تقرير عن تقرير كاسيزي (4/3): إخفاقات المحكمة وتهديداتها
تزيين إيطالي لشجرة الميلاد في بلدة شمع الجنوبية (محمد زعتري - ا ب)
التقرير السنوي الثاني لرئيس المحكمة الدوليّة الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري تضمّن ردّاً على التسريبات الإعلامية وإشارات غامضة إلى مشاكل داخلية واستعانة بشارل مالك وبطلبه تدخّل المجتمع الدولي للتعامل مع قضايا داخلية، لتبرير قيام المحكمة الدولية
عمر نشابة
ذكر رئيس المحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري القاضي أنطونيو كاسيزي في مطلع تقريره السنوي الثاني أنه يسعى إلى «تقديم ملخّص وجيز لما رآه أبرز إنجازات المحكمة، وإخفاقاتها أيضاً» (صفحة 2). لكن عرضه الغامض لتلك «الإخفاقات» اقتصر على إشارته إلى تأخّر إيداع المدعي العام دانيال بلمار القرار الاتهامي لقاضي الإجراءات التمهيدية دانيال فرانسين (راجع الجزء الأول من هذا التقرير، «الأخبار» عدد يوم الاثنين 6 آذار)، إذ إن الرئيس كان يتمنى انطلاق المحاكمات مطلع 2011 ليتناسب ذلك مع وعود كان قد عبّر عنها في تقريره السنوي الأول، وكان كاسيزي قد وعد بإجراءات سريعة وبكلفة متدنيّة، غير أن تقريره الثاني يشير إلى زيادة في الكلفة ونقص في الموارد (انظر الكادر) وبطء غير مبرّر بوضوح وغير مقنع في الإجراءات القضائية.
مشاكل داخليّة
التقرير تضمّن كذلك إشارة غامضة إلى مشاكل داخلية تعانيها المحكمة، إذ ورد في الصفحة 12 «موظفو الغرف (غرف المحكمة) عملوا بنشاط أيضاً في معالجة الطعون في الإجراءات التأديبية الداخلية». هذه الطعون يفترض أن يعالجها قاضي الإجراءات التمهيدية أو دائرة الاستئناف لا «موظفو الغرف». التقرير لا يقدّم معلومات إضافية عن تلك الطعون ولا عن أي إجراءات تأديبية داخلية اتُّخذت منذ انطلاق عمل المحكمة، وهو ما يثير تساؤلات خصوصاً بعد تكرار استقالات كبار الموظفين فيها ومن بينهم رئيسا قلم ومتحدثون رسميون باسم المحكمة ومكتب المدعي العام فيها ومدير دائرة التحقيقات ورئيس قسم العلاقات العامة وأحد القضاة الأجانب.
مشاكل داخليّة
التقرير تضمّن كذلك إشارة غامضة إلى مشاكل داخلية تعانيها المحكمة، إذ ورد في الصفحة 12 «موظفو الغرف (غرف المحكمة) عملوا بنشاط أيضاً في معالجة الطعون في الإجراءات التأديبية الداخلية». هذه الطعون يفترض أن يعالجها قاضي الإجراءات التمهيدية أو دائرة الاستئناف لا «موظفو الغرف». التقرير لا يقدّم معلومات إضافية عن تلك الطعون ولا عن أي إجراءات تأديبية داخلية اتُّخذت منذ انطلاق عمل المحكمة، وهو ما يثير تساؤلات خصوصاً بعد تكرار استقالات كبار الموظفين فيها ومن بينهم رئيسا قلم ومتحدثون رسميون باسم المحكمة ومكتب المدعي العام فيها ومدير دائرة التحقيقات ورئيس قسم العلاقات العامة وأحد القضاة الأجانب.
اختراع الترهيب
لكنّ مكتب المدّعي العام دانيال بلمار، بحسب كاسيزي، «تمكّن من إحراز إنجازات بالرغم ممّا أدلي به من تصريحات معادية للمحكمة تصاعدت فبلغت حدّ الترهيب الواضح والعنف الجسدي في الفترة المشمولة بالتقرير. وقد تعرض شهود للترهيب بطرق عديدة، ففي بداية الربع الأخير من عام 2010، أطلقت عدّة دعوات لمقاطعة المحكمة، وصدرت تهديدات علنية غرضها الحضّ على عدم التعاون معها». لا يحدّد القاضي كاسيزي أمثلة على «الترهيب الواضح» الذي يدّعي أن شهود المحكمة التي يترأسها تعرّضوا له، فإذا كان بعض السياسيين قد رفعوا النبرة بوجه تجاوز المحكمة لمعايير العدالة، أو إذا كان بعض اللبنانيين غاضبين من محكمة دوليّة فُرضت عليهم وتستبيح المؤسسات الرسمية من دون أن يكون مجلس النواب (مجلس الشعب) قد وافق على قيامها وعلى نظامها، فهل يُعدّ ذلك «ترهيباً» أم العكس صحيح؟ أمّا بخصوص «العنف الجسدي»، فلا يفترض أن يستبق كاسيزي نتائج التحقيق بشأنه، احتراماً لمبادئ العدالة. فكاسيزي نفسه ذكر في الصفحة 25 أن «تحقيقاً بدأ في الحادثة داخل المحكمة وأجراه النائب العام التمييزي اللبناني». ولا يفترض أن يحسم أحد، خصوصاً إذا كان قاضياً بمستوى أنطونيو كاسيزي، أنّ الأمر يدخل في إطار «الترهيب» إلا بعد صدور قرار قضائي يؤكد ذلك. لكن الرجل يتناسى على ما يبدو مبادئ العدالة، فيدّعي أنّ الدعوات التي أطلقت لمقاطعة المحكمة هي بمثابة «تهديدات علنيّة». فليتقدّم بشكوى قضائية بحقّ من «أطلق التهديدات» إذا كان كلامه جدّياً وإذا كان واثقاً من حقيقة ادّعاءاته.

No comments:
Post a Comment