The Lebanese Center for Human Rights (CLDH) is a local non-profit, non-partisan Lebanese human rights organization in Beirut that was established by the Franco-Lebanese Movement SOLIDA (Support for Lebanese Detained Arbitrarily) in 2006. SOLIDA has been active since 1996 in the struggle against arbitrary detention, enforced disappearance and the impunity of those perpetrating gross human violations.

Search This Blog

January 3, 2011

Assafir - the issue of granting Samira Swedan nationality to the children - January 03,2011


الدولة تتراجع أمام «التمييز» وتعتبر تحليل محكمة الاستئناف خاطئاً:
تفاعل قضيّة منح سميرة سويدان جنسيّتها لأولادها.. قضائياً
علي الموسوي
لم تنته المفاعيل القضائية والقانونية والإنسانية لقضيّة منح المواطنة اللبنانية سميرة سويدان جنسيتها لأولادها الأيتام من زوجها المصري المتوفّى. فهذه المسألة الحسّاسة في بلد غارق بالطائفية والخوف الطائفي المتبادل، لا تزال تشهد عمليات كرّ وفرّ في أروقة العدلية بين تعسّف قضائي غير مسبوق في متابعة دعوى إنسانية، بحسب تعبير قانونيين، بإلغاء حكم ابتدائي قضى بإعطاء المرأة اللبنانية المتزوّجة من أجنبي جنسيتها لأولادها، وبين نضال سويدان مدعومة بهيئات المجتمع المدني، في تحصيل اعتراف بات من بديهيات الحياة الإنسانية في العالم كلّه، ومساواتها بالمرأة الأجنبية التي تحصل على الجنسية اللبنانية بمجرّد زواجها من لبناني وتستطيع أن تعطي أولادها الأجانب هذه الجنسية بعد وفاة الزوج، بينما هو أمر خطير على الأمن الديموغرافي اللبناني بالنسبة إلى المرأة إذا نالت، من القضاء، قراراً اجتهادياً يخولّها إعطاء الجنسية لأولادها من زوجها الأجنبي.
وجديد هذه القضيّة التي فجّرها في الأساس حكم شهير طرّزه في 16 حزيران من العام 2009، رئيس الغرفة الخامسة لمحكمة الدرجة الأولى في جبل لبنان في جديدة المتن والناظرة في قضايا الأحوال الشخصية القاضي جون القزي والعضوتان معه رنا حبقا ولميس كزما، وصولها إلى درجة البتّ النهائي على يد محكمة التمييز المدنية التي يرأسها القاضي الدكتور سامي منصور، بعدما فسخت محكمة الاستئناف برئاسة القاضية ماري دنيز المعوشي هذا الحكم لأسباب مبهمة أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط القانونية، فضلاً عن الطريقة غير القانونية التي اتبعتها الدولة اللبنانية في رحلة إجهاض حكم القزي.
فقد قدّمت المحامية سهى إسماعيل بوكالتها عن سميرة سويدان وأولادها الثلاثة فاتن وسمير ومحمّد عبد العزيز أحمد، طلباً تمييزياً أمام محكمة التمييز، ضدّ الدولة اللبنانية ممثّلة بهيئة القضايا في وزارة العدل التي ارتكبت هفوات قانونية في لائحتها الجوابية على طلب التمييز.
في الشكل، استهلّت هيئة القضايا جوابها الموقّع من القاضية أرليت تابت مفوّضة من رئيسها القاضي مروان كركبي، بمخاطبة محكمة التمييز على أنّها الغرفة الناظرة في قضايا الأحوال الشخصية، بينما هي في حقيقة عملها، تنظر في دعاوى الجنسية، وأنيطت دعاوى الأحوال الشخصية بمحكمة أخرى.
أما في الأساس فإنّ ثمّة عبارات ونقاطاً استخدمتها موقّعة اللائحة الجوابية في الفقرة الأخيرة، غير مألوفة على حدّ إجماع حقوقيين استوقفتهم وأحدثت لديهم استفسارات وأسئلة.
فالصياغة اللغوية واستعمال عبارة «لزوم ما لا يلزم» تفضي إلى الطعن بتحليل محكمة الاستئناف برمّته، ولا سيّما في ما يتعلّق بالنقطة المثارة المرتبطة بالمعاهدات الدولية، مع العلم أنّ محكمة الاستئناف بنت قرارها على هذا التحليل الذي تنتقده هيئة القضايا.
ويفيد الانتقاد بإقرار ضمني مشكّك بإنتاجية التعليل ومدى ملاءمته للحال المعروضة، بالإضافة إلى إقرار علني بعدم صوابية السند الذي بنت عليه محكمة الاستئناف تعليلها.
والغريب أنّه بناء على قرار هيئة القضايا فُسخ الحكم الابتدائي، وها هي في لائحتها الجوابية، وهي فائزة، تقرّ بعدم صوابية قرار محكمة الاستئناف بمنع سويدان من منح الجنسية لأولادها من زوجها الأجنبي.
ولا يتمثّل هذا الإقرار الظاهر بشكل مؤكّد في تعبير» لزوم ما لا يلزم»، بل إنّ القاضية تابت تجاوزته عندما وصفت هذا التحليل بأنّه «في غير محلّه القانوني»، وهذه هي من المرّات القليلة والنادرة التي تنتقد فيها الجهة التي تعتبر نفسها ربحت قراراً قضائياً، حيثيات هذا القرار بهذا الشكل المباشر والقاسي، مستخدمة مفردات غير معتادة في التخاطب بين الهيئات القضائية، حيث إنّ العرف يفترض التزام القضاة في ما بينهم بأصول التخاطب ولياقته، ولا يمكن أن تكون المطالبة الموجودة في ختام كلّ قرار قضائي، إلا ضمن حدود هذه اللياقة.
ولا يمكن القاضية تابت أن تعطي تحليل محكمة الاستئناف المدنية هذا الوصف وتقول عنه «لزوم ما لا يلزم»، وهي أقلّ درجة من قضاة المحكمة نفسها، وكأنّها تعتبر هذا التحليل من باب اللغو والحشو.
ولو أنّ الأمر جرى بين المحامين، لكانت جازت المطالبة بشطب العبارات بحسب المادة 495 من قانون أصول المحاكمات المدنية التي تنصّ على انّه: «للمحكمة أن تأمر من تلقاء نفسها، أو بناء على طلب أحد الخصوم، بشطب العبارات الجارحة، أو المخلّة بالآداب العامة، أو النظام العام من أيّة ورقة من ورقات المحاكمة، أو أن تكلّف من صدرت عنه سحب الورقة التي وردت فيها واستبدالها بأخرى خالية من تلك العبارات تحت طائلة إخراجها من الملفّ».
على أنّ هناك أخطر ممّا تقدّم ويطاول بنية الحكم الاستئنافي، فعندما يصف فريق في الدعوى التحليل المعتمد لتبرير قرار ما بأنّه «في غير محلّه القانوني»، فهذا يعني أنّ النتيجة التي انتهى إليها القرار هي في غير محلّها القانوني بدورها، وذلك عملاً بالمبدأ القائل بأنّ ما بني على باطل فهو باطل، فهل تريد هيئة القضايا أن تقول إنّ الحكم الذي ربحته على المواطنة سويدان، هو باطل؟
وهذا التوصيف هو على تماس مع الانتقادات التي وجّهت في حينه لحكم محكمة الاستئناف لما تضمّنه من تناقض، حيث أخذ يفتّش عن التبريرات ولو بغير تناسق وانسجام بهدف تبرير النتيجة المطلوبة لجهة الفسخ (راجع «السفير» العدد 11595، الصادر في 20 أيّار 2010).
وكانت «السفير» قد أضاءت على حكم القزي وما ارتكز عليه من مبادئ، وذلك على الشكل التالي:
أوّلاً: إنّ قانون الجنسية في مادته الرابعة لحظ استثناء على المبدأ العام عندما أباح للأمّ الأجنبية المجنّسة أن تمنح أولادها القاصرين الأجانب الجنسية اللبنانية بعد وفاة زوجها اللبناني بسنة، ممّا يعني أنّ لا رابطة دم هنا تبرّر فقط، بل رابطة الزواج هي المعوّل عليها.
ولم تمنع المادة الرابعة المذكورة على الأم اللبنانية هذا الحقّ، ما دفع المحكمة إلى أن تجتهد في التفسير «من باب أولى»، وهذا التفسير مباح ومعترف به، وهو شكل من أشكال الاجتهاد الذي تعتمده محكمة التمييز، وباب من أبواب التشريع.
ولم يكن تعليل محكمة الدرجة الأولى «لزوم ما لا يلزم»، كما أنّه لم يكن خارج «محلّه القانوني»، بل جاء في سياق متسلسل في الواقع وفي القانون، حتّى أنّ «السفير» سألت في عنوانها آنذاك: «هل يعقل أن تفضّل المرأة المجنّسة على المرأة المواطنة اللبنانية؟»، ما لم يأت به أيّ تشريع في العالم كلّه.
وقد وضعت محكمة الدرجة الأولى إصبعها على الجرح النازف واجتهدت في تفسير قانوني هو في صميم دورها ومن واجب وجودها، إذ أنّه في ظلّ الصمت التشريعي، أو النقص في التشريع، أو الإبهام، وفي غياب أيّ مانع قانوني يحظّر، وما دام النصّ لا يمنع عليها هذه الصلاحية في قانون الجنسية، فإنّه لا يمكنها أن تستنكف عن إحقاق الحقّ، لا بل يتوجّب عليها أن تقضي به، وهذا ما فعلته بالتمام والكمال.
ومحكمة الاستئناف التي منعت عن المحكمة الابتدائية حقّها في التفسير، عادت هي نفسها واعتمدته عندما فسّرت المادة 18 من قانون إنشاء المجلس الدستوري. ولأنّ رئيسة تلك المحكمة القاضية ماري دنيز المعوشي كانت بصدد الانتقال إلى رئاسة هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل، فكنّا حريصين على ألاّ تنتقد في التحليل من قبل الدولة اللبنانية التي ترأس اليوم الهيئة المذكورة فيها أيّ هيئة التحليل فيها!
ولا تزال الالتباسات تزنّر طريقة استئناف حكم القزي، فالنيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان فقدت المصلحة بعد تنازلها سابقاً عن حقّها في الطعن، تاركة للمحكمة الابتدائية أن تقرّر ما تراه مناسباً في ضوء معطيات الملفّ، وقد رُدّ استئنافها في الشكل.
أمّا الدولة اللبنانية ممثّلة بوزارة الداخلية وهي المعنية حصراً بملفّات الجنسية فلا يمكن رئيس هيئة القضايا الذي يمثّلها أمام المحكمة، أن يقوم بالاستئناف من دون مراجعة الوزارة المختصة انطلاقاً من المبادئ التي تحكم علاقة الموكّل بالوكيل.
وبما أنّ وزير الداخلية زياد بارود صرّح لـ«السفير» آنذاك بأنّه لن يستأنف الحكم ليصبح مبرماً ومستوجب التنفيذ، فمن أوعز بالاستئناف وحقّق انتصاره الكبير على سميرة سويدان التي أحبّت أن تنسخ حرصها وعاطفتها وحنانها على أبنائها على هيئة جنسية لتبقيهم بالقرب منها بعد وفاة معيلهم؟ (راجع «السفير» العدد 11326، الصادر في 24 حزيران 2009).
وعندما صدر القرار الاستئنافي هجيناً، شدّدت «السفير» على المفارقة الغريبة العجيبة عندما يفضّل القضاء اللبناني الأجنبية المجنّسة على المواطنة اللبنانية، ولم تكن «السفير» تتوقّع أن تؤيّدها الدولة اللبنانية أمام محكمة التمييز، فتصف التحليل الاستئنافي بأنّه في غير محلّه القانوني، وتطلب «استبدال السبب الخاطئ في القرار بسبب قانوني صرف يتعلّق بالنظام العام».
وبات الوضع أمام محكمة التمييز يفيد بوجود تمييز من سميرة سويدان يطلب نقض القرار الاستئنافي لأسباب ذكرها، وفي المقابل جواباً من هيئة القضايا في وزارة العدل عن الدولة اللبنانية ممثّلة بوزارة الداخلية التي أكّد وزيرها بارود أنّه لم يطعن، يطلب من محكمة التمييز استبدال السبب الخاطئ الذي بني عليه القرار موضوع الطعن. ممّا يعني أنّ الفريقين متفقان أقلّه على عدم صحّة القرار الاستئنافي، وبالتالي، فإنّ محكمة التمييز باتت أمام وجوب النقض لتضع نفسها محلّ محكمة الاستئناف لتعود وتقضي بمدى صحّة الحكم الابتدائي في عود على بدء.
فماذا ستفعل محكمة التمييز؟ وهل تنتصر لحكم المحكمة الابتدائية وتعيد الحقّ لأصحابه وتواجه الضغوطات الداخلية والخارجية، أم تضع نصب عينيها الحرب التي مورست على القاضي القزي على الرغم من نيله «جائزة حقوق الإنسان للعام 2009»، فانتهى به المطاف مستشاراً في محكمة التمييز، بدلاً من مكافأته على أحكامه في غير موضوع من قضايا الأحوال الشخصية على مدى ستّ سنوات من ترؤسه المحكمة المذكورة، بينما كوفئ سواه بأن صار رئيساً هناك ومحامياً عاماً هنالك؟!

No comments:

Post a Comment

Archives