لبنان يقترب من دخول «غينيس» بتكدّس النفايات في شوارعه
«الملاريا» تهدّد المواطنين بعد القضاء على الموسم السياحي
لقد مرّت على اللبنانيين أزمات سياسية واقتصادية وأمنية عديدة، فكانوا يصرخون تارة للمطالبة بحقوقهم ويرحّلون تارة أخرى، في رحلة البحث عن وطن يعيشون فيه حياة كريمة، لكن لم يتوقع أي شخص كان وخصوصاً أولئك الذين يعرفون لبناننا القديم بتاريخه وحضارته وشعبه أنْ يُصبِح لبنان كما هو الآن.
شوارع لبنان استحت من شعبها، وبيروت العاصمة بكت حالها، فالنفايات في كل مكان وعند كل زاوية، والروائح الكريهة لبست هواءنا، وخسر اللبنانيون بيئتهم النظيفة نوعاً ما نتيجة الكميات الهائلة من النفايات المتراكمة، وضاقوا ذرعاً بالروائح الكريهة المنبعثة من أكوام النفايات التي تكدّست في شوارع العاصمة وضواحيها، كما أعلنت الجمعيات البيئية حالة الطوارئ نتيجة حرق النفايات ورائحتها، فأي زمن هذا الذي يعيشه لبنان، وأي رجال هم اليوم حكّامنا، وأي بلد يناديه شعبه «بلد الزبالة»...
محمد المدني
حال المواطنين مع أزمة النفايات
«اللواء» جالت في بيروت واستمعت إلى معاناة المواطنين الذين نال منهم الصبر، وانحرموا حتى من الهواء النظيف.. «مش قادرين نضهر من البيت» بهذه العبارة بدأ «محمود» حديثه إلى «اللواء»، معتبراً أنّه من المعيب أنْ تصبح شوارع لبنان عموماً وبيروت خصوصاً مليئة بالنفايات، ولافتاً إلى أنّ حرق النفايات يسبّب ضيقاً في النفس، ويلوّث الهواء، كما يسبّب أمراضاً عديدة وخطيرة.
أما سميرة الغاش، قالت: «لم أجد في مشكلة النفايات التي أخذت حيّزاً واسعاً في أسبوعنا هذا، إلا صورة واضحة عن فشل الإدارة في تنظيم البلاد، بالإضافة إلى عدم السيطرة على الأوضاع الداخلية والخارجية»، مشدّدة على ضرورة وقف عملية حرق النفايات لأنها تتسبّب بنشر السموم والبكتيريا، ومطالبة رجال الدولة بأعادة الهواء النظيف الى الشعب اللبناني.
بدوره، اعتبر حسين حزوري أنّ سياسة الدولة الخاطئة هي السبب في تلك الازمة، لأن الدولة غير مستدركة للوضع، وغير قادرة على إيجاد حلول بديلة لأي أزمة، مؤكداً أنّه ليس مع فكرة حرق النفايات ولا مع فكرة بقائها في الشارع على هذا الشكل، إنّما هو مع إيجاد حل سريع لإنقاذ حياة الناس وبلدهم وشوارعهم واطفالهم من هذه الكارثة المعيبة.
وفي برج أبو حيدر، اعتبر أسامة شراب أنّ موضوع النفايات وصل إلى حدٍّ يُرثى له بجميع حالاته، لافتاً إلى أنّ الحل بسيط ومتعلّق بفرز النفايات وتقسيمها وإعادة تصنيعها، كما تفعل العديد من الدول في هذا المجال.
وذكر أنّ الكثير من الناس أصابهم المرض بسبب النفايات ويعود ذلك الى تقارير طبية أثبتت أن المشكلة تتفاقم يوم بعد اليوم، والحلول غير موجودة.
وفي مار الياس، أكد «رياض» أنّ «لبنان أصبح بلداً غير قابل للحياة، وعلى اللبنانيين جميعاً بمختلف طوائفهم أنْ يرحلوا منه»، لافتاً إلى أنّ مشكلة النفايات كانت بعيدة كل البعد عن عقول اللبنانيين، والمسؤولون في الدولة لا يشعرون أبداً بمعاناة هذا الشعب الذي وصل فيه الزمن الى معاشرة النفايات وشم رائحتها ومشاهدتها ليلاً ونهاراً، مطالباً اللبنانيين بالضغط على هؤلاء الذين يدّعون بأنّهم مسؤولون ومعنيون ومشرفون على لبنان وشعبه، لإيجاد حلول سريعة وجذرية لحل تلك الأزمة التي أصبحت نقطة سوداء في سجل لبناننا».
وعلى سبيل السخرية والانتقادات المتواصلة للدولة اللبنانية، رأى محمد عيتاني أنّ لبنان سيدخل موسعة «غينيس» هذه المرّة من الباب الواسع، بعد تكدّس النفايات في مختلف شوارعه، وتحوّلها إلى معلم سياحي لن يستطيع أي بلد آخر منافسته على هذا الموقع، معبّراً عن استيائه لإقدام البعض على حرق النفايات التي من شأنها ان تتسبب بالكثير من الامراض.
نوّاب بيروت تبنّوا مطالب عكار الإنمائية
وفي حديث لـ»اللواء» مع النائب محمد قباني، الذي أكد «أنّ هناك تواصل دائم بين نواب بيروت والرئيسان سعد الحريري وتمام سلام الحريري، وهما متضامنان ويتبنيان المطالب التي طرحها نوّاب بيروت وسنعمل جميعا من أجل تحقيقها، إضافة الى نوّاب عكار».
وذكر أنّ نواب العاصمة يتبنّون بعض المطالب الإنمائية لمنطقة عكار، والتي تتلخّص بإنشاء فرع للجامعة اللبنانية في عكار، خاصة أنّ هناك مبنيين متوفران يمكن وضعهما بتصرّف الجامعة، كما هناك فائض في الأساتذة الذين يستطيعون ملء الحاجات التعليمية في هذا الفرع المطلوب، مؤكداً دعم نوّاب بيروت لإنشاء أي فرع للجامعة اللبنانية في أي منطقة محرومة وتحتاج إلى إنشاء فروع فيها. أما الموضوع الثاني، هو حاجات عكار الإنمائية، والمعروف أنّ هناك قراراً صدر، وبعده مرسوم، بتخصيص مبلغ 503 ملايين دولار في أيار من العام 2014، خصّصت منها عكار بسبعة ملايين دولار فقط، ونحن نعتبر أنّ هذا الأمر مجحف بالنسبة إلى هذه المنطقة التي فيها نسبة غير قليلة من سكان لبنان، تصل إلى 16%، وتحتل مساحة كبيرة من مساحة لبنان، ونطالب بأن تأخذ عكار حقها العادل من الإنماء الذي كنا وما زلنا نتمناه».
وخلال الاجتماع الذي عقده نوّاب بيروت في «بيت الوسط»، بحضور رئيس المجلس البلدي لمدينة بيروت المهندس بلال حمد، تحدث عن قرارين اتخذهما مجلس بلدية بيروت، والقرار الأول يقضي بمطالبة مقام مجلس الورزاء بأن تستمر شركة «سوكلين» بما كانت تقوم به قبل 18-7-2015، على صعيد بيروت الإدارية، ما عدا الطمر الذي توقف حتما بتوقف مطمر الناعمة. أما القرار الثاني، فهو إننا نُعد عقدا مع شركة خاصة تملك عقارا أو أكثر خارج النطاق البلدي لمدينة بيروت، لأنه داخل المدينة ليس هناك عقار ضخم يمكنه أن يستوعب ما كان يطمر في الناعمة، على أن تقوم هذه الشركة باستلام بقايا النفايات وترميها أو تطمرها في موقع خارج المدينة.
«الملاريا» يطرق أبواب اللبنانيين
وعلى المستوى البيئي، أجرت «اللواء» حديثاً مع الناشطة البيئية الدكتورة فيفي كلاب للحديث عن أزمة النفايات في لبنان، حيث اعتبرت أنّ النفايات هي اشارة سلبية على المستوى الصحي للسكان وعلى مستوى المنظر العام، مشيرة الى أن في ظل هذا الطقس الحار قد تتسبب النفايات في مرض «الملاريا»، إضافة الى ضيق النفس والحساسية، وبسبب الرائحة التي تنتج عن تراكمها تحوم حولها الحشرات الصغيرة التي تحمل «ميكروبات» خطرة على حياة الانسان الصحية، كما تؤثر سلباً على حياة الأطفال الشيوخ.
وحول موضوع حرق النفايات، لفتت «كلاب» إلى أن النفايات تحتوي على مواد إلكترونية كالبطاريات ومواد أخرى، وتحتوي ايضاً على مواد منتهية الصلحية لأن تلك المواد تتسبب بأفراز مواد سامة، مشيرة الى أن الجمعيات البيئية ترفض حرق النفايات في المصانع نتيجة الدخان الملوث الذي ينتج عن حرقها، فكيف ستسمح بحرقها في الشارع، اي قرب البيوت والمدارس ومراكز العمل والمستشفيات.
وردّاً على سؤال حول الحلول الممكنة لهذه المشكلة، أكدت أنّ هناك حلا بسيطا ومحتمل التنفيذ ومتعلّق بإيجاد ارض بعيدة عن المناطق السكنية لتنقل اليها النفايات ولو لفترة محددة، اضافة الى أنشاء معامل لفرز النفايات وتدويرها، وفرض استرداد البقايا الالكترونية من قبل الشركات المصنعة، من مستخدميها بعد انتفاء الحاجة إليها، وذلك لإعادة استخدامها في التصنيع، ما وفر التكلفة التي يمكن أن تدفع في سبيل التخلص منها، اضافة الى لا مركزية النفايات، مشيرة الى أن لا حلول سحرية حول النفايات وأن هذا الحل هو الاقل كلفة والأكثر صحي ويتبع على المدى البعيد.
«النفايات» تعرقل العجلة السياحية
من الطبيعي أن تكون الأيام التي نعيشها هي من أهم المحطات السياحية التي تنعش الاقتصاد نوعاً ما، حيث تتحضر الفنادق والمطاعم والمقاهي والملاهي كل عام لاستقبال الموسم السياحي، الا أن مشكلة النفايات كان لها رأي آخر، حيث أشار وزير السياحة ميشال فرعون بعد لقائه الرئيس تمام سلام الى أن الوضع الأمني هادئاً، وهناك اتفاق أمني بين الأجهزة الأمنية التي تمنع أي تدهور أو إرهاب، وإذ أصبح لدينا خط أحمر في السياسة، ولدينا أزمة النفايات التي تؤثر على الموسم السياحي، كان لدينا فرصة خلال هذين الشهرين لأن الأوضاع الأمنية مقبولة، وإذ بنا نعطي في أزمة النفايات صورة غير مشجعة للسياحة، ولا أحد يريد تحمل مسؤولية نفايات العاصمة.
غالباً ما تترافق الأزمات والحلول، فلكل مشكلة حل، أما في لبنان، فالمعادلة معاكسة، ففي بلدنا غالباً ما تترافق الأزمات والمشاكل والكوارث التي تقضي على أمال اللبنانين بعيش حياة كريمة بمختلف المجالات، ففي الاقتصاد لا معيشة واحتكار، وفي السياسة تلاعب يدفع ثمنه المواطنون، وفي الشوارع «نفايات» لا يشمها الا البنانيون.
No comments:
Post a Comment