التعذيب في السجون: البقاء للأقوى
حسين مهدي
اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب لم يحمل الى لبنان هذا العام أي تغيير ايجابي، في ما يتعلق بانتهاك الكرامة الانسانية للبنانيين والأجانب، الذين يتعرضون للتعذيب أثناء التوقيف أو التحقيق أو الاعتقال أو السجن. فرغم مبادرة جمعية «عدل ورحمة»، التي بدأتها منذ سنين، وقضت بتدريب 1000 عنصر من قوى الأمن، و40 ضابطاً، على كيفية اجراء التحقيق من دون تعذيب، سجّل هذا العام تعرض 20 في المئة من الموقوفين اللبنانيين، و25% من الموقوفين الأجانب لأنواع مختلفة من التعذيب.
الجلاد في لبنان ليس عنصر الأمن أو المحقق فقط، بل أيضاً السجناء أصحاب «الواسطة» وذوو «القوة» التي تُمارس على المستضعفين من التابعيات الهندية أو الباكستانية أو السرلنكية وغيرها من الجنسيات، التي يستضيفها السجن اللبناني بسبب غربتها عن عائلاتها أو/و عدم توافر المساندة والحماية لها من قبل المعنيين، حيث تُجبر هذه الفئات على تنظيف السجن وخدمة النزلاء، وتُحرم الغذاء اللازم، فتقدم اليها فضلات ما قد يبقى من الطعام، وتتعرض لتعذيب دائم على مرأى من القوى الأمنية المكلفة ادارة السجن.
الغالبية العظمى ممن تعرضوا للتعذيب هذا العام، هم الأجانب من التابعية السورية، أما اللبنانيون، فأكثر فئة تتعرض للتعذيب بينهم، هم الموقوفون والمسجونون بتهمة تعاطي المخدرات. وعوضاً عن تقديم الدولة اللبنانية العناية اللازمة إليهم باعتبارهم مرضى يجب أن يجري علاجهم، يتولّى العناصر الأمنيون ضربهم وابتزازهم للحصول على مردود مادي منهم، ومن عائلاتهم.
تفاصيل كثيرة عن التعذيب شرحها لـ «الأخبار» الأب هادي العيّا رئيس جمعية «عدل ورحمة»، الذي أسف لأن تتقبل العقلية اللبنانية التعذيب، وتعده أسلوبا ناجحا في العقاب، برغم كونه «يخلق شخصيات منحرفة، احقادا، ضررا نفسيا، انتقاما،... فحتى التحقيق الجيد يضيع جرّاء التعذيب».
بعد مبادرة «عدل ورحمة»، أُنشئت لجنة داخل وزارة الداخلية لمتابعة الحالات التي تعرّضت للتعذيب داخل السجون، الا أن ما يطلبه العيّا أن يُعزّز دور اللجنة، وتصدُر تقارير اذا ما عاقبت أيا من الجلادين الأمنيين.
على الصعيد القانوني، يخالف لبنان المعاهدات الدولية والبروتوكولات التي وافق عليها، تحديدا اتفاقية مناهضة التعذيب، حيث يفترض بالدولة اللبنانية تعديل قوانينها بهدف تعزيز حماية الأشخاص المحرومين حريتهم من التعذيب، واتخاذ تدابير فعَّالة لمنعه، كما أن الدولة تمتنع عن نشر تقرير اللجنة الفرعية المنبثقة عن الأمم المتحدة، التي تقوّم سنويا وضع التعذيب في لبنان، وهو مؤشر إلى ما قد يكون التقرير قد وثّقه من «تفنّن» الدولة اللبنانية في تعذيب المستضعفين في لبنان.
No comments:
Post a Comment