The Lebanese Center for Human Rights (CLDH) is a local non-profit, non-partisan Lebanese human rights organization in Beirut that was established by the Franco-Lebanese Movement SOLIDA (Support for Lebanese Detained Arbitrarily) in 2006. SOLIDA has been active since 1996 in the struggle against arbitrary detention, enforced disappearance and the impunity of those perpetrating gross human violations.

Search This Blog

April 9, 2015

As-Safir - No longer allowed to hit children in the streets, April 09, 2015



احتجاج في الحمرا: لم يعد مسموحا ضرب الأطفال في الشوارع 

ادهم جابر 



هي ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها ديار، ابن السبع سنوات، للاعتداء خلال عمله في شارع الحمرا.
ديار الهارب مع عائلته من جحيم الحرب ونارها في سوريا، وجد في الشارع ملاذا، يقضي فيه معظم وقته في بيع الورود والعلكة. ترك الصبي كل شيء خلفه، واضعا نصب عينيه قوت يوم لا يمكن تأمينه بسهولة. فمن الزجر إلى الطرد من أمام المحلات التجارية والمقاهي، عانى الولد الصغير الأمرين. وذات يوم كان نصيبه، منذ نحو سنتين تقريبا، صفعة على خده الأيمن من أحد المارة. لم يدر ديار خده الأيسر، بل أدار ظهره، لرجل أفقدته العنصرية والفوقية صوابه. مشى ديار حتى زاوية في الناحية الأخرى من الشارع. هناك بكى، وهناك وضع وروده في انتظار زوال الغمامة السوداء. فترة من السكينة واصل بعدها عمله وكأن شيئا لم يكن، فلقمة العيش صعبة، أصعب من كل شيء، وفي سبيلها قد تهون الكرامة أحيانا.
اليوم يعيش ديار قصة أخرى، اعتداء جديد تعرض له، أجبره على ملازمة الفراش. هذه المرة لم يكن الاعتداء مجرد صفعة من عابر سبيل. موظف في مقهى "دانكن دوناتس" أشبع الصبي ضربا، تاركا بصمات قبضته على وجهه الذي كادت أن تتغير ملامحه لولا عناية الله. لم يدرك كثيرون سر هذه الهجمة، فالقصة كانت أصغر من أن تنتهي بهذه الطريقة، يجمع الكثيرون ممن شهدوا الحادثة.
يقول الشهود إن ديار تقدم من أحد الزبائن في المقهى عارضا بضاعته للبيع، ورود وعلكة لقاء ثمن زهيد. منظر لم يعجب الموظف، اقترب من الصبي وحدث ما لم يكن متوقعا. شاب قوي البنية ينهال ضربا على صبي لا يملك حولا ولا قوة في سبيل الدفاع عن نفسه. تدخل الزبائن وتدخل بعض المارة وفض الاشتباك غير المتكافئ بين الجانبين، ليصبح ديار من بعدها طريح الفراش.
لم يرد ديار الضربات، وبكفين صغيرين كان يحاول أن يبعد اللكمات عن وجهه، أما لسانه فلم ينطق سوى بـ "آه وآخ"، بعكس ما حاول البعض أن يروج من أن الصبي كان قليل التهذيب خلال دفاعه عن نفسه. فالذين يعرفون ديار لم يعرفوا عنه إلا أنه كان على خلق، ورغم العوز والقلة، لم يكن متطفلا ولا لجوجا، كان يتقدم لبيع وروده بهدوء، وإذا لم يوفق ينسحب بهدوء، من دون أن يتفوه بأي كلمة.
قضية الاعتداء على ديار تفاعلت، عبرت القارات وصولا إلى الولايات المتحدة، إذ وصلت إلى الإدارة الرئيسية لـ "دانكن دوناتس"، التي تعهدت باتخاذ الإجراءات اللازمة، فيما كانت الإدارة المحلية للمقهى الذي تملكه في لبنان، كريستينا أسود سويد شقيقة النائب زياد أسود، وهو في الوقت نفسه محامي الشركة، ترد على لسان الأخير، عبر أحد المواقع الإلكترونية، بأن "هناك انزعاج كبير من سلوك المتسولين في الشارع، رغم الإنذارات المتكررة بعدم الدخول إلى المقهى لابتزاز الزبائن". لكن المفاجأة كانت بإعلان أسود ووعده "بالإدعاء على جميع المتسولين"، وإن كان قد تعهد بطرد الموظف الذي يعتدي على الأطفال أكثر من مرة.
ما حدث في "دانكن دوناتس"، إضافة إلى تصريحات أسود، استفز العديد من الشبان والشابات الذين تداعوا عبر موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" لتنظيم اعتصام رمزي أمام المقهى المذكور احتجاجا على ما جرى، وللمطالبة بطرد الموظف الذي اعتدى على ديار، مع المطالبة أيضا بالتعويض عليه مادياً كونه لم يعد يقو على العمل ومساعدة ذويه.
جنان عرفات كانت الصبية التي نظمت الاحتجاج، فتحت صفحة على "الفايسبوك" نالت الاهتمام من الكثيرين من المهتمين بالطفل وحقوقه. دعت عرفات الكل للتجمع أمام "دانكن دوناتس"، لتوجيه رسالة إلى الجميع بأن التحرك ليس موجها إلى المقهى بالذات، بل لكل من تسول له نفسه بالاعتداء على طفل في أي شارع من شوارع لبنان، وليس في الحمرا فقط.
تروي جنان أنها كانت موجودة عندما اعتدي على ديار في المرة الأولى أي قبل سنتين، تقول إنها تقدمت من المعتدي وسألته لماذا يفعل ذلك، فرد باستهزاء: تدافعين عن شحاذ؟. فردت عليه: هو ليس شحاذا بل بائع ورود وعلكة، هو يعمل وهذا هو عمله. ولدى مخاطبتها من قبل البعض بأن القانون يمنع عمالة الأطفال ترد عرفات قائلة: نعم القانون يفعل ذلك، لكن هذا في الدول التي تحترم نفسها أما في لبنان فما هي التأمينات المتوفرة لكل الأطفال العاملين؟. 
صحيح أن الاحتجاج كان رمزيا، إلا أن رسالته وصلت وكانت واضحة ومفادها أنه لم يعد مقبولا أن يتعرض أطفال الشوارع للضرب والاعتداء. وقد دفع هذا الاحتجاج إلى لفت انتباه إدارة المقهى، ورجال الأمن الذين حضروا بدورهم لكن للمراقبة. تجمع الشبان والشابات لدقائق، تدخل أحد رجال الأمن (استقصاء) في محاولة لإقناع المحتجين بأن الصبي قد أخطأ، فرد عليه هؤلاء بأنه حتى لو كان مخطئا إلا أن هناك طفل قد تعرض للضرب ويجب محاسبة المسؤولين عن ذلك.
بعد النقاش بين رجل الاستقصاء والمحتجين، خرجت مديرة التسويق في "دانكن دوناتس" مرتى زرازير للوقوف على طلبات المحتجين، وبعد نقاش ووعد باتخاذ ما يلزم تلت بيانا جاء فيه: "تم إبلاغنا عن الحادثة التي وقعت ليلة أمس في فرع دانكن دوناتس" في الحمرا. وفي هذه المرحلة ما زلنا في طور جمع الوقائع والتحقيق حول ملابسات هذه الحادثة"، أضافت أن "أولويتنا الآن هي معرفة ما حصل ووضع خطة العمِل المناسبة لمعالجة الوضع. وقد شكلنا فريق عمل مختص وهو يعمل بشكل وثيق مع الأجهزة المختصة لجمع الحقائق عن هذه الحادثة"، مشيرة إلى أنه "تم تعليق الموظف المعني عن العمل بانتظار نتائج التحقيقات. وسوف نقوم بتزويدكم بالمعلومات الإضافية فور ورودها إلينا".
كلام لم يهدئ من سخط المحتجين الذين ردوا بالقول: "هِِذا مضحك"، مشيرين إلى أنهم لا يتوقعون أي إجراءات فعلية من المعنيين الحقيقيين في هذا البلد. لكنهم مضوا في طريقهم على أمل ألا يشهد شارع الحمرا، أو أي شارع آخر، حادثة مؤلمة أخرى من هذا النوع، لأن الرد حينها لن يكون بأقل مما جرى في هذا المساء.

No comments:

Post a Comment

Archives