The Lebanese Center for Human Rights (CLDH) is a local non-profit, non-partisan Lebanese human rights organization in Beirut that was established by the Franco-Lebanese Movement SOLIDA (Support for Lebanese Detained Arbitrarily) in 2006. SOLIDA has been active since 1996 in the struggle against arbitrary detention, enforced disappearance and the impunity of those perpetrating gross human violations.

Search This Blog

January 30, 2010

Assafir - The Elections Supervisory Authority

سياسة
تاريخ العدد 30/01/2010 العدد 11506


التركيبة البيروقراطية كبلتها والإعلام الرسمي تجاهل سلطتها... ولبيان بكركي قصته معها
هل يتم دفن «هيئة الإشراف على الانتخابات» بعد التعتيم على تقريرها؟
كلير شكر
أكثر من 168488 تسجيلاً مرئياً ومسموعاً ومطبوعاً، رصدتها «هيئة الإشراف على الحملة الانتخابية» خلال الفترة الممتدة من 7 نيسان حتى 5 حزيران 2009 (عشية الانتخابات النيابية الأخيرة) وأكثر من 389 بياناً حسابياً دققت في أرقامهم، وإن كانت «مدوزنة» في «ميزان جوهرجي» وبرّأت ذمّة كلّ المرشحين الذين سددوا ذلك الواجب.
في الشق الإعلامي تمكّنت الهيئة من مراقبة أداء الوسائل الإعلامية، المطبوعة، المرئية، المسموعة، وحتى المواقع الالكترونية، وحاولت فرض «وهرتها» المحمية بسلطة القانون التي تجيز لها، على سبيل المثال لا الحصر، إحالة المخالف إلى محكمة المطبوعات، ولكنها عجزت عن فرض «سطوتها»، نظراً للقيود التي كبّلت صلاحياتها ودفعتها في بعض المرّات إلى الاستعانة بالاجتهاد لتملأ فراغات النصوص. اكتفت الهيئة بتوجيه بعض التنبيهات للوسائل الإعلامية المخالفة، فيما تمكّنت في المرّات النادرة، من وقف بعض المخالفات (إعلانات أو بيانات)، وأحياناً أخرى، تمّ تجاوزها، ليسود منطق «القوة» على حساب منطق المؤسسات، واللافت للانتباه أن الإعلام الرسمي كان من أبرز الجهات المتجاهلة لسلطة الرقابة.
الاجتهاد، من باب العمل بروحية دور الهيئة، وليس الخروج عن النص القانوني، كان واحداً من النقاط التي أثارت جدلاً في صفوف الهيئة، رئاسة وأعضاء. هناك من كان يفضّل «السير إلى جانب الحائط» والاحتماء بمظلة القانون، ولو كان «ظالماً» بحق الهيئة، في حين أصرّ البعض الآخر على التقاط هذا الخيار الاصلاحي الأول من نوعه في تاريخ الانتخابات اللبنانية، من أجل اعتماد «خيار المواجهة» بهدف تكريس الدور الرقابي، كي لا تكون الهيئة مجرّد «شاهد زور» على فضائح الانتخابات، ولذا عليها أن تقوم بواجبها نظراً للمهمة الاستثنائية التي أنيطت بها وتمنحها سلطة استثنائية، ولو لم يأت النص على ذكرها صراحة، وإلا لكان تمّ الاكتفاء برقابة جهاز الأمن العام، على سبيل المثال. في بعض الحالات مالت الدفّة لصالح فريق «المواجهة»، وخالفت الهيئة رأي الأمن العام في مسألة منع إعلانات انتخابية لا تستوفي الشروط، برأي الهيئة، ما دفع أصحاب العلاقة إلى اللجوء إلى مجلـس شـورى الدولة للوقوف إلى جانب الهيئة في قرارها، ما دعّم موقف هذا الفريق.
هذا الهامش دفع الجهة المراقبة إلى ممارسة واجبها بجدّية في «فترة الصمت» التي سبقت يوم الاستحقاق، حيث مارست صلاحياتها، على أكمل وجه، كما تعتقد، وتدخّلت لدى أكثر من وسيلة إعلامية، لإصلاح الاعوجاج. قلّة منها امتثلت لتنبيهات الهيئة، والأغلبية الساحقة ضربت عرض الحائط النصوص المرعية الإجراء أولاً، وتحذيرات اللجنة المراقبة ثانياً.
خلل في الأداء
الرسم البياني الرقابي، يؤشر إلى خلل ما أصاب أداء هيئة الإشراف، وقد بدت في تركيبتها، «الموزايكية»، وكأنها أشبه بمجلس إدارة يمتهن فنّ اتخاذ القرارات دون القدرة على تنفيذها. بدا جلياً أنها تفتقد إلى جهاز تنفيذي يترجم القول إلى فعل. لكن العقدة الأصعب كانت في طبيعة تلك الهيئة التي اتسم عمل الكثير من أعضائها بالبيروقراطية تبعاً لخلفيتهم المهنية، والتي كانت تكبّل الهيئة وتحول دون أن يكون لها دور فعّال. وقد بدا في أكثر من محطّة أن الهيئة «تخجل» بعملها، أو تفضّل لغة الدبلوماسية ومفرداتها و«تدوير الزوايا» في التعبير عن رقابتها.
وما «النزاع» الذي اندلع خلف «أسوار» الهيئة حول كيفية تصنيف بيان البطريرك الماروني نصر الله صفير في «يوم الصمت»، إلا نموذج مبسّط للصراع الخفي حول دور الهيئة. إذ في حين كان ينحو فريق باتجاه تسمية الاشياء بأسمائها، واعتبار بيان رئاسة الكنيسة المارونية تدخّلاً فاضحاً في الاستحقاق، ليكون التقرير أكثر قساوة وأكثر عبرة، نجح البعض الآخر في فرض منطقه المهادن المغطى بقفازات ناعمة.
اعتكاف الهيئة عن اتخاذ إجراءات حاسمة بحق بعض المؤسسات الإعلامية، لا سيما لجهة إحالتها إلى الأجهزة القضائية المختصة، دليل إضافي على تلكؤ الهيئة، علماً بأن مجلس شورى الدولة وسّع من «بيكار» حركتها وأمّن لها الحماية القانونية اللازمة. ولذا وجب السؤال لماذا لم تستفد الهيئة من الغطاء الذي وفرّه مجلس شورى الدولة لتوسّع دائرة صلاحياتها؟ لماذا كبّلت نفسها بقيود النصوص؟ وهل نجحت مصالح القوى السياسية بالإبقاء على رقابتها شكلية على مرأى من وزارة الداخلية؟
الرقابة على إنفاق المرشحّين كانت «الحلقة الأضعف» في أداء الهيئة التي تحوّلت إلى «صندوق بريد» لتلقي الشكاوى والبيانات الحسابية، علماً بأن الهيئة أشارت في تقريرها إلى عدم تقديم شكاوى جدّية من جانب المرشحين، ما أدى إلى الحدّ من فاعلية المراقبة لأوجه الإنفاق على النحو المطلوب. كان الكلام عن رشاوى، ومال سياسي يوزع يمنة ويسرة، يتطاير فوق رؤوس اللبنانيين، وقوافل للمغتربين تحطّ رحالها عبر مطار بيروت، دون أن يرفّ للهيئة أي جفن. يوم تولى أصحاب الشأن صياغة الإطار القانوني للهيئة، كانوا يدركون جيداً أنهم بصدد تكوين لجنة «مشلولة» القدرات، لا حول ولا قوّة لها، لا سيما في الشق المتعلّق برقابة إنفاق المرشحين، لدرجة أنه لم يحدد حتى الجهة الصالحة التي يفترض بالهيئة أن تحيل إليها المخالفات في حال ضبطها!
وإذا كانت للهيئة الإمكانات لمراقبة وسائل الإعلام، فإنها كانت عاجزة، في المقابل، عن رصد أداء المرشحين لناحية إنفاقهم، وهي حاولت سدّ هذه الثغرة من خلال الطلب إلى بعض أجهزة الدولة، معطيات عملية، قد تساعدها على فصل الخيط الأبيض عن الخيط الأسود، ولكنها لم تقدّم أو تؤخر، وأخفقت في إجراء مقارنة حسابية بين الجداول الحسابية التي تقدّم بها المرشحون وبين حقيقة أدائهم وإنفاقهم على الأرض. وانتهت الهيئة إلى توزيع «شهادات تقدير» على المرشحين في علم «الجبر والحساب»، نتيجة اجتيازهم لامتحان البيانات الحسابية، التي جاءت متطابقة للشروط القانونية.
وقد استنتجت الهيئة بعد تجربتها النيابية أن رقابة الإنفاق هي مؤخرة، وإن لم تكن كافية. وهي رغم الكشوفات الحسابية التي طلبتها من المصارف، فإنها لم تتمكن من «فضح» أي ثغرة في تلك البيانات، لتسجيل أي مخالفة على مرشح، ولو كان «مبتدئاً». وهي، وإن تدرك جيداً أن بعض المرشحين تجاوزوا السقف المالي المحدد في القانون و«على المكشوف»، ولكن «ليس باليد حيلة»، ولم يكن بمقدورها «توثيق» تلك المخالفات، حتى تلك التي تحدثت عنها هيئات رقابية مدنية.
ويوم استدعي المجلس الدستوري ليكون «حكماً» بين «مختلفين»، فإن الهيئة لم تتمكن من تقديم «الأدلة» المساعدة، رغم إرسالها كلّ التنبيهات التي سبق ووجهتها للمخالفين، البيانات الحسابية، الشكاوى التي وصلتها، التقارير التي أصدرتها، الاستفسارات التي عممتها، غير أن الهيئة القضائية لم تستدع أياً من أعضاء لجنة الرقابة، ولم تطلب الاستماع حتى لرأيها أو رأي رئيسها.
تعتيم على التقرير
كثيرة هي علامات الاستفهام التي رسمت حول دور الهيئة والهدف من إنشائها، في ضوء القيود التي طوّقت حركتها، وكأن هناك من خشي من أن تحلّ محلّه، أو أن تقضم من صلاحياته، فحوصرت بقوانينها، وتركيبتها البيروقراطية، بدليل أن التقرير المفصّل الذي صدر عن الهيئة لم يعمم على الرأي العام، بعدما كان يفترض أن تعقد الهيئة مؤتمراً صحافياً أو ندوة تعرض فيه لمضمون التقرير، ليكون موضع تقييم أمام الرأي العام، والسلطات الرسمية، إلا أن ذلك لم يحصل لأسباب بقيت مجهولة حتى بالنسبة لبعض أعضاء الهيئة، علماً بأن كلّ هيئات الرقابة المحلية والدولية تعرض تجربتها دون أي خجل. ولهذه الأسباب مجتمعة عددت الهيئة في ختام تقريرها، سلسلة اقتراحات من شأنها أن تحسّن من موقعها وتحصّنه.
هل ستتولى الهيئة مراقبة الانتخابات البلدية؟
لا شك أن الهيئة نجحت في إنشاء «بنك معلومات» قد تستعين به أي لجنة رقابة قد تخلفها، علماً بأن خبرة الهيئة الحالية، قد تساعدها على أن تكرر تجربتها خلال الانتخابات البلدية المنتظرة. وقد خطرت هذه الفكرة في ذهن وزير الداخلية والبلديات المحامي زياد بارود الذي وجّه كتاباً خطياً إلى أعضاء الهيئة يسألهم فيها وبطريقة رسمية عن امكان اعتمادها في الاشراف على الإعلام والإعلان الانتخابيين وعلى الانفاق المالي بالنسبة إلى الانتخابات البلدية.
لم تتوان الهيئة عن الردّ على الكتاب، وأبلغت وزارة الداخلية أن المادة 16 من قانون البلديات تنصّ صراحة على أنه تسري على الانتخابات البلدية أحكام قانون انتخاب أعضاء مجلس النواب في كلّ ما لا يتعارض مع أحكام هذا القانون، ومن الأحكام الواردة في قانون الانتخاب والتي لا يوجد نصوص خاصة تتعارض معها في قانون البلديات، تتعلّق بالترشّح والرجوع عنه، إعداد قوائم الناخبين والأعمال التحضيرية للانتخابات، عملية الاقتراع، أعمال الفرز وإعلان النتائج، كما لا يوجد في قانون البلديات أو في قانون الانتخاب نصوص خاصة تمنع تطبيق الأحكام المتعلّقة بإشراف هيئة الإشراف على الانتخابات النيابية على الانتخابات البلدية، إعادة النظر في السقف المتحرّك المرتبط بالنفقات الناتجة عن نقل الناخبين والعاملين في الحملة الانتخابية، تخفيف الشروط المتصّلة بالإعلام والإعلان الانتخابيين.
وقد رأت الهيئة أن دورها قد يكون محصوراً بالإشراف على الانتخابات البلدية في البلديات الكبرى، مقترحة أن تكون تلك البلديات، في مراكز المحافظات، في مراكز الأقضية، تلك التي يبلغ عدد المجلس البلدي فيها 18 عضواً على الأقل، والبلديات التي تتميز بكثافة سكانية والتي تؤمن عائدات ذاتية ثابتة لا تقل عن مليار ليرة سنوياً على سبيل المثال لا الحصر.
وبعد الكتاب الخطي المرفوع من الهيئة إلى وزير الداخلية، فوجئت بسلّة الاقتراحات الاصلاحية التي وضعها الوزير بارود لتعديل قانون انتخابات البلدية، غافلاً بالدرجة الأولى أهم بند اصلاحي وهو هيئة مراقبة الانتخابات، ومعدّلاً بالدرجة الثانية المادة 16 من البلديات، ما يعني أن أي قرار لتشكيل هيئة للإشراف على الانتخابات أو للطلب من الهيئة الحالية القيام بهذه المهمّة، بات يتطلب بنداً صريحاً في متن القانون.
خلال الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء رفع بارود إلى مجلس الوزراء ورقة حول البنود الإصلاحية المتفق عليها في قانون الانتخابات البلدية، وتلك التي ما تزال موضع نقاش، إلا أنه أبلغهم صراحة أنه لا حاجة لرقابة هيئة الإشراف على الانتخابات!
وبالنتيجة بات السؤال: هل المطلوب «دفن» الهيئة الحالية بعدما جرى التعتيم على تقريرها النهائي ولماذا لا تقام لها مراسم دفن رسمية؟ لماذا تخلّت السلطات الرسمية عن مبدأ الإشراف على الانتخابات؟ ولمصلحة من هذا المنحى؟ وهل هو العبء المالي الذي دفع إلى التخلي عنها لا سيما وأن تعويضات الهيئة خلال فترة عملها بلغت نحو 651 مليون ليرة؟
(ماذا أنجزت وماذا لم تنجر هيئة الانتخابات
في عدد الاثنين المقبل)

No comments:

Post a Comment

Archives