النساء في الأحزاب والنقابات: منتسبات ولكن
دراسة التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني حول الاحتياجات التنظيمية لتعزيز مشاركة النساء في الأحزاب والنقابات في لبنان، تدفع الى طرح السؤال المركزي حول دور الاحزاب والنقابات نفسها، وحول اضمحلال دورها الفاعل في صنع المشهد السياسي والاجتماعي، الذي يزيد من حدته غياب مشاركة النساء في قيادتها
بسام القنطار
اطلق التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني، أمس، دراسة وطنية بعنوان «احتياجات تنظيمية لتعزيز مشاركة النساء في الأحزاب والنقابات في لبنان».
الدراسة التي اعدها غسان صليبي وسعدى علوه تمثل واحدا من مخرجات المشروع الإقليمي تحت عنوان «تعزيز دور الأحزاب والنقابات في النهوض بالمشاركة السياسية والعامة للنساء»، الذي ينفّذ في خمس دول عربية بدعم من الاتحاد الأوروبي وبالشراكة مع أوكسفام نوفيب.
المحامية منار زعيتر من التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني، أشارت الى أن المشروع يرمي الى رصد وضعية الحقوق السياسية للنساء، ورسم ملامحها وسماتها والمعوّقات امام تفعيلها والى أي مدى تأخذ الأحزاب السياسية والنقابات بعين الاعتبار موضوع دمج مقاربة النوع الاجتماعي في أنظمتها الداخلية، كما أنها ترمي ايضا إلى تطوير آليات واستراتجيات وصياغة توصيات واستنباط نماذج كفيلة بتنمية القدرات الذاتية للنساء، وتعزيز مشاركتهن السياسية وتشجيعهن على الانخراط الفاعل في الأحزاب السياسية والنقابات والمدافعة من اجل وصولهن الى مواقع القيادة والضغط لاتخاذ تدابير واستحداث آليات تساعد الأحزاب السياسية والنقابات على وضع استراتيجيات تستهدف اشراك النساء في العمل السياسي، ورسم السياسات العامة، وفي إقرار الكوتا النسائية.
اختارت الدراسة ستة أحزاب من بين نحو 12 حزباً فاعلاً في لبنان. وجاء اختيار الأحزاب بطريقة حاولت قدر الإمكان ان تعكس طبيعة العمل الحزبي وبنية ألأحزاب نفسها وخصوصية العمل الحزبي اللبناني، كما اعتمد البحث الطابع التشاركي مع النساء الحزبيات انفسهن.
والاحزاب التي جرى اختيارها هي: الحزب السوري القومي الاجتماعي، حزب الكتائب، الحزب التقدمي الاشتراكي، حزب الله ، الحزب الشيوعي اللبناني، وتيار المستقبل.
وتبين الدراسة ان سيدة او سيدتين ممثلتان في الهيئة القيادية للحزب، كما تبين ان اياً من الأحزاب التي شملتها الدراسة لا يعتمد الكوتا النسائية في نظامه الداخلي، وان 33 في المئة يرفضون الكوتا النسائية من أساسها، وان 50 في المئة تعتمد التعيين في بعض المراكز القيادية، وان 16.6 في المئة رشحت نساء للانتخابات النيابية.
وخلصت الدراسة الى تأثير النظام السياسي الطائفي على مجمل المشاركة السياسية للنساء، ورأت أن المنظومة العائلية والحزبية والطائفية التي ترعى الانتخابات البلدية والاختيارية والنيابية ليست صديقة للمرأة، لا بل تميز ضدها، وان الأحزاب تراعي العائلات والمنظومة التي تحكم التمثيل في الانتخابات البلدية، كما تراعي الطوائف في الانتخابات النيابية على حساب النساء.
واوصت الدراسة بضرورة دعم الأحزاب للحضور النسائي وتمكين الحزبيات ورفع قدراتهن، وتوعية الأعضاء على أهمية حضور النساء ومشاركتهن الفاعلة، وتشجيع النساء وإفساح المجال أمامهن للوصول إلى مراكز القرار، واعتماد الكوتا النسائية في انتخابات الأحزاب نفسها، وتبني الأحزاب للقضايا النسائية وعدم تركها للنساء الحزبيات فقط أو للجان النساء في الأحزاب، وتبني الأحزاب ترشيح سيدات في الانتخابات البلدية والنيابية، وسعي النساء الحزبيات أنفسهن إلى فرض قضايا النساء على الأحزاب. اختارت الدراسة تحليل أوضاع النساء في ستة أحزاب وثماني نقابات
في القسم الثاني من الدراسة الذي يعالج موضوع النقابات، اعتمدت معايير عدة لاختيار عينة البحث من النقابات اللبنانية. وجرى اختيار مجموعة من النقابات من قطاعات ذات نسبة عمالية نسائية عالية مقارنة بالقطاعات الأخرى. وقد راوحت النسب بين 20 وحوالى 80 في المئة. والنقابات التي جرى اختيارها هي نقابة شركة طيران الشرق الاوسط، نقابة ادارة حصر التبغ والتنباك، نقابة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، نقابة موظفي المصارف في جبل لبنان وبيروت، نقابة اساتذة التعليم الخاص، نقابة هيئة أوجيرو، نقابة موظفي المصارف في لبنان الشمالي، ونقابة العاملين في مصلحة مياه بيروت وجبل لبنان.
وتبين الدراسة ان في ست نقابات من أصل ثماني نقابات، نسبة انتساب النساء مقارنة بنسبة الرجال هي من 40% وما فوق وتصل الى 75%. وفي النقابتين الباقيتين النسبة هي 11% (مياه)، و20% (أوجيرو)، وهي نسب قريبة او متساوية مع نسبة النساء في القطاع الذي تمثله النقابة.
وكشفت الدراسة ان المشاركة ضعيفة عند الرجال والنساء على حد سواء في النقابات، لكنّ نسبيًا الرجال يشاركون أكثر. وترتفع نسبة المشاركة عند الفئتين اذا طلبت بعض الاحزاب ذلك او اذا كان الموضوع مهمًا، تجري المشاركة حتى دون موافقة الاحزاب، كما حصل في تحرّكات هيئة التنسيق النقابية المطالبة بسلسلة جديدة للرتب والرواتب.
لكن هل حصلت مبادرات من قبل النقابات لزيادة تمثيل المرأة في المجالس التنفيذية؟ الناشطات أجبن ان في خمس نقابات لم تحصل أية مبادرة (مياه، ضمان، التعليم، الطيران ومصارف بيروت).
وفي نقابة المصارف في الشمال كان هناك تصميم وشبه حملة، وفي نقابة أوجيرو حصلت مبادرة لإقرار الكوتا لكنها فشلت بسبب موقف الاحزاب، وفي الريجي جرى اعتماد الكوتا في النظام الداخلي.
تقترح الدراسة انشاء لجان نسائية داخل النقابات لتشجيعهن على المشاركة الفاعلة، وتقديم مشروع للمجلس التنفيذي حول « سياسة جندرية» على النقابة انتهاجها، ومن ضمنها اعتماد الكوتا النسائية في الانتخابات المقبلة. وتنظيم حملة اتصالات بالنساء لتحديد الاحتياجات الخاصة بهن، والإعداد لحملة توعية للنساء والرجال حول الجندر واهمية إشراك النساء بفعالية في النقابات.
والإعداد لبرامج تدريبية تشمل اعضاء اللجنة وناشطات نقابيات، بهدف تدريب النساء على مفاهيم ومهارات العمل النقابي.
أجمعت الدراسات والمقالات والتصريحات خلال العشرين سنة الماضية على ضرورة إحداث تغيير في انظمة الاتحاد العمالي العام وهيكليته، وكذلك في ادائه وسلوكه على نحو عام. فالخلل عميق في ديمقراطية واستقلالية وفعالية الاتحاد العمالي العام، مما يحول دون تمّكنه من أداء دور المدافع عن حقوق العمال والموظفين. وتقول الدراسة إن 95% من القيادات النقابية الممثلة في الاتحاد العمالي العام، اقرت خلال استطلاع للرأي، بوجود حاجة إلى تطوير هذا الاتحاد، كما أن أكثرية هذه القيادات (59,10%) لم تتردد في الاعتراف بأن سبب تراجع نسبة الانتساب الى النقابات انما يعود اساسا الى «عدم ثقة العمال بالاتحاد العام».
No comments:
Post a Comment