هديل فرفور
قد يسأل كثيرون عن «الفرق» الذي تحدثه المشاركة في تظاهرة لحماية النساء من العنف الأسري. حجة السائلين أن ثمة أموراً «أهم» و«أخطر». إلا أنه يخفى على هؤلاء ما تعنيه، حقاً، هذه المشاركة. أن تشارك في تظاهرة دعت إليها إحدى منظمات المجتمع المدني لإقرار قانون يحمي النساء من العنف الأسري، يعني أنك خرجت من «قوقعة» الأمن، المراد لنا، منذ عقود، الانشغال بها، وأنك «آمنت» بقضايا أخرى لم يدفعك إلى الإيمان بها رجل دين أو رجل سياسة... نزلت إلى الشارع ووجدت أن من يسير إلى جانبك ليس من طائفتك أو انتمائك السياسي هذه المرّة، لكنك لم تكترث بذلك، لأنكما تقاومان الجهة نفسها هذه المرة. ما يجمعكما وجعٌ يرمي بثقله كل الاختلافات الحاصلة. فأي «فرق» هم يجهلون؟
أن تشارك في التظاهرة، لا يعني أنك ترفض الذكورية «المستفحلة» في الذهنية اللبنانية فحسب، بل يعني أنك تطالب بمجتمع «صحي» يحارب المجرمين – المرضى، ذلك أنهم استطاعوا أن يقتلوا أشخاصاً يحبونهم، أو على الأقل كانوا يحبونهم، فهل يرتدع الشخص الذي قتل أمّه أو أخته أو ابنته أو زوجته عن القتل؟ كيف بنا نتجاهل «تجوالهم» بيننا؟ وكيف بنا لا نطالب بالقضاء عليهم؟ فأي «فرق» هم يجهلون؟
أن تشارك في التظاهرة، يعني أن «تطهّر» الأم والزوجة والأخت والابنة من جرثومة «الشرف» التي تجعل جسدها وأفكارها ونمط حياتها تابعاً لذكر قد لا يكون «رجلًا»، فأي «فرق» هم يجهلون؟
أن تشارك في التظاهرة، يعني أن تثبت أن الشرف يتعدى البكارة ويشمل الجرأة على الإيمان بمجتمع مدني «يطيح» الدين السياسي الذي يعتنقه مجتمعنا الحالي، وإدراك أن ما من مجتمع «حر» يقوم من دون حرية المرأة، فأي فرق هم يجهلون؟
إلى «المستخفين» بهذه التظاهرة، كان عليكم أن تنزلوا كي تشاهدوا جموع المشاركين، وتسمعوا حناجر «الرجال» قبل «النساء» وتروا «المستشعرين» بالخطر على مجتمع لا يحمي نساءه. عندها، كنتم ستدركون الفرق الذي تحدثه هذه التظاهرات.
No comments:
Post a Comment