هي والسياسة... "مش ماشي الحال"
محظوظة أليس شبطيني. تلك القاضية التي كانت مغمورة نسبيًا، غدت باتصالٍ ذكوري سيّدة الطاولة الحكومية الوحيدة. ربّما عمدًا أسنِدت اليها حقيبة المهجّرين، وحبّذا لو كان اسمها حقيبة "المُهجَّرات" عن السياسة ومناصبها.
لم تكن شبطيني في تلك الليلة تعلم أنها ستغدو وزير الغفلة. هكذا حصل. أتى بها الرئيس السابق ميشال سليمان رفعَ عتب. ظنّ والذكور الـ23 أن "بتوزيرها" ستصمت نساء البلد وسيكتفين بكوتا 4.1% نظرًا الى كونها رقميًا أهمّ بكثير من التمثيل النسوي البرلماني والذي لا يتجاوز نسبيًا الـ3.1% (قياسًا الى وجود 127 نائبًا في ظلّ غياب ميشال الحلو وفرضية حلول سيّدة مكانه). لم تفلح كلّ تلك المحاولات الرقميّة الواهية، فكانت خطوات بديلة.
قررت أن تفعلها
نادين موسى. اسمٌ لم يلمع كثيرًا في سماء الجمهورية الثالثة. فهي مرشّحة للرئاسة الأولى. جلّ ما يعرفه عنها الناس أنها مارونية منذ أكثر من عشر سنوات. قد تكون نادين نموذجًا حيًّا عن "نساءٍ يائسات" على الطريقة الأميركية، أو حائرات على الطريقة التركية. دفعها "التحجيم" والاستخفاف بقدرة بنات جندرها الى "فشّ خلقها" في خطوةٍ طبيعية في وطن غير طبيعي، جنونية فيه. ترشّحت للرئاسة. علمت جيدًا هي وداعماتها أن وصولها أكثر استحالة من المستحيلات السبعة، ومع ذلك قررت أن تفعلها. ربّما كانت "مهزلة" على ألسنة الكثيرين حتى من نساء هذا الوطن، وربّما حفرت في البال اسمًا لا يتردّد في قاعة مجلس النواب مع كلّ جلسةٍ فاشلة بلا نصاب، ولا على أوراق وزارة الداخلية، بل في بعض الظهورات الإعلامية والتحركات الميدانية المحدودة.
هزء... ومهادنة
المرأة والسياسة في لبنان "مش ماشي الحال". هذا هو الواقع الذي لا يمكن الهروب منه رغم رفض الكثيرين الاعتراف به. وكأنها لم تُكتَب لها هنا. وكأن هذا الوطن الصغير لا يحتضن نماذج منقّحة عن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أو الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف. لا ينصف الشأن العام في لبنان المرأة. المجتمع لا ينصفها في شؤون عدّة فكم بالحريّ في مناصب متقدّمة في الدولة. كم بالحري إذا كانت تصبو، لا تستعطي، الى الدخول الى برلمان ذكوريٍّ لا لترمق فستانها عيون زملائها، ولا لتحادثها زميلتها بماكياجها الناجح لهذا اليوم أو لتطلب منها رقم مصفّف شعرها، بل لتكون شأنها شأن زملائها مشرِّعة لا مشرَّعة على كلّ احتمالات الهزء من باب الحضور أو عدمه، ومن باب المهادنة أو عدمها.
درجة ثانية وثالثة
رغم وجود نماذج نسائيّة "سوبر ناجحة" في الميادين الحقوقية والمجتمعية والمدنية والقضائيّة والاقتصادية والإدارية، إلا أن تجارب الحُكم لا تنصف المرأة اللبنانية من زاوية القياس الى إنجازاتها أو ديناميتها وفاعليتها. ولعلّ تلك الصورة النمطية التي تظلم الكثيرات، إنما ساهمت أخرياتٌ ممن أتاح لهن الرجل، لا الحظّ، الوصول الى سدّات الحكم درجة ثانية وثالثة. فليست نايلة تويني أو جيلبرت زوين مثلاً صورةً عن النائبة المثالية، ولا أليس شبطيني صورة عن الوزيرة الفذّة التي تضع أنوثتها جانبًا عندما تحضر المراسيم والقرارات أمامها. وبعيدًا من تلك الصور التي تساهم النساء أنفسهن في رسمها عن المرأة وعلاقتها بالحكم بشكل عام، لا يمكن القفز بسهولةٍ فوق عامل المحاصصة الطائفيّة التي تجعل المرأة والرجل على السواء رهينتي قرار زعيم الحزب أو التيار أو الطائفة. فإن أرادها الزعيم وصلت ولو أراد ذاك الزعيم وأمثاله لوصلت 64 نائبة بدلاً من أربع، ولكن سفن الشأن العام في لبنان لا تجري كما تشتهيها أمهات لبنان وشاباته. وكيف تطلب تلك التي بُحَّ صوتُها في الشارع بحثًا عن جنسيّة لابنها أن تكون رئيسة أو وزيرة أو نائبة أو حتى مديرة عامة؟
إذاً، كخطين متوازيَين، هي والسياسة لا تلتقيان. هكذا أرادها هو بمساعدةٍ غير مقصودة منها. في النتيجة، المرأة في لبنان وفي يومها العالمي بالكاد تشتمّ كراسي الشأن العام من دون أن تتذوقها...
كادر
أكد النائب روبير غانم، رئيس لجنة الإدارة والعدل أن "لبنان يحلّ عالميًا في فئة البلدان الثمانية الأكثر سوءًا في مجال المساواة بين الرجل والمرأة٬ كما يحتل المركز الثاني كأسوأ بلد في مشاركة النساء في الحياة السياسية والسلطات الدستورية٠ ورغم الفكرة السائدة لديمقراطية لبنان المتطورة نسبياً مقارنة بالدول العربية الأخرى ٬الا أن النساء اللبنانيات لا يشاركن الرجل في قرار وادارة الحياة السياسية اللبنانية الا بنسبة خجولة ومتدنية جداً، سواء كان في المجلس النيابي أم الحكومة صفر في الحكومة السابقة٬ وامرأة واحدة في حكومة اليوم".
علمًا أن نسبة النساء في البرلمانات حول العالم هي 22% في حين تبلغ هذه النسبة 16% في المنطقة العربية. أما في المراكز القيادية فهناك 10 نساء رئيسات دول و14 رئيسة حكومة حول العالم، وهذه الأرقام هي صفر في الحالتين في العالم العربي".
No comments:
Post a Comment