"الأونروا" تُوقف مساهمات الإيواء وتخفّض الغذاء للفلسطينيين
مي عبود ابي عقل
تداعيات الأزمة السورية على لبنان تتوالى وتتضاعف يوما بعد يوم مهددة امنه ونسيجه الاجتماعي ووضعه الاقتصادي بالاهتراء. فإلى مشكلة اللاجئين الفلسطينيين الاساسية منذ العام 1948، اتت منذ 4 سنوات ازمة اللاجئين السوريين الذين يتخطى عددهم المليون ونصف المليون، وتنصل المجتمع الدولي من واجباته تجاهها، تضاف اليها اليوم مأساة نحو 44ألف لاجىء فلسطيني من المخيمات السورية ستقطع "وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين" (الاونروا) مساعدات الايواء عنهم ابتداء من هذا الشهر، لتليها مساعدات الغذاء في ايلول المقبل، بكل ما يشكله هذا الواقع من تأثير سلبي يهدد بانفجار اجتماعي ناره تحت الرماد.
خلال اجتماع اللجنة الاستشارية لوكالة "الأونروا" الذي عقد اوائل حزيران الفائت في عمان، أعلن المفوض العام بيار كرينبول "احتمال توقف الوكالة عن تقديم خدماتها نهائيا في ايلول المقبل، في حال استمرار اوضاعها المالية على ما هي عليه من تدهور"، معلنا ان عجزها المالي يبلغ حتى نهاية العام الجاري 101 مليون دولار، بفعل نقص التمويل من الدول المانحة، ما يعني تاليا وقف تقديماتها وخدماتها للاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان والنازحين اليه من سوريا.
وعند شيوع الخبر نفذ اللاجئون الفلسطينيون سلسلة اعتصامات وحركات احتجاج في عدد من المخيمات، خصوصا ان هذا التصريح يأتي عقب بعض الاجراءات التي سبق ان اتخذتها الوكالة من وقف تسديد بدلات الاسكان للاجئين النازحين من مخيمات سوريا، والتي تبلغ 100 دولار شهريا للعائلة الواحدة ابتداء من اليوم، سبقه خفض بدل الغذاء من 30 دولارا الى 27 دولاارا للفرد ابتداء من نيسان الفائت، وهناك توجه الى رفع عدد التلامذة في الصف الواحد الى 50 تلميذا السنة المقبلة لتقليل الحاجة الى معلمين اضافيين، ووقف التوظيف في المجالات التي تنشط فيها، ومنها برنامج الطوارىء المواكب لمشروع اعادة اعمار مخيم نهر البارد. وأعلنت في 29 حزيران الفائت أن 85% من إجمالي عدد موظفيها الدوليين البالغ عددهم 137 موظفا، والذين يعملون بعقود قصيرة الأجل سيفصلون من العمل، وفق عملية تتم على مراحل وتستمر حتى نهاية أيلول.
منيمنة لحضّ الدول على التسديد
توجست السلطات اللبنانية من انعكاسات هذه الاحداث المتتالية، وحذرت "مجموعة العمل اللبنانية حول قضايا اللاجئين الفلسطينيين" ولجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني من " انفجار اجتماعي مسرحه المخيمات الفلسطينية، وأبدت "تخوفها ان يتسع نطاقه ليطال المناطق اللبنانية". وبعدما تبلغت من وكالة "الاونروا" مباشرة وكذلك من السفارة والفصائل الفلسطينية "احتمال توقف الأونروا عن تقديم خدماتها نهائيا في ايلول المقبل، في حال استمرت أوضاعها على ما هي من تدهور"، زار وفد منهما رئيس الحكومة تمام سلام لدق ناقوس الخطر، ودعاه ووزير الخارجية جبران باسيل الى "الطلب الى سفراء لبنان وبعثاته الديبلوماسية في العالم وفي الامم المتحدة الاتصال بالدول المانحة والقادرة على تقديم هبات ومعونات، الاستمرار في تحمل مسؤولياتها القانونية والانسانية وتأمين التمويل الضروري من أجل تأمين سد العجز في موازنة الاونروا، والذي يتهدد بوقف تقديماتها وخدماتها للاجئين الفلسطينيين، سواء منهم المقيمون في لبنان او النازحون اليه من سوريا، وحضها على تقديم ما يجب من مساعدات، وتوعيتها على حجم المشكلة" على ما قاله لـ"النهار" رئيس لجنة الحوار اللبناني- الفلسطيني الدكتور حسن منيمنة . واعتبر انه "لا يكفي لبنان وضع هذه الدول امام الأخطار الحقيقية، بل حضها على تسديد مساهماتها، لا بل زيادتها، الى حين ايجاد حل، على الاقل في المرحلة القادمة، لهذه المشكلة المستعصية. فالقضية الفلسطينية تبقى مسؤولية المجتمع الدولي والدول الكبرى التي تمتنع عن ممارسة اي ضغط حقيقي على اسرائيل لانجاز حل الدولتين الذي تعلن موافقتها عليه في العلن فقط. ولا مجال امام "الاونروا" في الوقت الحاضر، الا دفع المانحين الى تسديد مساهماتهم وزيادة تقديماتهم، وتأمين التمويل للوكالة الدولية، خصوصا وأن الظروف التي يمر بها لبنان في ظل أوضاع سياسية غير مستقرة، واقتصادية صعبة، وظروف اقليمية معقدة ومتفجرة، سبق أن حملته وتحمله اليوم أعباء ثقيلة لا يستطيع مواصلة النهوض بها".
وكشف عن مشروع كبير يتم العمل عليه حاليا يقوم على "تنظيم احصاء عددي واجتماعي واقتصادي وسكاني للفلسطينيين، فتتمكن الدولة في حال انجازه من رسم سياسات صحيحة قائمة على اعداد حقيقية لعدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان".
وكان رئيس الحكومة تمام سلام استقبل في السرايا الاسبوع الفائت وفدا مشتركا من "مجموعة العمل اللبنانية" و"لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني" ضم نوابا وممثلين للتيارات السياسية اللبنانية، سلمه ثلاث مذكرات تتعلق بقضايا اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، تناولت الاولى منها مضاعفات خفض وكالة "الاونروا" تقديماتها للاجئين الفلسطينيين، ودعت الرئيس سلام الى توجيه تعليماته الى بقية الوزارات المعنية من أجل تخفيف القيود المستجدة على عمل اللاجئين. وتشدد الثانية على "ضرورة حل الآثار السلبية المستجدة على أوضاع اللاجئين، والناجمة عن بعض الخطوات التشريعية والتنظيمية التي شكلت قيودا اضافية على عملهم في لبنان، علما أن توجهات الحكومة ومجموعة العمل ولجنة الحوار، وانسجاما مع القوانين اللبنانية أكدت على اعتماد سياسة تحسين الاوضاع الاجتماعية للاجئين، خصوصا وسط تزايد الضغط المعيشي والنفسي عليهم مع خفض "الاونروا" لموازنتها. ودعت الى حل مشكلة سائقي السيارات العمومية والصيادين والممرضين، نظرا الى حاجة البلد الماسة الى خدماتهم في قطاعي النقل والصيد البحري والمستشفيات" . وأكدت المذكرة باسم المشاركين في مجموعة العمل على "فائدة وامكانية وضرورة اتخاذ اجراءات تسهيل عمل هذه الفئات الثلاثة ، خصوصا أنها لا تلحق أي ضرر بمصالح اللبنانيين". وتضمنت المذكرة الثالثة التوصيات التي سبق ان أقرتها المجموعة وتتناول تيسير العمل بالقوانين اللبنانية المعمول بها ، وقضايا تنظيمية اخرى .
No comments:
Post a Comment