمة من أجل العدالة الجنائية الدولية

إنطلقت أمس، فعاليات المؤتمر القانوني العربي لدراسة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في قصر السلام في لاهاي ـ هولندا، بدعوة من "الهيئة العلمية لنشر الثقافة القانونية في العالم العربي، بمشاركة 40 شخصية من غالبية الدول العربية يتوزعون في الكلام على ثماني عشرة جلسة تتناول المواضيع الاتية: الظروف الاستثنائية لإنشاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، دستورية إنشاء المحكمة، تعريف جريمة الإرهاب بموجب النظام الأساسي للمحكمة، استقلال المحكمة الدولية، دور المحكمة في تعريف الإرهاب، المحكمة الدولية مقارنة بغيرها من المحاكم الدولية، المحاكمات الغيابية بموجب النظام الأساسي للمحكمة وعناصر ومفهوم القرار الاتهامي. وسيبحث المشاركون ضمانات المحكمة العادلة، قواعد الإجراءات والإثبات بموجب النظام الأساسي للمحكمة، الحقوق الشخصية للمتضررين، حقوق الدفاع أمام المحكمة، العلاقة بين لجنة التحقيق ومراحل المحاكمة، سلطة المدعي العام للمحكمة وعلاقة المحكمة بباقي الدول غير لبنان.
الجلسة الإفتتاحية
وحضر الجلسة الإفتتاحية الصباحية، السفير اللبناني في هولندا زيدان الصغير، السفير اليمني في هولندا نجيب عبيد، السفير السوداني في هولندا محمد حسن محمد علي، السفير العراقي في هولندا إبراهيم سعد إبراهيم، السفير القطري في هولندا ناجح دحدوح والسكرتير الأول في السفارة الأردنية رغد السقا، بالإضافة إلى فاعليات قضائية وقانونية.
القشيري
وبعد تعريف من عضو الهيئة العلمية لنشر الثقافة القانونية في العالم العربي البروفسور أيمن سلامة، ألقى نائب رئيس محكمة تحكيم غرفة التجارة الدولية وقاض خاص في محكمة العدل الدولية سابقاً، الدكتور أحمد القشيري كلمة جاء فيها: "يسعدني أن أشارك فى حفل افتتاح هذه الندوة العلمية في مقر حصن العدالة الدولية بمدينة لاهاي، وأذكّر فى بداية كلمتي بالمبدأ السماوي الذي أورده القرآن الكريم والذي يعد أساسا خالداً لما يجب أن تقوم عليه الجماعة الدولية ومقتضاه أن من قتل نفساً بغير حق فكأنما قتل الناس جميعا. فالخطاب الرباني ليس موجهاً لقوم دون آخرين وإنما يعم كافة البشر على السواء، للمسلمين وغيرهم من المنتمين لديانات أخرى أو الذين لا يؤمنون بأي ديانة، والنهي يتناول قتل أي نفس، أي شخص بمعنى (
person) أو (etre humaine) معتبراً القاتل كمن قام بعمله الشائن وارتكب جريمته النكراء في حق جميع البشر بمعنى (all people) أو (toute lhumanité).
وقال القشيري: "من هذا المنطلق الذي لا يأتيه الباطل من أمامه أو من خلفه يمكن التأكيد على أن القاعدة الأصولية في عالمية الشرعية الجنائية تجد جذورها البعيدة والعميقة في المفاهيم التي تعود إلى أكثر من 14 قرنا مضت، وليست كما قد يتصور البعض نتاج التطورات الحديثة التي ظهرت تطبيقاتها في النصف الثاني من القرن العشرين وبدأت تؤتي ثمارها في السنوات الأخيرة".
وأوضح أن "المحاكم الجنائية الدولية التي تم إنشاؤها بمناسبة جرائم راح ضحيتها العديد من الأبرياء في العديد من البلدان لا يمكن النظر إليها باعتبارها ظاهرة إستثنائية تنتقص من السيادة الوطنية للدول التي وقعت على إقليمها تلك الأفعال التي فجرها مجرمون لترويع الأبرياء في شتى مناحي الأرض"، مؤكداً أن "التأصيل القانوني الذي نتبناه والمؤمن بسمو قواعد القانون الدولي والإتجاه إلى النظرة العالمية للعلاقات البشرية عبر الحدود الإقليمية التي تم تجاوزها بفضل ثورة الإتصالات الكونية والتكنولوجيا المتطورة بحيث صار العالم قرية مفتوحة لكافة أجناس البشر والأفكار التي تغذي مختلف الجماعات. وإذا كانت المبتكرات الفكرية والعلمية قد أظهرت في جوانبها الإيجابية قواعد قانونية مشتركة أو متقاربة لتنظم العلاقات عبر الدولية، فإن الإفرازات السلبية في مجالات الأعمال غير المشروعة والجرائم ضد الإنسانية توجب بالمثل إيجاد تنظيم فوق الدول يحدد أسلوب معالجة الإنحرافات ويفرض من القواعد ما يمكن أن يعهد به ليس فقط إلى سلطات الدول الوطنية الأعضاء في الجماعة الدولية، وإنما تتجاوز ذلك إلى إستحداث قضاء على المستوى الدولي لردع الأشرار الذين يعيثون في الأرض قتلا وتخريبا وفساداً".
أضاف: "هذه الصلة بين المستويين: فوق الوطني (
supra national) ، والتنظيم المتروك للدولة في نطاق قوانينها ومحاكمها الداخلية (sur le plan national) ، قد تنبه إليها العديد من الفقهاء، وعلى رأسهم العلامة الفرنسي George Scelle منذ منتصف القرن العشرين عندما ذاع شأن نظريته حول أساس سمو قواعد القانون الدولي الذي يحدد الإطار لما يأتي دونه من تنظيمات وطنية، وهي النظرية المعروفة بإسم "الإزدواجية الوظيفية" (Le dédoublement fonctionne )..
وتابع: "من المعروف أن البرفيسور
Scelle كان من أوائل من لعبوا دوراً كبيراً في جهود تقنين قواعد القانون الدولي من خلال لجنة الأمم المتحدة للقانون الدولي، حيث كان من الرعيل الأول للعلماء الأفذاذ الذين وضعوا معالم الطريق لتحديث وتطوير مختلف الموضوعات التي تهم الجماعة الدولية La Communauté" internationale " بالمعنى الذى أوضح معالمه أستاذنا الراحل (René- Jean Dupuy، سواء فى مسائل السلم والحرب وحل المنازعات بالوسائل السلمية والمسؤولية الدولية أو تلك التي تجاوزت ذلك الإطار التقليدي لتركز في العقدين الأخيرين على حقوق الإنسان والجرائم الدولية والجرائم ضد الإنسانية والإرهاب والعقاب لمرتكبيها أمام محاكم دولية وفقاً لإجراءات وضمانات تكفل سيرالمحاكمات على نحو يتسق تماماً مع مقتضيات الشرعية الدولية، بما في ذلك ضوابط توفير محاكمة عادلة ( fair trial)، واحترام حقوق المتهم الذي تفترض براءته حتى يثبت بالدليل القاطع إرتكابه الجريمة المنسوبه إليه، وما يعرف إصطلاحا بتعبير (الـ due process ).
وسجّل، بعيداً عن أي اعتبارات سياسية، ما يلي:
(أولاً) ـ لا أعتقد أن هناك أدنى خلاف ممكن حول ضرورة أن يلقى جزاءه كل شخص ارتكب عملاً إرهابياً وقام بقتل أشخاص أبرياء، وذلك بعد أن تتم محاكمة عادلة له ويثبت لقضاة يتسمون بالحيدة والإستقلالية قيامه بذلك العمل الإجرامي.
(ثانياً) ـ في الحالات التي يكون فيها متعذراً توفير المحاكمة العادلة للمتهم في إقليم الدولة التي ارتكبت فيها الجريمة الإرهابية ووفقاً للقانون الجنائي الوطني أو نظراً لبشاعة الجريمة وإثارتها لمشاعر الجماعة الدولية، قد يكون من الأنسب أن تتصدى أجهزة الأمم المتحدة المختصة لمباشرة حقها الأصيل في إقامة محكمة ذات طابع دولي يتم في إطارها التحقيق بالنسبة للوقائع والظروف المحيطة بتلك الجريمة أو الجرائم، ويقوم قضاتها الذين تتوافر فيهم الحيدة والإستقلالية بتولي إجراءات المحاكمة العلنية والشفافة للوصول إلى حكم نهائي بعد درجتين من درجات التقاضي تراعى في شأنهما كافة الضمانات المقررة دولياً من حيث المواجهة و الـ (
fair trial ) والـ ( due process ) وغيرها من الأصول العامة للإثبات في المحاكمات الجنائية.
(ثالثاً) ـ بمراجعة القواعد التي تم على هديها إنشاء المحكمة موضوع البحث ونظامها الأساسي وقواعد الإثبات والإجراءات الواجبة الإتباع أمامها، لا يخالجني أدنى شك في أن المحكمة قد توافرت لها كافة المقومات التي تجعلها قادرة على تولي وظيفتها على النحو الذي يكفل تحقيق العدالة والوصول إلى حكم نهائي صادر بعد درجتي التقاضي يمكن الإطمئنان موضوعياً إلى سلامته ويستبعد في ظل المساهمة الإيجابية لهيئة الدفاع والمراقبة الدقيقة لمجريات الأمور من جانب الخبراء القانونيين العرب وزملائهم المحايدين الذين ينتمون إلى دول أخرى، أن تنحرف المحكمة عن قيامها بدورها على نحو سليم.
(رابعاً) وأخيرا، فإنه بالتحليل الموضوعي الدقيق لباكورة ما تم من إجراءات مبدئية في إطار المحكمة منذ بدء دخولها حيز النفاذ في شهر مارس عام 2009، بدءا من قرار قاضي ما قبل المحاكمة (
The PRE- Trial Judge) الصادر في 26 مارس ( آذار) من ذلك العام وحتى قراره الصادر في 29 إبريل (نيسان) 2009 بالإفراج عن المتهمين الأربعة الذين كانوا موقوفين من جانب السلطات اللبنانية ( الصفحات من 305 إلى 373 من النصين الفرنسي والإنجليزي المنشورين في الجزء الأول من مجموعة المستندات الأساسية للمحكمة الخاصة بلبنان، والصفحات من 123 إلى 155 من النص العربي المنشور في ذات المرجع)، لا يسعني سوى أن أقرر بكل اطمئنان أن ما ورد في تلك القرارات من تسبيب ونتائج يتسم بأنه على مستوي رفيع من العمل ذي الطبيعة القضائية البعيد عن كل تحيز أو محاولة تسيس، مما يبعث الثقة إذا إستمر هذا النهج أن يأتي قضاء المحكمة عادلاً وغير مخيب للآمال المعقودة عليها. وأي تعليقات سلبية حالياً لا أعتقد أنها مبررة. فلندع المحكمة تقوم بمهمتها في هدوء ودون صخب حتى يحين الوقت لتقييم ما تقوم به ومعرفة ما مدى إمكانية تحقيق الأمل المعقود عليها في تحقيق محاكمة عادلة لمن يثبت موضوعياً بالدليل القاطع أنه قد إرتكب بالفعل تلك الجريمة النكراء أوعلى العكس أن تعجز المحكمة عن ذلك لتهافت الأدلة وتعذر الوصول إلى الفاعل الحقيقي ومن كانوا وراءه".
عاشور
بدوره، قال استاذ القانون الدولي في جامعة تونس وعضو لجنة القانون الدولي للاتحاد الافريقي (تونس) الدكتور رافع بن عاشور: "في مستهل هذا المؤتمر الذي تعقده الهيئة العلمية لنشر الثقافة القانونية في العالم العربي من هذا القصر الذي هو قلعة القانون الدولي منذ قرابة القرن لدراسة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان أن أتناول الكلمة لأحمل لكم بداية تحية مضاعفة: تحية بلد تونس الذي شد إليه الإهتمام العالمي خلال الشهر الماضي إثر إنتصار ثورة شعبه الأبي على الحكم الإستبدادي ومطالبته بإرساء دولة ديموقراطية تقوم على هيمنة الحق والتعاون . وثانياً محبة أفريقيا باعتباري عضواً في أول لجنة أنشأها الإتحاد الإفريقي سنة 2009 والتي تهتم بتدوين القانون الدولي الإفريقي وتطويره والتشجيع على الإهتمام به واحترامه".
وأوضح أن "هاتين التحيتين تحملان في الواقع والحقيقة نفس الرحم وتشتركان في تحقيق أهداف هذا المؤتمر، الكل يصب في نفس المحيط، وهو محيط علوية القانون وسيادته ومقاومة الفساد والتصدي للإفلات من العقاب مهما كانت الصفة، خصوصاً ان الجرائم من حق الأبرياء ولا مجال للتغاضي عنها أو معالجتها بالرأفة والرحمة".
اضاف: "يشهد المجتمع الدولي نقلة نوعية ذات أثر في بعث أول المحاكم الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا ورواندا وكان هذا أول الغيث إلى أن تم ما لم يكن في الحسبان وتحقق حلم الفلاسفة والمفكرين ورجال القانون عندما تم وضع نظام عام 1998 بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية والتوقيع والمصادقة عليه ودخولة حيز التنفيذ عام 2002 رغم معارضة دول عظمى وعلى رأسها الولايات المتحدة الاميركية"، مؤكداً ان "انشاء محكمة لبنان الدولية رغم خصوصيته وما أحيط به من ملابسات وما يحيط به بعد من ملابسات يندرج في هذا المسار الحقوقي القانوني". وختم: "وفقت الهيئة العلمية لنشر الثقافة القانونية في اختيارها لموضوع هذا المؤتمر وفي استدعائها لهذا الجمع المشهود من العلماء العرب الأفاضل لتدرس موضوع المحكمة الدولية الخاصة بلبنان دراسة عقلانية موضوعية منزهة ورصينة بعيدة عن المزايدات والجدل العقيم".
عياط
والقى المستشار القانوني في مكتب المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية في رواندا، وأستاذ العلوم الجنائية في جامعة محمد الخامس (المغرب) القاضي دكتور محمد عياط كلمة جاء فيها: "ان قطار القانون الجنائي الدولي قد تحرك وانطلق منذ زهاء عقدين كاملين بعد ركود طويل دام حوالي نصف قرن. إنطلق القطار وتحرك وقطع اشواطاً طويلة ومهمة. لقد انشئت سبع محاكم منذ سنة 1993، اما جنائية أو دولية. ولا يبدو لي ان مسيرة القانون الجنائي ستتوقف ونحن في العالم العربي لا يمكننا ان نقف كالمتفرج ازاء هذه المسيرة". ورأى أن "ابتعادنا عن حلبة صراع القانون الجنائي الدولي لا يحصننا ولا يعصمنا ان نكون من جملة ضحاياها، وتالياً يجب ان نركب القطار بنية المساهمة في صياغة وتحديد وجهة مسيرتها وإلا فسنكتشف يوما ما أننا مجرد اسماك ميتة يحملها التيار".
أضاف: "من حقنا ومن واجبنا ان نفهم ما يحدث وان نؤثر في ما يحدث في حلبة القانون الدولي الجنائي. وهذا لا يمكن ان يتحقق الا بالبحث الجاد والحوار العلمي العميق في مجال القانون الدولي الجنائي والمجالات القانونية المرتبطة به والمؤثرة فيه". ولاحظ أنه "من هنا تتبدى اهمية هذا المنتدى الذي اختيرت له احدى عواصم القانون الدولي على العموم مدينة لاهاي. واريد ان اضيف ملاحظة علمية: ان المحاكم الجنائية الدولية آلية من آليات تفعيل حقوق الانسان. محكمة يوغوسلافيا السابقة، رواندا وسيراليون... كلها انشئت لمحاربة ثقافة الافلات من العقاب ولحماية حق الحياة والسلامة من الممارسات التعسفية كالتهديد والتمييز العنصري وغيره".
وذكّر بأن "المحاكم الجنائية أنشئت لحماية حقوق الانسان الاساسية ولمحاربة الافلات من العقاب ومن ضمنها الحكام والاقوياء خاصة من العقاب ومن العبث بحقوق شعوبهم، لافتاً إلى أن المخطط السليم هو ان نحتضن هذه الاليات على ما فيها من العيوب لأن كلها ما زالت وليدة وفي بدايتها ولا نطلب من الوليد ان يبدأ بالجري".
وتابع: "يجب ان نحتضن الاليات ونساهم في تطويرها وتوجيهها الوجهة السليمة والقويمة. يجب ان نتملكها لأننا لنا الحق في هذا التملك علما انها ليست الآلية الوحيدة لمنع محاولة الافلات من العقاب، انها آلية وهناك آلية اخرى لتطهير الماضي بطريقة عادلة ومنصفة والمساهمة في تضميد جراح الشعوب وتوجيهها نحو مصالحة فعالة". وختم: "نحن الآن ضيوف لبنان واللبنانيين في محفل من محافل العلم والعرفان الاكايديمية الدولية، لاهاي، وهي فرصة ثمينة للنقاش العلمي القانوني. لما فكرت في لبنان، حضرني قول عن لبنان: عاش الجمال مشرداً ينشد مسكنا حتى انكشفت له فألقى رحله وتوطن. والجمال لا يحيا ويزدهر الا في رفقة العدل والانصاف ونحن هنا في هذه المسيرة المتميزة لتحقيق العدل واتمنى لهذا المنتدى التوفيق وهو اهل له".
الأحدب
من جهته، رحب رئيس الهيئة العلمية لنشر الثقافة القانونية في العالم العربي الدكتور عبد الحميد الأحدب، بالحضور، قائلاً: "أهلاً بكم الى مؤتمر ترسيخ فكرة دولة القانون المتلازمة مع مفاهيم المساءلة والحرية والاستقرار والعدالة في المجتمع العربي. أهلاً بكم في هذا المؤتمر الذي يسعى الى ادارة نقاش حول المحكمة الدولية الخاصة بلبنان ومسارها. أهلاً بكم من أجل نقاش علمي صريح في اطار قانوني يدرس نظام هذه المحكمة الدولية والقوانين المرتكزة اليها والإجراءات التي تعتمدها للوقوف على مدى انسجامها مع أعلى معايير الشفافية والنزاهة بردِّ ذلك كلِّه الى معايير العدالة الدولية المستقرة".
وأوضح أن "هذا المؤتمر تأخر كثيراً عن موعد انعقاده. صحيح أن هذا المؤتمر خُصص "للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان" والتي يُثارُ حولها جَدَلٌ كثير... أكثره سياسي وأقله قانوني! ولكن قبل المحكمة الخاصة بلبنان كان يجب أن يُعقد هذا المؤتمر... وما كانَ يجب أن نصل إلى لاهاي... من زمان كان يجب أن يطلب القانون "بوليس النجدة" و"المطافئ"... فمن زمان بدأ اغتيال القانون والقضاء في العالم العربي، فلم يعد هناك من يحاسب ولا من يراقب".
وذكر بأنه "في العام 1953 سارت في شوارع القاهرة تظاهرات رفعت صوت وشعار "لا للحرية ولا للدستور" وكانت أول تظاهرة في الدنيا ضد الحرية وضد الدستور والقوانين. وسار المتظاهرون إلى مجلس الدولة في مصر الذي كان يرأسه العلامة عبدالرزاق السنهوري، الذي وضع القانون المدني لاثني عشر بلداً عربياً... فاقتحمت تظاهرات "اللا حرية واللا دستور" حرمة محكمته واعتدت عليه ضرباً وألحقت به الأذى الذي أهرق دمه... وغضبت مصر وقتها غضباً شديداً وأُصيبت بالذهول!".
أضاف: "ويوم أُهرق دم عبد الرزاق السنهوري، سقط الحق والقانون في العالم العربي!!! وكان يومها هو اليوم الفاصل الذي كان يجب أن يتداعى فيه رجال القانون إلى مؤتمرٍ لصيانة الحق والقانون. فلا حرية بلا قانون ولا قانون بلا قضاءٍ حرٍ مستقلٍ يحمي العدالة". وتساءل: "لماذا وصل العالم العربي إلى حيث يتخبطُ اليوم؟ أليس لأن الحرية والدستور أصبحا "عميلَين للاستعمار"؟ لم تعد للقانون شعبيةٌ تحميه، ولم تعد للقضاء حُرمةٌ ومقدَّساتٌ تصونُهُ... لهذا حصلت مجزرةُ القضاء في مصر سنة 1969، حيث صُرف ألوفُ القُضاة إلى المعاش، لأن القضاء تجرأ وتنزه وحكم. ولم يُعقد أيُّ مؤتمرٍ قانوني أو قضائي في العالم العربي في ذلك الوقت ولا بعد ذلك الوقت لبحث حماية القضاء".
وتابع: "انتهى الأمر إلى حديثٍ تلفزيوني للرئيس العراقي السابق صدام حسين يعرِّف فيه القانون، ويقول: القانون "هو ما أكتبه أنا...!" هذه هي حالة العالم العربي الذي يفتقر اليوم الى القانون والحرية والعدالة!... فليس غريباً إذاً أن يشهد هذا العالم العربي في العقود الأخيرة العديد من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وأن تستشري ثقافة الإفلات من العقاب، وأن يؤدي الفشل في تقديم القتلة إلى العدالة، إلى تكرار ارتكاب هذه الانتهاكات.
وأكد الأحدب "أن جريمةَ اغتيال الشهيد الرئيس رفيق الحريري ورفاقه لم يكن حادثاً انفرادياً طال شخصيةً عاديةً بل كان حدثاً إرهابياً خطيراً كما كيفهُ مجلس الأمن الدولي الذي اعتبر أنه "يُهدد السلم والأمن الدوليين" باعتباره حلقة بارزة غير منقطعة من سلسلة جرائم إرهابية مروِّعة وقعت في لبنان وطالت العديد من الشخصيات اللبنانية".
وأشار إلى أن "انعقاد هذا المؤتمر يعكس الإيمان بأن العمل القانوني والقضائي عمل من أعمال العبادة، له طقوسه ومراسيمه وطهارته وحرماته، وحلّ أزمة سلطة القانون والقضاء في العالم العربي، يؤدي تلقائياً إلى حل مشكلة الحرية والكرامة العربية، فالقانون هو القانون، والقضاء هو القضاء، ووصْفُهُما بالعمالة للاستعمار والصهيونية هو أداة لتثبيت الاستبداد في هذا الوطن العربي الكبير، لأن العدالة هي بنت أصل، ولا فرق بين عدالةٍ وعدالة إلا بقدرتها على حماية الحرية وحقوق الإنسان".
واردف: "إذا أردنا عالماً عربياً تجري من تحته الأنهار، وأن يكون العرب فيه خير أمة أخرجت للناس، فيجب للحقيقة أن ترى النور، وللعدالة أن تسود، ولضحايا الظلم أن ينْعُموا بسيادة القانون والقضاء"، متسائلاً: "كيف سندخل لمعالجة موضوع مؤتمرنا بالمستوى العلمي المطلوب، وبالجرأة العلمية التي تفرض احترامها على هذه النخبة من خبراء القانون في العالم العربي المشهود لهم بالموضوعية والحيادية "؟أرجو أن تتقبلوا هذا الاقتراح".
وقال: "لقد تشرَّفت "الهيئة العلمية لنشر الثقافة القانونية في العالم العربي" بدعوة العالم القانوني الدكتور عون الخصاونة، وهو عضو في "محكمة العدل الدولية" لكي يشارك في هذا المؤتمر، فاعتذر وكتب يقول:" لقد لاحظت من مطالعتي للوثيقة المتعلقة بأهداف المؤتمر أن "هناك أموراً اعتبرها جدلية قد وُضعت على أنها مقدمات منطقية" "محسومة منها على سبيل المثال أن لمجلس الأمن صلاحيةًً مطلقة" "في تكييف جرائم على أنها إرهابية أو أنها تمس الأمن والسلم" "الدوليين، وأنا أعتقد أن هناك إطاراً واسعاً ولكنه محصور لما يحق" "لمجلس الأمن أن يضعه في الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة،" "كما أن لدي شكوكاً حول إقامة المحاكم المختلطة أو شبه المختلطة،" "ولا أرى أن من مصلحة المؤتمر أن أعبِّر عن آرائي هذه والتي" "أعتقد أنها قد لا تخدم أهدافه، وبالمقابل فأنا لستُ ممن يقول كلاماً" عاماً لا يعني به شيئاً." "لهذا أرجو قبول اعتذاري عن المشاركة مقروناً بدعائي لكم وللمؤتمرين بالنجاح والتوفيق".
واعتبر "أن الهيئة العلمية لنشر الثقافة القانونية في العالم العربي تستميح المستمعين عذراً بتلاوة رسالة الدكتور الخصاونة... وهي لا تشك بأنه يوافق على الحوار العلني حول هذه النقطة! ان هيئة نشر الثقافة القانونية اذ تطرح عبر ما قاله القاضي الخصاونة الرأي المعاكس، فلكي تؤكد علمية هذا المؤتمر وحياده، وبحثه الحقيقي عن العدالة وعن الحق والقانون، لنصل فعلاً إلى الحرية... لقد تعمدنا أن نطرح الفكر المناقض لفكرٍ قانوني في اتجاهٍ معاكس... لكي نقول تعالوا نتناقش".
ولفت إلى أن "هناك سبعة عشر موضوعاً مطروحاً على جدول أعمال هذا المؤتمر ونخبة رجال القانون العرب ستبحث وتناقش". اضاف: "نترك التسيُّس وعدم التسيس... ونركِّز على المساءلة وعلى المحاسبة، على استقلال القضاء وعلى عدالة سلطة القانون، ونبحث كيف نكون مع الدستور ومع الحرية، وليس ضد الدستور وضد الحرية، وكيف تكون الحرية والدستور طاهرين من أي رجسٍ وافتراء وتوسل سياسي رخيص، ونبحث في صلاحية مجلس الأمن في تكييف الجرائم على أنها إرهابية، لأنها تمس الأمن والسلم الدوليين، هذه ليست أول محكمة دولية بعد نورمبَرْغ... لقد أنشأ المجتمع الدولي بواسطة الأمم المتحدة مجموعةً من المحاكم الدولية لمحاسبة ومعاقبة جرائم الإرهاب والجرائم المرتكَبة ضد الإنسانية، من سيراليون إلى كمبوديا الى رواندا إلى تيمور الشرقية، إلى يوغسلافيا إلى كوسوفو... و... و... ولكن هذه المحكمة الدولية لها وضعٌ خاص وهي الأولى في العالم العربي!". ودعا إلى التأمل في مواقف الفقه والاجتهاد على الصعيد الدولي الذي كرَّس عدَّة مبادئ لحماية حقوق الإنسان من أهمها:
1- إن الحقوق بحكم طبيعتها تمثل قيماً عابرة للحدود، مما يعني حق المجتمع الدولي في متابعتها ومراقبتها دون أي اعتباراتٍ أو قيود.
2- إن مجلس الأمن يعَد من الأجهزة الرئيسية للأمم المتحدة، وقد أناط به ميثاق الأمم المتحدة مهمةَ الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، واعتبر بموجب البند السابع أن قرارات مجلس الأمن الزامية، لهذا، نصَّت المادة 25 من ميثاق الأمم المتحدة بأن "يتعهَّد أعضاء الأمم المتحدة بقبول قرارات مجلس الأمن وتنفيذها وفقاً لهذا الميثاق".
3- إن منظمة الأمم المتحدة بطبيعتها القانونية الدولية ليست مجرَّد تنظيم ولا هي نظامٌ بنفس نمط نظام فصل السلطات في الدول، والذي لا يستقيم مع طبيعة الأمم المتحدة.
(التتمة ص 7)

No comments:

Post a Comment

Archives