هل المشرّع قادرعلى حماية حقوق الطفل؟!
العنف ضد الأطفال·· إنتهاكات لا يطالها القانون
العنف ضد الأطفال·· إنتهاكات لا يطالها القانون
| |
|
في الوقت الذي تندد فيه كل الأصوات بممارسة العنف على الأطفال وتدعو لحمايتهم، قد تكتشف وتفاجأ مثلي وأنت تحضَر إحدى الورش الخاصة بحماية الطفل من العنف بأنك مارست العنف في بيتك وحياتك ربما أكثر من مرة دون أن تلحظ ذلك وتحت عدة مسميات كالتربية والتهذيب·
<العنف على الأطفال حالة مرفوضة·· يأباها المجتمع وتلفظها كل الأعراف والأخلاقيات، لكنها مع الأسف موجودة في لبنان، في المنزل، والمدرسة، والشارع، وعالم الإنترنت حيث مواقع الإباحية، وغرف المحادثة المتفلتة من معايير السلامة والحماية، وفي بعض وسائل الإعلام التي لا تتوانى عن بث برامج ومضامين تزيد من شحنات العنف والعدائية· واللافت أنه موجود حتى في بعض القوانين>·
هذا ما صرّح به وزير الشؤون الاجتماعية د· سليم الصايغ عندما رعى ورشة تدريبية متخصصة للإعلاميين حول حماية الطفل من العنف، أقيمت مؤخراً في فندق روتانا الحازمية بدعم من برنامج الخليج العربي للتنمية <أجغند>، بهدف خلق وعي تنموي لدى الإعلاميين العرب وإكسابهم خلفية معرفية ومهارية بشأن حماية الأطفال من العنف، إضافة لإطلاق شبكة إعلاميين ترصد الانتهاكات في غير مجال وتمكّنهم من تضمين حقوق الطفل في رسالتهم الإعلامية·
عند متابعة الورشة التي أعدّت بمهارة عالية تتوالى سلسلة الاعترافات من الزملاء والزميلات حيث يؤكد البعض بأنه طبقاً لاتفاقية حقوق الطفل وبنودها فقد ارتكب مخالفة في مكان ما، إما في بيته بين أولاده، وإما في عمله، سواء بهدف تربوي، أو لجذب المشاهد والقارئ للتفاعل مع المشهد الحدث·
والمفارقة أننا كلنا يعتقد بأن هذه الارتكابات مسموح بها ولا تديننا أو تصنّفنا في خانة مرتكبي العنف ضد الأطفال، خاصة وأن معظمنا يرغب في أن يكون في مقدمة أنصار ونصيرات حقوق الطفل عبر رصد الانتهاكات والترويج لحماية الطفل من العنف الجسدي واللفظي والمعنوي·
لكن الفضيحة الأكبر عندما تقدم السيدة أليس كيروز رئيسة تجمع الهيئات من أجل حقوق الطفل في لبنان قراءة شاملة للقوانين ومداخلة غنية للتعديلات المطروحة لتأمين مصلحة الطفل الفضلى، فتكشف بأن بعض القوانين والاتفاقيات التي صادق عليها لبنان وعلى الرغم من كونها تشكل مصادر حماية للطفل عبر مبادئ وعهود وبروتوكولات محلية وإقليمية ودولية تُدين العنف ضد الأطفال، فهي تفتقد في بعضها لإجراءات كثيرة تنأى بها عن توفير الحماية الحقيقية للطفل وأن التقدم بهذا الاتجاه ما زال دون مستوى الواجبات الوطنية والالتزامات الدولية·
وتشير السيدة كيروز الى الفقرة الأولى من المادة 186 من قانون العقوبات التي كانت الى وقت قريب تجيز ضروب التأديب للوالدين والمعلمين بما يجيزه العرف، دون تحديد هذا العرف، والتي ألغتها مؤخراً لجنة تحديث القوانين النيابية·
وتؤكد بأن ذكر عبارة <مولود غير شرعي> في قيد الإخراج العائلي ما زال سارياً، علماً بأنه محظور ذكر العبارة في قيد الإخراج الفردي، وهذا انتهاك لحقوق الإنسان، كذلك إعفاء مرتكب الاعتداء على الفتاة من العقوبة إذا تزوج منها، علماً أن هذا أكبر انتهاك يمارس على الفتاة·
ولحظت:
- عدم وجود مراسيم تطبيقية لقانون مجانية وإلزامية التعليم·
وتضيف: أما المطلوب فهو كثير:
- رفع سن الحضانة لأطول فترة ممكنة مع الأم الصالحة·
- تشديد العقوبة على كل من يستغل الأطفال جنسياً، ويتاجر بالأطفال تحت ستار التبني، ويستخدم الأطفال في أعمال غير مشروعة كالإتجار بالمخدرات مثلاً·
- حماية الأطفال من الاستغلال الاقتصادي·
- استبدال السجن بإصلاحيات وإعادة تأهيل·
- تخصيص قاعة في قصر العدل للتحقيق مع الطفل بعيداً عن المخافر أو في أي مكان آخر حفظاً للسرية، علماً بأن ضحايا الاعتداءات الجنسية فقط يُستمع إليهم في غرفة مجهزة بوسائل سمعية - بصرية في قصر العدل·
- تفعيل دور المندوب الاجتماعي·
- إعتماد مؤسسات تؤمّن العدالة اللاحقة في إطار تأمين حماية الطفل·
- إعتماد شرطة متخصصة بالأحداث·
- إعطاء الحدث حق الاستئناف للأحكام الصادرة بحقه·
- إعتماد قضاء متخصص بقضايا الطفولة·
- عدم تدوين العقوبة على سجل الحدث العدلي وعدم ذكرها على البيان رقم 3 الأزرق الذي يُسلّم للحدث·
- إعتماد أجهزة تقصي لحالات العنف وسوء المعاملة ورصدها والإبلاغ عنها·
- إنشاء خط ساخن لتلقي شكاوى الأطفال·
- خلق نوادي بالمدارس مكوّنة من الأطفال لمراقبة العنف ضد الأطفال، كالضرب للتأديب·
- إنشاء صندوق للشكاوى في المدارس·
- معالجة موضوع أطفال الشوارع·
واللائحة طويلة···
ويُضيف أمين عام مجلس الطفولة الأعلى د· إيلي مخايل بأن بعض الانتهاكات لا يطالها القانون كخطر الإنترنت، ويتوقف هنا ويتساءل: هل المشرّع قادر على تغطية وتأمين حماية قانونية للطفل؟!
هل القانون يُعاقب الأطفال المُستَغلين؟!
هل يحترم حقوق الطفل دون تمييز؟!
كل بند مما ذُكر، وكل تساؤل هو قضية يمكن للإعلامي طرحها والعمل عليها لكسب التأييد والتغيير وتحقيق مصلحة الطفل الفضلى·
ومع الوزير الصايغ الذي ختم كلمته متوجهاً الى الإعلاميين ندعو الى كسر جدار الصمت حيال سوء المعاملة والإهمال والاستغلال الذي يتعرض له الأطفال والمراهقون، ويؤكد الوزير الصايغ على أن تاريخ 19 تشرين الثاني المقبل، وهو اليوم العالمي للوقاية وحماية الأطفال من العنف، هو يوم تجدد فيه وزارة الشؤون الاجتماعية التزامها بحماية أطفال لبنان ووقايتهم من كافة أشكال العنف من خلال تنظيم فعاليات محددة وقيادة حملات إعلامية مركّزة تحكمها أخلاقيات خاصة في مجال الطفولة·
ناهيك عن التركيز فيه على البعد القانوني لترويج ثقافة قانونية لحماية الطفل·
هيفاء جارودي
No comments:
Post a Comment