أدرج مجلس الوزراء اليوم على جدول أعماله مشروع مرسوم لانشاء "الهيئة الوطنية المستقلة للمخفيين قسراً". وتأخذ الهيئات واللجان المعنية بمتابعة الملف على المشروع المقدم من وزير العدل شكيب قرطباوي أنه يتعمد الخلط بين قضية المعتقلين السياسيين اللبنانيين في سوريا وقضية المفقودين خلال الحرب اللبنانية، مما تعتبره تقاطعا مع طروحات النظام السوري في التعامل مع قضية المعتقلين اللبنانيين لديه لجهة انكار وجودهم والادعاء انهم فقدوا خلال الحرب بين الافرقاء اللبنانيين.
وفي أبرز تفاصيل المشروع الذي حصلت "النهار" على نسخة منه، انه يقسم الى جزءين، الاول "ملخص ملف" عن مشروع المرسوم يتحدث عن الاسباب الموجبة للمشروع وأن لبنان لم يتمكن بعد انتهاء الحرب من ايجاد حل مرض لاوضاع المخفيين وذويهم. ويعرض للمحاولات التي جرت سابقاً لتحديد مصير المخفيين عامي 2000 و 2001 واللجنة اللبنانية السورية المشتركة العام 2005 والتي لم تؤد في رأي واضع المشروع "الى كشف مصير المفقودين والمخفيين قسراً". كما يتناول الملخص رأي مجلس شورى الدولة في الموضوع والذي اعتبر" ان من الافضل ان تنشأ الهيئة المذكورة بقانون، لكون الموضوع وطنيا يرتبط بتحقيق العدالة الاجتماعية والسلم الاهلي". واقترح مجلس الشورى "الاستعاضة عن انشاء مؤسسة عامة لمتابعة قضية المخفيين بانشاء هيئة تضاف الى وحدات وزارة العدل وتتبع للوزير مباشرة" الامر الذي اعتمدته وزارة العدل واوصت بانشاء الهيئة التي تخضع لوصايتها على ان يكون مركزها في وزارة العدل وتؤمن اعتماداتها من موازنتها" وحددت مهمتها بتلقي البلاغات عن حالات الاختفاء وتدقيق وحفظ المعلومات وتقديم طلبات البحث والتعقب الى السلطات المختصة ورفع التوصيات وانشاء السجلات المركزية للمخفيين.
وفي شأن ادارة الهيئة، أوصى المشروع بأن تتولاها سلطتان تقريرية وتنفيذية، الاولى يتولاها مجلس ادارة يعين بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد، ويرأسها قاض عدلي من الدرجة 14 وما فوق، وتتألف من 6 اعضاء: ممثلان لجمعيات أهل المخفيين، اختصاصي في الطب الجيني، ضابط من الجيش يعينه وزير الدفاع وضابط من قوى الامن الداخلي يعينه وزير الداخلية والبلديات، ممثل للصليب الاحمر اللبناني يعينه الصليب الاحمر، ويعين سائر الاعضاء بناء على اقتراح وزير العدل ويعين في المرسوم اعضاء ردفاء. اما السلطة التنفيذية فيتولاها رئيس مجلس الادارة والمدير العام، ويعين الاخير لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناءً على اقتراح وزير العدل. ويحدد المرسوم تعويضات لرئيس مجلس الادارة والمدير العام والاعضاء ومفوض الحكومة الذي ينتدبه وزير العدل من بين القضاة العدليين او الاداريين من الدرجة 8 وما فوق وامين السر الى سلسلة تعيينات اخرى.
واستناداً الى حيثيات المشروع الذي يحمل الرقم 3/ 1995، ان المشروع يستجيب لما ورد في البيان الوزاري بشأن قضية المخفيين قسراً، ويشدد على ان "الهيئة لا تتعاطى أمورا تمس الحقوق الشخصية للمخفيين قسراً، اذ ان المعلومات التي تجمعها تتناول اسم المخفي وشهرته ومعلومات عن ولادته، اما البصمة الجينية فلا علاقة للهيئة بها ويترك أمرها للمكتب المختص في المديرية العامة لقوى الامن الداخلي(...)".
ويقسم المرسوم الى ابواب عدة، يعرض اولا بعض المصطلحات عن تحديد "الشخص المخفي قسراً، ويحدده بكل من فقد حريته خلال الفترة الواقعة بين 4/13/ 1975، تاريخ اندلاع الحرب و 4/26/ 2005 تاريخ انسحاب جيش الاحتلال السوري من لبنان. ويحدد الباب الثاني تدابير تنظيمية في تشكيل الهيئة ويفصل مهماتها بتدقيق حفظ المعلومات وادراجها في السجلات المركزية للمخفيين قسراً، وانشاء بنك معلومات وتفاصيل عن آلية التعامل مع حالات الاختفاء، مثل تسهيل عودة رفات الموتى الى وطنهم وتطبيق اتفاق جنيف، وانشاء سجل مركزي للمعلومات وجمع المعلومات والبيانات التي جمعتها اللجان السابقة واللجان الاهلية.
"ضحك علينا"
رئيس "جمعية المعتقلين اللبنانيين المحررين من السجون السورية" علي ابو دهن اتهم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بعدم الوفاء بالوعد الذي قطعه للجنة عائلات المعتقلين ومؤسسات حقوق الانسان، بأن يحرص المشروع على الفصل بين قضية المعتقلين في سوريا والمعروفة اماكن اعتقالهم والمفقودين خلال الحرب الاهلية، وقال: "وعدنا خيراً وضحك علينا ولم يهتم ولو باجراء تعديل بسيط". وأكد ان "لا تشكيل الهيئة ولا غيرها من الهيئات الصورية يمكن ان يمنع أهالي المعتقلين ورفاقهم من التحرك ومطالبة النظام السوري بالافراج عن المعتقلين في السجون السورية".
وأوردت "مؤسسة الحق الانساني" في هذا السياق ملاحظات عدة على المشروع في مقدمها ان كلمة مخفيين قسراً "مطاطة جداً وتشكل طمساً لقضية المعتقلين في سوريا تحت عنوان المخفيين قسراً وان في الامر تجهيلاً للجاني المعروفة هويته ومكان اعتقال اللبنانيين في سوريا".
أما الملاحظة الثانية فتتصل بأن "المشروع لا ينص تقنياً على الفصل بين المعتقلين السياسيين والمفقودين خلال الحرب"، ويشير الى ان "السلطات السورية الحالية دأبت على تعمد هذا الخلط في محاولتها التهرب من المسؤولية في قضية المعتقلين، وتالياً فان مشروع الهيئة بصيغته الحالية يستجيب لطروحات النظام السوري في هذا الموضوع".
وأشارت المؤسسة الى ان الحاق الهيئة بوزارة العدل واخضاعها لسلطة وزير العدل مباشرة يعنيان استتباعها للوزير وسياسته ومواقفه الشخصية، مع كل الاحترام للوزير الحالي". وشدد مصدر في "الحق الانساني" على ان مشروع القانون يتعامل مع الهيئة من وجهة نظر محلية ضيقة دون ان يأخذ في الاعتبار مندرجات القانون الجنائي الدولي في قضية المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية، والذي ينظم الحالات المماثلة.

No comments:
Post a Comment