في اليوم العالمي للبيئة ... لبنان مقبل على كارثة مزدوجة هذا الصيف !
وسط الأزمات البيئية المتفاقمة دق المراقبون والخبراء البيئيون ناقوس الخطر معلنين حالة طوارئ تستوجب التحرك سريعا وإلا نحن قادمون على كارثة بيئية هذا الصيف. ان عدم تعاطي الدولة مع الملف البيئي على انه من اولوياتها في الاجندة السياسة جعلنا في واقع بيئي متدهور حتى اصبحنا اليوم نحتاج الى وعي سياسي لإنقاذ ما تبقى من بيئة لبنان. ببساطة بتنا نحتاج الى ايام بيئية عالمية على مدار السنة في لبنان نظراً لحجم المشاكل البيئية الكبيرة التي يغرق فيها لبنان يوما بعد يوم حتى وصلنا الى واقع ميؤوس منه مهدد بالانفجار في اية لحظة. فكيف يرى الخبراء واقع لبنان البيئي، وهل حقا نحن مقبلون على كارثة بيئية ؟
لم يعد جائزا الحديث عن المشاكل البيئية التي يعاني منها لبنان فهي لن تجدي نفعا طالما ان هناك غياباً فاضحاً للحلول الجذرية ولخطة جدية كفيلة في الحدّ من هذا التدهور البيئي الخطير. كما لم يعد جائزا المناشدة والاستغاثة بمسؤولين يقايضون على سدود سياسية عوض انشاء سدود انمائية، فمشكلة لبنان ليست بمواطنيه وانما بطبقته السياسية التي تتسابق على تسجيل اهداف سياسية في اجندة الخصم عوض البحث في حلول جدية لبيئة تحتضر على ايدي " التخلف".
تخلف سياسي
يستهل الكاتب البيئي حبيب معلوف في حديثه الى "صدى البلد" حديثه بالقول" نحن في تراجع مستمر، ليس هناك تقدم بأي ملف. نحن قادمون هذا الصيف على كارثة مزدوجة : زيادة الحرارة والجفاف، تلوث الهواء وشحّ المياه. وليس خافيا على احد ان هذه الكارثة ستسبب المزيد من الحرائق وزيادة الامراض الناجمة عن تلوث الهواء. من هنا المناشدة لإتباع خطة طوارئ لمعالجة هذه المخاطر البيئية قبل فوات الأوان، نحن نعيش في ظل " تخلف سياسي وفكري" حيث يحتل الامن البيئي آخر اهتمامات الدولة والمسؤولين في اجندتهم الطويلة".
اما عن سبل المعالجة وكيفية اتباع خطة وقائية طارئة فيؤكد حبيب انه " يجب وضع خطة جدية لمعالجة تلوث الهواء من خلال وقف كل السيارات التي تصدر دخانا ابيض او اسود والتشدد في المعاينة الميكانيكية لمنع مرور مثل هذه السيارات. اما بالنسبة الى شح المياه، فنحن بحاجة الى إنجاز مهمة مسح الآبار الجوفية في لبنان وإقفال غير المرخصة منها، ووضع عدادات على المرخصة، لضبط السحب من الخزين الجوفي الاستراتيجي.
أما لناحية المياه المعبأة فيفترض ايضا ان يشملها المسح والتشدد في ضبط أسعارها وسلامتها حاليا، تمهيدا لإعادة دراسة وضعها القانوني وإيجاد حل استراتيجي لقضية ما يسمى "الحقوق المكتسبة على المياه"، فتضع الدولة خطة استراتيجية ايضا لإعادة شراء تلك "الحقوق" وتطبيق الدستور الذي يعتبر المياه ملكية عامة. إذ ستنشط في الايام المقبلة تجارة " المياه " من خلال تعبئة المياه بسبب الشح الفاضح للمياه والسبب يعود الى التصحر وارتفاع درجات الحرارة، بالإضافة الى الهدر والسرقة في المياه الجوفية في لبنان".
سدود سياسية
في حين ترى رئيسة حزب " الخضر اللبناني" ندى زعرور "اننا كمراقبين للمناخ البيئي في حزب الخضر اللبناني يمكن ان اقول اننا في وضع مأسوي رغم مناشداتنا اليائسة منذ 5 سنوات بإطلاق خطة " حالة طوارئ بيئية". ببساطة ان الامور الحيوية ليست موجودة في اجندة السياسيين. ان المؤشر البيئي اللبناني سيئ بسبب غياب خطة استباقية كفيلة في معالجة المخاطر البيئية التي تعاني منها ( تغيير المناخ – تلوث الهواء- ترشيد استخدام المياه...) ما دفعنا الى القيام بمؤتمرات لتوعية المواطن وحثه على المطالبه بحقه في العيش في بيئة نظيفة وآمنة صحيا".
لذلك تتطالب زعرور بدولة " تأخذ الملف البيئي بجدية، لم تجهد اي كتلة نيابية نفسها يوما في البحث في المشاكل البيئية وحقوق المزارعين. نحن بحاجة الى خطة طوارئ تعيد النظر بواقع المياه والتلوث والسدود ووضع خطة استباقية قبل ان نشهد حروبا على المياه. والمؤسف اننا في لبنان نتسابق على تسجيل اهداف سياسية على حساب البيئة، إذ يقوم المسؤولون ببناء "سدود سياسية" وانتخابية عوض انشاء سدود انمائية وغير عشوائية. من هنا تدعو الحاجة الى العمل جديا على شبكة المياه المتهرئة لوقف الهدر وشح المياه، كما علينا رفع الوعي عند المسؤولين لأخذ البيئة على محمل الجد واداراجها في اولوياتهم. فالبيئة هي سياسة الحكومات وليس جائزا فصل السياسة والاقتصاد والامن عن البيئة".
اعتراف وزاري
من جهة اخرى اكد وزير البيئة محمد المشنوق في مؤتمر"يوم البيئة العالمي" في الجامعة اللبنانية بمشاركة رئيس الجامعة الدكتور عدنان السيد حسين ان "الخامس من حزيران هو في قاموس وجداننا السياسي ذكرى اليمة لكنه في وجداننا البيئي ذكرى مضيئة تنعش الامل، فهو اليوم العالمي للبيئة تقف فيه الشعوب امام وجدانها وقفة الاحساس بالمسؤولية والتأمل وجردة الحساب. واذا كان التلوث العابر للقارات يكاد يقودنا الى ازمة الوجود فان لكل بلد مشاكله وأولوياته وبرامجه الخاصة التي يسهر على تنفيذها ويستعرض ما انجز منها وما لم ينجز في كل عام".
اعترف الوزير بصراحة بواقع لبنان البيئي ملخصا اياه بهذه العبارات " ليس سرا ان بلد المياه يعاني مشكلة ادارة المياه وبلد جمال السهل والجبل يعاني مشكلة ادارة النفايات وبلد القمم يعاني مشكلة الكسارات، وبلد السياحة والاصطياف يعاني فوضى تلوث الكهرباء الذي لم ينضبط بعد. وبلد الخضر يعاني حرائق الغابات ويقف على عتبة التصحر.وان مهد الشرائع يعاني شح التشريع البيئي اللازم. ان املنا كبير وثقتنا كبيرة بمعالي وزير اكاديمي نشيط مخلص وحكيم، ومجتمع مدني مخلص ونشيط، وبمؤسسات علمية فيها مقومات النجاح. انه مثلث ذهبي لا بد لاطرافه الثلاثة من ان يتكاملوا لكي نحافظ على ما تبقى من بيئتنا ونستعيد ما اندثر".
بينما اعتبر رئيس الجامعة اللبنانية عدنان السيد حسين ان " موضوع البيئة لم يعد فقط مطروحا في القانون بل صار في السياسة والاقتصاد والثقافة والاجتماع فكان مؤتمر ريو عام 1992 حول البيئة والتنمية مقدمة عالمية واطلقت بموجبه الامم المتحدة عصر حماية البيئة (الطبيعية والاجتماعية والانسانية). واهم ما توصل اليه هذا المؤتمر هو الربط بين البيئة والتنمية فلا يمكن الحديث عن اي تنمية في بيئة يشوبها التلوث والتفكك والانهيار على المستويين الطبيعي والبشري". ولفت الى ان "الجامعة اللبنانية خطت خطوات في هذا المضمار على صعيد الدراسات البيئية وابرز مثال على ذلك وجود دراسات عدة في كلية الحقوق والعلوم السياسية والادارية وبوضعها على مستوى الدكتوراه او الماستر في ما يخص قانون البيئة والسياسات العالمية في البيئة".
حلم الليطاني
في المقابل شهد السراي طاولة مستديرة عن مكافحة تلوث الليطاني حيث اجمع الحاضرون على ضرورة معالجة مشكلة تلوث الليطاني وبحيرة القرعون من خلال اقرار مشروع وعدم السماح ان ينام في ادراج الوزارة. واكد وزير البيئة محمد المشنوق في مداخلة خلال احياء اليوم العالمي للبيئة في السراي الحكومي، أن "نهر الليطاني دخل في قاموس السياسة في الحروب وهو يشكل اليوم مشكلة كبيرة من ناحية التلوث، وموضوع الليطاني يخص كل وزارة في لبنان. أريد من هذه الجلسة أن تكون منبرا لنا جميعا ، فالقضية لا تخص وزارة البيئة بل تخص كل وزارة في لبنان، وهذا الموضوع لا يخص منطقة في البقاع أو الجنوب بل يخص كل لبنان وليس فقط لأن اهالي بيروت موعودون بالمياه من بسري ولا لأن البعض يرى في هذا النهر مناطق سياحية، فهو الشريان الحيوي الاكبر في لبنان شئنا أم لم نشأ مع احترامي للنهر الكبير ولنهر العاصي وهو من استراتيجيات المياه الاساسية في لبنان سياسيا واقتصاديا عربيا ودوليا".
من ناحيته أكد عضو كتلة "المستقبل" النائب جمال الجراح، ان "التلوث الذي اصاب نهر الليطاني جعله يشكل خطرا على صحة المواطنين، ولقد بادرنا الى التقدم باقتراح قانون الى مجلس النواب لرصد اموال لمعالجة التلوث الحاصل"، املا ان "يصدق مجلس النواب عليه بأسرع وقت، واننا مدعوون جميعا للوقوف صفا واحدا لايجاد مصادر التمويل سواء من الموازنة العامة او غيرها من اجل هذا المشروع". في حين رأى عضو كتلة التنمية والتحرير النائب ياسين جابر، أن "نهر الليطاني هو حلم قديم اليوم بدأء العمل به وهو سيشكل حياة جديدة لاهالي الجنوب بتأمين التمويل الاجنبي لانجاز هذا المشروع".
بدوره اعتبر عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب نواف الموسوي، أن "قضية نهر الليطاني اساسية تهم اللبنانيين جميعا"، لقد عملنا في المجلس النيابي على مدى سنوات على اقتراح قانون مقدم من لجنة المال والموازنة لمعالجة التلوث في الليطاني من المنبع الى المصب، الخطوة الاهم هي ادراج القانون على جدول اعمال الهيئة العامة واقراره، وعلى مجلس الانماء والاعمار ابرام العقود لتنظيف مجرى النهر".
No comments:
Post a Comment