تمارا تعود الى الحياة بعد قرار الحماية... أتطلق المحاكم الشرعية سراحها ؟
وأخيرا صدر قرار الحماية الذي هو الاول من نوعه في جبل لبنان والثالث في لبنان بعد ان كادت تمارا حريصي ان تنضم الى قافلة ضحايا العنف الاسري لولا العناية الالهية. صدر القرار لينقذ تمارا من انتقام زوجها الذي وعد بقتلها بعد خروجه من السجن، صدر القرار ليغطي لو جزئيا الثغر المتواجدة في القانون رغم مطالبة منظمة "كفى" بتعديله. صدر قرار تمارا في الحماية كما صدر القراران السابقان اللذان انقذا الضحيتين من الموت المحتم. تعترف تمارا انها أخطأت في اختيار شريك حياتها لكنها اليوم تقاوم للحصول على الطلاق والعيش بسلام، صحيح انها استحصلت على قرار الحماية لكنها ما زالت حتى هذه اللحظة اسيرة زوج مريض يرفض اخراجها من قفصه بقوة الدين والشرع.
لم يردع إقرار البرلمان اللبناني في الاول من نيسان الماضي "قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري" مسلسل العنف الذي دفعت ثمنه اليوم تمارا حريصي ابنة الـ22 عاما. كما لم تنفع اعتراضات الناشطات في حقوق المرأة والمنظمات الحقوقية من تعديل بعض بنود القانون لاسيما البنود المرتبطة بقرارات الحماية بقضاة الامور المستعجلة وليس بالنيابات العامة وربط حماية أطفال المرأة المعنّفة بسن الحضانة كما تنص عليها قوانين الأحوال الشخصية.
بعد اصدار قرار الحماية لتمارا حريصي تنفس اهلها ومنظمة "كفى" تنفس الصعداء، صحيح ان المطلوب ليس فقط قرار حماية وانما استحصالها على الطلاق لكن يبقى قرار الطلاق وللاسف بيد المحاكم الشرعية وليس بيد القضاء.
تعلّق منسقة الخدمة القانونية في منظمة "كفى" ليلى عواضة على قرار الحماية بالقول : "ان قرار الحماية غير مرتبط بمهلة زمنية إلا انه قابل للتعديل في حال حصول اي مستجدات. ان القرار مفتوح وقابل لأي اضافات إذا لزم الأمر، كل شيء مرهون ومرتبط بما قد يطرأ على القضية. ان تعاون القضاة في تطبيق القانون غطى الثغر المتواجدة في القانون، والتي طالبت "كفى" بتعديلها قبل إقرار القانون، ومنها منح صلاحية إصدار قرار الحماية للنيابة العامة أو تعيين قاض خاص للعنف الأسري يراعي في اجراءاته اصولا خاصة. ورغم حصول تمارا حريصي على الحماية هي وعائلتها إلا انها لم تحصل بعد على الطلاق، فالقرار ليس بيد قاضي الامور المستعجلة وانما بيد الزوج والمحاكم الشرعية ، من هنا نطالب مجددا بإعادة النظر بقانون الاحوال الشخصية لتحرير النساء من اسرى الطلاق الذي يتحكم بها طرف واحد وهو غالبا الزوج".
اجتهاد ينصف المرأة
كل ما نحتاجه اليوم على حدّ قول عواضة "اجتهاد جديد يعطي المرأة المعنفة الطلاق كون القاضي لا يملك صلاحية اصدار قرار الطلاق مهما كانت الظروف. حاول قاضي الأمور المستعجلة حسن حمدان تأمين الحماية لتمارا من كل النواحي سواء الامنية ام المادية ام الصحية من خلال اصدار مجموعة قرارات اهمها : الامتناع عن التعرّض للمستدعية وابنتها وأمها وأبيها وسائر أفراد أسرتها المقيمين معها، تسليف مبلغ مليون ليرة لبنانية على حساب مأكل وملبس ومسكن المستدعية وابنتها ومبلغ ستمئة الف ليرة لبنانية على حساب حاجات الأخيرة، تسليف مبلغ ثلاثة ملايين ليرة لبنانية على حساب نفقات علاج المستدعية، الامتناع عن الاضرار بممتلكات المستدعية، الخروج والدخول الى المنزل الزوجي ساعة تشاء لإخراج ممتلكاتها الشخصية او الاقامة الموقتة او الدائمة فيه، او الاقامة لدى اهلها الى حين فصل العلاقة الزوجية، مراجعة المحكمة هاتفيا عند الضرورة، حفظ حقها في طلب تعديل التدابير المتخذة زيادة او نقصانا، الترخيص لمنظمة "كفى" ايداع الملف اقتراحات بشأن اية تدابير خاصة للنظر في اتخاذها".
قد تفشل احيانا كل هذه التدابير والحماية التي اصدرها قاضي الامور المستعجلة في هكذا قضايا لأن هناك ضغوطات تمارس على النساء لإسقاط حقهن في الدعوى. وهذه الضغوطات تكون من قبل الزوج ورجال الدين والعائلة ، كما ان الكثيرات من النساء يجهلن كيفية التصرف وما يتطلبه من صبر وجهد لتقديم الدعوى الى قاضي الامور المستعجلة ومتابعتها كما فعلنا اليوم في قضية تمارا حريصي. صحيح ان الامور بدأت تأخذ منحى جديّا لاسيما في المخافر لكننا بحاجة الى تعديل القانون وبالتالي اعادة النظر بقانون الاحوال الشخصية حيث لا يبقى الرجل يتحكم بمصير المرأة على هواه.
غصة لا يعوضها القرار
من جهته أعرب والد تمارا يوسف حريصي عن فرحته وارتياحه من صدور قرار الحماية لابنته وعائلته بالقول "الحمد لله انو صدر القرار نحنا مبسوطين لكننا ننتظر قرار الطلاق وما بدنا شي تاني. نحنا اليوم محميين انشالله ما يصير شي لأنو يلي صار فيها بكفيها، ما قادرة تقعد ولا تأكل عايشة على الوجع". ويؤكد الوالد اننا "لن نقترب من احد ولا نريد ان يقترب منا احد، هيدا مجنون وهي بنت 18 سنة، كأننا امام فيلم خيالي لا يصدق. سنة ونصف سنة وهي تتعذب دون ان تفصح لنا عما يجري لأننا قاطعناها بعدما ذهبت معه خطيفة. لكن منذ 4 اشهر تصالحنا وبدأنا نشعر ان هناك خطبا ما ولكنها كانت تحميه وتخفي الامر خوفا من ردة فعلنا وفعله في أذيتها. أخذها منا بعد ان كانت حبقة واعاد الينا مشوهة وتتأوه من الوجع".
في حين اعتبرت حنان حريصي شقيقة تمارا ان "قرار الحماية يضفي بعض الطمأنينة والثقة الى نفوس العائلة ولاسيما تمارا لكن هذا لم يمح الخوف الذي يسكنها، فهو انسان مريض وعانت معه الكثير. لقد سلمنا الموضوع لمنظمة "كفى" ونحن على ثقة بها، ساعدتنا كثيرا ولم تتخل عنا. "لا تخفي حنان معرفتها بأن اختها كانت تتعرض الى الضرب والعنف لكنها لم تكن تعترف دائما بأن زوجها السبب، فأحيانا كانت تجيبنا انها وقعت. تستذكر حنان حادثة مؤلمة وتقول "كانت تمارا حاملا في الشهر التاسع حين قام زوجها بضربها في الحزام على رجلها. هي من المرات القليلة التي افصحت تمارا انه ضربها لكننا لم نضخم الموضوع خوفا على صحة تمارا خصوصا انها قابلة على الولادة في اية لحظة". اليوم عادت تمارا الى الحياة من جديد كما تؤكد حنان، عادت تضحك رغم آلامها ، هي اليوم تستقبل الحياة بعد ان ذاقت الموت وتستعد للعودة الى حياتها الطبيعية وحتى الدخول الى الجامعة ومتابعة تحصيلها العلمي كما كانت تحب.
No comments:
Post a Comment