واضح أن ما قبل عرسال ليس كما بعدها بالنسبة إلى اللاجئين السوريين. فقد وقع المتوقَّع. وإرتأت البيئة الشيعية أن اللحظة مناسبة لوقف تدفقٍ سكاني سوري أدى إلى خلل ديموغرافي موقت لمصلحة الطائفة السنّية.
وهذا الخلل قد يصبح دائماً إذا تعذرت التسويات في سوريا وتأخرت عودة اللاجئين.
البيئة الشيعية، و»حزب الله» في مقدمها، بدأت حملة تضييق على اللاجئين في الجنوب والبقاع والضاحية، مقرونةً بإنذارات واضحة أحياناً للمغادرة.
لكن «الحزب» يحرص على عدم إظهار نفسه منخرطاً في هذه التدابير. وهو يفضِّل أن يلزِّمها للبلديات أو اللجان الأهلية أو ذوي العسكريّين المخطوفين. لكنه لا يتورّع عن تشغيل القوى الأمنية الرسمية في هذه المهمة، حيث يستطيع.
ويخشى «الحزب» أن يتورط مباشرة، لإدراكه أكثر من سواه أن أزمة اللاجئين السوريين باتت جزءاً من الصراع المذهبي في لبنان، ولو في شكل مستتر. فاللبنانيون جميعاً تعاطفوا مع اللاجئين إنسانياً، لكن لكل فئة لبنانية إعتباراتها المذهبية في هذا الملف. وليس خفياً أن البيئات السنّية في لبنان متعاطفة مع اللاجئين لإعتبارات مذهبية أيضاً، فيما البيئة الشيعية تنفر منهم للإعتبارات إياها. وأما البيئة المسيحية المنقسمة إزاء الملف فباتت أكثر حذراً بعد نمو «داعش».
والأرجح أن اللاجئين السوريين سيغادرون المناطق الشيعية، والمناطق المسيحية أو الدرزية الواقعة تحت تأثير «حزب الله» في الجنوب والبقاع والجبل، بوتيرة أكبر. فاللاجئون أنفسهم باتت تتملّكهم مخاوف مذهبية أيضاً. ويُسمع همسٌ في أوساطهم: «يبدو أننا نقترب من الرحيل. فالمضايقات التي نتعرَّض لها ليست بسيطة».
ويرفع «الحزب» من وتيرة ضغوطه على اللاجئين لكي يغادروا مناطقه، لكن التعمّق في التداعيات الأخرى، الديموغرافية خصوصاً، تثير هواجس «الحزب» الذي يحرق أصابعه أيضاً في النزاع المذهبي السوري.
وليس سرّاً أن حالة اللجوء السوري في لبنان تكتنفها الإرباكات. فمن أصل المليون ونصف المليون سوري المقيمين في لبنان، هناك نحو ربع مليون عامل سوري كانوا مقيمين فيه في شكل شبه دائم، قبل إندلاع الصراع في سوريا. وكثير من هؤلاء جاء بعائلته إلى لبنان هرباً من الموت. ومعظمهم لم يكن يهتم بحيازة أوراق ثبوتية، لكنه بدأ يصطدم بالتشدُّد الرسمي، وبات يسمع، همساً، عبارة «غير مرغوب فيكم».
حتى الآن، هناك مقدار من التماسك اللبناني، تحت سقف الحكومة، على مواجهة ملف اللاجئين. ولكن لا خطة رسمية لمواجهة الملف، بل خبثٌ أو إهمال متبادل. والمسؤولون المعنيون يعيشون على فُتات تجارب لن تنجح، ومنها مثلاً حصر المليون ونصف المليون سوري في مخيمات يؤمل إنشاؤها ذات يوم على الحدود... المشتعلة أحياناً!
وأما فُتات الملايين القليلة الموعودة لتعويض 7 مليارات دولار، هي خسائر لبنان من جراء أزمة سوريا ولاجئيها... فلا تكاد تكفي لتوزيعها على المحاسيب.
وإذا غادر اللاجئون مناطق الشيعة، فستكون وُجهَتُهم الأساسية مناطق السنّة التي ستصبح أكثر إزدحاماً وتوتراً وفقراً. وقد يتدفق جزءٌ منهم إلى مناطق مسيحية أيضاً. وللتبسيط، هناك قرابة 3.5 مليون سنّي في لبنان (لبنانيون وسوريون وفلسطينيون)، أي قرابة 55% من السكان المقيمين في لبنان.
وفي أي حال، سيكون الجميع متوترين: الشيعة والسنَّة والمسيحيون... وستكون هناك حاجة إلى نزع الفتائل بين اللبنانيين أنفسهم، وإلى إطفاء فتيل اللاجئين كقنبلة مذهبية وطائفية لبنانية. فمن سخريات التاريخ، أن تبقى سوريا إما سبباً للصراعات اللبنانية وإما متسبّباً فيها، في عهود وصاياتها المباشرة وغير المباشرة.
وهذا الخلل قد يصبح دائماً إذا تعذرت التسويات في سوريا وتأخرت عودة اللاجئين.
البيئة الشيعية، و»حزب الله» في مقدمها، بدأت حملة تضييق على اللاجئين في الجنوب والبقاع والضاحية، مقرونةً بإنذارات واضحة أحياناً للمغادرة.
لكن «الحزب» يحرص على عدم إظهار نفسه منخرطاً في هذه التدابير. وهو يفضِّل أن يلزِّمها للبلديات أو اللجان الأهلية أو ذوي العسكريّين المخطوفين. لكنه لا يتورّع عن تشغيل القوى الأمنية الرسمية في هذه المهمة، حيث يستطيع.
ويخشى «الحزب» أن يتورط مباشرة، لإدراكه أكثر من سواه أن أزمة اللاجئين السوريين باتت جزءاً من الصراع المذهبي في لبنان، ولو في شكل مستتر. فاللبنانيون جميعاً تعاطفوا مع اللاجئين إنسانياً، لكن لكل فئة لبنانية إعتباراتها المذهبية في هذا الملف. وليس خفياً أن البيئات السنّية في لبنان متعاطفة مع اللاجئين لإعتبارات مذهبية أيضاً، فيما البيئة الشيعية تنفر منهم للإعتبارات إياها. وأما البيئة المسيحية المنقسمة إزاء الملف فباتت أكثر حذراً بعد نمو «داعش».
والأرجح أن اللاجئين السوريين سيغادرون المناطق الشيعية، والمناطق المسيحية أو الدرزية الواقعة تحت تأثير «حزب الله» في الجنوب والبقاع والجبل، بوتيرة أكبر. فاللاجئون أنفسهم باتت تتملّكهم مخاوف مذهبية أيضاً. ويُسمع همسٌ في أوساطهم: «يبدو أننا نقترب من الرحيل. فالمضايقات التي نتعرَّض لها ليست بسيطة».
ويرفع «الحزب» من وتيرة ضغوطه على اللاجئين لكي يغادروا مناطقه، لكن التعمّق في التداعيات الأخرى، الديموغرافية خصوصاً، تثير هواجس «الحزب» الذي يحرق أصابعه أيضاً في النزاع المذهبي السوري.
وليس سرّاً أن حالة اللجوء السوري في لبنان تكتنفها الإرباكات. فمن أصل المليون ونصف المليون سوري المقيمين في لبنان، هناك نحو ربع مليون عامل سوري كانوا مقيمين فيه في شكل شبه دائم، قبل إندلاع الصراع في سوريا. وكثير من هؤلاء جاء بعائلته إلى لبنان هرباً من الموت. ومعظمهم لم يكن يهتم بحيازة أوراق ثبوتية، لكنه بدأ يصطدم بالتشدُّد الرسمي، وبات يسمع، همساً، عبارة «غير مرغوب فيكم».
حتى الآن، هناك مقدار من التماسك اللبناني، تحت سقف الحكومة، على مواجهة ملف اللاجئين. ولكن لا خطة رسمية لمواجهة الملف، بل خبثٌ أو إهمال متبادل. والمسؤولون المعنيون يعيشون على فُتات تجارب لن تنجح، ومنها مثلاً حصر المليون ونصف المليون سوري في مخيمات يؤمل إنشاؤها ذات يوم على الحدود... المشتعلة أحياناً!
وأما فُتات الملايين القليلة الموعودة لتعويض 7 مليارات دولار، هي خسائر لبنان من جراء أزمة سوريا ولاجئيها... فلا تكاد تكفي لتوزيعها على المحاسيب.
وإذا غادر اللاجئون مناطق الشيعة، فستكون وُجهَتُهم الأساسية مناطق السنّة التي ستصبح أكثر إزدحاماً وتوتراً وفقراً. وقد يتدفق جزءٌ منهم إلى مناطق مسيحية أيضاً. وللتبسيط، هناك قرابة 3.5 مليون سنّي في لبنان (لبنانيون وسوريون وفلسطينيون)، أي قرابة 55% من السكان المقيمين في لبنان.
وفي أي حال، سيكون الجميع متوترين: الشيعة والسنَّة والمسيحيون... وستكون هناك حاجة إلى نزع الفتائل بين اللبنانيين أنفسهم، وإلى إطفاء فتيل اللاجئين كقنبلة مذهبية وطائفية لبنانية. فمن سخريات التاريخ، أن تبقى سوريا إما سبباً للصراعات اللبنانية وإما متسبّباً فيها، في عهود وصاياتها المباشرة وغير المباشرة.
No comments:
Post a Comment