The Lebanese Center for Human Rights (CLDH) is a local non-profit, non-partisan Lebanese human rights organization in Beirut that was established by the Franco-Lebanese Movement SOLIDA (Support for Lebanese Detained Arbitrarily) in 2006. SOLIDA has been active since 1996 in the struggle against arbitrary detention, enforced disappearance and the impunity of those perpetrating gross human violations.

Search This Blog

October 7, 2014

As-Safir - Children with disabilities are dreaming in school seat, October 07, 2014



الأطفال المعوّقون يحلمون بمقعد مدرسي 

روان الأمين 

لا تزال عبارات عبد الرحمن تتردد في أذني والدته، تؤلمها وتربكها. لا تنسى رابعة كلمات ابنها الأصم حينما قررت أن تعيده إلى المنزل بعدما وضعته في إحدى مؤسسات الرعاية، ولا حتى وجهه الحزين ودموعه التي تسيل على وجنتيه «كيف كان فيكي تنامي وأنتي تاركتيني وحدي برات البيت». لم يكن أمام الوالدة آنذاك ســوى ذلك الحل، فهي تســــكن في إحدى قرى عكار، أما المؤسسة فتبعد كثيراً عن منزلها، وإلى ذلك فلا يوجد في محيطها أي مدرسة دامجة. ذلك المشهد دفعها إلى إرساله يومياً مع أحد معارفها. ولكن قلة من الأهل يدركون مدى أثر تلك المؤسسات الداخلية على نفسية أبنائهم.
قبل شهر، انهمك جميع التلامذة تحضيراً للعام الدراسي، من البحث عن مقعد مدرسي بين مدرسة وأخرى إلى شراء الكتب والقرطاسية والزي.. وانشغل المعلمون في التحضير لبرنامج التدريس، إلى جانب الضغط على الدولة للحصول على سلسلة الرواتب. ذلك فيما انهمكت الوزارات لإيجاد حلول للأعداد الهائلة للتلامذة السوريين. وراح أيلول وأتى تشرين لتضيع مجدداً حقوق فئة من الأطفال والأولاد في عمر الدراسة ينتظرون أن تستقبلهم المدارس وتفتح لهم أبوابها.
إنهم الأطفال المعوقون، الذين لم تشملهم الدولة داخل مخططاتها التربوية العملية، فهي لم تطلب تصميم المدرسة بشكل يتناسب مع احتياجاتهم، ولم تدرب المعلمين على كيفية التعليم الدامج، ولم تكيِّف المناهج بشكل يتناسب مع ذوي الصعوبات التعليمية ولم تفرض على المدراء استقبالهم. لم تقم بأي مبادرة عملية، على الرغم من أن جميع القوانين التي أصدرتها والاتفاقيات التي أقرتها تنص على أن التعليم حق للجميع.
أما المدارس الخاصة فيندر أن تستقبل الأطفال المعوقين، وإن حصل فهي ليست دامجة لجميع الإعاقات، ولا تكون دائماً على المستوى الاقتصادي للأهل أو قريبة من مكان سكنهم. فيكون السبيل الأكثر استخداماً، لدى أهالي الأطفال المعوقين، عزلهم رغماً عنهم داخل مؤسسات رعائية، حيث يحرمون العيش ضمن أسرهم ويُبعدون عن محيطهم ومجتمعهم. فينطوون في نهاية المسار على أنفسهم، عوضاً من أن يكتسبوا التعليم الأكادمي المطلوب، يتعلمون حرفة أو موهبة كالعزف على آلة موسيقية، أو الغناء... وفي الوقت عينه سيبقى مجتمعنا لا يعرف الدمج ولا يعلم أن الأشخاص المعوقين يمكنهم التعلم والعمل كغير المعوقين.
جنى وغنى، تلميذتان لديهما إعاقة بصرية، حظيتا بفرصة التعلم في إحدى مدارس الشوف، وهي مدرسة المربي رؤوف ابي غانم الرسمية. وهي واحدة من المدارس الخمس التي شاركت في «مشروع الدمج التربوي»، الذي نفذته «جمعية الشبيبة للمكفوفين» بالشراكة مع «منظمة التطوع المدني الايطالي»، وبالتعاون مع وزارة التربية والمركز التربوي للبحوث والإنماء. وبالرغم من أنه «أظهر نجاحاً كبيراً ونتائج إيجابية»، بحسب القيمين عليه، لكنه يبقى مجرد مبادرة، فبالرغم من تبني وزارة التربية للمشروع لكنها لم تخصص له أي مبلغ، «ولا يعد، للأسف، بمثابة سياسة وطنية تعتمد في جميع المدارس». في لقاء مع مدير المدرسة الأستاذ خالد العلي، أوضح أن «عملية اختيار المدرسة تمت من قبل جمعية الشبيبة للمكفوفين وهي المنسق المحلي للمشروع، وبعد موافقة إدارة المدرسة والفريق التعليمي، استقبلت المدرسة ثلاثة تلامذة لديهم إعاقة بصرية». ولعل أكثر ما شجع المدير على خوض التجربة، هو أن الشؤون الاجتماعية من اهتماماته الرئيسية بالإضافة الى انه حائز على دبلوم «دراسات معمقة في علم الاجتماع».
بدأ المشروع في المدرسة في العام الدراسي 2012 ـ 2013، حيث أجريت تدريبات للأساتذة في المدرسة ولا تزال مستمرة من قبل مشروع الدمج، وهي خاصة بالتدرب على طرق التعامل مع التلامذة المكفوفين ومع ذوي الصعوبات التعلمية المتنوعة. وأضاف أنه خضع هو أيضاً إلى دورة تدريبية خصصت للمدارس الدامجة في لبنان، أشار المدير إلى مدى إفادتها في تسهيل العمل.
وفيما يخص تفاعل التلامذة مع التجربة، أكد المدير أن ذلك «تم تلقائياً، وجاءت ردات فعلهم إيجابية بمعظمها. فمن بعض الاستغراب في اليوم الأول لانضمام التلامذة المعوقين عندما أعلمهم المدير بتحول المدرسة الى مدرسة دامجة، انتقل الطلاب الى الفهم التدريجي باكتساب ثقافة جديدة بلغت بالصفوف الدامجة مستوى من التطور الإيجابي، إذ لوحظ تحقيق انضباط خف معه السلوك الاندفاعي والعدواني. ومن ثم تطور حس الصداقة والمساعدة والتحدي بفضل تعزيز المشاركة الأكاديمية والاجتماعية. لذا كان تفوق بعض التلامذة المكفوفين دافعاً لتقدم باقي الطلاب بالإضافة الى تبادل الخبرات فيما بينهم.
ويضيف المدير «لا أخفي أني كنت متوهماً في البداية، أي قبل التعرف الى الإجراءات المتعلقة بالدمج وكيفية تأمين الخدمات الخاصة في المدرسة، لكن منذ الأسبوع الأول لانضمام التلامذة المعوقين، ومراقبة تطور قدراتهم على التنقل باستقلالية، بالإضافة الى أدائهم الأكاديمي الجيد، أصبحت عملية الدمج أمراً عادياً يضمن لجميع التلامذة الحصول على فرص متكافئة في الأنشطة الصفية واللاصفية، لكنها تعتمد بشكل رئيس على التعاون والتنسيق المنتظم بين المربية المختصة والمعلمات». وأكد العلي استعداده لتنفيذ أي تغيير في المدرسة من أجل إنجاح المشروع، وكي يستطيع دمج عدد أكبر من التلامذة المعوقين.
أما عن التجهيز الهندسي للمدارس الرسمية، فقد بادر «اتحاد المقعدين اللبنانيين» بتأهيل المدارس كي يتمكن جميع الأشخاص المعوقين التنقل داخلها. وقد قامت الوحدة الهندسية في الجمعية بمسح ميداني بين العامين 2007 و2009، أظهر أن المدارس الرسمية في لبنان، والتي يفوق عددها الألف، غير مجهزة بمعظمها. ما دفع الاتحاد حينها إلى دراسة كلفة التأهيل، بالتعاون مع الباحث الاقتصادي كمال حمدان، حيث اتضح أنها تصل حد الأربعة ملايين دولار للعام، اذا تقسم المشروع على اثنتي عشرة سنة، بحسب الخطة التي اقترحها الاتحاد. ذلك على الرغم من أن القانون 220/2000 ينص أنه على الدولة تجهيزها بست سنوات. لكن تلك الجهود والمساعي التي قام بها الاتحاد، وكذلك الجولات الدورية على المسؤولين والمعنيين لم تدفع الحكومات المتعاقبة إلى تجهيز المدارس الرسمية بما يحترم حاجات الأشخاص المعوقين.

No comments:

Post a Comment

Archives