The Lebanese Center for Human Rights (CLDH) is a local non-profit, non-partisan Lebanese human rights organization in Beirut that was established by the Franco-Lebanese Movement SOLIDA (Support for Lebanese Detained Arbitrarily) in 2006. SOLIDA has been active since 1996 in the struggle against arbitrary detention, enforced disappearance and the impunity of those perpetrating gross human violations.

Search This Blog

November 11, 2010

Assafir - Balance & judges of STL


المحاكم المختلطة تذكّر بالانتداب ولا سقف محدّداً لموازنة محكمة لبنان
دول سـرّبت وثائق عـن «محكمـة يـوغوسـلافيا» لغايات سـياسـية
علي الموسوي
لاهاي:
عندما التأم شمل قضاة غرفة الاستئناف في المحكمة الخاصة بلبنان لتجديد «البيعة» للقاضي الإيطالي أنطونيو كاسيزي كرئيس للمحكمة، وجد القاضيان اللبنانيان عفيف شمس الدين ورالف رياشي، الذي استمرّ متربّعاً على كرسي نيابة الرئيس، نفسيهما، جالسين إلى جانب قضاة أجانب، كما كان الأمر معمولاً به في المحاكم المختلطة خلال مرحلة الانتداب الفرنسي للبنان حيث كان «حاكم لبنان الكبير» مثل لاون كايلا، يصدر قراراً بالتعيينات، وهو ما تطالعنا به محفوظات وزارة العدل وسواها.
فقد كان نجيب أبو صوّان (أوّل رئيس لمجلس القضاء الأعلى)، ونجيب قبّاني، وبشارة الخوري، وشكري قرداحي (ثاني رئيس لمجلس القضاء الأعلى)، معهم هنري افيليه، وهنري بوش، وبيار بوبول، وبيار مارل، ومكسيم بروفو، والمدعون العامون لويس استر، ومارسال دايس، ولويس بوانكاليه، ومعهم توفيق الناطور وملحم حمدان.
والاختلاف يكمن في أنّ محاكمة قتلة الحريري تحمل صفة دولية بقرار أممي صادر عن مجلس الأمن، حيث تسرح السياسة كما يحلو لروّادها، وتجري خارج الأراضي اللبنانية في لاهاي في هولندا، إضافة إلى تعدّد اللغات الثلاث العربية والفرنسية والإنكليزية، وتعدّد جنسيات القضاة الأجانب التي لا تقتصر على الفرنسية فقط.
وبمجرّد التئام شمل غرفة الاستئناف في المحكمة، يبدأ القضاة في تقاضي رواتبهم المغرية جدّاً بموازاة المعاشات التي تدفع للموظّفين، وهذا الأمر يرهق الموازنة قبل أوانها، ولكن ما دامت الولايات المتحدة الأميركية وسواها من الدول الغيارى على مصلحة لبنان والعدالة الدولية، موجودة، فإنه لا خوف على الإطلاق من انعدام تأمين المال اللازم للاستمرارية، ولذلك اندفعت الولايات المتحدة الأميركية وبشكل مريب، إلى دفع مبلغ عشرة ملايين دولار أميركي للمحكمة، ولا تخفى الأسباب على أحد، بينما نجد هذه الولايات المتحدة نفسها تتلكأ عن تسديد الأموال الواجبة للمحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة في ذمّتها، وهذا ما أشار إليه بوضوح أحد المسؤولين في قلم هذه المحكمة، حيث قال خلال قيامه بشرح طريقة تمويل المحكمة، بالحرف الواحد: المحكمة مموّلة من الأمم المتحدة وأيّ دولة تشارك في الأمم المتحدة تساهم في التمويل، ولكنّ الولايات المتحدة الأميركية في طليعة المتأخّرين عن تسديد التزاماتها ومساهماتها المادية.
إنّ سبب تقاعس الولايات المتحدة عن دفع الأموال الملزمة بها للمحكمة الخاصة بيوغوسلافيا التي شارفت على الانتهاء، يعني أنّ أولوياتها صارت منصبّة على لبنان، وهي تريد من هذه المحكمة تحقيق مكاسب سياسية قد تعجز عنها أيّة حرب، حتى ولو كانت بمستوى حرب تموز عام 2006. كما أنها تخفف عن كاهلها إراقة دماء الإسرائيليين فيما لو فكّروا في خوض حرب جديدة ضدّ لبنان، ولا يهمّها بطبيعة الحال إذا كانت دماء اللبنانيين هي البديل، على حدّ تعبير مراقب لمجريات المحكمة عن قرب.
وليس هنالك من سقف محدّد لموازنة المحكمة الخاصة بلبنان، وهذا ما حصل مع محكمة يوغوسلافيا السابقة، كما أنّ المتوافر من أموال قبل انطلاق قطار المحاكمات الفعلية، قابل للتبدّل مع بدء هذه المحاكمات، حيث يتوقع أن تكبر الموازنة وتتغيّر من سنة إلى سنة بحسب عدد الموظّفين ومجريات المحاكمات، والمدّة الزمنية التي قد تستغرقها، وهذا ما لا يعرف به أحد إلاّ في حال توقيف الجناة الحقيقيين.
وتكشف رئيسة رابطة الصحافة الأجنبية في هولندا كيرستين شويجوفير، التي تعمل في المحاكم المنتشرة في لاهاي منذ عشرين عاماً، أنّ أحداً من المدعين العامين في محكمة يوغوسلافيا لم يسرّب معلومات قبل صدور القرار الاتهامي، بينما لم يعرف من يقف وراء التسريبات حول مضمون القرار الاتهامي باغتيال الرئيس رفيق الحريري، وما إذا كانت هذه التكهنات صحيحة أم لا، ممّا يرسم علامات استفهام كثيرة حول هذه النقطة الجوهرية، خصوصاً أنّ هذه التسريبات لا تستخدم كاتهام سياسي في لبنان بل «كواقعة حاصلة».
ويشير مستشار التواصل في المحكمة الخاصة بلبنان البوسني رفيك هودزيتش إلى أنّ بعض الوثائق سرّبت إلى الرأي العام في الجرائم التي تنظر فيها محكمة يوغوسلافيا السابقة، «ولكنّها لم تسرّب من قبل المحكمة»، ممّا يعني أنّ هناك مصالح لدول في حصول هذا التسريب من خلال تلقيها أوراقاً أو مستندات سرّية من المحكمة، ثمّ تقوم وزارة خارجيتها أو سفيرها المستلم لهذه الأوراق، أو أجهزة استخباراتها، بمهمّة تمريرها إلى وسائل الإعلام لتحقيق غاية سياسية ما.
وإذا كان صحيحاً أنّ إنشاء المحكمة الخاصة بلبنان تمّ بقرار دولي على الرغم من الالتباسات التي رافقت هذا الإنشاء والتي تضرّ بدستورية الدولة اللبنانية، إلاّ أنه يمكن إطفاء لهيب المحكمة إذا ما كان قد يتسبّب بشيء يؤذي لبنان دولة وشعباً ومؤسّسات.
لقد تنبأ مدير وكالة «سنس» للأنباء ميركو كلارين بمحكمة يوغوسلافيا السابقة وكان من الدعاة إلى ضرورة إنشائها، وعايشها عن كثب، وتابع تفاصيلها وحياتها مراسلاً وكاتباً وناشراً لقراراتها وأحكامها ووقائع جلساتها، ولكنّه لم يعد راغباً فيها، بعد سبعة عشر عاماً على إقرارها وستة عشر عاماً على انتظامها في دورة العمل، من دون أن يقدّم أسبابه لهذا الإحجام عن الاستمرار بقبولها، وكأنه نادم على تسويقها بحسب ما قال للصحافيين المشاركين في المنتدى الإعلامي في لاهاي، فهل يمكن للبنان أن يتحمّل سنوات إضافية من قيام المحكمة الخاصة به، إذا لم تسلك الطريق القويم؟ وهل يمكن أن نشهد في المستقبل ارتداداً للمنظّرين للمحكمة بأسلوب سياسي بعيد عن القانون؟.
تعتقد شريحة لا بأس بها من اللبنانيين أنّ كلّ شيء جائز في فنون السياسة وخصوصاً اللبنانية منها، وذلك بفعل التجارب على مرّ العهود، فضلاً عن أنّ المحاكم الدولية لا تعيش في فراغ سياسي.

No comments:

Post a Comment

Archives