The Lebanese Center for Human Rights (CLDH) is a local non-profit, non-partisan Lebanese human rights organization in Beirut that was established by the Franco-Lebanese Movement SOLIDA (Support for Lebanese Detained Arbitrarily) in 2006. SOLIDA has been active since 1996 in the struggle against arbitrary detention, enforced disappearance and the impunity of those perpetrating gross human violations.

Search This Blog

December 21, 2009

Assafir - Response to the STL on the trial of false witnesses - December 21, 2009

محلّيات
تاريخ العدد 21/12/2009 العدد 11475

رداً على المحكمة الخاصة بلبنان بشأن محاكمة شهود الزور:
تستطيع حفظ صلاحيتها من دون خرق مبدأ عدم رجعية القوانين الجزائية
علي الموسوي
بغضّ النظر عمّا قيل عن زيارة المدعي العام الدولي في المحكمة الخاصة بلبنان القاضي الكندي دانيال بيلمار إلى لبنان ومحاولة بعضهم ربطها سياسياً، بالتبليغات الصادرة عن قاضي التحقيق الأوّل في دمشق، في الدعوى المقامة من اللواء الركن جميل السيّد ضدّ أشخاص لبنانيين متهمين من قبله بتضليل التحقيق والشهادات الكاذبة والافتراء الجنائي، فإنّه من حقّ اللبنانيين معرفة طرائق صرف الأموال المخصّصة للمحكمة والتي يتحمّل لبنان ما مجموعه 49% من ميزانيتها العامة والتي تقدّر للعام 2010 بـ 55,35 مليون دولار أميركي، وهو رقم كبير.
وقد انطلق كثر من أهل السياسة، في تفسير زيارة بيلمار على أنّها ردّ متعمد على التبليغات القضائية السورية، مع أنّه طوال مدّة هذه الزيارة التي بلغت تسعة أيّام، التقى مسؤولين في الدولة لتهنئتهم بانتخابهم أو تعيينهم، أو بتشكيل الحكومة، كما اجتمع مع عيّنة منتقاة من عائلات الضحايا (أربع عائلات فقط) الذين قضوا في عدد من التفجيرات الإرهابية التي ضربت لبنان بين العامين 2005 و2007، حتّى سأل أحدهم هل هذه الزيارات والتهاني تدخل في صلب التحقيق المستمرّ لكشف الجناة الحقيقيين؟!.
فكّ أسر التبليغات القضائية
ومع أنّه لا يوجد أيّ رابط لا سياسي ولا قانوني، بين تبليغات قاضي تحقيق دمشق إلى سياسيين وقضاة وإعلاميين مقرّبين من رئيس الحكومة سعد الحريري، وزيارة الأخير إلى العاصمة السورية، ولقائه الرئيس بشّار الأسد، فإنّه بات على وزير العدل إبراهيم نجّار والنائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا أن يفّكا أسر هذه التبليغات التي وصلتهما بشكل رسمي في 26 تشرين الثاني 2009 لكي تسلك الطرق القانونية المعتادة في مثل هكذا حالة، أيّ أن تنفّذ حرفياً وتبلّغ إلى المعنيين بها، وإلاّ فإنّ حجزها في الأدراج يعتبر افتئاتاً على اتفاقية التعاون القضائي الموقّعة بين لبنان وسوريا.
وكما أشارت «السفير» في عددها الصادر في 12 كانون الأوّل 2009، فإنّه ليس لوزارة العدل أن تتخذ موقفاً من هذه التبليغات (عادت الوكالة «المركزية» وأخذت مقالة «السفير» ونشرتها بحذافيرها من جديد في 17 كانون الأوّل 2009، من دون أن تشير إلى مصدرها)، لأنّ القاضي السوري لا يطلب من القضاء اللبناني اتخاذ أيّ إجراء قضائي بحقّ الأشخاص المطلوب تبليغهم، بعكس ما صوّر الأمر خطأ باستعمال عبارة استنابات، فما هو مطلوب، يقتصر على القيام بتبليغ المدعى عليهم، بموعد جلسة تحقيق أمام قاضي التحقيق الأوّل في دمشق، بواسطة الجهاز اللبناني المختص وهو أحد اثنين، إمّا المساعدون القضائيون (المباشرون)، وإمّا الشرطة، وتحديداً قسم المباحث الجنائية المركزية العامل بإمرة النائب العام التمييزي.
وليس مرور المعاملة عبر وزارة العدل، سوى إجراء إداري تسلسلي بحت، لأنّه لا يحقّ للقضاء السوري أن يخاطب مباشرة الشرطة اللبنانية أو المساعدين القضائيين اللبنانيين، وإذا ما أعطت وزارة العدل رأياً آخر، فإنّه بالتأكيد سوف يكون موقفاً سياسياً يناقش بعد الإطلاع على مضمونه وحيثياته، مع التذكير بأنّ التبليغات القضائية السورية لا تحتاج لا من قريب ولا من بعيد، إلى رأي هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل حتّى ينتظر الوزير نجّار رأيها غير الملزم مهما كان مضمونه.
وفي هذا الإطار يقول خبير في القانون الدولي إنّ المعاملة مرّت بالأساس بوزارة الخارجية ولم تطلب هذه الوزارة استشارة هيئة التشريع والاستشارات، ولو كان الأمر يعوز هذه الاستشارة لفعلت هذه الوزارة من دون أدنى تردّد، ولكنّ الوزير نجّار ، ومن موقف سياسي مسبق، قرّر انتظار رأي هذه الهيئة.
المحكمة وملاحقة شهود الزور
وكان بمقدور المحكمة الخاصة بلبنان أن تعتبر نفسها صاحبة اختصاص لمحاكمة شهود الزور الذين تدفّقوا على التحقيق بغزارة في عهد رئيس لجنة التحقيق الدولية القاضي الألماني ديتليف ميليس، والذين هبطوا على المحقّقين العدليين اللبنانيين القاضيين إلياس عيد وصقر صقر، وأقلّه بعد الصحوة التي قامت بها بتعديل المادة 152 من نظامها حيث حصرت مسؤوليتها بمحاكمة من يدلي بالإفادة الكاذبة أمامها فقط، مع أنّ الملفّ واحد والقضية واحدة والعمل استمرارية مهما كان الأشخاص الذين يشرفون عليه.
ولو أنّ المحكمة فعلت وأكّدت اختصاصها، لاختصرت الطريق على اللواء الركن جميل السيّد الذي اضطرّ إلى اللجوء إلى القضاء السوري بسبب الخطأ الفادح للقضاء اللبناني بالتنازل عن صلاحياته في قضيّة مقدّمة من مواطن لبناني، وضدّ مواطنين لبنانيين (معظم المدعى عليهم)، وقاموا على الأراضي اللبنانية بالأفعال المشكو منها، أيّ تجنيد شهود الزور والتسبّب باعتقاله تعسفياً على مدى ثلاث سنوات وتسعة أشهر، نتيجة اتهامه بمسؤولية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
وقد ارتكبت المحكمة الخاصة بلبنان في ردّها المنشور في «السفير» في 2 كانون الأوّل 2009، خطأ قانونياً في توضيحها وتبريرها أسباب نأيها بنفسها عن محاكمة شهود الزور خلال فترة لجنة التحقيق الدولية.
قالت المحكمة في بيانها، إنّها «لا تقاضي الأشخاص الذين قدّموا معلومات مزوّرة خلال التحقيق نظراً لمبدأ الشرعية الذي يقول إنّه لا يجوز تطبيق قانون جنائي لأفعال ارتكبت قبل إقرار القانون. إنه حقّ راسخ في قانون حقوق الإنسان الدولي (nullum crimen sine lege)».
إنّ هذا التعليل غير مقنع وفقاً للقواعد القانونية، وقد برّرت المحكمة فيه، عدم صلاحيتها باستحالة إعطاء مفعول رجعي لنظامها، فاعتبرت أنّه في حال حفظت المحكمة صلاحيتها لمحاكمة شهود الزور الذين أدلوا بإفاداتهم قبل بدئها لأعمالها يوم الأحد في الأوّل من شهر آذار 2009، تكون قد أعطت مفعولاً رجعياً للقانون الجزائي الذي لم تحدّد هويّته!!!.
ويقول أحد القانونيين اللبنانيين المتمرّسين في العمل الحقوقي، إنّ قاعدة عدم رجعية القوانين الجزائية التي أشارت إليها المحكمة هي قاعدة صحيحة، إذ أنّ المبدأ هو عدم المعاقبة على فعل لم يكن موضع تجريم بتاريخ ارتكابه، لكنّ المحكمة أساءت تطبيق هذه القاعدة، لأنّ حفظ صلاحيتها بمحاكمة شهود الزور الذين أدلوا بأفعالهم الجرمية، لا يؤدّي إلى إعطاء أيّ مفعول رجعي للقانون الجزائي، وذلك لسببين:
السبب الأوّل: هو أنّ قانون حفظ الصلاحية لا يتعلّق بالجرم بحدّ ذاته، بل هو قانون تنظيم قضائي، وقوانين أصول المحاكمات والصلاحية القضائية لها مفعول آني وتطبّق فوراً حتّى على الجرائم المرتكبة قبل صدور القوانين التنظيمية.
والمثال على ذلك هو أنّه عند وقوع جريمة 14 شباط 2005، كانت الصلاحية للقضاء اللبناني، لأنّه القضاء الذي وقعت الجريمة على أراضيه وضمن صلاحيته الإقليمية، وعندما أنشأ مجلس الأمن الدولي، المحكمة الخاصة بلبنان وطلب من لبنان التنازل عن صلاحيته القضائية ونقل الصلاحية إلى المحكمة الخاصة بلبنان، نُفّذ القرار من دون أن يعتبر ماساً بمبدأ عدم رجعية القانون الجزائي، لأنّ هذا القرار هو من قرارات تنظيم الصلاحية القضائية الذي يطبّق فوراً على الجرائم الواقعة قبل صدورها، وهذا يعني أنّ ما يطبّق على جريمة اغتيال الحريري يطبّق على شهود الزور.
والسبب الثاني هو أنّ جرائم الافتراء الجنائي وشهادة الزور معاقب عليها في القانون اللبناني الذي تطبّقه المحكمة الخاصة بلبنان، وعندما ارتكبت جرائم شهادات الزور والافتراء الجنائي، كان القانون اللبناني ينصّ على تجريمهم، ولو حفظت المحكمة صلاحيتها، فإنّها لا تكون قد أعطت لقانون العقوبات أيّ مفعول رجعي، لأنّه كان ساري المفعول بتاريخ الإدلاء بشهادات الزور.
وبالتالي، تستطيع المحكمة الخاصة بلبنان في أيّ وقت، حفظ صلاحيتها لمحاكمة شهود الزور، دون أن تكون قد خرقت مبدأ عدم رجعية القوانين الجزائية.
إشارة أخيرة، إلى أنّ من صاغ بيان المحكمة الخاصة بلبنان هو بالتأكيد قاض لبناني، ويستدلّ على ذلك من الصياغة وأسلوب النقاش القانوني، والموجود في متن أحكام كثيرة صادرة عنه خلال وظيفته في المحاكم اللبنانية.

No comments:

Post a Comment

Archives