المعاهدات الدولية لا تصبح نافذة وملزمة إلا إذا وافقت عليها السلطة المحلية علي دربج |
ليس من قبيل المبالغة القول انه لا توجد محكمة في العصر الحديث شابتها العيوب والمخالفات، وأثارت حولها الشبهات كما هو حال المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس رفيق الحريري، بدءا بطريقة تأسيسها المناقضة للدستور اللبناني وقانون المعاهدات الدولية (اتفاقية فيينا الخاصة بالمعاهدات الدولية للعام 1969)، مرورا بآلية عملها، وصولا إلى قرارها الظني المنتظر وآليات المحكمة وغيرها. الجمع بين الأضداد بات نهجا ثابتا سارت عليه المحكمة منذ يومها الأول. لم يقتصر ذلك على مرحلة رؤساء لجان التحقيق والمدعي العام الحالي بل شمل رئيسها القاضي الإيطالي أنطونيو كاسيزي، الذي تخبط في كلامه في افتتاح اليوم الأوّل من أعمال المنتدى الإعلامي الذي تنظّمه المحكمة بالتعاون مع رابطة الصحافة الأجنبية في هولندا، وهو يرد على سؤال عن تشكيك رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري بدستورية المحكمة. بدا كاسيزي حينها غير عارف بطبيعة النظام اللبناني ودور السلطة التشريعية فيه، ناسفا لبعض مواد الدستور اللبناني، وهو المفترض أن يكون عالما وملما به، لكونه يترأس محكمة تمس صلب هذا النظام. قال كاسيزي حرفيا «لا يمكنني أن أعطي رأياً في هذه المسائل القانونية التي أثيرت» ثم استطرد «لكن برأيي الأكاديمي وبصفتي أستاذاً جامعياً، فإنّ الاتفاق بين الأمم المتحدة ولبنان لم يصادق عليه بحسب الأصول» وتابع «لكن بموجب اتفاقية فيينا، في حال اعتبرت اتفاقية غير صالحة لخرقها دستور أحد أطرافها، فإنّ تصرّف هذه الدولة يمكن أن يعتبر مصادقة حتّى ولو لم تجر مصادقة في الأساس، وقد وافقت السلطات اللبنانية على هذه الاتفاقية لأنّه عندما طلب القضاة من السلطات اللبنانية إحالة كلّ الملفّات والأوراق التي جمعت من قبل لجنة التحقيق الدولية المستقلّة والقضاء اللبناني، امتثلت السلطات اللبنانية». استند كاسيزي في فتواه، إلى الإجراءات التي اتخذتها حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، معتبرا أن ما قامت به يعد بمثابة تصديق، متجاهلا مبدأ الفصل بين السلطات المطبق في النظام اللبناني، وبعض مواد الدستور اللبناني التي تحدد كيفية التصديق على المعاهدات الدولية الملزمة. فالمادة 52 من الدستور تنص على أن رئيس الجهورية هو الذي يتولى المفاوضة في عقد المعاهدات الدولية وإبرامها بالاتفاق مع رئيس الحكومة، ولا يمكن إبرام المعاهدة التي لا يجوز فسخها سنة فسنة إلا بعد موافقة مجلس النواب. ويعتبر الرئيس السابق لمجلس شورى الدولة، الدكتور يوسف سعد الله الخوري، أن التفاوض والتوقيع لا يعنيان الإبرام، وانه لا يجوز لرئيس الحكومة ومجلس الوزراء، أن يأخذا علما بالمعاهدة ولا أن يمارسا دورهما المنصوص عليه في المادة 52 إلا بعد أن يكتمل دور رئيس الجمهورية في المفاوضة والتوقيع. وبعد اكتمال هذه المرحلة يعرض الأمر على مجلس الوزراء ثم على المجلس النيابي للتصديق، ويترتب على ذلك انه لا يمكن للحكومة ورئيسها ومجلس النواب أيضا، تجاوز رئيس الجمهورية في إنشاء المحكمة. وانطلاقا من هذه النصوص، أشار الرئيس اميل لحود إلى هذا الخلل الدستوري الحاصل في عملية إنشاء المحكمة، بموجب رسالتين وجههما إلى الأمم المتحدة، مشددا في الأولى على انه في حال عدم مبادرة رئيس الدولة إلى إبداء الموافقة الصريحة والفعلية على شكل الاتفاق الدولي ومضمونه كاملا المتعلق بالمحكمة، لا يمكن أن يعرض على مجلس الوزراء. وأشار في الرسالة الثانية الموجهة إلى الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان إلى أن «الوثائق الدولية، التي تفضلتم بإرسالها إلى الحكومة اللبنانية، في 19/11/2006، لم تحظ بالموافقة والإبرام من قبلي بالاتفاق مع رئيس الحكومة، وهي بالتالي غير قابلة للإحالة إلى مجلس الوزراء للموافقة عليها، وبالتالي فإن القرار الصادر في 13 /11/2006، بالموافقة على مشاريع والوثائق المرسلة، يفتقر إلى أي قيمة ، وغير ملزم للجمهورية اللبنانية بغير حال من الأحوال». واستنادا إلى الفقرة الأولى من المادة 52، يشترط توافر التقاء إرادتي رئيسي الجمهورية والحكومة، ووجود أيضا موافقة مجلس الوزراء، باعتبارهم الشركاء الثلاثة في اتفاقية المحكمة. ومتى انتفى ركن من هذه الأركان الثلاثة، أضحت المسألة خارج القواعد الدستورية، وتمثل تعديا على صلاحيات احدهم، وهو ما حصل بالنسبة إلى عملية إنشاء المحكمة، حيث تم تجاوز دور رئيس الجمهورية، مما يعني أن موافقة الدولة، لم تتم وفقا لدستورها، وبالتالي لا يعتد بها كأداة حقيقة يمكن الارتكاز عليها للتعاقد. فالاتفاقية المنشئة للمحكمة تستلزم انعقاد مجلس النواب لدارسة الاتفاقية وإصدار المراسيم اللازمة بشأنها، وهو ما لم يحصل. وبذلك يكون مجلس الأمن الدولي بإقراره للمحكمة، وفقا للقرار 1757، أعطى لنفسه شرعية وصلاحية الحلول محل السلطات الدستورية، خصوصا السلطة التشريعية، ومعالجة قضية تتطلب دورا لهذه السلطة. وهذا يعد تصرفا خطيرا كونه يكرس مستقبلا عرفا يقضي بالتدخل الخارجي لإقرار قوانين ومعاهدات اختلف أصحاب الشأن حولها ولم تتبع فيها الأصول الدستورية. من هنا يطرح السؤال التالي ما هو مصير المعاهدة التي لم تحظ بتصديق السلطة المختصة في الدولة، وما هي القيمة الحقيقية للتصديق الذي يقوم به مجلس الوزراء من دون موافقة رئيس الجمهورية ومجلس النواب؟ ناقش فقهاء القانون الدولي العام ومن بينهم رئيس قسم القانون الدولي العام في جامعة بيروت العربية، والرئيس السابق للجامعة اللبنانية، الدكتور محمد المجذوب، هذه المسائل واجمعوا على أن عدم اتباع الإجراءات الدستورية في التصديق يؤدي إلى بطلان المعاهدة. ويستند المجذوب في رأيه الى فكرة الاختصاص التي تقضي بعدم تولّد أي أثر قانوني إلا من العمل الذي يقوم المختص بإجرائه. فغالبية دول العام تتخذ من هذا الرأي القانوني مبدأً عاما وتنص عليه في دساتيرها، وتعتبرا أن المعاهدات لا تصبح نافذة وملزمة إلا إذا وافقت عليها السلطة المختصة. وهو ما يحصل في لبنان حيث أن اتفاقية المحكمة لم تعرض بالأصل على مجلس النواب، ولم تحظ بموافقة رئيس الجمهورية السابق اميل لحود، وهو ما يؤدي إلا بطلانها. هناك سوابق دولية في هذا المجال، ومنها معاهدة لتعيين الحدود بين نيكاراغوا وكوستاريكا في ثمانينيات القرن الماضي، وقد ابرمت من دون أن تراعي فيها حكومة نيكاراغوا الاجراءات الدستورية. وحدث أن تغيرت هذه الحكومة، وحلت محلها حكومة معارضة، دفعت ببطلان المعاهدة. وقد عرض هذا الأمر على التحكيم الدولي فأيد قراره وجهة نظر حكومة نيكاراغوا. استناد كاسيزي الى اتفاقية فيينا للمعاهدات، في اعتباره تصرف الحكومة دستوري «غامض، ولا ينطبق على الحالة اللبنانية، لأنه كان يشير إلى الدول التي تخول فيها السلطة التنفيذية أبرام المعاهدات» يقول المجذوب. |
The Lebanese Center for Human Rights (CLDH) is a local non-profit, non-partisan Lebanese human rights organization in Beirut that was established by the Franco-Lebanese Movement SOLIDA (Support for Lebanese Detained Arbitrarily) in 2006. SOLIDA has been active since 1996 in the struggle against arbitrary detention, enforced disappearance and the impunity of those perpetrating gross human violations.
Search This Blog
Labels
Special Tribunal for Lebanon
Detention cases
Judiciary and Prison System
Enforced Disappearance
Women's rights
Kidnappings
ESC Rights
Environment
Non Palestinian refugees and Migrants
Public Freedoms
Palestinian Rights
Military Court
NGOs
Children rights
Torture
Minorities Rights
CLDH in the press
health
Human Rights Defenders
Death Penalty
Lebanese detained in Syria
disabled rights
Political rights
Displaced
LGBT
Racism
Right to life
November 11, 2010
Assafir - international treaties must be approved by the local authority - november 11,2010
Labels:
Judiciary and Prison System
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
Archives
-
▼
2010
(4682)
-
▼
November
(445)
- Naharnet - Paris: Indictment will be Issued Even i...
- Now Lebanon - Houri: Present info on Israeli telec...
- Naharnet - STL Raised in Hariri Tehran Visit, Iran...
- The Daily Star - World must do more to combat viol...
- The Daily Star - Court indictment precursor to str...
- The Daily Star - Alain Aoun calls for united stanc...
- The Daily Star - Watchdog slams Lebanon's lack of ...
- The Daily Star - Ownership dispute threatens to sp...
- The Daily Star - Ownership dispute threatens to sp...
- The Daily Star - Hariri confident prevailing tensi...
- L'Orient le Jour - Judiciary: Legal proceedings ag...
- L'Orient le Jour - March 14 persists and signs : T...
- L'Orient le Jour - Could Erdogan succeed where oth...
- L'Orient le Jour - Erdogan in Lebanon Liban, Harir...
- L'Orient le Jour - Kandil : The STL, « Gestapo of ...
- L'Orient le Jour - Hezbollah would have infiltrate...
- The Daily Star - Bellemare: Media reports could en...
- The Daily Star - Jumblatt urges Cabinet to reject ...
- The Daily Star - CBC report tarnishes Hizbullah im...
- The Daily Star - Omar Bakri released on LL5 millio...
- The Daily Star - Erdogan appeals for Lebanese unit...
- Now Lebanon - CBC reporter says he was threatened ...
- L'Orient le Jour - Symposium in Paris on the proce...
- L'Orient le Jour - For Samy Gemayel, Hezbollah wil...
- L'Orient le Jour - Joumblatt : « The Government sh...
- L'Orient le Jour - Maybe a paradoxical foretaste o...
- L'Orient le Jour - The Israeli security cabinet ev...
- L'Orient le Jour - Political circles unanimously d...
- L'Orient le Jour - Geagea : No progress in the Syr...
- L'Orient le Jour - STL : March 14 denounces the « ...
- L'Orient le Jour - Radical Islamist preacher Omar ...
- L'Orient le Jour - Erdogan presses the Lebanese to...
- Iloubnan - Lebanon on knife-edge awaiting decision...
- Iloubnan - Lebanon's Bedouins: neither nomads nor ...
- Naharnet - Jumblat: Cabinet Should Unanimously Den...
- Iloubnan - Jumblatt demands govt reject Hariri tri...
- Iloubnan - Lives endangered by CBC report on Harir...
- L'Orient le Jour - News Briefs - November 24, 2010
- L'Orient le Jour - Detained in Syria: An ex-prison...
- L'Orient le Jour - Aoun : « We are waiting for the...
- L'Orient le Jour - Hariri : « We have complete tru...
- L'Orient le Jour - The EU denounces the « intimida...
- L'Orient le Jour - « The media leaks risk obstruct...
- L'Orient le Jour - Bellemare : The investigation w...
- L'Orient le Jour - The CBC documentary: Everything...
- L'Orient le Jour - Ankara and Teheran at the heart...
- Now Lebanon - Ashton reiterates EU’s support for S...
- Now Lebanon - STL refuses to comment on CBC report...
- Naharnet - Bellemare: CBC Report May Put People's ...
- Naharnet - UN Investigators Identify Some Names in...
- Iloubnan - UN tribunal links Hezbollah to Hariri m...
- L'Orient le Jour - March 14 is already concentrati...
- L'Orient le Jour - The modifications introduced in...
- Now Lebanon - Telecom evidence implicates Hezbolla...
- Now Lebanon - March 14 ready for peaceful resistan...
- Naharnet - Williams: Indictment in Hariri Murder C...
- Now lebanon - Houri: Fighting domestically is unli...
- L'Orient le Jour - News Flashes - November 18, 2010
- L'Orient le Jour - Launching of a song on the envi...
- L'Orient le Jour - Threats and possibility of dial...
- L'Orient le Jour - March 14 speaks up against the ...
- L'Orient le Jour - Aid of one million sterlings of...
- L'Orient le Jour - Sfeir : Justice will take place...
- L'Orient le Jour - Omar Bakri calls on Nawar Sahil...
- L'Orient le Jour - Between fires and drought, Leba...
- L'Orient le Jour - At the Élysée Palace, Aoun's ar...
- Now Lebanon - UK commits new funding to STL - Nove...
- The Daily Star - Animal rights group condemns cull...
- The Daily Star - Hospital patients help put out fi...
- The Daily Star - Education minister calls for upda...
- The Daily Star - New UNRWA team to assist return t...
- The Daily Star - Civil Defense teams battle fire i...
- The Daily Star - Aoun blasts 'politicized justice'...
- The Daily Star - Politicians trade blows over Nahh...
- The Daily Star - Bakri appoints Hizbullah MP as la...
- The Daily Star - Hariri secures significant milita...
- Naharnet - Britain to Give STL Further $1.6 Millio...
- Assafir - Is it possible to make a decent living T...
- Assafir - International Labour, the role of trade ...
- L'Orient le Jour - The Islamist radical preacher O...
- Assafir - Information arrest Sheikh Omar Bakri in...
- Assafir - UNICEF children's rights - november 15,2010
- Assafir - In the World Diabetes Day - november 15,...
- Assafir - Child back to his family & the arrest of...
- Almustaqbal - Omar Bakri arrested in Tripoli - nov...
- Almustaqbal - Arrest kidnappers of child in Tripol...
- L'Orient le Jour - Measures should be taken for th...
- Almustaqbal - Climate change - november 15,2010
- L'Orient le Jour - Sfeir : Reactions to the indict...
- Almustaqbal - Environment Campaign Towards Zero Wa...
- L'Orient le Jour - The Adha truce of independence ...
- Aliwaa - Omar Bakri arrested - november 15,2010
- Almustaqbal - the International Day for diabetes -...
- Aliwaa - justice omar bakri arrested - november 15...
- L'Orient le Jour - STL : Damascus is not opposed t...
- Aliwaa - Arrest of the kidnappers of the Child - ...
- L'Orient le Jour - Ambiguous stances taken by Dama...
- Aliwaa - Environment forest incident - november 1...
- Aliwaa - situation of eldery - november 15, 2010
- The Daily Star - Tribunal, arms aid on Hariri's Ru...
-
▼
November
(445)
No comments:
Post a Comment