زينب زعيتر, الجمعة 7 سبتمبر
أخذ لبنان على عاتقه استقبال النازحين السوريين، لاعتبارات انسانية وسياسية ايضاً،
ومهما يكن فانّ ما يزيد عن 235 الف نازح توافدوا الى لبنان حسب المفوضية العليا
لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة، وعبئاً يُضاف الى سجلات شائكة اخرى لا أفق
حل لها، وتحديداً مع بداية العام الدراسي. واذا كانت دول مثل تركيا والاردن تعاني
من مشاكل عدة لجهة استيعاب النازحين في مناطقهم، فكيف ستكون الحال بالتالي مع
لبنان، واذا تغاضينا عن سؤال مفاده هل لبنان قادر على استيعاب تلك الأزمة، لانه لا
يستطيع والأزمة في سورية مستمرة، يبقى السؤال هل نحن امام أزمة مفتوحة، وفي حاجة
ماسة الى اعلان خطة طوارئ؟. وبين معارض وموالٍ فانّ فكرة اقامة مخيمات للنازحين
واردة، وسيناريو منطقة عازلة في الشمال في الحسابات ايضاً، يُضاف اليها انّ البيئة
الشمالية مرحبة بالنازح السوري أكثر من غيرها من بقية المناطق، بعد الحديث عن
توافد أعداد من المقاتلين السوريين الى الشمال، واكتشاف أسلحة وأجهزة كومبيوتر في
حوزتهم، مع استمرار قوى الرابع عشر من اذار بالتأكيد انّ من يأتي الى الشمال هم من
العائلات فقط.
شهدت الاشهر الثلاثة الاخيرة، ازدياداً في أعداد النازحين السوريين الى لبنان، في
ظل غياب الامكانات المادية لتأمين الحاجات الاساسية لهم، بعدما أخذ لبنان على
عاتقه استقبالهم وحرصه على حمايتهم. ولكن تجارب كثيرة أثبتت فيها الدولة التقصير
في ملفات عدة، ومعها تزداد معاناة النازحين واللبنانيين ايضاً، مع بدء العام
الدراسي، وعدم توفر اماكن لايواء النازحين واخراجهم من المدارس الرسمية التي
سكنوها، اضافة الى معلومات تفيد بنقل النازحين الى مدارس مهجورة في مناطق الشمال
والبقاع، لا تستوفي أدنى شروط البقاء.
مناشدات سياسية
تداعيات عدة بدأت بالتفاعل مع استمرار توافد النازحين والازمة في سورية، الجمعيات
الأهلية تقوم بدور الى جانب مساعدات حكومية وجهود شعبية، ومناشدات سياسية من أجل
الحصول على المساعدات. مشكلة اخرى تكمن في كيفية اخلاء النازحين المدارس الرسمية
حيث من المفترض ان تفتح المدارس منتصف شهر ايلول، اضافة الى تزايد أعداد الطلاب
السوريين الذين يريدون التسجيل فيها، مع ما يستتبع ذلك من اخلاء العائلات المدارس،
وانتقالهم الى اماكن اخرى غير متوفرة لغاية اللحظة، وظهور أزمة البدائل السكنية،
في الوقت الذي تتضارب فيه المعلومات عن أعدادهم. "اذا تحدثنا عن مليون طالب
سوري، بالطبع فانّ الدولة اللبنانية لن تكون قادرة على استيعابهم، وستقف عاجزة"،
حسب وزير التربية والتعليم العالي الدكتور حسان دياب الذي أكّد في حديث خاص الى
"صدى البلد" عدم معرفة الوزراة لغاية اليوم باعداد الطلاب السوريين.
توزيع الطلاب
يقول دياب "نعالج القضية على مراحل، نحن لا نعرف اعداد الطلاب السوريين،
وعندما تتوفر على ضوء التسجيل في المدارس سأعلن عنها في مؤتمر صحافي في منتصف
الشهر الحال، وقبل بداية العام الدراسي. وسيتم الاعلان ايضاً عن كيفية توزيع
الطلاب على مراحل، وبذلك تأتي المرحلة الثانية لتوزيعهم على المناطق حسب الصفوف
والمراحل العمرية، وبعد الانتهاء من تسجيل الطلاب اللبنانيين". يتابع دياب
"نحن نريد مساعدة النازحين السوريين وتحديداً الطلاب، كي لا يكونوا في
الشوارع، بالتالي سنبحث عن المدارس التي يمكنها استيعابهم بعد تسجيل الطلاب
اللبنانيين. أمّا المشكلة فتكمن في اننا لا نعرف كم سيطول بقاؤهم في لبنان، بالطبع
عندما نتحدث عن مليون تلميذ فالدولة اللبنانية ستكون غير قادرة على استيعابهم،
ولكن اذا تحدثنا عن 5000 تلميذ فسنكون قادرين على استيعابهم، حسب الظروف والمراحل
العمرية. وكخطوة ثانية سنوزعهم على المدارس". ويشير دياب الى الطلاب السوريين
الذين يتجهون الى المدارس الخاصة، مما يخفف العبء عن المدارس الرسمية.
مخيمات؟
يقترح عضو كتلة المستقبل النائب محمد كبارة انشاء هيئة وطنية جامعة من القطاعين
العام والخاص للمعالجة السريعة والتعاطي الجدي مع القضية. يقول في حديث خاص الى
"صدى البلد"، "يجب أن يكون هناك اهتمام اكبر للحكومة في متابعة هذه
القضية، حيث يتحمل النازحون في لبنان أعباء كبيرة، ومن المنطلق الانساني علينا
مساعدتهم، والجمعيات الأهلية غير قادرة على تحمل العبء وحدها، وتحديداً في بداية
العام الدراسي". أمّا المطلوب فـ"هيئة وطنية جامعة تضم القطاعين العام
والخاص، تتعاطى سريعاً وبجدية مع الازمة"، ويناشد كبارة الدول العربية
والغربية من أجل تقديم مساعدات للنازحين. مستبعداً فكرة اقامة مخيمات للنازحين في
لبنان.
ملف سياسي
تتعدى أزمة النازحين السوريين الشق الانساني، فالملف سياسي بامتياز، حيث يتوافد
الى لبنان وتحديداً الى منطقة الشمال مشاركون في الاعمال القتالية في سورية حسبما
تؤكد المصادر وتفيد معلومات عن العثور على أسلحة وشاشات كومبيوتر في حوزتهم،
وتُعتبر البيئة الشمالية حاضنة لهم ولتوجهاتهم السياسية نظراً لاتفاقهم على ضرورة ضرب
نظام الأسد في سورية. ينفي كبارة تواجد مسلحين بين النازحين السوريين،
"جميعهم من العائلات"، وعن قصد النازحين لمنطقة الشمال دون سواها من
بقية المناطق اللبنانية، يقول "في الشمال الاهالي، والمجتمع المدني
يحتضنونهم، ويأتون عن طريق الحدود نظراً للقرب الجغرافي. ولا يجب ان ننسى ان هناك
ترابطاً قوياً مع القرى السورية على الحدود، وبالتالي فان وضع النازحين في الشمال
مختلف عن غيره من المناطق لهذه الاسباب".
ضيقة اقتصادية
عناصر الأزمة في سورية لا تزال قائمة، وبالتالي سيستمر توافد النازحين، باستثناء
قلائل اختاروا العودة مجدداً الى ديارهم. وبمن تواجد، كيف سيتحمل لبنان تبعات هذا
الحمل، في ظل ضيقة اقتصادية، اضافة الى انّ عمالا سوريين كثراً في لبنان باتوا
يسجلون اسماءهم كنازحين للحصول على المساعدات، مع استمرار تأكيد الحكومة على ان
لبنان متلزم بشكل كامل بايواء واغاثة وحماية اللاجئين السوريين ايا كانت
انتماءاتهم السياسية!. حتماً ستعلو صرخات تنشد الاغاثة والمساعدات المالية، وكل
دولار أو ريال سيدفع سيكون له في المقابل واجبات على الطرف الآخر تسديدها، في ظل
استمرار التوترات التي تعصف بالمنطقة، والتحسب لموجات نزوح اضافية مع انتقال
المعارك الى قلب العاصمة في سورية.
No comments:
Post a Comment