ك. ت.
«أبو الوليد» و«أبو تراب و«أبو عبيدة» أسماء تردّدت في ملفات الإرهاب ونهر البارد، وعادت لتتصدّر ملفاً لا يقل أهمية عن تلك الملفات، مع بروز الأسماء المذكورة كزعماء على السجناء، يطلقون «الأحكام» على كل مَن «يخطئ» داخل السجن، وينفذونها من دون رادع وتحت أعين القوى الأمنية.
ومن متابعة لملف محاكمة هؤلاء إلى جانب آخرين أمام المحكمة العسكرية الدائمة أمس في جريمة قتل السجين غسان قندقلي بعد تعذيبه، تتلمس القوى الأمنية وجود خطر حقيقي داخل السجن بعد جمع سجناء «فتح الإسلام» في مبنى واحد هو المبنى «ب» العصيّ على القوى الأمنية، التي لا تتلكأ ربما في الضرب بيد من حديد، وإنّما تخشى ردّ فعل هؤلاء السجناء الذين يشكّلون «خصوصية أمنية» تنذر بانفجار وشيك داخل السجن ما لم يسارع المعنيون إلى ضبط الوضع.
وأضاءت حادثة مقتل قندقلي مجدداً على الفلتان الأمني داخل السجن، فلتانٌ تخطى تجارة المخدرات وترويجها، وحتى استعمال الأجهزة الخلوية وإدخال الممنوعات على أنواعها والمتاجرة بها، ليصل إلى قيام عناصر من فتح الإسلام بمحاسبة سجناء من غير «طينتهم» داخل غرفة سميت «غرفة التعذيب» تقع على بُعد 3 أمتار فقط من احدى نقاط الحراسة، فضلاً عن بيع غرف لنزلاء جدد الذي بات داخل السجن تجارة رائجة.
في تلك الغرفة، «غرفة التعذيب»، قضى الفلسطيني قندقلي وكاد قبله السجين شادي الشيباني أن يسبقه إلى دنيا الآخرة بعد أن حكم عليه سليم صالح الملقب بـ«أبو تراب» بـ50 جلدة لأنّه أعار هاتفه الخليوي لقندقلي الذي عمد من خلاله إلى محاولة إرسال صور لفتاة.
في جلسة الأمس استجوبت المحكمة برئاسة العميد الركن الطيار خليل ابراهيم ثلاثة موقوفين، ورفعت الجلسة إلى الثاني من أيار المقبل لمتابعة استجواب باقي الموقوفين الثمانية، وأبرزهم إلى صالح، بلال ابراهيم (أبو عبيدة) وخالد يوسف الملقب بـ«أبو الوليد».
وباستجواب الشيباني أفاد انه موقوف بدعوى سلب منذ 6 سنوات، وقبل نقله إلى سجن زحلة، تعرض للضرب على ظهره على يد أبو تراب بشريط.
وروى كيف أنّ قندقلي قام من خلال هاتفه بمحاولة إرسال صور إلى فتاة، وعندما علم أبو تراب بذلك أراد «محاكمته» على طريقته بجلده 50 جلدة في غرفة رقم 359 التي يطلقون عليها «غرفة التعذيب» والتي تقع ضمن نظارة تستوعب حوالى 100 سجين وبعيدة عن نقطة الحراسة حوالى 3 أمتار فقط.
وقال: استدعاني أبو تراب إلى تلك الغرفة وعندها سمعت غسان الذي كان موجوداً فيها وقد تعرّض للضرب، وعمد إلى ضربي ايضاً. وعما قاله سابقاً من أنه رأى أبو تراب وأبو عبيدة يضربان قندقلي، أجاب بالنفي، وأضاف بأنه بعد ضربه أُعيد إلى زنزانته وحينها سمع صراخاً في المبنى، بأن قندقلي مات.
وأكد انه أثناء تعرضه للضرب وقندقلي لم يكن يوجد أي عسكري. وهل هم مكلفون بمعاقبته، أفاد: أنا فعلت ما فعلت وحوسبت عليه. وأضاف انه عاد ورأى لدى خروجه من الغرفة غسان ممدداً على الأرض وآثار الضرب على جسمه، كما شاهد شالاً قال انه شنق نفسه به، ثم عاد وقال: كان غسان مغطاً ببطانية على الأرض.
وقال عن «غرفة التعذيب» انها نظارة عادية وهي بمثابة غرفة صغيرة داخل نظارة ويفصل بينها وبين النظارة باب. واضاف: سمعت بعد ذلك يقولون ان غسان انتحر في الحمام.
وباستيضاح المتهم بوغوص طوروسيان قال انه عمد الى انزال غسان عن المشنقة، أضاف: كان بحوزتي سكين لا تفارقني في السجن «لأنو ما في دولة بالسجن».
وباستجواب الفلسطيني امين قهوجي قال: حوكمت بدعوى قتل 10 سنوات ولا زلت موقوفاً بسبب الدعوى الحاضرة، اضاف في رده على اسئلة الرئاسة: كنت وغسان نتشارك الغرفة رقم 234، واعرفه جيداً وكان محكوماً بالاعدام بجريمة قتل. وعن تصرفات غسان قال انه كان عادياً انما كان يتعاطى حبوباً مخدرة يستحصل عليها من السجن. وتحدث عن مشكلة كان يواجهها غسان مع اهله، حيث طلب منهم دفع 40 مليون ليرة لاسقاط الدعوى عنه، لكنهم لم يفعلوا. واكد أن لا مشكلة لغسان مع احد في السجن وكان يملك براداً وتلفزيوناً في الغرفة. واضاف: عن ادخال اي ادوات للسجين يقوم بتوقيع تنازل عنها للدولة وتصبح ملك الدولة بعد خروجه من السجن.
وسئل عما قاله الشيباني من ان ابو تراب اعطاه اغراض قندقلي بعد وفاته، فأجاب: بأي صفة. اجابه رئيس المحكمة: بالصفة التي جلد فيها الشيباني، فأجاب قهوجي: لا اعرف من الذي جلده، فأنا كنت في زنزانتي في الطابق الثاني. وصرح قهوجي ان ضابطاً طلب منه اتهام ابو عبيدة وابو الوليد وابو تراب بقتل قندقلي لكنه لم يفعل. وعن غرفة التعذيب قال انه سمع عنها في الاعلام. وبعدما وصف الشيباني بالكاذب، واضاف: تحت (قاصداً غرف التعذيب)، تعاقب اذا قمت بأمر ما، فمثلاً اذا كنت توزع مخدرات فتتم معاقبتك في تلك الغرفة، وسئل: هل صدر حكم شرعي بالضرب، اجاب: سمعت أن واحداً أكل «كفين».
وبسؤال الدفاع هل اخبره غسان بأنه سينتحر، أجاب: حصل ذلك قبل 6 او 7 سنوات، اثر خلاف مع والده، ولا اعرف اذا كانت لديه نية بالانتحار.
وتحدث المتهم عن بيع زنازين داخل السجن قائلاً: اذا كانت لدي خزائن او اغراض في الغرفة وكنت حينها سأخرج من السجن أقوم ببيعها لسجين جديد، الذي يشغل حينها مكاني في الزنزانة.
ثم استجوبت المحكمة طوروسيان فقال انه موقوف 25 عاماً بقتل زوجته. وقال: انا كنت شاويش النظارة 359. ولا اعرف غسان سابقاً، والمتهمون هم من فتح الاسلام.
وعن الجريمة قال: كانت الساعة الثانية الا ربعاً بعد منتصف الليل حين كنت احتسي القهوة مع حارسين على بعد 3 امتار من النظارة. واضاف: يعني غنم من دون راع ففي المبنى «ب» لا يوجد دولة. وتابع: فتح الاسلام لديهم اشياء جيدة بمنع الحبوب داخل السجن وأمور اخرى اخلاقية، وهم مسؤولون عن معاقبة هؤلاء. وبسؤاله قال: لم اسمع يومها صراخاً، ثم صرخ احدهم طالباً مني الدخول الى النظارة، فوجدت صنبور الحمام مفتوحاً وتصدر المياه صوتاً قوياً، وأبلغوني ان شخصاً انتحر شنقاً، وعنما دخلت الى الحمام وجدت غسان وقد لف شال حول رقبته ورجليه على الارض، فنزعت عنه الشال. بعدها حضر سجناء من فتح الاسلام ثم صرخ ابو تراب طالباً من جميع السجناء الذين تجمهروا في المكان الصعود الى زنازينهم. ونفى رؤيته لأبو تراب وآخرين برفس قندقلي حتى الرمق الاخير، بعد ان قال احدهم انه لا يزال ينبض، وانا رأيت آثار جلد على ظهره.
ورداً على سؤال قال ان ابو تراب وابو عبيدة يجريان في تلك الغرفة تحقيقاً مع السجناء الذين يخطئون. وان الدرك يسمحون لهم بذلك. وقال: يعني انه تتم معاقبة المخطئ في تلك الغرفة. فهم كانوا يحاكمون وينفذون احكامهم. واضاف انه لم يسمع ان غسان ارتكب خطأ ما لمعاقبته. واذا سمعنا صراخاً صادراً من الغرفة، يُمنع علينا التدخل، وأحياناً نسمع صراخاً.
No comments:
Post a Comment