The Lebanese Center for Human Rights (CLDH) is a local non-profit, non-partisan Lebanese human rights organization in Beirut that was established by the Franco-Lebanese Movement SOLIDA (Support for Lebanese Detained Arbitrarily) in 2006. SOLIDA has been active since 1996 in the struggle against arbitrary detention, enforced disappearance and the impunity of those perpetrating gross human violations.

Search This Blog

January 5, 2011

Assafir - Children rights - January 05,2011



قصـة مـوت ريـم
نبيه عواضة
نادت ريم على أختها غادة، وودعتها، قبل أن تصوب المسدس الحربي نحو بطنها وتفرغ بها طلقة واحدة كانت كافية للقضاء على حياتها.
ريم لن تتمكن من الاحتفال بعيد ميلادها الخامس عشر الذي يصادف خلال الأسبوع الجاري، فهي أصلاً لم تكن تتوقع قالباً من الحلوى ولا شموعاً متقدة، ولا حتى هدايا. وبالتأكيد، لا تتوفر لديها ثياب تليق بمناسبة شبيهة، ليس لأنها ماتت، بل كون حياتها أصلاً خالية من أبسط مظاهر العيش في حياة مستقرة.
هي ابنة عائلة فقيرة، فقيرة جداً... أخبرت قريباتها بما نوت الإقدام عليه. فقد رغبت ريم بتمضية أيام عدة في المستشفى، يتم خلالها الاعتناء بها، فتتناول ثلاث وجبات من الطعام وتشاهد التلفاز وتنام على سرير نظيف، معتقدة أن رصاصة في البطن لن تضع حدّاً لحياتها.
ورثت الفتاة الموت القاهر تماماً كما ورثت الفقر. فقد قضت عمتها في نهر جارف، كما أطلق عمها النار على رأسه بسبب القهر والظلم... فيما توفيت عمّتاها الاثنتان بسبب المرض الذي تمكن منهما بعد حياة مريرة قاسية.
لعنة الفقر هي السبب الأساس في لعنة الموت التي ظللت حياة العائلة، والفقر أيضاً هو السبب في ارتباط الأب بمادة «الحشيش»، قبل أن يشي به أحدهم فيرمى في السجن لمدة خمس سنوات. ما اضطر ريم وشقيقاتها الثلاث وأخاها الأكبر، إلى ترك المدرسة باكراً، لتمضي سنوات العائلة بعيداً عن المقاعد الدراسية.
وكانت ريم تبادر دوماً إلى زيارة والدها في سجن بعلبك، بعدما نقل إليه من سجن رومية. وهناك، كانت تكفي ابتسامة صغيرة من هذه الطفلة البريئة ليعطف عليها السجّان ويسمح لها بزيارة والدها الذي أفشت له مرة سرا حين قالت له: «ليتني استطيع العيش معك هنا، إذ يبدو أن حياتك أسهل من الحياة التي نعيشها خارج السجن».
أمس، شيّعت ريم إلى مثواها الأخير، بموكب مهيب احتضنته إحدى القرى التي تقع في الطرف الغربي لقضاء بعلبك. خيّم الحزن على جميع أبناء البلدة. الثلج الأبيض الذي غطى تلال القرية، صار أسود قاتماً بنظر الجميع، بعدما قطف الفقر فتاة في ريعان شبابها، وقدمها لقمة سائغة للموت.
لكن، هل الفقر وحده قتل ريم؟ ماذا عن دولة الرعاية الاجتماعية؟ وهي الدولة الغارقة في انقساماتها، شاهدة الزور الوحيدة على جريمة تقترفها بحق مواطنيها يومياً. وهي الدولة التي تصدر عبر انتهاجها سياسة تجويع المواطن قراراً ظنياً بحق أبنائها فتحيلهم جميعاً إلى ضحايا أو مجرمين؟ هل موت ريم سيفتح أعين المسؤولين في هذه الدولة على الحرمان والإهمال الذي تعانيه عائلة ريم ومنطقتها؟
إن كان الأب ضحية آفة المخدرات، فإن لذلك أسبابه أيضاً. ما الذي قدمته الدولة من أجل مساندة المزارعين في أراضيهم؟ وأين أصبحت من تطبيق شعار المزروعات البديلة؟
ذهبت ريم، ولكن كم من عائلة لا تزال حية، فيها ريمٌ من كافة الطوائف والمذاهب والمناطق، في ظل انشغال رجال الدولة بمشاريعهم الخاصة؟
كانت تكفي ريم فاتورة واحدة من سفر أقدم عليه هذا المسؤول أو ذاك لهذه القارة أم تلك، كي تعيش بقية عمرها حياة لا بأس بها.

No comments:

Post a Comment

Archives