الجمعة 30 نيسان 2010 العدد – 1105
عدل
سَحل مشتبه فيه والتنكيل بجثّته
العدالة في لبنان؟ (خالد الغربي)
في كترمايا سقط أمس العقد الاجتماعي، أطاح أهالٍ سلطة الدولة والقضاء، قرروا أن يثأروا لجريمة قتل طفلتين وجدّيهما. أعدموا مشتبهاً فيه قبل صدور الاتهام ونكّلوا بجثته... غضب وحشي فجّره تهوّر المسؤولين المعنيين
رضوان مرتضى
وقعت جريمة قتل وحشية في كترمايا، أول من أمس، ذهب ضحيتها طفلتان وجدّاهما، هم يوسف أبو مرعي وزوجته كوثر وحفيدتاهما آمنة (9 سنوات) وزينة (7 سنوات). أوقفت القوى الأمنية مشتبهاً فيه قبل مرور 24 ساعة على الجريمة، واقتيد مخفوراً إلى مكان وقوعها ودماء الضحايا لم تكن قد بردت بعد. انتزع أهالي البلدة الشاب المصري محمد مسلم من عناصر القوّة الأمنية، ونفّذوا فيه حكم الإعدام، وقتلوه بفظاعة، فغطّت وحشية الجريمة الثانية على قتل طفلتين وعجوزين بسبب سوء تقدير لدى المسؤولين.
إذاً، أخذ أبناء من البلدة الغاضبين دور القضاء وثأروا بهمجية من المشتبه في ارتكابه الجريمة، المواطن المصري محمد سليم مسلم. انتزعوه بالقوّة من عناصر الدورية التي كان يرأسها آمر فصيلة درك شحيم الملازم الأول هشام حامد. أشبعوه ضرباً وركلاً وطعناً بالآلات الحادّة. حاول عناصر القوى الأمنية تفريق الأهالي الغاضبين بإطلاق النار في الهواء لاسترجاع المشتبه فيه، لكنّ عددهم الضئيل (كانوا سبعة)، لم يُسعفهم بدايةً، إلا أنهم تمكنوا في النهاية من سحبه من بين أرجل الأهالي. كان مصاباً بطعنات عدّة والدماء تسيل من أنحاء متفرّقة من جسده. نقلوه إلى مستشفى سبلين الحكومي لتلقّي العلاج، لكنّ الأهالي طاردوه، اقتحموا المستشفى وأخرجوه من غرفة الطوارئ حيث كان يرقد في حالة شبه غياب عن الوعي، انقضّوا عليه و«أعدموه». روح مسلم التي فارقت الجسد لم تشف غليل القتلة، فنكّلوا بجثته أفظع تنكيل. سحلوا الجسد الميت على الأرض في شوارع البلدة، ومن ثمّ وضعوه على غطاء محرّك إحدى السيارات حيث التقطوا الصور مع الجثّة بدم بارد قبل أن يدوروا بها في الأزقة. نزعوا عنه ثيابه الخارجية، غرزوا قضيب حديد في أعلى حلقه وبه علّقوه على عمود كهرباء في ساحة البلدة تحت لافتة للطبيب ضاهر أبو مرعي. يشار إلى أن رفع الجثّة على عمود الكهرباء قد ترافق مع رفع الأصوات وهي تردد عبارة «الله أكبر»، زغردت النساء وهتف الرجال: «جاء الحق وزهق الباطل، وبكترمايا ما بضيع الحق».
الجثّة عُلّقت وسط الساحة على مسافة أمتار قليلة من المسجد. تجمهر الأهالي والقتلة حول الجثّة المتدلية التي شخصت عيناها باتجاه الأعلى، كأنهم يؤدّون رقصة الموت. وقف رجال الأمن يتفرجون، زغردت بعض النسوة وصاح البعض الآخر، فيما حمل من بقي من شهود وجناة هواتفهم الخلوية ليصوّروا «الذبيحة» التي غنموها على طبق من ذهب قدّمته لهم القوى الأمنية. عملية قتل همجية شارك فيها العشرات تحت مسمّى الثأر، وألصقوها بالدين. فقال بعض أبناء كترمايا: «بشّر القاتل بالقتل ولو بعد حين»، فيما رأى آخرون أن فعلتهم حق مشروع، مشيرين إلى أن «إعدام هذا القاتل عمل جيد ومبارك».
الوقائع المذكورة جرت على بعد لا يزيد على عشرات الأمتار عن منزل والدة المشتبه فيه محمد. من يدري، ربما كانت والدة محمد، المتزوّجة برياض عرابي ابن بلدة كترمايا، تشاهد ما يجري، لكن على الأرجح أنّها لم تعلم أن المقتول ابنها، لأنّ القبضات والعصي والسكاكين التي انهالت على وجه ابنها وجسده قد غيّرت معالمه.
استباق التحقيق
عند استرجاع المشاهد المتسارعة التي تتالت منذ انتشار خبر مقتل الجدّين وحفيدتيهما، يتبين أنّ الإجراءات التي اتُخذت بعد جريمة قتل المواطنين الأربعة، أسهمت في حصول الجريمة الثانية. فبعدما توافرت لدى القوى الأمنية معلومات أولية عن مشتبه فيه، دهمت دورية من قوى الأمن الداخلي منزل المواطن المصري محمد مسلم، جار العائلة الضحية، باعتبار أنه من ذوي السوابق، حيث أوقف منذ نحو ثلاثة أشهر بتهمة اغتصاب، واقتادته إلى مخفر شحيم حيث بدأت بالتحقيق معه. مرّت ساعات قليلة، فأعلنت مصادر القوى الأمنية أنها عثرت على سكين وملابس عليها آثار دماء داخل منزل المشتبه فيه، علماً بأن الأخير يعمل في مسلخ للأبقار في إحدى بلدات إقليم الخروب. وفي هذا الإطار، ورغم التحقيق الأوّلي الذي خضع له المشتبه فيه، فقد ترددت معلومات عن أن الموقوف لم يدل بكل تفاصيل الجريمة. وبما أن ملابسات الجريمة كانت لا تزال غير واضحة، إلا أن عناصر من قوى الأمن الداخلي اقتادوا المشتبه فيه إلى منزل الجد المغدور يوسف أبو مرعي في بلدة كترمايا لغايات لم تتضح بعد. فقد علمت «الأخبار» أن الأخير اقتيد إلى هناك للدلالة على شيء ما، فيما ذكرت معلومات أخرى أنه اقتيد إلى هناك لتمثيل الجريمة، رغم أن التحقيق لم يكن قد خُتم بعد.
وصل المشتبه فيه إلى البلدة برفقة سبعة عناصر أمن، وما إن عمّ الخبر حتى سارع عدد كبير من أبناء البلدة إلى التجمع. بدأوا يحثّون بعضهم على الثأر. توجهوا إلى حيث كان المشتبه فيه موجوداً برفقة القوى الأمنية التي لم تأخذ في الحسبان ردات فعل غاضبة لدى الأهالي. بعض هؤلاء طوّق المنزل واقتحمه، ومن ثمّ انهال بالضرب على المتهم، وراح الفاعلون يصرخون «اضربوه وارجموه حتى الموت»، لم تستطع القوى الأمنية السيطرة على الوضع لأنها أساءت تقديره. بدا أنّ المحتشدين كانوا مستعدين للموت شرط النيل من المشتبه فيه، فرفعوا أصواتهم: «روحنا مش أفضل من دم وروح الطفلتين آمنة وزينة»، اختلط صوت الغضب بأزيز رصاص كثيف أطلقه عناصر قوى الأمن في الهواء لفك الطوق عن المشتبه فيه، ونجحوا في تحريره حيث نقلوه مكبّل اليدين والدماء تسيل من وجهه إلى مستشفى سبلين الحكومي. لكنّ الأهالي طاردوه واشتبكوا مع رجال الأمن أمام المستشفى، وتمكنوا من الدخول إليه وأخرجوه ليقتلوه.
رغم بشاعة الجريمة، إلّا أن جفناً واحداً لم يرفّ لهؤلاء. فوسط هذه الهستيريا، راح الشبان يطلبون من مندوبي وسائل الإعلام الابتعاد وعدم التقاط صور قائلين: «حوّلوه إلى بطل لنكون نحن المجرمين والقتلة»، وأضاف أحدهم: «نفّذنا حكم الله بمجرم وهذا أضعف الإيمان».
في الإطار نفسه، أشار أحد شبان البلدة محمد أبو مرعي إلى «أن ردة فعل الأهالي تخلّلها غلوّ»، لكنه أضاف، «يجب ألا تنسوا هول الجريمة الذي استدعى هذا التنكيل». ولفت إلى أنه لا أحد يستطيع كبح المشاعر وغضب الأهالي الذين «هالهم ما قام به هذا المجرم من وحشية وبربرية»، وختم قوله «ما تلوموا الناس على ردة فعلها».
المشهد الرسمي
بعيداً عن المشهد الشعبي الهمجي الذي ينفي أي صفة إنسانية عن منفّذي هذه الجريمة البشعة الذين انقلبوا على كل الأعراف والتشريعات السماوية، يأتي المشهد الرسمي الذي لم يكن أقل سوداوية، وسط تقاذف المسؤوليات بين الضباط أنفسهم وبين قادة الوحدات في قوى الأمن الداخلي والقضاء. لكن الثابت أن أحد هؤلاء يتحمّل جزءاً كبيراً من سفك الدم الذي حصل أمس في بلدة كترمايا. بالعودة إلى بدايات ما حصل، فقد كان قائد الشرطة القضائية العميد أنور يحيى وقائد الدرك العميد أنطوان شكور يشرفان على سير التحقيقات في الجريمة التي وقعت أول من أمس في بلدة كترمايا، والتي ذهب ضحيتها أربعة أشخاص من عائلة واحدة. وصلا صباح أمس إلى مخفر فصيلة شحيم، حيث تابعا التحقيقات بحضور قائد سرية بيت الدين العقيد نعيم شماس وآمر فصيلة درك شحيم الملازم الأول هشام حامد وضباط، اتفق هؤلاء على تسليم الجثث الأربعة إلى ذويهم في مستشفى سبلين الحكومي ليُشيّعوا عصراً. فُضّ اجتماع الضبّاط ليُعلن بعدها أن فصيلة درك شحيم قد أوقفت أحد المشتبه فيهم، ترافق ذلك مع كشف «الوكالة الوطنية للإعلام»، نقلاً عن المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، أنه قد ضُبط سكين وقميص يحملان آثار دماء عُثِر عليهما داخل منزله. ولفتت المعلومات إلى أن مكتب المختبرات الجنائية التابع لقسم المباحث العلمية في وحدة الشرطة القضائية يقوم بتحليل الـDNA لمقارنة دماء الضحايا ببقع الدماء الموجودة على الأدلة المضبوطة تحت إشراف القضاء المختص.
ظهور نتائج تحليل العيّنات المضبوطة يحتاج إلى يومين في حدّه الأدنى، إلّا أن القوى الأمنية أرادت استباق النتائج بإرسال المشتبه فيه إلى مسرح الجريمة دون تقدير للعواقب التي جاءت قاتلة، وعلمت «الأخبار» أن نتائج تحليل عيّنات الدماء ستظهر مساء اليوم أو صباح السبت على أبعد تقدير. ولا يزال السبب الذي دفع الملازم أول هشام حامد إلى نقل الموقوف إلى مكان وقوع الجريمة مجهولاً، بانتظار انتهاء التحقيق الذي فتحته المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي.
في هذا الإطار، ترددت معلومات عن تمثيل استباقي للجريمة أراده أحد القادة الأمنيين قبل الحصول على إشارة القضاء، لإظهار نجاح القوى الأمنية في القبض على الجاني قبل مرور 24 ساعة على وقوع الجريمة. في المقابل، برزت معلومات أخرى نقلاً عن مسؤول أمني، عن أنّ كل ما جرى كان بالتنسيق مع القضاء، لافتاً إلى أنّ نقل الموقوف جاء وفقاً لإشارة الأخير للدلالة على شيء لم يُحدّده.
عند مدخل البلدة، عُلّقت منذ الصباح لافتة موقّعة من بلديتها جاء فيها « كترمايا تناشد الدولة إعطاءها الحق في الجريمة البشعة». لكنّ رئيس البلدية محمد نجيب حسن كان قد قال لـ«الأخبار» صباحاً إن القضاء وحده هو المكلّف بالتحقيق في الجريمة ومعاقبة الجاني، ولم تكن قد شاعت أخبار توقيف محمد سليم مسلم. بعد قتل الشاب المصري، قال حسن إن ما شهدته البلدة أمس سببه تعاطٍ غير سليم من قبل الجهات الرسمية، وانتقد عملية نقل المشتبه فيه إلى مسرح الجريمة، فيما كانت حالة من الغليان تسود الأهالي حزناً على ضحايا الجريمة التي وقعت أول من أمس.
حسن قال إن رد فعل الأهالي غير مقبول قانوناً، ولا أحد يحلّ محلّ الدولة، ولم تثبت إدانة مسلم.
من جهة أخرى، نفى وزير العدل إبراهيم نجّار في اتصال مع «الأخبار» أن يكون النائب العام الاستئنافي كلود كرم قد أعطى توجيهاته إلى القوى الأمنية بنقل الموقوف من مكان توقيفه تحت أي ذريعة كانت. كذلك علمت «الأخبار» أن المدّعي العام التمييزي الرئيس سعيد ميرزا قد عقد اجتماعات طلب فيها من القوى الأمنية جمع المعلومات عن كل شخص ظهر في الصور التي تناقلتها الوكالات الأجنبية لإصدار مذكرات توقيف بحق الفاعلين. لكنّ الرئيس ميرزا ذكر لـ«الأخبار» أنه لن تحصل أية توقيفات قبل دفن العائلة المقتولة! لكنّ موقف ميرزا جاء مخالفاً لموقف أهالي بلدة كترمايا الذين لم ينتظروا أن ينطق القضاء بحكمه في حق المتهم أو الجاني.
لم تظهر نتائج تحليل عينات الدماء بعد، ويُتوقع أن تُعلن مساء اليوم أو صباح الغد
وفي الإطار عينه، أصدرت وزارة الداخلية والبلديات بياناً بشأن تداعيات جريمة كترمايا، وقد ذكر البيان أن الوزير زياد بارود استدعى إلى مكتبه بعد ظهر أمس كلاً من المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي وقائد الشرطة القضائية العميد أنور يحيى وقائد الدرك العميد أنطوان شكور، حيث اطّلع منهم على تفاصيل ما جرى، وأن الوزير بارود طلب من المفتش العام لقوى الأمن الداخلي العميد سيمون حداد المباشرة في إجراء تحقيق فوري لبيان مكامن الخلل في تقدير الموقف والمسؤولين عن ذلك، تمهيداً لاتخاذ التدبير المناسب. وجاء في البيان أن وزير الداخلية أجرى اتصالاً بالنائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا للغاية ذاتها. وإذ تقدم الوزير بارود بالتعازي من ذوي الضحايا الأبرياء، مديناً بشدة الجريمة الشنيعة، أسِف لاستيفاء الحق بغير الطرق القضائية وقبل كشف كامل ملابسات الجريمة، وخصوصاً أن المشتبه فيه كان قد أوقف لدى القوى الأمنية في أقل من 24 ساعة من حصولها، وأن التحقيقات كانت جارية معه بإشراف القضاء، معتبراً أن من الخطير جداً أن نستسهل إحقاق العدالة بهذه الصورة.
وعلمت «الأخبار» أنّ القادة ريفي وشكور ويحيى قد رفعوا للوزير بارود، خلال اجتماعهم معه في مكتبه، تقريراً جاء فيه أن المتهم اعترف خلال التحقيقات التي أجراها معه النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضي كلود كرم بأنه ارتكب الجريمة بحق الطفلتين وجدّهما وجدتهما، ولفتوا إلى أن نقل المشتبه فيه، الذي حصل برفقة سبعة رجال من قوى الأمن الداخلي فقط إلى مكان الجريمة لتمثيلها دون أن تواكبه دورية كاملة، جاء بناءً على إشارة النائب العام الاستئنافي، الأمر الذي نفاه الوزير نجّار.
يُشار إلى أن اللواء ريفي دان جريمة قتل الضحايا الأربعة في بلدة كترمايا، ولفت إلى أنه اتخذ «إجراءات مسلكية بحق عدد من الضباط والعناصر بسبب ارتكابهم خطأً جسيماً في سوء تقدير الموقف الميداني، ولعدم توفير الحماية اللازمة والكافية للمشتبه فيه في هذه الجريمة».
جثة مسلم المعلّقة غطّت على مشهد آخر مؤلم، صورة رنا تحدث ابنتيها ووالديها عند أضرحتهم، تغرق في حزنها، تحضن صديقة طفلتها، وتبكي بعيدة عن الجموع المحتشدة لقتل مسلم.
(شارك في الإعداد خالد الغربي)
________________________________________
ميرزا لملاحقة معنّفي قوى الأمن
نشرت الوكالة الوطنية خبراً، أمس، جاء فيه أن النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا (الصورة) باشر تحقيقاته للوقوف على ملابسات الأحداث التي جرت في كترمايا، «لتحديد هوية المسؤولين عن هذه الأحداث الذين تعرّضوا لعناصر قوى الأمن الداخلي وعاملوهم بالعنف وحطّموا زجاج آلية» وسحبوا مسلم، «وهو متهم بارتكاب جريمة قتل يوسف أبو مرعي وزوجته وحفيدتيهما» وطالب بملاحقتهم. ومما جاء في الخبر أن «بعض الأشخاص تمكنوا من سحب المتهم من المستشفى ثم قتلوه»، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الخبر كما أوردته الوكالة يغفل حقيقة أن مسلم مشتبهاً فيه وليس متهماً، إذ لم يصدر في حقه قرار اتهامي. ونشرت الوكالة أنه عُقدت بعد ظهر أمس اجتماعات في مكتب القاضي ميرزا حضرها النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضي كلود كرم وقائد الدرك العميد أنطوان شكور وقائد الشرطة القضائية العميد أنور يحيى و«منسّق شعبة المعلومات» في قوى الأمن الداخلي العقيد وسام الحسن. يُذكر أيضاً أن الحسن هو رئيس فرع المعلومات، إذ ليس في قوى الأمن «شعبة» للمعلومات.
________________________________________
السفارة المصرية: اتركوها للقضاء!
لم يصدر بيان رسمي عن السفارة المصرية تعليقاً على قتل محمد سليم مسلم، لكن مصدراً في السفارة قال لـ«الأخبار» إن الجريمة التي ارتكبت في حق يوسف أبو مرعي وزوجته وحفيدتيهما هي جريمة مروّعة «إنها فعل شخص لا يتمتع بمشاعر إنسانية، هذه جريمة مدانة ومروّعة»، ولكنه قال إن «الجريمة لا تُبرّر جريمة أخرى، في لبنان قانون يدين المجرم على فعلته بأقسى العقوبات، لذا كنا نفضل أن يمثل المجرم أمام القضاء اللبناني ليحاكمه على جريمته المروّعة، أما ما حدث أمس فقد زاد المشكلة»، وذلك بوجود متهمين بقتل المتهم بارتكاب الجريمة الأولى.
________________________________________
يلّا يا شباب... الثأر، الثأر
ما إن عمّ خبر وصول المتهم إلى مسرح الجريمة، حتى سارع عدد كبير من أبناء كترمايا إلى المكان، وبدأوا يتنادون: «جابوا القاتل، يلا يا شباب، الثأر الثأر»، وردد آخرون: «إذا متنا، روحنا مش أفضل من دم وروح الطفلتين آمنة وزينة».
ثم رُفعت جثة محمد سليم مسلّم على العمود وسط صيحات التكبير التي علت مع زغردات النسوة. أما الرجال فكانوا يهتفون: «جاء الحق وزهق الباطل، وبكترمايا ما بضيع الحق» مع آيات قرآنية «من قتل نفساً... فكأنما قتل الناس جميعاً». محمد أبو مرعي، من أبناء البلدة، أشار إلى «أن ردة فعل الأهالي واقتصاصهم من القاتل وتنفيذ القتل بحقه، ربما تخللها غلوّ، لكن يجب ألّا تنسوا أن هول الجريمة استدعى القيام بهذا التنكيل، فمن يستطيع كبح المشاعر وغضب الأهالي الذين هالهم ما قام به هذا المجرم من وحشية وبربرية؟ ولا تلوموا الناس على ردة فعلهم».
شريعة الغاب بحضور الدولة
عمر نشّابة
قالوا: «اعترف الرجل بارتكابه جريمة القتل المروّعة... إنه القاتل! ردّة فعل الناس طبيعية» وصمتوا قليلاً ثمّ أضافوا «لكنها غير قانونية... طبعاً طبعاً غير قانونية». بعض الضبّاط أكّدوا ذلك خلال الدقائق الاولى التي تلت بثّ وسائل الإعلام المرئية أمس شريطاً مصوّراً عرضت فيه مشاهد من بلدة كترمايا لا تقوى الكلمات على وصف بشاعتها. ومنذ ما بعد الظهر صارت تلك الكلمات جزءاً من اسطوانة المسؤولين في الدولة تعليقاً على الحادث.
وبذلك جدّد هؤلاء الضباط وغيرهم من المسؤولين الرسميين انتحال صفة المدعي العام وقاضي التحقيق ورئيس محكمة الجنايات عبر إصدار ما اعتُبر حكماً مبرماً بحقّ محمد سليم مسلم. وتبعت ذلك أمس أعمال وحشية لا مثيل لها إلا في دول تحكمها شريعة الغاب، إذ بادر حشد من الناس، بوجود رجال بزيّ قوى الامن والجيش والشرطة البلدية، الى سحل الشاب المشتبه فيه والتنكيل بجثته قبل تعليقها على عمود كهرباء في وسط بلدة كترمايا.
المديرية العامة لقوى الأمن كانت قد وزّعت بياناً قبل وقوع ذلك بساعات قليلة (الساعة التاسعة والنصف صباحاً) جاء فيه أن المدير العام لقوى الأمن الداخلي أبلغ وزير الداخلية بأن «فصيلة درك شحيم قد أوقفت أحد المشتبه فيهم، وتمكنت من ضبط سكين وقميص عليها آثار دماء عُثر عليهما داخل منزله، ويقوم مكتب المختبرات الجنائية التابع لقسم المباحث العلمية في وحدة الشرطة القضائية بتحليل الـ دي أن إيه (DNA) لمقارنة دماء الضحايا ببقع الدماء الموجودة على الأدلة المضبوطة، وذلك تحت إشراف القضاء المختص».
لا يخفى استعجال قوى الأمن التباهي بـ«إنجازها» على أحد، لكن لماذا أغفل كاتب البيان قرينة البراءة، علماً بأن الرجل يعمل في مسلخ للأبقار وقد يكون السكين من أدوات المهنة؟ لماذا استعجال عرض العضلات؟
ولماذا لم تحذّر «شعبة المعلومات» (غير القانونية) التي يتباهى بقدراتها اللواء والعقيد من احتمال وقوع الحادثة التي أذلّت الدولة والقضاء ولبنان واللبنانيين جميعاً؟ أين مديرية الاستخبارات في الجيش؟ أين الاستقصاء وقبضايات الدولة؟
جال أمس احد الزملاء في بلدة كترمايا سائلاً الناس عن دوافع الجريمة، فأجابوا: «لا نعرف لكن قوى الأمن تعرف».
وصدر بيان مساء أمس أعلن فيه المدير العام لقوى الأمن اتخاذ إجراءات مسلكية بحق عدد من الضباط والعناصر «لخطأهم الجسيم في سوء تقدير الموقف الميداني، ولعدم توفير الحماية اللازمة والكافية للمشتبه به في هذه الجريمة». لكن لم يفتح تحقيق مسلكي أو قضائي بشأن إفشاء معلومات تتعلّق بما أدلى به المشتبه فيه للمحققين. ألا يرى المدير العام ذلك، بالحدّ الأدنى، تجاوزاً لسرّية التحقيق يعاقب عليه القانون؟
أما بخصوص احتمال توظيف ما سرّب الى الناس لتحريضهم على القيام بما قاموا به، أفلا يفترض فتح تحقيق قضائي معمّق؟
«اعترف الرجل بارتكابه جريمة القتل المروّعة... إنه القاتل!» لكن لن يسمح وضع جثّته المشوّهة للطبيب الشرعي بإثبات ما إن كان قد تعرّض للتعذيب أثناء التحقيق معه. ألا تدفع قسوة التعذيب أي أحد إلى الاعتراف بأي فعل؟
قتل حشد من الناس محمد سليم مسلم، وقتلوا معه العدالة وهم يفاخرون بتحقيقها. لم توقف النيابة العامة أحداً حتى ساعة متأخرة من ليل أمس، ولم يصدر عنها أو عن وزارة العدل ما يوازي حجم الجريمة وبشاعة الصورة المذلّة للبنان وللدولة ومؤسساتها.
The Lebanese Center for Human Rights (CLDH) is a local non-profit, non-partisan Lebanese human rights organization in Beirut that was established by the Franco-Lebanese Movement SOLIDA (Support for Lebanese Detained Arbitrarily) in 2006. SOLIDA has been active since 1996 in the struggle against arbitrary detention, enforced disappearance and the impunity of those perpetrating gross human violations.
Search This Blog
Labels
Special Tribunal for Lebanon
Detention cases
Judiciary and Prison System
Enforced Disappearance
Women's rights
Kidnappings
ESC Rights
Environment
Non Palestinian refugees and Migrants
Public Freedoms
Palestinian Rights
Military Court
NGOs
Children rights
Torture
Minorities Rights
CLDH in the press
health
Human Rights Defenders
Death Penalty
Lebanese detained in Syria
disabled rights
Political rights
Displaced
LGBT
Racism
Right to life
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
Archives
-
▼
2010
(4682)
-
▼
April
(446)
- Elsharq - Women Council Baroud
- Almustaqbal - Assist In The Relative Access Of Wo...
- Alanwar - Women Council
- L'Orient le jour - Le temps de la barbarie - April...
- L'Orient le jour -Members of Hezbollah sentenced i...
- Daily Star - Angry Ketermaya mob lynch murder sus...
- Assafir - Letter from Georges Abdallah - April 30,...
- Almustaqbal - Baroud described the incident as dan...
- Aliwaa - Solidarity with detainee George Abdallah ...
- April 30,2010 - alanwar Lebanon solidarity with de...
- Alakhbar - Solidarity with detainee George Abdall...
- April 30,2010 - alakhbar Lebanon Angry Ketermaya m...
- April 30,2010 - naharnet Egypt Amnesty Internatio...
- April 30, 2010 - ILoubnan - Nasrallah calls for ar...
- April 30, 2010 - Now Lebanon - Nasrallah calls for...
- Almustaqbal - Conference On Solidarity For Child ...
- Naharnet - Egypt Hizbullah Cell Members Receive Va...
- L'Orient le jour - Prison Terms for members of the...
- L'Orient le jour - Hezbollah members convicted in ...
- Daily Star - Questions arise over arrests of Leban...
- Daily Star - Egyptian court sentences members of H...
- Almustaqbal - Reduce the penalties for the nine pr...
- Almustaqbal - Acquittal of a Jordanian and a Pales...
- Almustaqbal - Egypt Harsh sentences in the case of...
- Aliwaa - Egypt Sentenced to life imprisonment - Ap...
- Alhayat - Egypt Hizbullah Cell Members Receive Var...
- April 29,2010 - alanwar Lebanon Questions arise o...
- Now Lebanon - Suspect in Ketermaya murder arrested...
- April 29, 2010 - Naharnet - Lebanon Remains of Syr...
- April 29, 2010 - El Sharq - Palestine case of pri...
- April 29, 2010 - The Daily Star - Lebanon Remains ...
- April 29, 2010 - Al Balad - Lebanon Remains of Syr...
- April 29, 2010 - Al Akhbar - France case of Gilad ...
- April 29, 2010 - Naharnet - Lebanon Remains of Syr...
- L'Orient Le Jour - Le pari d’une association : vi...
- ILoubnan - ISF arrest 69 suspects - April 29, 2010
- L'Orient Le Jour - Femme acharnée et pétrie d’hum...
- Aliwaa - Nationality Campaign
- Albalad RUWAD case of deportation Refugees, April ...
- Albalad - Baroud inspects Zahle prison after reco...
- April 28,2010 - alanwar Lebanon Baroud inspects ...
- April 28,2010 - alakhbar Lebanon Baroud inspects...
- April 28,2010 - L'Orient le jour Lebanon Frontiers...
- Daily Star - Iraqi premier to work on releasing Le...
- April 28,2010 - Daily Star Lebanon Jdeideh polic...
- April 28,2010 - Daily Star Lebanon Baroud inspect...
- April 28,2010 - Assafir Iraqi refugees detained ar...
- April 28,2010 - assafir Lebanon Baroud inspecting ...
- April 28,2010 - assafir Lebanon Baroud inspecting ...
- April 28,2010 - assafir Lebanon 17 provision for t...
- April 28,2010 - Annahar RUWAD Refugees deportation
- Annahar - Baroud inspects Zahle prison after reco...
- April 28,2010 - Almustaqbal Frontiers Ruwad
- April 28,2010 - almustaqbal Lebanon Baroud Zahle P...
- April 28,2010 - aliwaa RUWAD case of deportation ...
- April 28,2010 - aliwaa Lebanon Baroud inspects Za...
- April 28,2010 - aliwaa Egypt Judgement Day in the ...
- April 28, 2010 - L'Orient le Jour - Israel shallit...
- April 28, 2010 - The Daily Star - Gaza Hamas downp...
- April 28, 2010 - Al Hayat - Somalia case of Britis...
- April 28, 2010 - Al Hayat - Palestine Israel case ...
- L'Orient Le Jour - Alpedys, pour aider les enfants...
- Assafir - For The Participation Of Persons With D...
- Assafir - Conference Takaful For Children
- April 28, 2010 - Iloubnan - ISF arrest 56 suspects
- April 28, 2010 - L'Orient le jour - Un an après sa...
- April 27, 2010 - L'Orient le Jour - Lebanon The pa...
- Aliwaa - Women Rights
- April 27, 2010 - Daily Star - Sleiman vows authori...
- L'Orient le jour - CLDH denounces torture in the p...
- April 27,2010 - Daily Star Sakr urges death penal...
- April 27,2010 - assafir Lebanon Issue of the 57 Le...
- April 27,2010 - Assafir - Families of detainees in...
- April 27,2010 - Annahar - Sami Gemayel about detai...
- April 27,2010 - almustaqbal Lebanon Solid relati...
- April 27,2010 - albalad Lebanon SOLIDE families ...
- Alakhbar - CLDH deportation of Iraqi Refugee - Apr...
- April 27,2010 - L'orient Lebanon The parents of Le...
- April 27, 2010 - L'Orient le jour - Siddiq défie l...
- April 27, 2010 - Naharnet - Siddiq Claims He's in ...
- April 27, 2010 - Albalad - Lebanon SOLIDE & famili...
- Alanwar - Children Rights
- April 26, 2010 - Naharnet - Suleiman: Tribunal Con...
- April 26,2010 - assafir Young people in a lecture...
- Assafir - Residents of 55 Lebanese detainees drive...
- April 26,2010 - aliwaa Lebanon Prison reform.doc
- April 26,2010 - Aliwaa - Launching the national ca...
- Alhayat - Egypt case of Hizbullah detainees
- April 26, 2010 - Now Lebanon - STL spokesperson sa...
- April 26, 2010 - Now Lebanon - Parents of missing ...
- April 2, 2010 - L'Orient le Jour - Israel Affaire ...
- April 26, 2010 - The Daily Star - GAZA Hamas broad...
- April 26, 2010 - Annahar - Lebanon Gemayel about d...
- April 26, 2010 - Annahar - Palestine Hamas case of...
- April 26, 2010 - Daily Star - STL releases first a...
- ILoubnan - ISF arrest 78 suspects
- Daily Star - Where Are The Women In Local Elections
- Daily Star - Foreign Husbands Residency Falls Short
- Assafir - Nationality Campaign A
- Assafir - Nationality Campaign
-
▼
April
(446)
No comments:
Post a Comment