The Lebanese Center for Human Rights (CLDH) is a local non-profit, non-partisan Lebanese human rights organization in Beirut that was established by the Franco-Lebanese Movement SOLIDA (Support for Lebanese Detained Arbitrarily) in 2006. SOLIDA has been active since 1996 in the struggle against arbitrary detention, enforced disappearance and the impunity of those perpetrating gross human violations.

Search This Blog

September 17, 2014

Al-Akhbar - The municipal actions against refugees, September 17, 2014



التحركات البلدية ضد اللاجئين: الساكت «عنصري» أخرس!




تحت شعار «حفظ الأمن ومصلحة المواطنين»، تنتهج بعض البلديات سياسات الأمن الذاتي تداركاً لـ»خطر» احتضان لاجئين سوريين. بعد تدابير منع التجوال بحقهم، جرى الحديث عن بيانات صدرت عن عدة بلديات في مناطق مختلفة، طالبت فيها «السوريين» بإخلاء بيوتهم وخيمهم. وعلى الرغم من أن هذه البلديات «تبرّأت» من تلك البيانات العنصرية، متهمة بعض «اللجان الشعبية» بإعدادها وتوزيعها، إلا أنها ليست «بريئة» من سلوكيات الشحن العنصري المستشري ضمن نطاقها البلدي

هديل فرفور 

بعد انتشار خبر استشهاد الجندي اللبناني عباس مدلج، سارع الكثير من «الغيارى» على كرامة الجيش اللبناني، إلى صبّ غضبهم على اللاجئين السوريين. أرادوا «تأديب» داعش عبرهم. منهم من قطع الطريق بأجساد بعض اللاجئين، ومنهم من نصب حاجزاً (لا يقل وضاعة عن حاجز الحرب الأهلية) لـ«اصطياد» كل من هو سوري.

الى جانب هذا العنف الهمجي، كانت هناك بيانات ومناشير توزع في العديد من المناطق اللبنانية، شمالاً وجنوباً، تطالب بـ«الإخلاء الفوري للسوريين « وبإعطائهم مهلاً قبل اتخاذ إجراءات بحقهم، و«قد أعذر من أنذر». خُتمت معظم البيانات بأسماء شباب الأحياء «الحمشين» (شباب حي الرضوان/شباب برج حمود/لجنة زقاق البلاط...). لكن اللافت وسط هذه «المبادرات» العدائية، هو ما صدر عن بلدية برج الشمالي في صور، إذ أصدرت بياناً طالبت فيه اللاجئين السوريين بإخلاء خيمهم (منطقة الشواكير) وإمهالهم مدة 48 ساعة قبل اتخاذ تدابير بحقهم. هذه «التدابير» تمثلت، وفق ما قال بعض اللاجئين، بالتهديد بجرف الخيم، فيما أشار رئيس البلدية علي ديب، إلى أن «هذه الأخبار عارية من الصحة وغير دقيقة»، لافتاً إلى إجراء اتفاق بين البلدية وقاطني الخيم على «أنه يجب على كل سوري يعمل في مصلحة، أن يجد المأوى في مكان عمله حفاظاً على السوريين كي لا يتم التعرّض لهم».
«هؤلاء عمال موجودون قبل الأزمة، طلبنا منهم إيجاد بديل للواقع المأسوي الذي يعيشونه ضمن إجراءات تنظيمية حفاظاً على سلامتهم»، هذا ما قاله ديب لـ»الأخبار»، موضحاً أن الـ48 ساعة التي أُمهلوها هي «كي يبدأوا تنظيم أمورهم»، ويضيف أن «هناك نحو 17 ألف نازح سوري عايشين بيناتنا، يمنع منع باتاً التعدّي على أي سوري، وسيتم اتخاذ تدابير صارمة بحق المعتدي».
حرص ديب الشديد على «مصلحة» السوريين والحفاظ على سلامتهم، لا يبدو مبالغاً به فحسب (لم ينفك عن ذكر حرص البلدية على الحفاظ على سلامة السوريين)، بل يتعداه ليكون «مشبوهاً»، إذا كان هؤلاء العمال موجودين قبل الأزمة، فلماذا لم تلجأ البلدية إلى إصدار هذه البيانات من قبل؟ فإذا كان الهدف من البيان، «انتشالهم من الواقع المأساوي الذي يعيشونه (سوء البنى التحتية وغيرها من الأمور الحياتية)»، فقد مرّ على هذا الواقع «المأسوي» زمن، فلماذا تريد أن تنقذهم منه الآن؟ وكيف لها أن تكون «حريصة» على سلامة اللاجئين وهي تدرك أنهم لو كانوا يملكون بديلاً لما تعايشوا مع ذاك الواقع؟!لم تتخذ البلديات
أي إجراءات بحق الأفراد «المعروفين»

حساسية البيانات الصادرة عن البلديات، تعود إلى أنها تحفّز السلوك العدائي المستشري في الوقت الراهن عبر تغذية شعور «الخطر» من اللاجئ، فالبيان صادر عن سلطة محلية يكون القيّمون فيها هم أنفسهم أبناء البلدة، وبالتالي عندما يدرك سكان البلدة أن «الوجاهات» تتخذ قراراً كهذا، فإنها «تستشعر» خطراً ما، وبالتالي إن الخطر محدق لا محال! ذلك أن السكان أنفسهم لن تنطوي عليهم حجة «الحفاظ على سلامة السوريين»، لأن البلدية نفسها حملت شعار «الحفاظ على سلامة المواطنين» عندما قررت منع تجوال السوريين بعد التاسعة ليلاً الذي لا يزال سارياً حتى اليوم.
بيان البلدية، شكّل «عدوى» شملت القرى المجاورة، فجرى الحديث عن بيانات مماثلة أصدرتها بلديات القرى المجاورة، كذلك جرت مطالبات من سكان البلدات كي تحذو حذو بلدية برج الشمالي.
لم يقتصر الأمر على منطقة صور، فـ«شبهة» البيانات الصادرة عن البلديات طاولت مختلف المناطق اللبنانية، شمالاً وجنوباً وبقاعاً ووسطاً.
البلديات «تتبرّأ» من البيانات
تواصلت «الأخبار» مع العديد من البلديات التي تردد أنها أصدرت بيانات تطلب من السوريين مغادرة نطاقها. جميع هذه البلديات من دون استثناء زعمت أنها لم تتخذ قرارات كهذا. على صعيد بيروت الكبرى، نفت كل من بلدية فرن الشباك وبرج حمود وبرج البراجنة والغبيري أنها قامت بإصدار بيانات. كذلك على صعيد منطقة صور، أكدت بعض البلديات هناك أنها لم تقدم أيضاً على هذه الخطوة (مثل بلدية القليلة والشهابية وبرج رحال وغيرها). كذلك بعض البلديات في حاصبيا، ولفت قائممقامها وليد الغفير، إلى أن المناشير التي جرى تداولها في المنطقة، أتت كردّ فعل غير مقصود من بعض الأفراد، مشيراً إلى «أن الأمر بدأ في ضيعة عين قنيا وانتشر في بعض المناطق المجاورة». وإذ لا ينكر الغفير حالة القلق السائدة في المنطقة، يؤكد أن الأمور تحت السيطرة وأن ما من اعتداءات سجلت، موضحاً أن «كل الفعاليات ضد ما يحصل».
اللافت أن معظم هذه البلديات أحال المسؤولية على «اللجان الشعبية» الموجودة. هؤلاء الأفراد، باعتراف رؤساء بعض البلديات «معروفون»، إلا أن البلديات لم تتخذ أي إجراءات بحقهم. ولم تصرّح بأنها «تنوي» ذلك. إذا كان صحيحاً تأثير قرارات السلطات المحلية على السكان، فإن هذه السلطات نفسها تتأثّر بالقاعدة الشعبية ضمن نطاقها البلدي (لكون قياداتها تأتي من نفس البيئة). لذلك، لا يعّد «سكوتها» عن البيانات العنصرية واللافتات التي انتشرت، والتي حملت تهديدات لللاجئين، سوى موافقة ضمنية على ما جرى، والتي كانت نتائجها أن العديد من اللاجئين أخلوا بيوتهم خوفاً وهرباً من أي اعتداء. ففي البقاع مثلاً، تشير مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى أن أكثر من مئة عائلة هربت من حوش الغنم إلى حوش الحريم، وكذلك أكثر من 25 عائلة وفدت من بعلبك إلى راشيا.

قانونية إصدار بيانات الإخلاء

يقول المستشار القانوني لوزير الداخلية والبلديات خليل جبارة، إنه «يجب التركيز على مبدأ أن هذه التجمعات والخيم عشوائية، نشأت على أراضٍ مشاع أو على أراض وعقارات خاصة»، لافتاً إلى أنه يحق للبلدية اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع هذه التعديات في حال ضبطها، مشيراً إلى أن «الخلية الحكومية المعنية لمتابعة وضع السوريين» خلصت في اجتماعها الأخير إلى «استحداث مراكز نظامية وإلى معالجة مشكلة المخيمات العشوائية». ويضيف جبارة إلى أن الوزارة لم يصلها «أي بيان صادر عن بلدية متعلّقة بإخلاء اللاجئين»، مضيفاً أن الأمم المتحدة لم تذكر أي معلومات في هذا المجال.
لا يبدو الحديث عن قانونية هذه المخيمات في الوقت الراهن «ضرورياً»، ذلك أن الدولة لم تتكلف منذ بدء الأزمة عناء وضع سياسات وخطط تنظم اللجوء، وبالتالي لا يمكنها أن تشرعن عمليات «الطرد» العنصري، بحجة أنها عملية ضبط للتعديات على الأملاك العامة أو الخاصة! إلا أن البلدية ليست المسؤولة الوحيدة عمّا يجري، ذلك أنها تحمل وزر سياسة دولة تريد أن تتهرب من مسؤولياتها فتورطها لتبين أن هذه الممارسات هي صادرة من الناس ولا دخل لها. سلوك العدائية المنتشر في مختلف المناطق اللبنانية لا تتحمّل مسؤوليته «النفس الخطّاءة» ولا الفطرة الشريرة الكامنة خلف إنسانيتنا. هذه السلوكيات الهمجية تتحمل مسؤوليتها سياسة رسمية استطاعت أن تنبت في نفوس مواطنيها شعور الحذر والترقب من خطر اللاجئ «الغريب». وعوضاً من أن تتحمل مسؤولياتها في معالجة نتائج الأزمة تجنباً لتداعياتها، قررت أن «تنأى بنفسها» وتولي وجهها عن المخاطر الاجتماعية والتنظيمية في البلاد. يشير الباحث في علم الاجتماع رائد شرف، إلى أن «الطبقة السياسية تعطي أحياناً وكالة لمسؤولي البلديات بتنفيذ مهمات لا تسمح لهم الظروف السياسية والإعلامية بتنفيذها من خلال أحزابهم وأجهزة الأمن المركزي».

نموذج «تملّص» السلطة 

في عهد وزير الداخلية والبلديات السابق مروان شربل، أُطلقت خطة لـ»تفعيل عمل شرطة البلديات وحراسها لمساندة الأجهزة الأمنية في مهمات حفظ الأمن والنظام والاستقرار وتوفير شبكة أمان تعمّ كل المناطق». خلصت هذه الخطة إلى إصدار تعميم على المحافظين يتضمن مجموعة إجراءات مطلوبة من البلديات ومن قوى الأمن الداخلي. ضمن بنود هذا التعميم، يأتي البند الذي يوجب «ضبط قيود النازحين السوريين» والمراقبة والإشراف على مصادر المساعدات. لفتت جمعية «المفكرة القانونية» حينها (العدد العاشر من نشرتها الدورية)، إلى أن الإجراءات التي أُقرّت تبدو وكأنها تدعم بعض النزعات التي اجتهدت البلدية فيها». وبالتالي، تدخل البلديات ضمن صيغة توزيع الأدوار مع السياسيين، إلا أن شرف يجد أن البلديات ليست وحدها من يدخل ضمن هذه الصيغة، فـ»اللبنانيون غارقون في الثنائية الطائفية ويرتقبون أن يتذابح «السنة والشيعة» بالفؤوس، ولا يرون إمكانيات إلحاق الظلم بهم خارج هذه الثنائية التي لعب كثيرون من خبراء الكلام على بنائها بشكلٍ مفذلك ومفصل. إذا لم يكن مرتكب الظلم من «جحافل السلفيين» على وقع التكبير أو من «جحافل الشيعة» على وقع اللطمات، فهو يكاد يكون في الخطاب المهيمن في لبنان منزلاً من السماء، وليس لمرتكبه من هوية أو من جنس محدد، وكأنه ملاكٌ في تصرف السماء، جاء وذهب، ولا توابع تخصه، ولا وجود له بيننا، وليس لوجوده بيننا من منطق ودلالات على صعيد التركيبة الاجتماعية».


الاتفاقيات الدولية والقوانين المحلية



وقّع لبنان اتفاقيّة «القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري»، مع تحفّظه عن المادة 22 منها. كذلك يؤكّد الدستور اللبناني في مقدمته التزامه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي ينص في المواد 2،1 و7 على المساواة في الحقوق والكرامة من دون أي تمييز «بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر». وعلى الدولة أن تجسّد هذه المبادئ في تشريعاتها في كل الحقول والمجالات. لذلك، يجرّم قانون العقوبات اللبناني في المادة 295 كل «من قام في لبنان في زمن الحرب أو عند توقع نشوبها بدعاوة ترمي إلى إضعاف الشعور القومي أو إيقاظ النعرات العنصرية أو المذهبية» بعقوبة الاعتقال المؤقت.
ونصت المادة 317 من القانون نفسه على إنزال عقوبة الحبس من سنة إلى ثلاث سنوات وغرامة تجاه «كل عمل وكل كتابة وكل خطاب يقصد منها أو ينتج منها إثارة النعرات المذهبية أو العنصرية أو الحض على النزاع بين الطوائف ومختلف عناصر الأمة».

No comments:

Post a Comment

Archives