الثلاثاء 5 كانون الثاني 2010 العدد – 1011
عدل
عن ماريا... العاملة التي صارت جثة على الطريق
لم تُحرّك الجثّة من مكانها، بقيت على الأرض لنحو ثلاث ساعات (هيثم الموسوي)
سقطت عاملة فيليبينيّة أمس من شرفة منزل مخدوميها، تهشّمت جثتها. أثار المشهد القلق والحزن، طال انتظار الموجودين في المنطقة ولم يحضر الطبيب الشرعي إلا بعد ساعات. موت ماريا يسلّط الضوء مجدداً على وفاة عاملات أجنبيات
رضوان مرتضى
اليد ملتوية، يخترق أسفلها عظم المعصم. الأصابع تبدو كأنها ستطبق على شيء ما. جدولٌ صغير من الدم وجد طريقه من أسفل ذلك الغطاء الذي يحمل لون الكفن. قرب ذلك الشيء الأبيض، يجتمع عدد من رجال الأمن. وتقف في الجهة المقابلة له، سيارة إسعاف تابعة للدفاع المدني يستند إليها رجُلَان. أما المكان فهو شارع جورج عاصي الكائن خلف حديقة الصنائع.
المشهد كان قاسياً، اختلط الهمس بالدموع، يقول أهل الحي إنها «جثة عاملة فيليبينية قفزت من منزل مخدومها ي. ح. في الطبقة السابعة». ويقول مندوب السفارة الفيليبينية إنها ماريا (مواليد 1981)، فتاة تركت وطنها قاصدة لبنان قبل نحو شهرين لتعمل «خادمة في أحد المنازل». لا يعرف المندوب ماذا جرى لها. يصمت قليلاً وينظر إلى اليد البارزة أسفل ذلك الغطاء، نظرته توحي أنه لم يستفق بعد من هول المنظر، ويتابع: «إنها حالة الانتحار الأولى في العام الجديد».
في الزاوية المشرفة على موقع الجثة، تقف 3 نسوة، يسترقن النظر بعدما طلب عناصر الأمن إليهنّ الابتعاد. تروي النسوة أنهن سمعن صوت ارتطام، أطللن من شرف منازلهن، فوجدن الجثّة مكوّمة على الأرض بلا حراك. تقول إحداهن: «بعد سقوط الجثة، اقتربت خادمتان من الجثة، وبدأتا بالصراخ»، وتضيف، «لكن رجال الأمن أبعدوا الخادمتين».
مرّت ساعة ونصف ساعة على الحادث الذي وقع عند حوالى الساعة الواحدة ظهراً. حضر رجال الأدلة الجنائية، وأجروا كشفاً على موقع الحادث. لكن رغم ذلك، لم تُحرّك الجثة من مكانها، بقيت على الأرض لنحو ثلاث ساعات. سألت «الأخبار» ضابطاً في قوى الأمن كان موجوداً في المكان عن سبب ترك الجثة كل هذه المدة، فأجاب بأنهم ينتظرون الطبيب الشرعي ليكشف عليها.
ينزل من المبنى رجلٌ طويل القامة، يرافقه رجلا أمن، يحمل الرجل الطويل في إحدى يديه أوراقاً ثبوتية، ويستعمل الأخرى لتدخين سيجاره، محاولاً التخفيف من هول المصيبة التي نزلت به. يجتمع حوله عدد من الأشخاص. يسألونه عن سبب حصول ذلك. فيحرّك كتفيه مستغرباً ما حصل، ويردف قائلاً: «لم تعش في منزلي أكثر من شهرين، لا أدري لماذا فعلت ذلك». يخرج من بين المجتمعين وينسحب في الزاوية وحيداً، محاولاً الاتصال بمستشفى ليحجز مكاناً في البراد لماريا.
لا يزال الجميع ينتظر الطبيب الشرعي. في هذه الأثناء، يمر أحد الأشخاص معلّقاً: «الحمد لله أنها لم تسقط على سيّارة أحدهم»، ويضيف، «كانت عملت بلوي». تأخر الطبيب الشرعي، وكثرت تحليلات الموجودين عن ملابسات الوفاة. بعضهم برّأ صاحب المنزل، مستذكراً أخلاقه الحميدة التي يتعامل بها مع جيرانه، فيما ذهب البعض الآخر همساً إلى احتمال إساءة معاملة الخادمة، ما دفع بها إلى «الانتحار». وبين هذا وذاك، تحدّث البعض عن أنّ الخادمة قطعت شرايين يديها قبل أن تقفز. وقد رجّح هذا الكلام مندوب السفارة الفيليبينية الذي قال إنه رأى بقع دماء في غرفة النوم.
... وبعد ثلاث ساعات، حضر الطبيب الشرعي حاملاً حقيبته بيمناه. أخرج كاميرته واقترب من الجثة. نظر من خلال عدستها إلى الأعلى والتقط صورة لمكان السقوط. ثم رفع الغطاء عن الجثة وقلبها. ماريا سقطت على وجهها مباشرة. تهشّمت جمجمة رأسها، وكُسر معصمها الذي يبدو أنها تلقّت به الأرض. أحضر عاملا الإسعاف الحمّالة وحملاها. لمع قرطٌ ذهبي في أذنها اليمنى. غطّيا الجثة ووضعاها في السيارة.
تأخّر الطبيب الشرعي، وكثرت تحليلات الموجودين عن ملابسات الوفاة
قرب موقع السقوط، وقف صحافيّان يحللان الأسباب التي تدفع بالخادمات إلى الانتحار. لم يجزما بأن ماريا انتحرت، ربّما تكون قد قُتلت. لكن في فرضية الانتحار، تبنّى أحدهم فكرة الضغوط والإيذاء. في المقابل، رأى الآخر أن فراق الأهل والاغتراب لأول مرّة يسبّبان لهذه الفتيات الاكتئاب. وبين الرأي الأول والثاني، برز رأي الطبيب النفسي والباحث الاجتماعي أحمد عيّاش الذي أرجع ظاهرة انتحار الخادمات الى «القمع وحجز الحرية الذي يشعرهنّ بأنهن في سجن»، ويرجّح الطبيب عيّاش أن اختيار وسيلة الانتحار بالقفز من مكان عال يعبّر عن رغبة كامنة في التحرّر من القيود.
يروي ناطور البناية حيث سقطت ماريا، أنه شاهدها للمرة الأخيرة صباح أمس برفقة طفلة مشغّلها. يقول: «وقفت برفقتها تنتظر باص المدرسة». ويضيف: «لا أعتقد أن أحداً سيفتقد ماريا، فهي لم تلبث هنا إلا شهرين»، لكنه يؤكّد أن الطفلة ابنة الخمس سنوات ستفتقدها.
ماريا كانت هنا. جثّتها كانت هنا، لكنهم نقلوها الى برّاد أحد المستشفيات، نسوا فردة حذائها الذي كانت ترتديه في المنزل، كما تركوا دماءها لترسم ظلال جسد سقط أو ربما «أُسقط».
________________________________________
لقطة
ذكر الطبيب النفسي والباحث الاجتماعي أحمد عيّاش لـ«الأخبار»، أن «سوء المعاملة الذي تتعرّض له بعض الخادمات في لبنان يدفع بهن الى الانتحار». وأشار عياش الى أنه يعالج العديد من الخادمات اللواتي يعانين من اكتئاب سببه حجز حريتهن وسوء المعاملة. كذلك لفت المعالج النفسي الى أن الأسلوب الذي يختاره المُنتحر يُحدّد أسباب انتحاره. وقد أرجع، على سبيل المثال، اختيار رمي النفس من مكان مرتفع، على أنه رغبة في التحرّر والانعتاق من القيود التي تُكبّل المُنتحر. من هذا المنطلق، رأى الطبيب المذكور أن حجز حريّة عاملات المنازل هو السبب الرئيسي الذي يولّد الضغوط لدى هؤلاء الفتيات، ويدفع بالعديد منهن الى اختيار الانتحار وسيلة الى الهرب.
________________________________________
الحل في التحقيقات «الجدية»
يشهد لبنان أسبوعياً وفاة عاملة أجنبية على الأقل، وترتفع بينهنّ نسبة العاملات اللواتي تُسجل التقارير أنهن قضين انتحاراً. وقد كان شهر تشرين الأول الماضي «شهراً دامياً بالنسبة إلى عاملات المنازل الأجنبيات» حيث سُجلت وفاة ثمان منهن. الناشطون والباحثون في جمعيات دولية يرفعون الصوت لتسليط الضوء على هذه المشكلة. ويؤكدون ضرورة فتح «تحقيقات جدية» قبل البت في بعض حالات وفاة عاملات، إذ إن بعض الحوادث التي تُسجل كعمليات انتحار لا يجري التحقيق فيها طويلاً. ويؤكد معالجون نفسيون أن الإقدام على الانتحار يحصل بعد أن يمرّ المرء في حالة فصام، يمكن قراءة ظواهرها بسهولة لدى من يعيشون أو يحيطون بمن يعانيها. وفي هذه الحالة، يجدر الاهتمام به حتى لا يتخذ قرار الانتحار.
The Lebanese Center for Human Rights (CLDH) is a local non-profit, non-partisan Lebanese human rights organization in Beirut that was established by the Franco-Lebanese Movement SOLIDA (Support for Lebanese Detained Arbitrarily) in 2006. SOLIDA has been active since 1996 in the struggle against arbitrary detention, enforced disappearance and the impunity of those perpetrating gross human violations.
Search This Blog
Labels
Special Tribunal for Lebanon
Detention cases
Judiciary and Prison System
Enforced Disappearance
Women's rights
Kidnappings
ESC Rights
Environment
Non Palestinian refugees and Migrants
Public Freedoms
Palestinian Rights
Military Court
NGOs
Children rights
Torture
Minorities Rights
CLDH in the press
health
Human Rights Defenders
Death Penalty
Lebanese detained in Syria
disabled rights
Political rights
Displaced
LGBT
Racism
Right to life
January 5, 2010
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
Archives
-
▼
2010
(4682)
-
▼
January
(360)
- Almustaqbal - Minister Of Environment
- Alakhbar - Detainee Houmsi
- Aliwaa - Woman Kota
- L' Orient Le Jour - Conseil des ministres : deux ...
- Daily Star - Foreign Domestic Workers
- Assafir - Cldh Ngos Raises Death Of Refugee In P...
- January 30, 2010 - L'orient le Jour - Liban Najja...
- January 30, 2010 - L'Orient le Jour - Liban L'affa...
- January 30, 2010 - L'Orient le Jour - Liban Le com...
- January 30, 2010 - The Daily Star - Lebanon Majdel...
- January 30, 2010 - An Nahar - Lebanon AHRAR ask ab...
- L' Orient Le Jour - Mitri s’insurge contre les jou...
- Daily Star - Ministers Hold Heated Debate On Pro...
- January 30, 2010 - Al Akhbar - Lebanon Majdel Anja...
- Daily Star - Arab Journalists Convene In Beirut ...
- Assafir - The Elections Supervisory Authority
- Almustaqbal - Challenges Journalists
- Almustaqbal - Arab Journalists Convene In Beirut...
- Daily Star - Unesco Releases 28 Audio Books For ...
- Assafir - Unesco Releases 28 Audio Books For Vis...
- Daily Star - Rahhal Discuss Environmental Protec...
- Almustaqbal - Rahal Discuss Environmental Coopera...
- Albalad - Protect Woman From Violence
- Almustaqbal - Committee On Women Draft Of The Pro...
- Daily Star - Majdalani Palestinians Will Abide By...
- January 29, 2010 - L'Orient le Jour - Lebanon The ...
- Daily Star - Cabinet To Discuss Electoral Reform...
- January 29, 2010 - L'Orient le Jour - Lebanon BN s...
- January 29, 2010 - The Daily Star - Lebanon Majdel...
- January 29, 2010 - Assafir - Lebanon the arrest of...
- Assafir - Clarification From The Association For ...
- Almustaqbal - 28 Story Audio For The Blind In Pub...
- L'orient Le Jour - L’Option libanaise insiste sur...
- L'orient Le Jour - La justice saoudienne laisse un...
- Alakhbar - Saudi Arabia Dropped Ali Sebat' Death ...
- Aliwaa - My Nationality
- Daily Star - Study Debunks Justification For Mai...
- Aliwaa - CLDH Enforced disappearance
- Daily Star - Harb Majdalani Discuss Palestinian L...
- Almustaqbal - Shahed Needs Of Pales Refugees
- January 28, 2010 - L'Orient le Jour - Lebanon Kidn...
- January 28, 2010 - The Daily Star - Lebanon case o...
- January 28, 2010 - Assafir - Lebanon Kidnapping Im...
- January 28, 2010 - Aliwaa - Lebanon CLDH Enforced ...
- Daily Star - Escwa Holds Assembly On Natural Disa...
- Daily Star - Environment Ministry Pushes For Green
- L'orient Le Jour - Peine de mort requise contre la...
- Daily Star - Egypt Prosecutors Call For Death Pena...
- Alakhbar - N Y Hrw Missed Opportunities To Promot...
- Almustaqbal - Baroud In The Launch Of A Study Of ...
- Assafir - Annual Report Human Rights Watch
- L'Orient Le Jour - Nationalité : plus de 80 000 p...
- L'Orient Le Jour - 2009, année des occasions perd...
- Aliwaa - Rights For Pales Refugees
- January 27, 2010 - Al Mustaqbal - Lebanon Committe...
- January 27, 2010 - Al Anwar - France Pr Sarkozy 2 ...
- Aliwaa - Training Courses To Enable Women
- L'orient Le Jour - Lancement à la NDU de la campa...
- Daily Star - Ecological Massacres
- Assafir - Women's Political Participation
- L'Orient Le Jour - Victimes d’abus, les employées...
- Assafir - Sit-in Demanding Improving Services
- Alhayat - Pales Refugees
- Almustaqbal - The Right To Vote
- Daily Star - Saudi Girl To Face 90 Lashes For Ass...
- Alakhbar - Illegal Migrant Died In Rachayia Prison
- Alakhbar - Torture Redaa Taymour
- Almustaqbal - Mahmoud Abou Rafeh
- Almustaqbal - Case Of Brothers Jarah
- Alakhbar - Case Of Ethiopian Jailed For 15 Months
- Alakhbar - Ilo Workshop About Woman Work
- Almustaqbal - Women Council
- Assafir - Ilo Workshop About Woman Work
- Alakhbar - Woman Committe
- Almustaqbal - Woman Committe
- Almustaqbal - Mahmoud Abou Rafeh, January 23, 2010
- Almustaqbal -Case of Brothers Jarah - January 23,2010
- Assafir - Unrwa Money Aid To Al Bared Camp Families
- Almustaqbal - Rebuild Of Al Bared Camp
- Almustaqbal - Phro
- Daily Star - Lade Warns Against Insufficient Elec...
- Aliwaa - Lade Warns Against Insufficient Electora...
- Albalad - Lade Warns Against Insufficient Elector...
- Alanwar - Lade Warns Against Insufficient Elector...
- Alakhbar - Case Of Ethiopian Jailed For 15 Months
- Annahar - Woman Kota
- Assafir - For Women Rights
- January 22, 2010 - An Nahar - Lebanon Case of Deta...
- January 22, 2010 - L'Orient le Jour - Lebanon The ...
- January 22, 2010 - PRESS RELEASE - Morocco: About ...
- Aliwaa - Rebuild Of Al Bared
- Aliwaa - Phro
- L'Orient le jour - La Sûreté générale dément avoir...
- Assafir - Sudanese Detainees .. And The End Of Th...
- Naharnet - General Security department denies bann...
- Albalad - Walid Ben Talal Vice Pr Visit Egypt
- Almustaqbal - International Labor Trained Journal...
- Assafir - Ruwad Fronteers
- 100121 Assafir - The Issue Of Yousra Amiri
- Naharnet - General Security Department Denies Bann...
-
▼
January
(360)
No comments:
Post a Comment