نجلة حمود
هي ليست المرة الأولى التي يعبّر فيها النازحون السوريون إلى مختلف قرى وبلدات عكار عن استيائهم جراء شح مساعدات دول الخليج وحتى مساعدات المنظمات الدولية، وتحديداً «مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين» وشركائها لجهة الاستمرار في شطب العديد من الأسر من قوائم المساعدات الغذائية، والتوقف عن دفع الإيجارات وطرد النازحين إلى الشارع.
ولكن مع تضييق الخناق عليهم بدأت ترتفع الصرخات تباعاً في مختلف المناطق، وتحديداً لجهة تخلي عدد من المؤسسات الدولية عن التزاماتها تجاه النازحين. وكثرت الشكوك في شأن طبيعة عملها، وكيفية صرفها للأموال، إضافة الى الشكوك حول عمل عدد من الموظفين.
وبات واضحاً أن جميع البلديات منزعجة من طريقة عمل المنظمات ولكنهّا لا تجاهر في التعبير عن رأيها خوفاً من أن تتم معاقبتها واستبعادها من الهبات والمساعدات.
ويمكن القول إن بيان «الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون» الذي أبلغ أهالي وادي خالد عبر رسائل نصية عن توقف مشروع الدعم النقدي للعائلات المستضافة في وادي خالد، فوراً، ومن دون أي تحذيرات مسبقة، وتأكيده «أن لا مزيد من المدفوعات وأن المشروع كان سينتهي في آذار على أي حال، وأن قرار التوقيف جاء قبل الوقت المحدد له، بسبب لوائح المستفيدين غير الصحيحة والعديد من التهديدات بالقتل والاعتداءات الجسدية على موظفي المشروع بشكل متكرر». كما يعطي (البيان) صورة واضحة عمّا يجري في محافظة عكار من سمسرة وفساد في الأعمال الإغاثية.
ويؤكد عدد من فاعليات وادي خالد أن «أسهل أمر للتملص من الالتزامات هو التذرع بالأمن في المنطقة الحدودية».
ويتساءل هؤلاء: «هل معالجة الفساد والمخالفات تتم عبر قرارات ارتجالية بحال وجود تلاعب في القوائم؟ ومن يجرؤ على تهديد الموظفين؟ ولماذا لا يتم الادعاء على هؤلاء بحال كان ذلك صحيحاً؟».
إلى الإنماء
يتحدث مخاتير منطقة وادي خالد عن أن «ما يجري يعد مهزلة بحق النازحين واللبنانيين على حد سواء». ويشيرون إلى أن «المنظمات كان باستطاعتها أن تدعم أبناء المنطقة والعمل بحرية، لو أنها طلبت المساعدة من جانب شباب المنطقة من حملة الشهادات والذين يسعون وراء فرصة عمل».
وتوجّه الشيخ أحمد الشيخ باسم أهالي وادي خالد إلى «المسؤولين والاجهزة الامنية والقضائية كي تنظر الى أهل الوادي الذين تم قطع المساعدات عنهم».
أضاف: «لا يجوز أن يستمر الحرمان الواقع على المنطقة، لا سيما أنّ الأوضاع تتفاقم يوماً بعد يوم، ما ينذر بواقع صعب وبفتنة لا نقبل بها».
وتسعى بعض بلديات عكار إلى المشاركة في مؤتمرات دولية بهدف حث المنظمات الدولية على افتتاح مكاتب لها في عكار، والعمل عن قرب مع النازحين المنتشرين في المناطق الحدودية، حيث شارك رئيس بلدية عيون الغزلان خالد المرعبي ورئيس بلدية تاشع بلال ياغي في مؤتمر «منظمة المدن المتحدة والحكومات المحلية فرع الشرق الأوسط وغرب آسيا» في تركيا، وأعمال المؤتمر الثاني لدراسة أوضاع النازحين من سوريا إلى لبنان وذلك بعنوان «من الإغاثة إلى الإنماء».
وأوضح المرعبي «اننا سنشارك في مؤتمر سيعقد في مدينة غازي عنتاب في مطلع أيار للبحث في أوضاع النازحين السوريين، وكيفية التعامل معهم كما سيتم إنشاء مكتب للمنظمة في عكار».
شطب مستفيدين
يؤكد نازحون إلى عكار أن «العديد ممن جرى شطبهم هم من المحتاجين أو الأرامل والنساء اللواتي نزحن إلى لبنان مع أزواجهن ولم يلبث أن غادر الزوج إلى سوريا فبقيت الزوجة والأولاد بمفردهم في لبنان يواجهون القلة والعوز».
يضيف هؤلاء: «لقد جرى تحديداً شطب العائلات الكبيرة التي فيها مجموعة من الشبان على أساس أن باستطاعة هؤلاء العمل، ولكن هل العمل متوفر؟ وهذه العائلات ما عادت تتلقى الخدمات الصحية الضرورية بعد تقليص خدمات المفوضية إلى أدنى الدرجات، وعدم الاعتراف بالكثير من العمليات الجراحية المستعجلة».
في مخيم النازحين في بلدة بلانة الحيصة شكاوى بالجملة على المفوضية التي أقدمت على شطب ما يزيد عن 50 في المئة من لاجئي المخيم. وذلك على الرغم من الأوضاع المأساوية التي يعاني منها النازحون، حيث تقطن عائلتان في كل خيمة، فضلاً عن انتشار الأمراض الجلدية المعدية بين النازحين، وتحديداً الجرب واللوشيميا. و«كأن هناك صبغة على المخيم»، يقول مسؤول المخيم خالد فرج حسين. ويؤكد أنه «من غير الطبيعي أن تحجب عنا مختلف أنواع المساعدات، وحتى عندما نقوم بمراجعة المفوضية أو الاتصال بالأرقام المخصصة لا يتم الالتفات إلينا على الإطلاق».
يضيف إن «المخيم يضم أكثر من ثلاثة آلاف نازح يعيشون في ظل غياب أدنى شروط مقومات الحياة، حيث لا مياه ولا صرف صحيا، ونحن قمنا بتأمين مولد كهربائي لتشغيله مرتين يومياً بهدف التزود بالمياه بالحد الأدنى».
يتابع: «نراجع المعنيين من دون أن نلقى أي جواب. وبالنسبة إلى المساعدات الخليجية فلا يصلنا منها سوى الفتات، إذ تقوم مافيا الجمعيات والسماسرة ببيع الحصص والأغطية، في حين أن الأطفال يعانون البرد والجوع والمرض».
ويؤكد حسين «إن غياب أي راعٍ رسمي لنازحي بلانة الحيصة أهدر كل حقوقنا، إذ إن البلدية لا تتدخل في ما يجري ولا تتابع أمور النازحين، ما أعطى ذريعة للجمعيات لعدم التعاطي معنا».
إبعاد المشتبه به
«لقد تعاونا مع المفوضية التي زارت المخيم حين إنشائه منذ عامين، وقاموا بتعييني مندوباً لهم لكي أطلع على جميع الحالات المرضية وأقوم بتسجيلها ونقلها»، يقول فضل الله العلي. ويضيف: «لقد تعاونوا معنا في الفترة الأولى ثمّ قاموا بشطب غالبية العائلات، وقطعوا عنها المساعدات الغذائية».
يروي الستيني عناد طعيمة المحمد الذي بترت ساقه، ومعاناته بعدما شطبت المفوضية اسمه من لائحة المستفيدين من مساعداتها.
يضيف: «لقد قمت بتقديم طلب استئناف، لكن من دون جدوى».
في المقابل، أوضحت «الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون» انّها «لا تقوم بدفع أي بدل إيجار للمالك ولا تسدد كلفة التصليحات في الشقق، بل تساهم في الضيافة التي لطالما امتازت بها العائلات اللبنانية شرط ان تستوفي معايير المشروع»، مشيرة إلى أنه «يتم سداد الدفعات بمفعول رجعي لضمان تطبيق معايير الأهلية الخاصة بالاستضافة خلال الأشهر الثلاثة الماضية».
وإذ نفت الوكالة إبرام عقود مع العائلات اللبنانية المضيفة، أشارت إلى أنها «لا تطلب من المستفيدين التوقيع سوى على استمارة التسجيل الخاصة بها».
ولفتت إلى أنها على «علم بالتحديات والشكاوى التي برزت مؤخراً، لا سيما في بلدتين من أصل 16 في قرى في وادي خالد وأكروم، وقد اتخذت اجراءات بحق أحد موظفيها السابقين المشتبه بضلوعه في عملية اختلاس أموال. وقد تم فسخ عقد هذا الموظف».
No comments:
Post a Comment