ارجأ مجلس الوزراء بعد نقاشات حادة حول ملف الشهود الزور، البت في هذا الملف في جلسة تعقد لاحقاً، ولم يتابع النقاش في باقي جدول اعمال المجلس·
واقترح رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان تشكيل لجنة تحقيق نيابية للبت بالملف، مؤكداً انه منفتح على بحث كافة الافكار في جلسة لاحقة، ورأى ان لا جدوى من التصويت في مسألة كهذه لان من شأن ذلك ان يعمق الخلاف بينما نحن نحتاج الى المزيد من البحث عن التوافق على حل مرض وأمل ان تنجز الحكومة التي بدأت عامها الثاني اكثر في المستقبل أياً كان امر الخلافات، وان نعالج المسائل الاساسية المثارة في البيان الوزاري لا سيما ما يتعلق بمشكلات الناس، وان الظروف المناسبة والاقتصادية الراهنة والاقليمية والعالمية تطلب منا التضامن وهو سبيلنا لمعالجة المشكلات·
بدوره أسف رئيس الحكومة سعد الحريري لعدم تمكن حكومة الوحدة الوطنية في تنفيذ ما وعدت به لا سيما في ما يتعلق منها بأولويات المواطنين وذلك بفعل المناكفات السياسية كما ان الصراع السياسي طغى على عمل الحكومة على غير صعيد·
وكان الرئيس سليمان استهل مداخلته وحسب المصادر بالتأكيد على ان الملف المطروح خطير وحساس ولا يمكن التعاطي معه بصورة سياسية وبطريقة تعزز ربما الانقسام وتهدد الحكومة· واكتفى بالتأكيد على ضرورة التوافق على اي صيغة وصورة حلّ بهذا الملف، واقترح تشكيل لجنة تحقيق برلمانية الذي ترفضه المعارضة واتفقت على ذلك خلال الاجتماع الاخير الذي عقد الاسبوع الفائت في دارة الوزير محمد خليفة·
وبعد هذه المداخلة وحسب المصادر استهل الرئيس الحريري مؤكدا على موقفه الرافض احالة الملف على المجلس العدلي وان هناك اكثر من ملف آخر بالعلاقة مع سوريا، وهذا الملف سياسي ولا يوجد مواد قانونية تتيح احالته الى المجلس العدلي والقضاء العادي يمكنه أن ينظر بهذا الملف، وبعد ذلك كانت مداخلة للوزير حسن منيمنة ثم كان أوّل المتكلمين من وزراء المعارضة الوزير حسين الحاج حسن الذي قال انه بعد مرور 85 يوماً على بدء الحكومة بمناقشة هذا الملف وبعد التأجيل والمماطلة وكل ما سمعناه خلال الأشهر الماضية لا بدّ من حسم هذا الملف، وموقف المعارضة واضح بأنه يجب ان يحال الملف إلى المجلس العدلي لأنه ملف قانوني، ونحن نطالب بحسم الملف ولو تصويتاً، ونصر على طرحه على التصويت ولن نقبل بأن يكون هناك نقاش ما لم يُحسم هذا الموضوع·
وقد رفض الوزير ميشال فرعون هذا الطرح في مداخلته، وأكّد انه ضد التصويت، وكانت مداخلة للوزير بطرس حرب الذي طلب التأجيل لكي لا يحصل انفجار أو ربما انقسام حاد في الجلسة ثم طلب الرئيس الحريري الكلام مجدداً مشيراً إلى أن هذا الملف هو سياسي، رئيس الجمهورية يقول أن لديه مخرجاً والحديث هنا مخرج التأجيل، ويجب أن نوافق كلنا على التأجيل أو فليكن التصويت وسيكون هناك الكثير من الملفات ستطرح على التصويت وهي ملفات خطيرة، مؤكداً انه ليس ملف شهود الزور هو ما افسد العلاقة مع سوريا بل هناك الكثير من الملفات·
تصريح الوزير متري
بعد انتهاء الجلسة، تحدث وزير الاعلام طارق متري فقال:
<عقد مجلس الوزراء جلسة في القصر الجمهوري في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية وحضور رئيس مجلس الوزراء وجميع الوزراء·
استهل الرئيس سليمان الجلسة بقوله ان جلسة اليوم (امس) هي اول جلسة في السنة الثانية من عمر الحكومة التي بلغت جهوداً كبيرة مجتمعة او من خلال وزرائها، غير ان انتاجنا لم يكن بحجم الجهود، لذلك فإننا نرجو ان نستطيع ان ننجز اكثر في المستقبل اياً كانت الخلافات وان نعالج المسائل الاساسية المثارة في بياننا الوزاري لا سيما ما يتعلق منها بمشكلات الناس·
واضاف سليمان ان الظروف السياسية الداخلية والاقليمية والعالمية تتطلب منا التضامن وهو سبيلنا لمعالجة المشكلات ولكي نكون على مستوى توقعات الناس وتطلعاتها· ورأى ان شرط الانجاز هو التزام المسؤولية الوطنية وروح المشاركة التي هي روح ميثاق العيش المشترك، ذلك ان نظامنا الديموقراطي يقوم عليه وليس مجرد نظام لتقاسم الحصص·
وشدد رئيس الجمهورية على الظروف المحيطة ببلدنا، لا سيما ما يتصل منها بالسياسة الاسرائيلية التي لا توحي بالرغبة في السلام ولا بإعادة الحقوق الى اصحابها·
بدوره، رأى دولة الرئيس انه بعد انقضاء عام من عمر الحكومة، تبين للجميع ان الانجازات القليلة تطلبت جهوداً كبيرة وانه يؤسفنا الا تتمكن حكومة الوحدة الوطنية من تنفيذ ما وعدت به لا سيما ما يتعلق منها بأولويات المواطنين وذلك بفعل المناكفات السياسية، كما ان الصراع السياسي طغى على عمل الحكومة على غير صعيد·
ثم اطلع دولة الرئيس المجلس على عزمه السفر الى موسكو يوم الاحد في 14 تشرين الثاني الحالي وعن عزم رئيس وزراء تركيا زيارة لبنان في 25 من الشهر الجاري·
بعد ذلك، باشر مجلس الوزراء مناقشة جدول اعماله بدءاً من البند الاول المتعلق بمسألة الشهود الزور، ودار نقاش قانوني وسياسي وتحدث عدد كبير من الوزراء وقدمت اقتراحات معروفة نوقشت غير مرة داخل المجلس وخارجه وإن كانت تناقش دائماً داخله بروح حوارية لمحاولة السعي للتفهم المتبادل، بخلاف ما نسمعه احياناً في النقاشات في الساحات العامة·
وبعد مناقشة طويلة، لخص رئيس الجمهورية آراء مجلس الوزراء بقوله من مجمل النقاش، ارى ان لا جدوى من التوصيت في مسألة كهذه لان من شأنه ان يعمّق الخلاف بيننا ولا يؤدي الى بت الموضوع، ونحن نحتاج الى المزيد من البحث عن التوافق على حل مرضي·
وكان الرئيس سليمان، طرح على المجلس خلال المناقشة افكاراً جديدة رأى عدد كبير من الوزراء انه يحتاج الى وقت لدراستها لكنه منفتح على بحث هذه الافكار، على ان تبحث مع القضية في جلسة لاحقة لم يحدد موعدها، انما قد تكون على الارجح الاسبوع المقبل، وهو امر منوط باتفاق بين رئيس الجمهورية ودولة الرئيس على الموعد·
ولم يتابع المجلس مناقشة بقية النود الواردة على جدول الاعمال لان الزمن تقادم·>
حــوار
ثم دار بين الوزير متري والصحافيين حوار وقال رداً على سؤال عن الافكار التي قدمها رئيس الجمهورية في خلال الجلسة: قدم عدة افكار منها الحديث عن لجنة تحقيق برلمانية واطلعنا على الاسباب الموجبة لانشاء لجنة كهذه استناداً الى تجارب اخرى في انظمة ديموقراطية في العالم، لكننا بحاجة الى المزيد من الدراسة· الا ان حرص الرئيس سليمان على التوصل الى اتفاق كان اهم من الافكار التي عرضها، فهو قال ان مسألة كهذه التي تم بحثها وتم تكبيرها الى الحد الذي تعلمون، لا يمكن بتها من طريق التصويت على اقتراح محدد من الاقتراحات التي لم يقبلها الوزراء والتي لم ترد في تقرير وزير العدل· لذلك، رأى الرئيس سليمان مع اكثرية الذين تفاعلوا مع ما قال، ضرورة دراسة هذه الافكار وغيرها بتأنٍ في ما يسهم في تضييق الشق بين الرأيين القانونيين والسياسيين اللذين ناقشنا اليوم كما في الاسابيع الماضية·
ورداً على سؤال لماذا لم يستكمل المجلس النقاش في جدول الاعمال؟ وهل نحن امام تعطيل حكومي، قال: كلا، لسنا امام اي تعطيل· ولم يقل او يقترح احد من الوزراء ان تتوقف الجلسة لاننا لم نبت بالبند الاول منها، الا ان الرئيس سليمان وبعد مناقشة طويلة لا تخلو من الصعوبة ولو لم تكن حادة كما توقع البعض، الا انها كانت جدية وصعبة وتثير مخاوف عند الكثيرين واسئلة وتحتاج لهدوء وروية وإنصات، اي انها متعبة، فأربع ساعات من هذا النوع توازي ساعات كثيرة من اي جلسة عادية، ولهذا السبب رفع رئيس الجمهورية الجلسة·
اضاف: كلا، لا اعتقد ان تأجيل الجلسة وعدم تحديد موعد لها مرتبط بانتظار شيء ما، بل هو مرتبط بانتظار اتفاقنا· فهمّ الرئيس سليمان هو اخذ الوقت حتى الجلسة المقبلة لكي نتقدم بالسعي نحو اتفاق· مبدئياً سيجتمع المجلس الاسبوع المقبل انما حتى الساعة لا موعد محدداً·
وهل سيبقى البلد متوقفاً الى حين الاتفاق على الشهود الزور، ومتى تتفقون، قال: بالطبع لا، وكما لاحظتم في مقدمة كلامي، كل من الرئيس سليمان والرئيس الحريري شدد على قيام الحكومة بواجبها العادي وقاما بنقد ذاتي لجهة ان الحكومة لم تستطع الايفاء بوعودها على رغم الجهود التي بذلتها، كانت الانجازات اقل بكثير من هذه الجهود· وسبب ذلك اقحام الخلافات او المناكفات السياسية والافراط في التسييس وصراع المواقف والآراء المسبقة، حال دون اتخاذ الحكومة قرارات حيوية تهم الناس· وبدء الجلسة بهذا النوع من النقد الذاتي وحديث اكثرية الوزراء عن ضرورة عمل هذه الحكومة ومواصلة عمل الوزراء، فإن اجواء هذه الحكومة هي عدم التوقف عن العمل او تعطيل الاعمال·
ورداً على سؤال ما دام المجلس النيابي صورة مكبرة عن مجلس الوزراء، لماذا تحويل ملف الشهود الزور الى لجنة تحقيق برلمانية، قال: لا اعلم حول هذا التشبيه، انما ما قاله الرئيس سليمان امر آخر، فهناك اتفاق حول معالجة هذا الملف، واقتراح وزير العدل ان يحال الموضوع الى القضاء العادي وناقشنا بالتفصيل هذا الامر· هناك اقتراح بالاحالة الى المجلس العدلي، وهناك بعض الوزراء رأى ان لا مسوغ قانونياً على الاطلاق لهذه الخطوة، ودار نقاش قانوني وسياسي، وعليه اثار الرئيس سليمان الفكرة وهو يبحث عن حل وهذا احد المسالك المفتوحة، والفكرة وراءها الجمع بين المقاربتين القانونية والسياسية· مقاربة القضاء قانونية، انما اللجنة البرلمانية تتمتع بمقاربة اخرى، وهناك تجارب اخرى في دول العالم (فرنسا بريطانيا وبلجيكا مثلاً)، ولم يوزع فخامة الرئيس هذا الاقتراح وطالبنا بدرسه لبحثه الاسبوع المقبل، بل قال بوجود افكار من شأنها اخراجنا من هذا الانقسام حول موضوع الاحالة الى المجلس العدلي منها فكرة اللجنة البرلمانية التي تستحق ان تدرس·
وهل سيبقى ملف الشهود الزور البند الاول في كل الجلسات، قال: سنتابع البحث فيه، ولم يقل بالحرف انه سيكون البند الاول، ولكن افترض انه سنبدأ بمناقشته في الجلسة المقبلة كونه ما زال على جدول الاعمال وفي الصدارة وعلينا معالجته ولم يُطوَ·
واذا لم يعالج هذا الملف في الجلسة المقبلة، هل سيسقط البحث في بقية بنود جدول الاعمال، قال: اعتقد انه كان بالامكان خلال هذه الجلسة متابعة البحث في جدول الاعمال الدسم جداً، ولم اسمع من احد موقفاً مسبقاً مفاده ان عدم الاتفاق على مسألة الشهود الزور لن نتابع المناقشة، ومن رفع الجلسة هو فخامة الرئيس·
لقاء سليمان والحريري
وسبق الجلسة لقاء بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء تم في خلاله البحث في الاوضاع العامة·
وكان الرئيس سليمان عرض قبل ظهر امس في بعبدا مع كل من النائبين علي حسن خليل وسمير الجسر للتطورات السياسية الراهنة على الساحة الداخلية·
No comments:
Post a Comment