نازحو الضنية بلا غطاء: إحراج للإخراج؟
عمر ابراهيم
أربع سنوات كانت كفيلة بأن يشعر النازحون السوريون أنّهم باتوا ضيفاً ثقيلاً على قضاء الضنية، وذلك بعدما اشتد الحصار عليهم مؤخراً من خلال بعض الاصوات المنتقدة لوجودهم والإجراءات التي تقيد حركتهم ليلاً، والتي تهدف إلى إحراجهم تمهيداً لإخراجهم، تحت حجج اجتماعية وأمنية، كان الحديث عنها حتى الأمس القريب من المحرمات في تلك البيئة التي فتحت ذراعيها لآلاف النازحين، وفي ظل رعاية سياسية انتهى مفعولها.
ويمكن القول إن الضنية وتحديداً عاصمتها سير، كانت من بين المناطق التي شرعت أبوابها للنازحين انطلاقاً من الموقف السياسي والروابط الدينية، اللذين منحهما الكثير من التسهيلات ومنها ما أثار حينها خلافات بين البلدية و»تيار المستقبل»، في ما يتعلق بإنشاء مخيم للنازحين على أرض تعود ملكيتها للرئيس الشهيد رفيق الحريري، قبل أن يعود «المستقبل» عن قراره، من دون أن يمنع ذلك النازحين من إنشاء بعض المخيمات العشوائية، فضلاً عن استئجار المنازل في غالبية قرى القضاء، وإقامة بعض المشاريع التجارية وتحديداً في سير.
لكن شهر العسل الذي عاشه النازحون في الضنية يبدو أنه في طريقه الى الانتهاء، وأن النعمة التي عاشوها في تلك الفترة تحت الغطاء السياسي باتت تتحول نقمة على الآلاف منهم، ممن باتوا يشعرون بأنهم محاصرون بضغط الشارع المستاء من منافسته في سوق العمل، وبالقرار الذي اتخذته بلدية سير قبل يومين والقاضي بمنعهم من التجول بعد الساعة السادسة مساء، ما طرح العديد من التساؤلات حول أسباب القرار، وعما إذا كانت الدوافع أمنية أم أنها محاولة لامتصاص نقمة الشارع الذي كان تحرّك قبل أسبوع رفضاً للعمالة السورية، علماً بأن قسماً كبيراً من النازحين في سير من الميسورين مالياً، وهم يستأجرون منازل ومتاجر، ويمارسون حياة طبيعية، وهذا القرار قد يُضرّ بهم وبمصالحهم وقد يدفعهم الى ترك البلدة، والبحث عن أماكن أخرى.
وأياً تكن الأسباب فإن قرار البلدية يعتبر سابقة بين بلدات الضنية، التي يُخشى ان تكون مقدمة لقرارات أخرى قد تتخذها بلدات المنطقة.
وأوضحت المعلومات أن الأجهزة الامنية تضع بعض القرى في الضنية تحت المجهر الأمني، خصوصاً بعد إلقاء القبض على خلية عاصون برئاسة أحمد الميقاتي، وبعد أحداث بلدة بحنين وما تردد من معلومات حول احتمال ان يكون الشيخ خالد حبلص قد لجأ الى الضنية ومعه بعض المقاتلين، ومنهم سوريون، والخوف من استغلال ظروف النازحين والعمل على تجنيد بعضهم.
وأكدت المعلومات أن التنسيق بين الأجهزة الأمنية وفاعليات الضنية قائم، وأنه لا توجد أي معلومات دقيقة حول نشاطات ارهابية، ولكن ما يحصل يندرج في اطار «درهم وقاية خير من قنطار علاج».
وكان بعض الشبان من بلدة بقرصونا نظموا قبل اسبوع اعتصاماً في بلدة سير احتجاجاً على منافسة العمال السوريين لهم، وأطلقوا شعارات تطالب بطردهم من العمل، واستتبعوه قبل أيام بحرق الإطارات في البلدة، علماً بأن رئيس بلدية سير احمد علم كان اجتمع مع المحتجين ووعدهم بمتابعة الموضوع مع الجهات المعنية واتخاذ القرار المناسب، فضلاً عن تقديمه عرضاً للمحتجين بالعمل على إيجاد فرص عمل للبعض منهم في مؤسساته بهدف مساعدتهم.
لكن الشبان الذين تحرّكوا لم ينتظروا ما ستتخذه البلدية من إجراءات، وعادوا بعد ايام عدة ليتظاهروا، وهو ما دفع بلدية سير الى رفع لافتات تطالب السوريين بعدم التجول ليلاً، قبل التنسيق مع البلدية.
وأوضح رئيس البلدية علم أن البلدية اتخذت هذا القرار حفاظاً على مصالح السوريين المقيمين في البلدة وحرصاً على سلامتهم، ولا توجد أي اسباب أخرى لهذا القرار، وسوف تكون هناك تسهيلات للنازحين المضطرين للتجول ليلاً.
وأضاف علم: «لقد تحرك بعض الشبان من خارج سير ضد العمالة السورية، وقد اجتمعنا بهم في مبنى البلدية ووعدناهم بمتابعة مطالبهم مع المعنيين، لأن مشكلة النازحين والعمالة السورية تعني كل لبنان وليس بلدة سير فقط أو الضنية، وبالرغم من ذلك قمت بمبادرة لجهة تأمين فرص عمل لبعض الشبان، ولكن للأسف هؤلاء لم ينتظروا الموعد الذي حدّدناه لهم وعادوا وتحركوا مجدداً، ومن أجل ذلك قمنا بوضع هذه اللافتات».
وتابع: «النازحون في سير يقيمون في شقق مستأجرة وعندهم مصالح ولا ينافسون أحداً، ونحن كبلدية لا نستطيع تحمل تداعيات تلك التحركات، لأن موسم الاصطياف على الأبواب، وهناك مشاريع لنا في البلدة لاستقبال الموسم ونخشى من تفاقم التحركات وبالتالي تضرر الموسم».
No comments:
Post a Comment