The Lebanese Center for Human Rights (CLDH) is a local non-profit, non-partisan Lebanese human rights organization in Beirut that was established by the Franco-Lebanese Movement SOLIDA (Support for Lebanese Detained Arbitrarily) in 2006. SOLIDA has been active since 1996 in the struggle against arbitrary detention, enforced disappearance and the impunity of those perpetrating gross human violations.

Search This Blog

February 18, 2010

Alhayat - Restart victims of Torture

الخميس 18 شباط 2010
بيروت - بيسان الشيخ
450 ضحية تعذيب في لبنان تستفيد من برنامج يموّله الاتحاد الأوروبي
بخلاف البلدان التي تشهد حروباً أهلية وتتبعها فترات علاج ومكاشفة بهدف التوصل الى مصالحات بين مختلف مكونات الصراع، يتعامل لبنان حكاماً ومحكومين، مع حربه الأهلية وحروبه المتفرقة التي تلت كأنها مجرد صفحات تطوى كلما اتخذ قرار سياسي بالمصالحة. فعوض أن تبدأ المصالحات بالقاعدة لتنعكس بعدها على رأس الهرم، يسلك اللبنانيون في كل مرة وجهة معاكسة تعود بهم إلى نقطة البداية. معرض هذا الكلام ليس تقييم التجربة اللبنانية في الحرب والسلم، بقدر ما هو بحث في وضع الضحايا الصامتين لتلك الحرب وذلك السلم معاً.
إنهم ضحايا التعذيب المنسيين لولا بعض مبادرات المجتمع المدني التي تبنت قضيتهم وجعلت التخلص من هذا العبء خطوة أولى في سبيل مصالحة المجتمع مع ماضيه. فالتعذيب بالنسبة لهؤلاء لا يقف عند مرحلة السجن أو الاعتقال، وإنما يتعداه لما بعد الإفراج عنهم بسبب تعرضهم لتمييز اجتماعي ورسمي يبدأ في أسرهم الضيقة ويصل الى مؤسسات الدولة بما يعيق اندماجهم ويجعل عودتهم الى الحياة مهمة شبه مستحيلة.
والواقع أن فرح أسرة ما بعودة الأب مثلاً من السجن، يقلب معايير كثيرة ترسخت خلال فترة غيابه. فبدل أن يكون هو رب العائلة والمعيل الأساسي فيها يعود ليجد زوجته أو ابنه أو حتى ابنته، معيلاً بديلاً حقق لنفسه موقعاً داخل الأسرة واحتل مكانه بشكل أو بآخر. تلك عقبة نفسية أولى أمام اندماجه مع أهل بيته بالدرجة الأولى فكيف بالمجتمع الأوسع.
وهذا المجتمع نفسه يميز بين ضحية تعذيب وأخرى وذلك بحسب الجهة التي نفذت الاعتقال وظروفه وتاريخه ومدته بما يعثر الاندماج أكثر. فالأسرى المحررون من السجون الإسرائيلية مثلاً ينظر إليهم كـ «أبطال» وليس «ضحايا» وبالتالي من غير المقبول التعامل معهم على أنهم بحاجة لعلاج أو مؤازرة نفسية. أما المعتقل في السجون السورية فوضعه مختلف أنه جاء في ظل حقبة قبلت ذلك الاعتقال وشرعته بصفته يضع حداً «لعناصر شغب» هي عملياً فئات مناهضة لواقع سياسي.
كل ذلك في وقت، لم تنأَ الدولة أيضاً بنفسها عن ممارسة التمييز ضد مواطنيها، فخصت الأسرى المحررين من السجون الإسرائيلية براتب جندي وتعويضات بينما لم تكفل هذه الحقوق للفئات الأخرى، مع العلم أنه من الخطأ الاعتقاد بأن ضحايا التعذيب يقتصرون على أسرى الحروب. فالتعذيب يطال أيضاً اللاجئين الموقوفين والسجناء العاديين القابعين في سجون رسمية والذين يتعرضون أيضاً للتعنيف وسوء المعاملة لا سيما خلال فترة التحقيق والاستجواب.
الصورة تبدو قاتمة وميؤوساً منها لولا تحرك المجتمع المدني عبر جمعيات مدافعة عن حقوق الإنسان عملت مع «ضحايا التعذيب» بصرف النظر عن لونهم ودينهم وجنسهم. هي جمعيات وزعت المهام فيما بينها، بدءاً من التوعية المجتمعية والضغط على صناع القرار، وصولاً الى من يتعامل مباشرة مع المتضررين ويقدم العلاج لهم اللازم.
«ريستارت» مركز لإعادة تأهيل ضحايا العنف والتعذيب، يحمل من النشاط والعزيمة ما تحمله كلمة «ريستارت» نفسها من معاني الانطلاقة الجديدة. تأسس المركز في 1996 وكان مقتصراً عمله على شمال لبنان وبالتحديد مدينة طرابلس. لكنه نال اعترافاً دولياً ترجم دعماً مادياً مكنه من توسيع نشاطه الى بيروت والجنوب وزيادة عدد العاملين فيه وتنوع اختصاصاتهم. ففي عام 2007، نجح المركز في أول مشروع يموله الاتحاد الأوروبي بنحو 348 ألف و600 يورو شكلت 75 في المئة من كلفة المشروع على أن يؤمن المركز الـ25 في المئة المتبقية، وهو مبلغ تم تأمينه بفضل جهات تمول أيضاً «ريستارت» منها الأمم المتحدة (مكتب المتطوعين لدعم ضحايا التعذيب) و «اوك فاوندايشن» الدنماركية وبعض السفارات ومنظمة «أوكسفام».
المشروع الثاني الذي موله الاتحاد الأوروبي وبدأ أواخر 2006 أوائل 2007 هو «برنامج التأهيل النفسي للسجناء وعائلاتهم» تحت مشروع أفكار - 2 وتكلفته 139 ألف يورو ويمتد على سنتين.
وتقول مديرة مركز «ريستارت» وإحدى المؤسسين فيه سوزان جبور «هذا التمويل مكن ريستارت من تطوير الإمكانات البشرية والإدارية والخدمات وتوسيع إطار المستفيدين حتى بلغ عددهم 450 شخصاً. وقام التمويل كذلك بنقلة نوعية من حيث الإدارة، حيث وضعنا قاعدة بيانات فريدة لكل الأشخاص الذين تلقوا العلاج». وأوضحت جبور «بفضل هذا البرنامج صار بالإمكان الاطلاع على لائحة كاملة بأسماء الضحايا الذين استفادوا من «ريستارت» ونوع الخدمة أو العلاج ومدته، والأدوية وعدد الأطباء وجلسات العلاج الفيزيائي وكل التفاصيل المتعلقة بحالة المستفيد من خدماتنا». ولفتت جبور إلى أن المركز يخضع لتقييم دوري مباشر من الاتحاد الأوروبي في بروكسيل، وأن الشركاء الذين يقدمون خدمات للمركز هم أيضاً مدرجون ضمن قاعدة البيانات نفسها ومربوطون بنظام المحاسبة نفسه.
وعن تحديات العمل التي يواجهها فريق «ريستارت» الذي بات يضم 22 اختصاصياً بين مستشار نفسي وطبيب ومعالج ومساعد اجتماعي، توضح جبور أن الصعوبات تبدأ منذ لحظة تعريف ضحية التعذيب والإقرار بالحاجة للعلاج. وتقول «ترسخت في الأذهان فكرة أن البعض لا يحتاج للعلاج بصفته مــناضلاً ومقاوماً قرر خوض العمل العسكري وهو على معــرفة مســبقة باحتمالات موته ووقوعه في الأسر، فترافق خروجه باحتضان شعبي واجتماعي ورفض حتى لوصف «ضحية تعذيب» من البيئة المحيطــة وهــو ما واجهناه في عملنا في الجنوب. برأيهم هؤلاء أبطال وليسوا ضحايا وهذا معيق لعلاجهم وبالتالي تحسين ظروف حياتهم. لكن حتى نشــوة النصر تقتصر على فترة زمنية محدودة. فالناس تزور الأسير المحرر لفترة شهر أو شهرين وتصفق وتحتفل ثم تعود الى حياتها الطبيعية بينها تعيش الضحية وحدها وسط مخاوفها وأوجاعها وذكرياتها الأليمة. الآخرون ليسوا مقاتلين ولا اعتقلوا خلال عمل نضالي، بل هم كغيرهم من المعتقلين الذين سحبوا من منازلهم ومن وسط أسرهم، لذا، فإن الفرق شاسع في المقاربة العلاجية. ولهذا السبب لم يسلخ المعالجون الضحية عن محيطها الحيوي المباشر بل شملوا الأسرة والمقربين بدورة العلاج انطلاقاً من فلسفة قام عليها المركز وهي العمل مع «الضحية ومحيطها الأسري». فإذا كان متزوجاً تستفيد زوجته وأبناؤه من العلاج وإذا كان عازباً يستفيد والداه أو إخوته من أجل تأمين بيئة محيطة داعمة ومتفهمة.
تحدٍّ آخر يواجه العاملين في «ريستارت» يكمن في آلية البحث عن ضحايا التعذيب وتحديد الأولوية في تلقي العلاج. وكانت أول ضحية تعذيب طرقت أبواب المركز في 1997 لاجئ عراقي هرب من الاضطهاد في بلده.
ومع الخبرة والتمويل أنشئ مركز في منطقة بدارو في بيروت، بات يقدم اليوم خدماته لـ800 لاجئ. وتقول جبور «الآن بات للمركز شبكة واسعة من العلاقات بين ضحايا سابقين وجمعيات وأهالي ما جعل لدينا لائحة الانتظار طويلة. وما إن ينتهي علاج شخص حتى يبدأ الذي يليه مباشرة».
وتلفت الناشطة إلى ان البعض يستمر في العلاج طوال العمر لأنه يمر بتقلبات كثيرة وذلك بحسب آثار التعذيب التي تتفاوت بحسب الأشخاص». وتقول «بعضهم يعيش الأزمة طوال عمره كله وتبقى الصدمة صدمة بالنسبة اليه وبعضهم يتخطاها وينتقل لمرحلة جديدة في حياته».
أما عن الأولويات فلا تمييز بين ضحية وأخرى. يحدد البرنامج لنفسه عدداً يكون قادراً على استيعابه (مثلاً البرنامج مع الاتحاد الأوروبي يضم 450 ضحية) يبدأ الفريق بالتأكد من أن الشخص هو فعلاً ضحية تعذيب (راجع الكادر). وتوضح جبور: «نقيّم حالته ونكوّن ملفاً عنه حول تفاصيل الاعتقال والرواية الكاملة ثم نتأكد من المعلومات من بيئة الشخص. فأحياناً نستثمر مالاً ووقتاً وجهداً في مكان خطأ. ويتبين أن الشخص ليس ضحية تعذيب وإنما أوقف لفترة أو حتى سجن أو ربما سمع بالمركز ويريد الاستفادة من خدماته. بعد التثبت من أنه ضحية يحوّل الى العلاج من دون أي تمييز في الجنسية والعرق والدين».
ويميز «ريستارت» بين أشخاص وقعوا فعلاً ضحية تعذيب لكنهم ليسوا بحاجة لعلاج، فهم لا يحملون آثاراً نفسية أو جسدية وتخطوا الأمر من تلقاء أنفسهم وجاؤوا الى المركز للاستفادة من خدماته، وهؤلاء طبعاً غير مرحب بهم.
أتاح برنامج أفكار - 2 لمركز «ريستارت» دخول السجون الرسمية اللبنانية كسجن القبة في طرابلس وهو ما فتح الباب بدوره أمام تدريب عناصر قوى الأمن الداخلي العاملين داخل السجون على أساليب المعاملة الإنسانية. وتقول جبور «لقينا تجاوباً وتعاوناً مطلقاً وتشجيعاً كبيراً من المسؤولين فالقرار متخذ على مستوى القيادة بتطبيق المعايير الإنسانية في السجون وغرف التحقيق لكن على مستوى القاعدة لا تزال هناك ثغرات كثيرة». وتشرح: «العناصر لا يفكرون بالطريقة نفسها مثل مدرائهم. الانتهاكات على الأرض قائمة ولا مساءلة أو محاسبة. وهذا عمل يتطلب استراتيجيات طويلة الأمد لإرساء بديهيات ثقافة حقوق الإنسان قاعدة الأجهزة الأمنية». ومن نتائج المشروع أيضاً دراسة وصفية من 35 صفحة عن وضع سجن القبة يتضمن كل تفاصيل الانتهاكات والاعتداءات، لكنها وثيقة ليست للنشر «إلى حين»، تقول جبور. فالنشر بحد ذاته قد لا يؤدي بالضرورة لتحسين الظروف وإنما لمزيد من الإساءة أو الى رد فعل سلبي. لذا ستناقش الوثيقة حول طاولة مستديرة مع المسؤولين وفي حال لم نتوصل الى نتائج ملموسة قد يتم اللجوء إلى النشر كوسيلة ضغط على صناع القرار.
* أوروبا جارتنا مشروع إعلامي مشترك متعدد الوسائط بين «الحياة» وتلفزيون «ال بي سي» وصحيفة «لوريان لوجور» الناطقة بالفرنسية، يموله الاتحاد الاوروبي ويهدف إلى تسليط الضوء على مشاريع الاتحاد وبرامجه في منطقة حوض المتوسط عبر تقارير تلفزيونية ومقالات صحافية تنشرها «الحياة» اسبوعياً وتحمل علامة المشروع.
المقالات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الاتحاد الاوروبي.
للاطلاع زوروا موقع: www.eurojar.org [3]

No comments:

Post a Comment

Archives