نبش المقابر يحرر أهالي المفقودين من أسرهم ... إجراء DNA ينتظر الدولة
17 الف مفقود ما زالوا معلقين بين وثيقة حياة و شهادة وفاة، لم تنجح الدولة اللبنانية منذ العام 1990 في تشكيل هيئة وطنية لمتابعة ملف المفقودين اللبنانيين في لبنان وسورية. سنوات مرّت دون ان تأخذ اي حكومة على عاتقها ملف المفقودين رغم الأحاديث الإعلامية بين الحين والآخر. وأخيراً تحركت اللجنة الدولية للصليب الأحمر لجمع بيانات ومعلومات شخصية عن المفقودين، وقد تمكنت منذ سنة حتى اليوم من إجراء 1500 مقابلة مع أهالي المفقودين في إنتظار تسليم كل الداتا الى الهيئة الوطنية عن المفقودين التي ستؤسسها الدولة اللبنانية بناء على تصويت مجلس النواب. لا يعوّل اهالي المفقودين كثيراً على الدولة، "لقد تعبنا ولكننا لم نيأس بعد من هذا التعاقس الرسمي، أملنا في نبش المقابر في لبنان عسى ذلك يريح نفوس اهالي كثيرين فقدوا ذويهم في لبنان وليس في سورية". يتخوف السياسيون من إعادة نبش المقابر خوفاً من إعادة أيام الحرب وإحداث فتنة نحن بغنى عنها" هذا ما اكدته اكثر من جهة رسمية الى رئيس لجنة سوليد غازي عاد ، لكن الأهالي لن يستكينوا قبل إجراء فحوصات DNA وموعدهم امام السراي قريب... 18 ايلول يوم المطالبة بحق معرفة المصير.
يبدو ان الدولة تنسى اهلها لكن الأمر ليس كذلك بالنسبة الى اللجنة الدولية للصليب الاحمر ولجنة سوليد التي لن تكلّ قبل الحصول على اية معلومة من شأنها تهدئة نفوس اهالي المفقودين الذين ينتظرون خبراً، اي خبر عن احبائهم الذين طال انتظارهم أكثر من 30 عاماً.
نبش المقابر وفحوص DNA
تؤكد منسقة مشروع المفقودين بولين خوري " ان اللجنة الدولية للصليب الاحمر تنطلق من أحقية أهالي المفقودين بمعرفة مصير اقربائهم وضرورة منح الأمل لهم، في حملة لجمع بيانات ما قبل الإختفاء، ظروف الاختفاء، الشق الجنائي الذي يتضمن السجلات الطبية وتلك الخاصة بالأسنان، بالإضافة الى الصور ومواصفات وتفاصيل شخصية. كلها معلومات جمعتها اللجنة عن المفقودين للبحث في قضيتهم لبنانياً وسوريا، فالملف لا يشمل فقط المفقودين اللبنانيين في سجون سورية وانما مفقودي الحرب الأهلية في لبنان. ومن المهم جدا ان نعرف ان هذه البيانات بالإضافة الى فحوصات DNA من شأنها تسهيل عملية التعرف على الرفات".
"قبل نبش المقابر يجب انجاز كل الداتا، صحيح اننا لن نتمكن من الاجابة على اسئلة كل العائلات لكن أقله سنتمكن من إزالة صفة مفقود عن الكثيرين. نحن في انتظار ان توقع الحكومة على مرسوم اجراء فحوصات DNA التي سيتولى مهمتها الأمن الداخلي بإشراف الصليب الاحمر وتجهيزاته. إلا اننا وللأسف لم نتلق لغاية الآن اي جواب من الدولة اللبنانية للمباشرة بعملنا. كما اننا قمنا بمحاولات عديدة للدخول الى السجون السورية والتأكد من وجود هؤلاء الاشخاص في السجون وفق لائحة الاسماء التي نمتلكها غير ان احدا لم يردّ علينا".
تبحث اللجنة اليوم في اعادة نبش المقابر واجراء فحوصات DNA للكشف عن هوية المفقودين. خبر لم يعجب الدولة اللبنانية التي إعتبرت حسبما أكد لنا غازي عاد في حديث الى صدى البلد " ان فكرة اعادة نبش المقابر ليست بالخطوة الايجابية وليس مرحبا بها عند المسؤولين. برأيهم ان هذه الخطوة من شأنها ان تُعيد ايام الحرب وإحداث فتنة وحساسية، في حين تسعى الدولة الى طيّ هذه الصفحة المأسوية في تاريخ لبنان". هكذا قرأت الطبقة السياسية ما تتحضر له اللجنة الدولية بالتنسيق مع الاهالي، يبدو ان حكومتنا لا تقرأ إلا في أجندتها الخاصة، وأن اي مبادرة انسانية تهدد موقعهم سيُكتب لها الفشل مسبقا.
في انتظار هيئة لم تُشكل
يتحدث عاد بخيبة ووجع، هو الذي لم يهدأ طوال هذه السنين عن المطالبة بحق معرفة مصير المفقودين، "برأيه من واجب الدولة اللبنانية متابعة ملف المفقودين غير انها تتقاعس عن القيام بدورها، ما دفع الصليب الأحمر الى اجراء استقصاء ميداني مع اهالي المفقودين للحصول منهم على كل المعلومات والتفاصيل الخاصة بالمفقودين. وعند إنتهاء عملها ستقوم اللجنة الدولية للصليب الاحمر بتسليم هذه الداتا الى الهيئة الوطنية التي كان من المفترض ان تتشكل منذ اعدّ الوزير السابق شكيب قرطباوي المرسوم وارسله الى مجلس النواب".
لم نتوقف يوماً عن المطالبة بحقوقنا رغم التعب والقرف الذين نشعر بهما، لكن المشكلة تكمن عند المسؤولين السياسيين ورفضهم العمل ميدانيا كما تعتزم اللجنة مواصلة ما بدأته. الدولة تتعمد التقصير والاهمال إلا اننا لن نقف مكتوفي الأيدي، نحن نتحضر للتحرك امام السراي في 18 من الشهر الجاري للمطالبة " بتنفيذ قرار مجلس شورى الدولة الذي ألزمها بتسليمنا نسخة عن كامل ملف التحقيقات التي أجرتها لجنة الاستقصاء الرسمية في العام 2000 بشأن مصير أحبائنا. كما سنطالب بإجراء فحوصات DNA لأهالي المفقودين ، فهناك بعض الاهالي توفوا قبل اجراء هذه الفحوصات ولم يبق سوى الإخوة للتأكد من هوية المفقود، فلماذا تتلكأ الدولة في البت في هذا الموضوع الذي لم يعد يحتمل تأجيلا.
في حين أوضحت ساميا عبد الله شقيقة المفقود عماد ابراهيم عبد الله ان " الصليب الأحمر قدم اليها منذ سنة وأخذ كل التفاصيل والمعلومات الشخصية عن اخيها، من اصغر تفصيل حتى اكبره بهدف توثيقها في داتا معلومات وتسليمها الى الهيئة الوطنية التي لم تتشكلّ بعد. 30 عاما مضت على خطف اخي ، توفي اهلي دون ان يعرفوا شيئا عنه، أمضيت 11 عاماً اطالب به لكن لا احد يلتفت الينا. سمعنا مؤخرا احتمال نبش المقابر في لبنان لكن ذلك لن يُفيدني على الصعيد الشخصي لأن اخي في سورية لكنه حتما سيُفيد اهالي كثيرين فقدوا احباءهم في لبنان. ان آخر مرة وصلني خبر عن اخي كان في العام 2003 عندما استلمت رسالة منه وبعدها لم أعرف عنه شيئا. لقد تعبنا لكننا لن نيأس في محاولاتنا، وكلي أمل ان ارى اخي.
No comments:
Post a Comment