The Lebanese Center for Human Rights (CLDH) is a local non-profit, non-partisan Lebanese human rights organization in Beirut that was established by the Franco-Lebanese Movement SOLIDA (Support for Lebanese Detained Arbitrarily) in 2006. SOLIDA has been active since 1996 in the struggle against arbitrary detention, enforced disappearance and the impunity of those perpetrating gross human violations.

Search This Blog

July 1, 2015

Al-Binaa - Roumieh Prison, July 01, 2015



سجن رومية... بين المأساة الإنسانية وتنامي خطر الإرهاب 




تحقيق محمد حمية

في الحديث عن ملف السجون في لبنان، يبرز سجن رومية كأحد أبرز السجون التي تشهد أحداثاً أمنية منذ وقت طويل. من حالات الفرار إلى التمرّد والشغب، إلى التعرض لعناصر وضباط القوى الأمن الداخلي، إلى أحداث أخطر من ذلك تصل حدّ التواصل والتنسيق بين سجناء «إسلاميين» وتنظيمات إرهابية خارج السجن وحتى خارج لبنان، كما كشف وزير الداخلية نهاد المشنوق بعد عملية المداهمة الاخيرة، أن «هناك غرفة عمليات في سجن رومية تتصل بالإرهابيين في الرقة والموصل والمناطق اللبنانية كافة، خصوصاً في الشمال ومخيم عين الحلوة».

سجن رومية يتّسع لعددٍ معيّن من السجناء وفيه ثلاثة أضعاف العدد المفترض، ما أدّى إلى اكتظاظ، فضلاً عن بناء غير صحيح وغير صحيّ، هذا ما قالته محامية الدفاع عن «الإسلاميين» هلا حمزة في حديث إلى «البناء»، إذ أكدت أن التعذيب الذي حصل بناء على شريط الفيديو ممنهج.

المعاناة والظروف الإنسانية الصعبة التي يعيشها السجناء التي تصل حدّ المأساة فضلاً عن الظروف الأمنية والقضائية، كل ذلك يمثل الوجه الآخر لسجن رومية، ما جعل هذا الملف جرحاً نازفاً في صدر الوطن على المستويات الأمني والقضائي والإنساني، ليبقى قنبلة موقوته تنفجر في وجه الدولة في أي وقتٍ يراه البعض مناسباً، فيما المسؤولية الأولى تقع على عاتق الحكومات المتعاقبة التي تمادت في تقصيرها، ما أدّى إلى تعميق الأزمة في السجن. إلا أن سقوط حكومة الرئيس نجيب ميقاتي كان نقمة، إذ حرم السجناء من خطة إصلاحية شاملة كانت تعدّ وتخطط لها الحكومة لبناء صروح جديدة وتدريب اختصاصيين لتأهيل السجناء، هذا ما أكده وزير العدل السابق شكيب قرطباوي في حديث إلى «البناء» قائلاً: «في حكومة ميقاتي، قدّمنا اقتراحاً لمجلس الوزراء لإصلاح السجون ووافقت الحكومة من حيث المبدأ، وشكلنا لجنة أمنية قضائية لدراسة الأمر، وبدأ التنفيذ. إلّا أن سقوط الحكومة أوقف كل شيء». ويؤكد قرطباوي أنه على رغم أن اكثر المساجين لا دين لهم ويكفّرون كل البشر، لكن تعذيب السجناء عمل مدان، مشدّداً على أن سجن رومية يحتاج إلى خطة شاملة. واعتبر أن المشنوق يحسّن الوضعين الأمني والمعيشي في السجن، لكن اذا لم يكن هناك خطة شاملة تبقى خطواته مجتزأة ولن تستمر.

ما يميّز سجن رومية عن غيره من السجون، أنه يؤوي المئات من الموقوفين والمحكومين «الإسلاميين»، من ضمنهم قادة بعض التنظيمات الإرهابية، لا سيما «فتح الإسلام»، إذ نُقل المقاتلون الذين ألقت الاجهزة الأمنية القبض عليهم بعد معارك مخيم نهر البادر إلى سجن رومية.

أما وزير الداخلية السابق مروان شربل فقال لـ«البناء»: «العمل الأول الذي قمنا به في حكومة ميقاتي، بناء محكمة في السجن كلّفت مليونين ونصف مليون دولار من مجلس الانماء والاعمار، لكنها لم تستعمل. وإيجابياتها أنها تحاكم المساجين خلال وقت قصير».

«التمرّد بدأ بسبب عدم محاكمة الموقوفين منذ سبع سنوات، والسبب الثاني الاكتظاظ والاهمال من الناحيتين الصحية والادارية، والمواجهات والطعام، ولكن لا يمكن تحميل قوى الأمن الداخلي المسؤولية، لأن السجن يتّسع لـ1000 سجين، وفيه الآن أربعة آلاف» هكذا يوصف الوزير شربل واقع السجن.

ويتحدث شربل عن تسريب شريط التعذيب، مشيراً إلى أن التسريب وردّ الفعل موجهان ضد الحوار القائم بين «المستقبل» وحزب الله. وأكّد أن جميع المساجين اشتركوا في التمرّد وحرق المبنى «د»، لا السجناء الإسلاميين فقط. متحدثاً عن ظروف صعبة يعيشها السجناء الذين يتناوبون على النوم بين الليل والنهار لضيق المساحة التي ينامون فيها. وأكد أن القوى الأمنية لم تعتد أن تكبّل المساجين وتعذّبهم بشكل ممنهج كما أوحى الشريط المسرّب.

وعن وضع المشنوق السجن تحت إشرافه أوضح شربل أن وزير الداخلية يغطي الاجهزة الأمنية سياسياً ويوجّه التعليمات لهم. لكنه ليس مسؤولاً عن كل ما يحصل داخل السجن. الأمر يحتاج إلى خطة شاملة تبدأ ببناء سجون جديدة.

فما هي حقيقة الواقع الإنساني والوضعين القانوني والأمني في السجن؟ وما هي صحة المعلومات التي تتحدث عن تحوّل السجن إلى غرفة عمليات لإدارة العمليات الإرهابية وتجنيد مقاتلين من خارج السجن؟ وما الحل الذي يفكّ صاعق تفجير السجن؟ وما مسؤولية الدولة لا سيما الاجهزة الأمنية والقضائية؟

تاريخ من الأحداث

سجن رومية أكبر السجون اللبنانية، يقع شرق العاصمة بيروت. بُني هذا السجن في أواخر ستينات القرن العشرين، ليفتتح عام 1970. وتبلغ طاقة استيعابه 1500 سجيناً، إلا أن هذا العدد قد تضاعف، إذ بلغ عدد السجناء أكثر من 5.500 سجين عام 2008، وشهد السجن حالات تمرّد عدّة لا سيما عامَي 1998 و2008.

وفي السابع عشر من نيسان الماضي، شهد السجن حركة تمرد للسجناء «الإسلاميين»، لكنها انتهت بتدخل القوى الأمنية التي سارعت إلى وضع حدّ لحالة الفوضى التي سيطرت على السجن.

وبعد يومين، أي في 19 نيسان، نفذ الموقوفون «الإسلامييون» تمرداً جديداً بعدما احتجزوا نحو 12 عسكرياً من القوى الأمنية المولجة حماية السجن، إلى جانب طبيبين برفقة ممرضتين.

وفجر العشرين من نيسان، نفذت قوى الأمن الداخلي عملية أمنية في المبنى «ب» داخل السجن وفي محيطه، بإشراف قائد جهاز الأمن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص، وأدت إلى نجاح العملية وأنهت حالة التمرد ونقلت السجناء من المبنى «ب» إلى المبنى «د».

وبعد العملية، نوّه وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق بالتعاون المحترف للقوة التي داهمت المبنى «ب»، والتي لم يصدر عنها أي ردّ فعل عنفي على رغم ما تعرضت له.

سجن رومية تحوّل بحسب المعلومات ومنذ عام 2008 إلى مستعمرة للإرهاب وللجماعات الإسلامية المتطرفة، وهذا ما أشار إليه المشنوق بعد عملية المداهمة بأن ما حصل في المبنى «ب» إنهاء لظاهرة كانت موجودة على مدى سنوات وشغلت اللبنانيين، وخلقت أسطورة حول سلاح ومال ومخدرات. موضحاً أن الحقيقة الوحيدة الموجودة أنّ المبنى «ب» كان مقراً لغرفة عمليات تتصل بالعراق والموصل والرقة في سورية، وتتصل بعرسال وعين الحلوة، وبإرهابيين لتنسيق أعمال إرهابية في البلد.

كما شهد السجن حالات فرار عدّة أبرزها فرار ثلاثة من تنظيم «فتح الإسلام» عام 2012 وهم فيصل إسماعيل عقلة جزائري وعمر محمود عثمان سوري ، ومحمود عوض فلاح فلسطيني ، وأوقف مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية صقر صقر لاحقاً عدداً من الضباط والعناصر الأمنيين من بينهم آمر السجن الرائد أحمد أبو ضاهر والملازم عبد الحفيظ فواز بتهمة التقصير.

الوضع المأسوي داخل السجن

محامية الدفاع عن «الإسلاميين» هلا حمزة شرحت في حديث لـ«البناء» الواقع الإنساني لسجن رومية، والوضع القانوني للسجناء الإسلاميين، إذ اعتبرت أن «سجن رومية يتسع لعددٍ معين من السجناء وفيه ثلاثة أضعاف العدد المفترض، ما أدّى إلى اكتظاظ، فضلاً عن بناء غير صحيح وغير صحي».

وأضافت حمزة أنه «بسبب ملفات الإرهاب في لبنان، يُنظَر إلى كل سجين إسلامي على انه إرهابي. ولكن في الحقيقة، يمكن أن يكون هذا الموقوف قد حمل السلاح فقط، فالجميع ضدّ هؤلاء السجناء من الاعلام إلى العنصر الأمني الذي يتهاون بحقوقهم لأنهم لا يستحقون أن يُعامَلوا كبشر، إنما كإرهابين ومجرمين».

وأشارت حمزة إلى أن «السجناء كان يطالبون بماء ساخن للاستحمام، وبكهرباء، فردّ على طلبهم بالاستهزاء لأنه يُنظر إليهم على أنهم مواطنون درجة ثالثة، وهذه في الاساس نظرة المجتمع إلى السجين بمعزل عن الظروف حالياً. لكنها تعززت أكثر بنوع الجرائم التي تحصل حالياً، الإرهاب. وتعززت أكثر لأن القوى الأمنية المشرفة على السجن هي التي تتعرض للعمليات الإرهابية في لبنان».

وقالت: «كل هذه الظروف اجتمعت، إضافة إلى أن الدولة غير قادرة على وضع خطة للسجون من حيث المبنى والسعة والكثافة السكانية، مشدّدة على ضرورة بناء سجون.

واعتبرت حمزة أن التعذيب الذي حصل بناءً على شريط الفيديو ممنهج، وقالت: «الاشخاص الذين أرافع عنهم يتعرضون كل يوم للتعذيب، لا من شخص أو شخصين، إنما من مجموعة أشخاص. التعذيب يحصل في مرحلة التحقيق الأوّلي لانتزاع اعتراف من المتهمين ببعض العلومات أو بحالة التمرد والشغب. علماً أنّ تعذيب كل السجناء لم يحصل في الدول الراقية والمتقدمة».

وتابعت: «عندما نقلوا السجناء من مبنى إلى آخر تعرضوا للعنف وأغلِق عليهم في غرف منفصلة، وتعمل على الباب الآلي ومفاتيحها مع القوى الأمنية الذين يدخلون خلال النهار إليها ويمارسون التنكيل والاذلال بحق السجناء. وهذا ينسف كل منظومتنا الإنسانية والقانونية التي تمنع التعذيب».

وأشارت حمزة إلى أن «السجناء الإسلاميين مستهدفون بالتعذيب، ما يجعلهم أكثر تشدّداً ضدّ الدولة». واستغربت ما قاله المشنوق إن عناصر أمنيين تعرّضوا للضرب من قبل مساجين. مؤكدة أن كل من ضرب عناصر الأمن سيلاحق وفق القضاء. مشددة على أن عدم قيام الدولة بواجباتها وبدورها الحقيقي، هو ما أدّى إلى سيطرة المساجين على المبنى «ب».

وقالت: «الإسلاميون لا يتعاطون المخدرات، ولم يكن هناك سلاح في المبنى الذي داهمته القوى الأمنية. أما الهواتف الخلوية فتوجد لدى معظم المساجين وفي كل المباني لا لدى الإسلاميين فقط، ولا في المبنى ب. والآن لدى المحكومين هواتف على رغم أن حمل الهواتف عقوبته غرامة».

ورفضت حمزة ما يتردّد أن «رومية تدير الإرهاب، وأن أخطر الاشخاص هم في رومية». مشيرة إلى أن «أبا الوليد» خرج بموجب إخلاء سبيل، وليس محكوماً بشكل نهائي ليخرج قبل انتهاء مدة ولايته، المحكمة أخلت سبيلة وملفه قيد النظر من قبل محكمة التمييز العسكرية، وقضى فترة كافية ليخلى سبيله، ولا يستدعي أن يبقى هذه المدة لأن لا علاقة له بأي ملف إرهابي، إنما جريمته سطو على بنك في شتورا.

وقالت: «على السجناء احترام القانون، وعلى القوى الأمنية أن تطبّق القانون الموضوع عام 1949، للسجناء حقوق، واحترامها واجب على الدولة».

وأوضحت حمزة أنّ سجناء رومية يتعرضون لتعذيب ممنهج. أما في باقي السجون، فيتعرّضون للضرب. لكن لا يمكن أن يوصف هذا الضرب بالتعذيب. مؤكدة أن وزير الداخلية وكل المسؤولين يعرفون ذلك.

فرصة الإصلاح الضائعة

وفي حديث لـ«البناء»، اعتبر وزير العدل السابق شكيب قرطباوي أن ملف السجون في لبنان وضع موقتاً في عهدة وزارة الداخلية منذ عام 1949 على أن تستلمه وزارة العدل، إلا أنّ الموقت هو الدائم في لبنان.

واعتبر قرطباوي أن إدارة السجون علم قائم بذاته، لا حماية أمنية فقط، بل التعاطي من السجناء يفترض أن يكون مركزاً لإعادة تأهيلهم.

وذكر قرطباوي أن في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، قدّم اقتراحاً لمجلس الوزراء لإصلاح السجون. ووافقت الحكومة من حيث المبدأ، «وشكلنا لجنة أمنية قضائية لدراسة الأمر برئاسة مدير عام وزارة العدل، وأجريت دراسة وقرّرنا إنشاء المؤسسة العقابية التي تشرف على إدارة السجون، وأن تكون هناك مديرية للسجون. وعُيّن قاضي بالتشاور مع مجلس القضاء الأعلى لتحضير النصوص التنظيمية، وقرّرنا الاستعانة باختصاصيين ومدرّبين من بعض الدول الصديقة التي لديها خبرات لتدريب لبنانيين كي يستلّموا كل شيء في السجون، وتبقى الحماية الأمنية لقوى الأمن فقط. إلا أن استقالة الحكومة حالت دون متابعة هذا المشروع».

وقال: «بمعزل عمّا قام به السجين، إن تعذيبه عمل مدان. والدولة لا تعامل السجين بغير إنسانية، وإلا تصبح مثله. العمل مدان والتصوير مدان أيضاً لاستغلاله في الشارع من أجل إثارة النعرات الطائفية والمذهبية».

وأضاف: «يحصل عمل تعذيبي للسجناء في كل أنحاء العالم، إنما لا يجوز تسميته بعمل أمني. بل تعذيب، على رغم أن اكثر المساجين لا دين لهم ويكفّرون كل البشر، لكن تعذيب السجناء عمل غير بطولي، بل مدان».

وأكد قرطباوي أن «سجن رومية يحتاج إلى خطة شاملة»، مذكراً أنه في حكومة الرئيس ميقاتي أجريت خطة للسجون وقدّم العماد ميشال عون مشروع قانون إلى مجلس النواب، وأقرّ، ويقضي بإنشاء سجنين: واحد في الشمال وآخر في الجنوب. «وشكلنا لجنة وتعاقدنا مع مهندسين وشركات هندسة، وأقر مجلس الوزراء إنشاء ثلاثة سجون: في الشمال قرب دير عمار، وفي الجنوب قرب الكفور، وفي البقاع قرب رياق. فضلاً عن إعادة تأهيل سجن رومية. وأقرّت موازنة لإقامة هذه الاعمال بـ250 مليون دولار، إلا أن عدم توفر المال واستقالة الحكومة حالا دون استكمال لمشروع».

واعتبر أن المشنوق يحسّن الوضعين الأمني والمعيشي في السجن. لكن إذا لم يكن هناك خطة شاملة، فستبقى خطواته مجتزأة ولن تستمر.

العلاقة مع الإرهاب

يتحدث وزير الداخلية السابق مروان شربل لـ«البناء» عن الظروف الأمنية والسياسية في السجن، ويقول إن سجن رومية كان من السجون المقبولة عام 1960. وفي عام 1975 أهملت السجون ودُمّر عدد منها في الحرب الاهلية، ومنها سجن رومية. فمنذ الطائف لم يهتم احد ببناء سجون. إلى عام 2011 كانت النكبة عندما احترق السجن بسبب حوادث نهر البارد وإلقاء القبض على الكثير من عناصر «فتح الإسلام»، وسجنوا سبع سنوات من دون محاكمات تحت حجة عدم وجود قاعة لإجراء محاكمات. إلى أن اندلع التمرّد عام 2001 وأُحرِقت المباني وسقط قتلى وجرحى. وأضاف شربل: «عندما استلمتُ وزارة الداخلية أدركتُ الخطورة الكامنة في سجن رومية، السجن مؤلف من أجنحة مفتوحة على بعضها بحيث يجتمع السجناء مع بعضهم، إلى أن اندلعت الحرب السورية وتزايدت الجريمة في لبنان وتزايد عدد المساجين. والغرفة التي كانت مخصصة للحبس الانفرادي كعقاب، وُضع فيها عشرة مساجين، فيما المراحيض توضع في زاوية من الغرف».

وقال: «التمرد بدأ بسبب عدم محاكمة الموقوفين منذ سبع سنوات، والسبب الثاني الاكتظاظ والاهمال من الناحية الصحية والادارية والمواجهات والطعام، ولكن لا يمكن تحميل قوى الأمن الداخلي المسؤولية، لأن السجن يتّسع لـ1000 سجين، وفيه الآن أربعة آلاف سجين».

بين السجّان والسجين

تحدّث الكثيرون عن تورط ضباط وعناصر في قوى الأمن في السجن بتهريب مخدّرات وهواتف وأموال وتلفزيونات وشبكة إنترنت وأطعمة إلى السجناء. منهم من يقول نتيجة إغراءات مادية، ومنهم من يقول تحت وطأة التهديد بالقتل، وآخرون يقولون بدافع القرابة التي تربط بعض السجناء بعناصر أمن السجن وضباطه.

وهنا، يتحدث شربل أنه يمنع على العسكري ان يخدم ستة أشهر في حراسة السجن، إنما يجب أن يُشكَّل، كي لا يحصل تعارف ومحبة وتضامن مع السجين، لأن عدداً من المساجين، لهم صلات قربى ومعرفة بعناصر وضباط في قوى الأمن.

وتابع: «العمل الأول الذي قمنا به في حكومة ميقاتي، بناء محكمة في السجن كلّفت مليونين ونصف مليون دولار من مجلس الانماء والاعمار، لكنها لم تستعمل. وإيجابياتها أنها تحاكم المساجين خلال وقت قصير».

لغز الشريط المسرّب

وحذّر شربل من «إذا لم تُبنَ سجون جديدة بالمواصفات المعترف بها دولياً، فلن تُحلّ الأزمة». كاشفاً عن أن 40 من ضباط وعناصر قوى الأمن لا يزالون في المستشفيات، وبعضهم أصيبوا بتشوّهات من جرّاء تعرضهم للضرب والحرق أثناء التمرد الاخير، فحصل ردّ فعل من العسكريين. القوى الأمنية لم تعتد أن تكبل المساجين وتعذبهم بشكل ممنهج كما أوحى شريط الفيديو المسرّب.

ولفت إلى أن الأهم من تصوير شريط التعذيب، تسريبه، لأن الفتنة كانت أصعب بكثير. لأنه على رغم أن الوزير نهاد المشنوق ينتمي إلى الطائفة السنّية، إلا أننا رأينا كيف كان ردّ الفعل في الشارع، فماذا لو كان من طائفة أخرى؟

وأضاف: «هناك طريقتان للتسريب، إما باعه أو أعطاه بناء لطلب معيّن. وفي الحالتين، تُرك إلى بداية شهر رمضان لإثارة الشارع». مشيراً إلى أن التسريب وردّ الفعل موجّهان ضد الحوار القائم بين «المستقبل» وحزب الله.

وأكد شربل أن جميع المساجين اشتركوا في التمرّد وحرق المبنى «د»، لا السجناء الإسلاميين فقط. متحدثاً عن ظروف صعبة يعيشها السجناء الذين يتناوبون على النوم بين الليل والنهار لضيق المساحة التي ينامون فيها.

السجناء والإرهاب

وأضاف: «هناك تراخيص من النيابة العامة التمييزية للسجناء باقتناء هواتف خلوية للحديث مع عائلاتهم، إلا أنّها تبقى تحت دائرة المراقبة الأمنية. ثمة أسرار كشفت من وراء الاتصالات، منها عمليات تهريب المخدّرات، إلّا أننا اقترحنا بناء سنترال مراقب متاح لجميع السجناء».

وتحدّث شربل عن تضخيم موضوع علاقة بالإرهاب قائلاً: «عندما نُقلوا من المبنى د إلى ب لترميمه، لم نجد أسلحة أو قنابل. شهد السجن إدخال مخدّرات للسجناء، إلا أنّ الضباط والعسكريين المتورطين طُردوا، حصلت اتصالات من بعض السجناء مع إرهابيين خارج السجن، لكن لا تجنيد ولا غرف عمليات تدير الإرهاب».

ودعا شربل إلى تسليم إدارة السجن إلى ضباط وعناصر اختصاصيين في السجون، وإلى عدم اعتماد تشكيل العسكريين إلى سجن رومية كعقاب لهم، إنما استبدال الضباط والعسكريين من السجن كل ستة أشهر.

وعن وضع المشنوق السجن تحت إشرافه، أوضح شربل أن وزير الداخلية يغطي الأجهزة الأمنية سياسياً، ويوجّه التعليمات لهم. لكنه ليس مسؤولاً عن كل ما يحصل داخل السجن، الامر يحتاج إلى خطة شاملة تبدأ ببناء سجون جديدة.

No comments:

Post a Comment

Archives