تشهد بعض المطاعم والمقاهي تحوّلاً أولياً نحو دمج الأشخاص ذوي الإحتياجات الخاصّة· فبجهد مشترك بين <مركز الالتزام المدني وخدمة المجتمع> في الجامعة الأميركية في بيروت وجمعية <الشبيبة للمكفوفين- YAB> إنطلق للمرة الأولى في لبنان مشروع تحويل جميع قوائم الطعام في مطاعم ومقاهي بيروت إلى طريقة برايل ليتمكن الزبائن المكفوفون من قراءتها·
وقد بدأ هذا المشروع في أحد مقاهٍ في شارع الحمراء· وتم في المقهى إطلاق أول قائمة طعام طبعت بطريقة البرايل في 24 أيلول الماضي· كما تضمن المشروع تدريب الموظفين على كيفية التعامل مع المكفوفين· نموذج للتعميم إنطلقت تجربة المركز مع الجمعية منذ أيار 2009 حيث استقبل خمسة متدربين من إعاقات مختلفة، ليوظف إحدى المتدربات المكفوفات فاطمة مسالخي في المركز بعد إتمامها فترة التدريب· فاطمة حملت هموم زملائها المكفوفين الى داخل المركز فأنتجت فكرة تحويل جميع قوائم الطعام في مطاعم ومقاهي بيروت إلى طريقة <برايل>· وتروي فاطمة ل>اللواء> عن أن مشروعها نتج عن <حاجة الأشخاص المكفوفين إلى ارتياد المقاهي والمطاعم باستقلالية· فمن خلال إعتماد لائحة الطعام بالحروف البارزة التي تستطيع الأصابع قراءتها باللمس، أصبح بإمكان المكفوفين إختيار طعامهم دون تأخير العاملين في المطعم عن عملهم· إذ أن العاملين كانوا مضطرين الى قراءة اللائحة لزبائنهم المكفوفين مع مكوّنات كل صنف من الطعام، أما اليوم فقد أصبح الأمر أسهل بكثير على المكفوف وأسرع على الـ <غارسون> لتلبية طلبات زبائنه دون تأخير>· ويعمل المركز على <إعداد لائحة بالمطاعم والمقاهي المستهدفة، بعد الوقوف على الكلفة الفعلية لإعداد قوائم الطعام بطريقة برايل بحجمين مختلفين بعد أن أجرى المركز تجارب في طباعة قائمة الطعام، ومن المنوي إطلاقها كنموذج يعمم على المقاهي والمطاعم المتعاونة في بيروت كافة· ويشير مدير المركز الدكتور منير مبسوط إلى أن <عدم وجود صور في تلك القوائم يقلل من عدد صفحاتها وكلفتها>· إيجابية النظرة وتروي المساعدة الاجتماعية في جمعية <الشبيبة للمكفوفين> زينة أيوب عن أن المشروع <إنطلق من رسالة الجمعية التي تعنى بدمج الأشخاص المكفوفين في المجتمع· فمنذ العام 1987 تعمل الجمعية على دمج المكفوفين في المدارس والمجتمع ومكان العمل>· واعتبرت أيوب أن أهمية هذا المشروع تكمن في أنه <لا يستقطب الزبائن المكفوفين فقط، بل أن نظرة الأشخاص المبصرين تتحوّل إيجابياً تجاه المطعم <المحترم> الذي يُقدّم الخدمات لجميع الزبائن دون تمييز أو تفرقة>·وتسأل أيوب <بما أن المكفوف شخص مستقل بذاته، لماذا يحتاج الى من يقرأ له <المنيو> في أي مطعم يقصده ولماذا لا يقرأه بنفسه>· وتعرب أيوب عن <إستعداد الجمعية لتدريب العاملين في المطاعم والمقاهي للتعامل الأمثل مع الأشخاص المكفوفين، فالقائمة وحدها لا تكفي>· وبالفعل درّب فريق الجمعية العاملين في المقهى المستهدف ليباشر عمله على إستقبال زبائن محتملين من الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية· <يونس> وأولى التجارب بدأت التجربة مع مقهى يونس في الحمرا حيث بدأ العمل على <المنيو> منذ أيلول الماضي· ولاقت التجربة نجاحاً وتقبّلاً رائعاً من قبل صاحب المقهى والعاملين فيها الذين أجروا تدريباً مع جمعية <الشبيبة المكفوفين> حول كيفية العمل مع المكفوفين· ولفتت مديرة المقهى تالا فزّاح الى أنه <لدى عرض الفكرة علينا لم نتردّد في قبول الفكرة بل بالعكس رحّبنا بها كثيراً خصوصاً وأن من المكفوف له الحق كالمبصر في قراءة لائحة طعامه الخاص ومعرفة سعر وجبة الغذاء التي يريدها دون الشعور بالخجل من سؤال ال>غارسون> عن سعر كل طبق ومكوناته>· وأشارت فزّاح الى أن إقبال الزبائن وتقبّلهم للفكرة كانت ملفتة جداً خصوصاً وأن هذه الفكرة طبّقت للمرة الأولى في مقهانا على أن تنتشر في مقاهِ ومطاعم بيروت كافة إضافة الى وصول أصداء هذه التجربة الى العالم العربي حيث تقاطرت وسائل الإعلام العربية قبل اللبنانية للتحدّث عن هذا الموضوع · وتابعت فزّاح الى أن المقهى قام بإعداد نسختين بالبرايل نظراً لأن لائحة الطعام في طور التغيير لذلك متى يستقر الرأي على اللائحة النهائية للطعام سيكون هناك أربع نسخات بالبرايل تشجيعاً للمكفوفين الى إرتياد مقهانا ودعماً لحقّهم في لائحة طعامهم كغيرهم من المبصرين· و4 مطاعم أخرى أما منسقة المشاريع في المركز أولغا مجذوب فتشرح لـ <اللواء> أن المشروع إنطلق من منطقة بلس والحمرا المحيطة بالجامعة الأميركية في بيروت وهو ينصبّ حالياً على المطاعم والمقاهي الموجودة في هذه المنطقة حيث يعمل المركز حالياً مع 4 مطاعم أخرى في المنطقة <ندرك قابلية أصحاب هذه المطاعم على تنفيذ الفكرة على أمل أن تعمّم هذه الفكرة النموذجية على مختلف مطاعم بيروت ولبنان>· ولفتت مجذوب الى تفاجآت بمدى سهولة إقناع أصحاب المطاعم لأنه إذا قمنا بقياس الأمر بطريقة عفوية نجد أن التغيير هو أن ثقافة مجتمعنا أصبحت أكثر إنفتاحاً من قبل· وتابعت مجذوب أن هذه الفكرة هي خدمة للمجتمع أكثر منه للكسب المادي للمطاعم <فالمكفوف سيذهب الى المطعم سواء كان هناك لائحة طعام بال <برايل> أو عدم وجودها لذلك فإن هدفنا هو تسهيل حياة المكفوفين وتسريع إدخال ثقافة الدمج في المجتمع>· بدوره رحّب رئيس نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي بول عريس بفكرة المشروع، مشيراً إلى أنها <فكرة جيدة وقابلة للنقاش>، الا أنه اعتبر أنه <لا يمكن تطبيقها في المؤسسات كافة>· وتوقف عند الكلفة المحتملة لقوائم الطعام، معتبراً أنه <ليس من الصعوبة بمكان على المؤسسة توفير ثلاث أو أربع قوائم طعام قابلة للاستخدام من قبل الأشخاص المكفوفين>· نغم أسعد
|