The Lebanese Center for Human Rights (CLDH) is a local non-profit, non-partisan Lebanese human rights organization in Beirut that was established by the Franco-Lebanese Movement SOLIDA (Support for Lebanese Detained Arbitrarily) in 2006. SOLIDA has been active since 1996 in the struggle against arbitrary detention, enforced disappearance and the impunity of those perpetrating gross human violations.

Search This Blog

September 7, 2012

Alakhbar - Lebanon 40 lebanese family escaped from Syria, September 07, 2012

كان الخوف من القتل على الهوية هو الدافع الحقيقي للهروب (روميت بكتاس ــ رويترز)

أكثر من 40 عائلة لبنانية غادرت، أخيراً، سوريا هرباً من الحرب الدائرة فيها، وعادت إلى مسقط رأسها في قرى الجنوب. العائلات التي مضت على إقامتها في سوريا عشرات السنين تروي ظروف الحياة هناك وصعوبة الاستمرار هنا
داني الأمين                        
قبل عقود، هاجر العديد من أبناء القرى الجنوبية إلى مناطق مختلفة في سوريا لأسباب أمنية واقتصادية. مرّت السنون، استقرّت الأحوال في لبنان لكنهم لم يفكروا بالعودة إلّا مع الأحداث الأخيرة. فالاستقرار هناك لم يكن يقارن بالوضع اللبناني، كما يقولون. يؤكد أبو علاء، العائد من مدينة درعا السورية إلى بلدته بنت جبيل «أننا لم نعان يوماً في سوريا من قلّة العمل أو الرزق، ولا من أي مشاكل طائفية أو مذهبية». يضيف الرجل الذي عاد مع 38 أسرة «لم نكن نتخيّل يوماً أن نعود إلى بلدتنا بنت جبيل، هرباً من الأوضاع الأمنية أوالاقتصادية. كان حلمنا أن نعود بملء إرادتنا إلى وطننا».
ليست بنت جبيل البلدة الوحيدة التي شهدت عودة أبنائها وأحفادهم من سوريا، بل حدث ذلك في قرى وبلدات مختلفة مثل شقرا والطيبة والغازية ومعروب وغيرها... هذه العائلات التي تحرص على عدم الظهور الإعلامي، خوفاً على من بقي من أبنائها وممتلكاتها هناك، تعيش اليوم بين نارين. نار العودة مجدداً إلى سوريا لما قد ينتظرها بعد التهديدات التي تعرّضت لها، ونار البقاء في الجنوب حيث تضيق بها سبل العيش وشحّ الخدمات والرعاية في ظلّ الغلاء الفاحش للمواد الغذائية وانعدام فرص العمل وانقطاع المياه والكهرباء. تتحدث أم هشام (اسم مستعار)، الوافدة مع أربعة من أبنائها من مدينة حلب السورية، عن الأوضاع المعيشية الصعبة في حلب بسبب انقطاع الغاز والطحين والخبز وجشع التجّار، حتى باتت معظم العائلات المتواضعة تعتمد على ما تبقى من التموين المنزلي، بانتظار ما هو أعظم، ما اضطرّها إلى ترك زوجها وابنها هناك على أمل الّلحاق بها وأولادها في ما بعد. تقول إن «الخوف من القتل على الهوية أو الانتماء للنظام السوري هو الدافع الحقيقي للهرب، إضافة إلى الوضع الاقتصادي». وصلت السيدة إلى منزل أخيها المتواضع في شقرا، لتجد شقيقتها الصغرى زينب، التي كانت تقيم في بلدة قارا السورية على الحدود مع بلدة عرسال البقاعية، قد سبقتها مع أبنائها أيضاً. تؤكد الأخيرة أنها هربت «خوفاً على الأولاد من القتل، ليس من أبناء قارا، بل من الغرباء الذين دخلوا البلدة، التي كان عدد سكانها 23 ألف نسمة، وبات اليوم يقارب اليوم 100 ألف نسمة». تضيف «من بين هؤلاء من لا يرحم، ويتعامل على أساس الانتقام من أي موالٍ للنظام». كذلك تشير إلى «الغلاء الفاحش للمواد الغذائية، ارتفاع سعر قارورة الغاز الذي وصل إلى 1700 ليرة سورية وانقطاع الخبز». تروي كيف أنّ المسلحين باتوا يحتكرون شراء المواد التموينية والبنزين والغاز ومن ثم يبيعونها للأهالي في السوق السوداء، وهم يفرضون على الجميع المشاركة في الاعتصامات وتشييع القتلى وإلّا تحرق منازلهم ومحالهم التجارية وتهدّد حياتهم بالقتل. اليوم، تعيش زينب وشقيقتها وأولادهما حالة تقشّف في منزل أخيهما، ولم تصل إليهما أية مساعدة تذكر رغم الوضع الاقتصادي الصعب.
في شقة صغيرة تضم غرفتين ومطبخاً صغيراً ومرحاضاً، يعيش أبو أيوب مجير منذ 3 أشهر مع 10 أفراد من أولاده وأحفاده وصهره السوري الجنسية، بعدما تعرّض وعائلته للتهديد المتكرّر وشاهد العديد من جرائم القتل، «شاهدت المسلّحين وهم يجلدون أحد أبناء الحيّ الذي أسكن فيه في بلدة داعل في محافظة درعا، ثم يطلقون الرصاص عليه ويقطعون جسده بالسكين». يضيف: «سبق للعديد من المعارضين السوريين أن تظاهروا تحت منزلي، وهدّدوا باعتقال ولدي، وسرقوا سيارتي وبعد مجيئي إلى هنا أقدموا على سرقة المنزل وتكسير أبوابه». لكن مجير يعيش اليوم ضائقة مالية ويبحث عن العمل ولا يجده، «فالحدّ الأدنى من المعيشة يتطلّب يومياً أكثر من 50 دولاراً، ونضطرّ لشراء المياه، حتى أن المساعدات الغذائية كنا نحصل عليها في شهر رمضان فقط، لذلك كل همي اليوم إيجاد عمل لي ولصهري، وإلّا فقد اضطر للعودة إلى سوريا كما فعل عمّي منذ أيام».
في مدينة داعل في محافظة درعا تعيش أسرة أبو مجير منذ عشرات السنين. اندمج أفرادها في مجتمعهم الجديد وحصلوا على مراتب علمية لافتة، ويزيد عددهم على 200 شخص، كما يعيش في المحافظة عينها عدد كبير من عائلات بنت جبيل. ويشير المختار محمد عسيلي إلى أن «15 أسرة من بنت جبيل تعيش في حيّ الست زينب في دمشق، تعرّضت في الأشهر الماضية لتهديدات واستفزازات بسبب انتمائها المذهبي، وكتبت شعارات تهديد على منازلها من قبل ملثّمين وهي اليوم تتخوف من البقاء في منازلها رغم عودة الأمن إلى الحيّ».
يذكر أنّ هجرة العشرات من اللبنانيين إلى سوريا والأردن، تعود إلى أيام الانتداب الفرنسي عندما رفض العديد منهم الاستعمار الفرنسي، فحاربهم الفرنسيون، وولّوا هاربين إلى أماكن مختلفة، لا سيما تلك القريبة من جنوب لبنان. «كانوا يفرّون سيراً على الأقدام أو بواسطة البغال والحمير»، يقول أستاذ التاريخ بلال ياسين، الذي فوجئ بوجود «مئات اللبنانيين من قضاء بنت جبيل في مناطق قريبة في الأردن وسوريا، بينهم أسر تنتمي بجذورها إلى مقاومة الاستعمار». ويشير المؤرّخ محمد جابر آل صفا إلى أنّ المرجع الديني الراحل السيد محسن الأمين أدى دوراً في إقامة العديد من العائلات الجنوبية في سوريا، لا سيما بعدما أسس مدرسة في دمشق سميت «المدرسة العلوية» وسميّ حيّ سكني وسط دمشق باسم «حيّ الأمين» تقديراً لدوره العلمي والإصلاحي. وبحسب المؤرّخ الراحل الدكتور علي مرتضى الأمين، في كتابه «ثائر من بلادي»، «قاد أحد أبرز مقاومي الاحتلالين التركي والفرنسي في جبل عامل علي حرب، من بلدة تولين في قضاء مرجعيون إلى جانب المقاومين أدهم خنجر وصادق حمزة الفاعور، مجموعة عسكرية لمقاومة الاحتلال الفرنسي، في كلّ من تبنين والشقيف وصور وقد حاربه الفرنسيون إلى أن فرّ متنقلاً بين سوريا والأردن». ويقول مختار تولين السابق محمد ابراهيم عوالة إنّ حرب وعدداً كبيراً من أبناء جبل عامل تركوا البلاد مرغمين هرباً من الجنود الفرنسيين بسبب محاربتهم للاستعمار. ويشير ياسين إلى انّ الجيش الفرنسي شن حملة «النيجر» واجتاحوا جبل عامل وكان شعارهم القضاء على رجال العصابات، مستفيدين من السموم التي تنشرها إحدى الصحف اللبنانية، «وقتها تم تدمير بنت جبيل، بهدف اعتقال رجال المقاومة، لا سيما أدهم خنجر وصادق حمزة الفاعور وعلي حرب، بعدما أطلق خنجر النار على الجنرال غورو وأصابه، عندها استطاع عدد من الثوار الفرار إلى سوريا».

مساعدات طالت 38 أسرة
تحتضن مدينة بنت جبيل أبناءها الآتين من سوريا، فتقدم لهم المساعدات المختلفة، رغم قلّة الحيلة كما يشير المختار محمد عسيلي، الذي كان على تواصل دائم مع هذه العائلات منذ العام 2003. «البلدية وحزب الله وهيئات المدينة المختلفة تعاونوا على تقديم ما تيسّر من المساعدات للعائلات الـ38، فاستأجروا لهم الشقق السكنية ويؤمنون بدل الإيجار الدائم لهم، إضافة إلى تأمين الأثاث اللّازم (لكلّ شقة: برّاد ماء، وغاز وتلفاز وفرش ومقاعد للجلوس)». ويلفت عسيلي إلى أنّ حزب الله اشترى بالتعاون مع البلدية ولجنة الوقف ومكتب الخدمات الاجتماعية التابع للمرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله وعدد من أبناء بنت جبيل ومؤسساتها قطعة أرض كبيرة لهؤلاء كي يتسنى لهم بناء المنازل عليها، إضافة إلى تقديم المساعدات المختلفة واستئجار المنازل، وتوفير ما تيسّر من فرص العمل للشباب».

No comments:

Post a Comment

Archives