The Lebanese Center for Human Rights (CLDH) is a local non-profit, non-partisan Lebanese human rights organization in Beirut that was established by the Franco-Lebanese Movement SOLIDA (Support for Lebanese Detained Arbitrarily) in 2006. SOLIDA has been active since 1996 in the struggle against arbitrary detention, enforced disappearance and the impunity of those perpetrating gross human violations.

Search This Blog

September 24, 2012

Alakhbar - Lebanon, 13 Sudanese Refugees released from GSO, September 24 2012

بعد قرابة شهر من الاحتجاز، أفرج الأمن العام عن اثني عشر لاجئاً من الثلاثة عشر المحتجزين لديه. بينما الإفراج عن اللّاجئ الأخير سيكون في موعد رحيل طائرته إلى الولايات المتحدة. بعد العودة إلى «الحريّة»، اجتمع اللّاجئون أمام المفوضيّة العليا للأمم المتحدة لشؤون اللّاجئين ليخبروا، هذه المرّة، قصّة الاحتجاز
زينب مرعي 
في 11 أيلول 2012 أُفرج عن الدفعة الثانية من اللّاجئين السودانيين المحتجزين في نظارة الأمن العام، ليصبح عدد المفرج عنهم اثني عشر لاجئاً، إلّا واحداً. فاللّاجئ الثالث عشر، وهو محمد عبد اللطيف، لا يزال وحده، من دون أنيس، في نظارة الأمن العام، بما أنّ موعد انتقاله إلى أرض «اللاّمستحيل»، الولايات المتحدة، قد اقترب. من المفترض أن يطلق سراح عبد اللطيف في 26 الجاري ليخرج من النظارة مباشرة إلى المطار حيث تنتظره عائلته، وحياة في الجانب الآخر من الكرة الأرضيّة لطالما حلم بها هو وأصدقاؤه.
أصدقاء عبد اللّطيف سعداء لسفره. عبّروا عن ذلك خلال لقائنا بهم بعد قرابة شهر من الاحتجاز. سجنوا لا لشيء، سوى أنّهم قرّروا الاعتصام أمام مكاتب المفوضيّة العليا للأمم المتحدة لشؤون اللّاجئين. وبدل أن تحميهم الأخيرة طلبت من الأمن العام احتجازهم!
بعد إطلاق سراحهم، اجتمعوا مجدداً أمام مكاتب المفوضيّة ليخبروا قصّتهم في نظارة الأمن العام. هذه المرّة اختاروا رصيفاً محايداً. لم يجتمعوا على الرصيف الذي اعتاد حمل اعتراضاتهم ولافتاتهم وخيمهم الكرتونيّة وأوجاعهم، بل على آخر قريب منه، أكثر بعداً عن مكاتب المفوضيّة. فالوقت الآن «ليس للاعتصام، بل لإعطاء المفوضيّة فرصة لحلّ مشاكل ملفّاتهم»، كما يقولون. لكنهم يلفتون إلى أنه إذا بقيت الأخيرة على إصرارها في عدم تقديم الحلول، فهم ينبئونها بعودة قريبة للاعتصام، وخصوصاً أنّ سجنهم في نظارة الأمن العام لم يثر الخوف في نفوسهم، كما كانت تشتهي المفوضيّة.
يتذكّر اللّاجئون يوم أيقظهم الدرك باكراً مطلع الشهر الفائت، أمام باب المفوضيّة الذي كانوا يقفلونه بأجسادهم، بالركل بأرجلهم. من مخفر الرملة البيضا، انطلق اللّاجئون الثلاثة عشر إلى مقرّ الأمن العام في «بيك آب». بقوا في الشمس ينتظرون، والأصفاد تأكل من لحم أيديهم، وبطونهم فارغة في شهر رمضان. انتظروا نحو ساعة ونصف ساعة، إلى أن قرّر الـ«بيك آب» التحرّك بهم نحو الأمن العام في المتحف. هناك دخلوا غرفة التفتيش التي جُرِّدوا فيها من ملابسهم كاملةً، كما يقولون. هذا الإجراء تحديداً، يبدو أنّه ترك أثراً عميقاً في نفوس اللّاجئين؛ إذ إنّهم أولاً لم يرتكبوا أيّ جرم، وثانياً هل هذه هي الطريقة الوحيدة للتفتيش؟ بالنسبة إلى اللّاجئين، كانت هذه المذلّة القصوى. بعد تعريتهم يقول اللّاجئون إنّهم سيقوا إلى الأمانات حيث جُرِّدوا من كلّ ممتلكاتهم، ولم يسمح لكلّ منهم إلا بالاحتفاظ بمبلغ 50 ألف ليرة. بعدها إلى النظارة. في تلك الغرفة التي يقدّر اللّاجئون حجمها بـ8 أمتار طولاً و3.5 أمتار عرضاً، أصبح، مع وصولهم، عدد الموقوفين يناهز 55 موقوفاً. يقول أحد اللّاجئن، الجزولي، إنّه كان يتهيّأ له، وهو ينام بينهم، أنّه في مقبرة جماعيّة. «من شدّة ازدحام النظارة، إذا أردت تغيير الجنب الذي أنام عليه، كان عليّ أن أقف ثم أقع على جنبي الآخر». كانت النظارة تضمّ مرتكبي الجرائم مع المغتصبين، إلى جانب المعتصمين أمام أبواب المفوضيّة، أي إنها كما يقول هارون «استضافة خود خبرة».
في نظارة الأمن العام أيضاً، كان يمكن الموقوفين أن يستمتعوا برشاشين للمياه في الحمام. كان يمكن، لولا أن كليهما لا يعملان، بحسب اللّاجئين. لهذا كانوا يأخذون حمامهم «بغالون الشامبو». وإذا كان كلّ ذلك لم يكف لتذكيرهم بأنّهم ليسوا في فندق خمس نجوم، فإنّ الطعام البائت كان يذكّرهم بذلك بالتأكيد.
أكثر ما يتذكّره مجدي هو ليلة العقاب. يروي أنه حين علم سوداني من الجنوب، موقوف في النظارة منذ ثلاث سنوات، بوجود الإعلام في مقرّ الأمن العام قام بحركة احتجاجيّة مع محتجزين آخرين. يضيف مجدي أنّه رغم عدم مشاركته في الشغب، إلا أنّه عوقب مع الآخرين بتكبيلهم بالأصفاد إلى الزنزانة من الساعة الثالثة حتى الثامنة مساءً.
في الأمن العام خضع اللّاجئون لـ«تحقيقين». طرحت عليهم في الأول أسئلة روتينيّة كما يقولون. «ما اسمك»؟ «كيف دخلت إلى لبنان؟»... أمّا التحقيق الثاني فكان استفزازياً بعض الشيء بحسب اللّاجئين. «كم تتقاضى في لبنان؟»، «كيف تعيش؟». عندما أجاب الجزولي عن الأسئلة، أردف الضابط قائلاً: «عيشتك زبالة يعني». وعندما رفض الأخير مواجهة الإهانات التي كانت تنهال عليه بالصمت، ضربه الضابط حتى أغمي عليه بحسب قوله. يضيف صديقه علي محمد آدم أنّه بقي مغمىً عليه لمدّة عشر دقائق، قبل أن يعود الضابط لمتابعة «التحقيق» معه.
إذلال السجن يعيد إلى اللّاجئين ذكريات الإذلال خارجه. الجزولي الشاب، يتذكّر أول بيضة سقطت عليه في شوارع بيروت. مرّ الشاب على درّاجته الناريّة ورمى ببيضة على الجزولي. التفت الأخير ليحاول الإمساك به، فمنعه صديقه الذي كان يعرّفه إلى الحياة اللبنانيّة، وقال له إنّه من الآن فصاعداً عليه أن يتحمّل من يصفعه بلا سبب في الطريق أو يرشقه ببيضة أو يخدشه بسكّين، ويكمل سيره كأنّ شيئاً لم يكن.
وهم يخبرون قصصهم يمرّ نازح سوريّ، يسألهم بالإنكليزيّة إن كانوا يتكلّمون العربية، هو الذي كان يستمع إليهم يروون قصصهم بلغته الأم. عندما يردّون بالإيجاب، يسألهم عن اتجاه جسر الكولا. يتحرّك اللّاجئون ليشيروا إليه بالاتجاه الصحيح، فيذهب هو نهاية بالاتجاه المعاكس. يضحك اللّاجئون ويقولون: «يسأل عن جسر الكولا وكأنه لم يخدم خدمته العسكريّة في لبنان! مرّ علينا للسخرية فقط». فبعد خمس عشرة سنة قضاها بعضهم في انتظار السفر، أصبحوا يعرفون كلّ شيء عن البلد، من دون أن يستطيعوا أن يكونوا من أهل البلد.
________________________________________
مباشرة إلى المطار
حين زرنا اللّاجئين في الأمن العام (http://www.al-akhbar.com/node/166051)، أخبرنا مصدر أمني بقرار عدم الإفراج عن اللّاجئين المحتجزين الذين تقرّر سفرهم إلى بلاد إعادة التوطين، إلا لإيصالهم إلى المطار. لكن ما الجدوى من هذا القرار، ولم لا يفرج عن محمد عبد اللطيف ليهيّئ نفسه بنحو لائق مع عائلته للسفر؟ يتساءل أصدقاؤه. 

No comments:

Post a Comment

Archives