"نساء في الشوارع" .. هاربات من الفقر وظلم المجتمع
المستقبل - الاربعاء 5 كانون الثاني 2011 - العدد 3874 - شؤون لبنانية - صفحة 7
| |||||||
لارا السيد لم يعد وجودهن محصوراً في أحياء محددة، ولم يعد عملهن فقط في ظلمة الليل بل أصبحنا نراهن في مختلف المناطق والشوارع وعلى الاوتوسترادات وفي كل الأوقات جاهزات لكسب دخلهن مقابل خدمات خاصة لزبائن يقصدونهن. إنهن "المومسات" أو اللواتي يتخذن من "البغاء مهنة لارتكاب الفحشاء مقابل أجر من المال سواء كان ذلك سراً أو علانية" واللواتي بتن يجدن وبحسب الدراسات الشارع متنفساً لهن جراء الضائقة الاجتماعية التي يعانين منها. تعددت أشكال ظاهرة ممارسة الدعارة وتنوعت أساليبها والإجراءات المطبَّقة في لبنان حالياً تعتبرها جرماً يُعاقِب عليه القانون، إلا أنه لا قانون متَّبع لتنظيم البغاء، والدعارة تُمارس في لبنان بشكل مباشر أو غير مباشر في بعض الحانات والعُلب الليلية، بالإضافة الى صالات التدليك أو المساج التي باتت تشكل غطاءاً تُمارس فيه الدعارة بكافة أشكالها، وهناك تناقض في الإجراءات المطبقة بين إقفال بيوت الدعارة وإعطاء تراخيص لنوادي بديلة ترتكب فيها أفعال الدعارة بعيداً عن القانون. منذ العام 1931 أصبحت الدعارة مشرّعة ضمن قانون يتضمن شروط السن والشروط الصحية والمدنية، أما في ما يتعلّق بالدعارة السّرية فهي ممنوعة بتاتاً، هذا القانون يتمحور حول المسألة العقابية من دون أن يطال الحماية والإصلاح ومن دون مراعاة التغييرات الحاصلة في المجتمع، كما أن السياسة الاجتماعية المطبَّقة حيال ضحايا البغاء في لبنان مجتزَأة وبحاجة لإعادة تحليل وصياغة وبلورة عميقة لبرامج تأخذ في الاعتبار الواقع السيكولوجي، الاجتماعي والاقتصادي للظاهرة، في ظل قوانين وتشريعات تعترف بحقوق الإنسان، تحميه وتساعده على تخطّي مشاكله بعيداً عن الانحراف. انطلاقاً من ذلك عقدت جمعية "نحو المواطنية" جلسة حوار مع الأخصائية الاجتماعية في جمعية "دار الأمل" نهاد بستاني في "مقهى 101" في الصنائع، بمشاركة الأخصائية الاجتماعية في الدار هبة أبو شقرا ومنسق مشروع "نعم للحوار" في الجمعية أحمد فتح الله ومهتمين، وحملت الجلسة عنوان: "النساء في الشوارع ليلا: متنفساً للضائقة الاجتماعية؟". وأكدت بستاني لـ"المستقبل" أنه يمكن استخلاص بعض المعالم للسياسة الاجتماعية حيال مشكلة البغاء، وهي تتمثل باعتبار البغاء مشكلة ويترتّب تنظيم قانون خاص لها. يشكّل الفقر سبباً أساسياً للوقوع في مشكلة البغاء بحسب بستاني التي لفتت الى أن عدم الحصول على الحاجات الأساسية المتمثّلة بتأمين المستلزمات المتعلّقة بالمأكل والمسكن، والتي هي حق من حقوق الحدّ الأدنى للمواطن للحفاظ على سلامته الصحية، يدفع بالفتاة للوقوع في البغاء تحت وطأة الضغوط المادية الملحّة. وتعد الحروب المتتالية والسياسات الاجتماعية المتعاقبة التي تعطي الأولوية للأمن والسياسة وتهمل القضايا الاجتماعية والتنموية من العناصر المساهمة في انتشار البغاء الذي بات مرتبطاً بالجريمة المنظمة كالاتجار بالبشر حيث يأتي مباشرة بعد الاتجار بالمخدرات كمصدر للدخل لهذه الجماعات الإجرامية. وللأسباب الاجتماعية دور مهم في ممارسة الفتيات للدعارة إذ إن تعرّض الفتاة لتعدٍّ جنسي في سنّ مبكّر أو وقوعها ضحية "سفاح القربى" وسوء المعاملة والتعرّض الدائم والمستمر للتعنيف والإيذاء المادي والمعنوي وتهميش دورها في المنزل وبيعها للعمل في البيوت وبيعها لقوّادين، والترعرع ضمن بيئة تتعاطى الدعارة والمخدرات وتزويج الفتاة في سن مبكّر وعدم الحيازة على أوراق ثبوتية يرتبط بعدم الشرعية، ما يخلق خللاً في تركيب الهوية النفسية من جهة، وبناء الهوية الاجتماعية من جهة أخرى يساعد في انتشار هذه الظاهرة، بالإضافة الى أن فساد الصحبة بين المراهقات والتفكك الأسري والمشاحنات الدائمة بين الأهل وحالات الطلاق والمساومة على حق حضانة الأطفال واستغلال المجتمع الذكوري لحالات مصابات بالتخلّف العقلي يؤدي الى تفاقم المشكلة التي تلعب فيها الأسباب النفسية دوراً في انتشارها. واقع الدعارة في لبنان بحسب الدراسة التي قامت بها بستاني وأبو شقرا انطلاقاً من الحالات التي تتم معالجتها في الدار التي تعنى بتلك الشريحة من المجتمع، فإن الغالبية الساحقة من بينهن ينتمين إلى الفئة العمرية 16-35 سنة، وهن إما أمّيّات او أنهين المرحلة الابتدائية، أما بالنسبة للوضع العائلي فهن إما عزباوات مع أولاد ومتزوجة من دون أولاد أو متزوجة مع أولاد أو مطلّقة، كما أن البعض يتزوجن من قوادين فيمنعن من الإنجاب أو يخضعن للأجهاض بحال حملن لأنهن يشكلن مصدراً لكسب المال. الحلول لمكافحة المشكلة وتلحظ برامج الدار لمكافحة المشكلة وضع سياسة اجتماعية من قبل السلطة لمواجهة المشاكل الاجتماعية، ولحماية أفراد المجتمع كالبرامج الصحية والتربوية وبرامج متصلة بالعمل وبالإسكان وبالقانون وبالضمان الاجتماعي، وأيضاً من خلال برامج وطنية تهدف إلى التدخل مع الأسرة بكافة أشكالها: برامج تمكين الأسرة من مواجهة التحدّيات والضغوط الاجتماعية والاقتصادية، والتدخّل مع الجماعات بالتعاون مع المؤسسات الحمائية والنقابية، وكذلك التدخل مع الأفراد (توعية في المدارس والجامعات)، وعبر المناهج التربوية المعتمدة للأبعاد المتشابكة التي تتخذها ظاهرات الانحراف والعمل مع المرأة من خلال برامج تنظيم الأسرة وإدراك مسؤولية الإعالة والارتباط الزوجي. |
No comments:
Post a Comment