The Lebanese Center for Human Rights (CLDH) is a local non-profit, non-partisan Lebanese human rights organization in Beirut that was established by the Franco-Lebanese Movement SOLIDA (Support for Lebanese Detained Arbitrarily) in 2006. SOLIDA has been active since 1996 in the struggle against arbitrary detention, enforced disappearance and the impunity of those perpetrating gross human violations.

Search This Blog

December 20, 2010

Assafir - Article 52 condemned STL - december 20,2010


رأي دستوري
المادة 52 تحاكم المحكمة الدولية
احمد زين
إن إثارة السؤال المتكرر حول مدى دستورية الاتفاقية المتعلقة بانشاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، ليست رغبة في تأييد وجهة نظر معينة إنما لاعتقادنا الجازم أن أي قانون عندما يكون غير دستوري لا يمكن أن يوصل إلى حقيقة كونه يكون كافياً لإثبات سوء النية ونحن من المطالبين بكشف الحقيقة كاملة بكل ما يتعلق باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
استندت الاتفاقية التي لها صفة المعاهدة على المادة 52 من الدستور اللبناني وهي المادة الوحيدة التي تحكم إجراءات إصدار القوانين المتعلقة بالمعاهدات. وهذه المادة تعتبر شاذة عن أصول النظام ومبادئه واستثنائية جداً لا مثيل لاستثنائيتها إلا المادة 76 ـ دستور ويتبين ذلك من الآتي:
تنص المادة 52 على ان «يتولى رئيس الجمهورية المفاوضة في عقد المعاهدات الدولية وإبرامها بالاتفاق مع رئيس الحكومة ولا تصبح مبرمة إلا بعد موافقة مجلس الوزراء...».
وتنص المادة 76 صلاحية رئيس الجمهورية في اقتراح لإعادة النظر في الدستور «فتقدم الحكومة مشروع القانون الى مجلس النواب». فالاستثنائية التي تشترك فيها المادة 52 و76 في كونهما يتعارضان مع القاعدة المنصوص عليها في البند الاول من المادة 65 ـ دستور والتي جاء فيها ان صلاحية وضع مشاريع القوانين، أي المبادرة إليها، عائدة لمجلس الوزراء.
أما الاستثناءات الاخرى، في المادة 52 وشذوذها، فيظهر في معطيات عدة أهمها، انها أولت مجلس الوزراء صلاحية ممارسة الرقابة على رئيس الجمهورية بدليل انه إذا لم يوافق مجلس الوزراء على مشروع المعاهدة التي يبرمها رئيس الجمهورية يسقط المشروع (ولا تصبح مبرمة إلا بعد موافقة مجلس الوزراء). كما ان المادة 52 تعلق العمل بواحدة من صلاحيات رئيس الجمهورية الأساسية في نص الدستور اللبناني والمتمثلة في ما يعرف «بالرقابة الشائعة» على دستورية القوانين وايلاء هذه الصلاحية عملياً الى مجلس الوزراء الذي ينظر في مشروع المعاهدة كسبيل لنفاذها.
وفي نقل هذه الصلاحية ما هو مستغرب، باعتبار ان الرقابة الشائعة التي يمارسها رئيس الجمهورية مستمدة من المادة 50 ـ دستور المتعلقة بخطاب القسم والمادة 49 ـ دستور التي جاء في فقرتها الأولى ما يمكن اعتباره تحديداً للمواصفات التي تنطبع فيها سدة الرئاسة. فإسقاط تلك الرقابة من صلاحيات رئيس الجمهورية، وأناطتها بمؤسسة لا يكفي انها تمارس صلاحياتها من دون قسم اليمين، انما تمارس تلك الرقابة على إجراء اتخذه رئيس البلاد، مع الاشارة الى ان تلك الرقابة ليست آنية كما في رد رئيس الجمهورية القوانين الى مجلس النواب الذي يوقف نفاذ القانون لمدة محددة انما رقابة تقريرية لا تكون مفاعيلها محددة بزمن في حال رفض مشروع المعاهدة.
من خلال هذه المعطيات وغيرها الكثير، يتبين ان المشترع الدستوري قد اولى رئيس الجمهورية حق المبادرة لاقتراح القوانين في أمرين محددين هما: التعديل الدستوري والمعاهدات.
وإذا كانت المبادرة لتعديل الدستور، هي استثناء، إلا انها أضافت الى صلاحيات الرئيس صلاحية إضافية لم تؤثر على صلاحياته الأخرى بعكس المادة 52 التي دفع فيها الرئيس ثمناً غالياً من صلاحياته بدل ايلائه صلاحية المفاوضة وإبرام المعاهدات والسؤال: لماذا اقدم المشترع على ذلك؟
بالعودة الى ماهية الاستثناءين يتبين انهما تركزا حول أهم قضيتين يمكن ان ينشآ عن القانون. وإذا كان المشترع قد ترك حق المبادرة لتعديل دستوري بيد مجلس النواب أيضاً إلا انه حصر حق المبادرة لعقد المعاهدات بيد رئيس الجمهورية حصراً وان كان قد اخضع مبادرته هذه بعد نشوئها لمشاركة مجلس النواب والحكومة في إخراجها الى حيز التنفيذ خاصة اذا ترتبت عليها نفقات مالية.
وبهذا يكون المشترع قد أولى المعاهدات الدولية أهمية أكبر من تعديل الدستور من خلال هذه الحصرية والسبب في ذلك يمكن ان يكون موضوعياً لأن ما يترتب على المعاهدات يمكن ان يكون خطيراً ويمس السيادة والاستقلال وتترتب عليه انعكاسات لا تحتملها البلاد وتمس بيمين القسم والدليل ما هو حاصل اليوم حول قانونية المحكمة الدولية.
عندما يأخذ المشترع في الاعتبار ما يمكن ان يعانيه الوطن من احكام معاهدة ما ويعمد الى اخذ الاحتياط لمنع هذه المعاناة بمن اقسم اليمين على «احترام دستور الأمة وحفظ استقلال الوطن اللبناني وسلامة أراضيه» يكون منع ضمناً المس بهذه الصلاحية بفعل أي ذريعة كانت.
وبالعودة للمادة 52 التي ورد فيها «الإبرام» مرتين، نجد ان صلاحية رئيس الجمهورية هي «التفاوض» و«الإبرام» وهذا هو «الإبرام» الاول التي يعتبر من الناحية الشكلية معادلاً للإصدار أي توقيع رئيس الجمهورية.
واول ما يتبادر الى الأذهان هنا، السؤال عن الأسباب التي حدت بالمشترع الى النص على التفاوض والنص ولو ضمناً على اعداد مشروع المعاهدة من قبل رئيس الجمهورية؟ فهل يمكن لرئيس الجمهورية ان يعد مشروع معاهدة ولا يكون طرفاً في التفاوض فيها؟ بمعنى ان يوكل التفاوض ويعد مشروع المعاهدة استناداً الى ما توصل إليه المفاوضون؟
لا بد من الإشارة اولا الى ان النص على التفاوض عائد الى كون المعاهدات قد تكون أمنية او سياسية او اقتصادية او اجتماعية او بيئية وغير ذلك وهذا ما يتطلب وجود أصحاب اختصاص للتفاوض، فمهما كانت سعة اطلاع رئيس الجمهورية، لا يمكنه أن يحيط بها كلها والتفاوض ليس من آليات الإجراءات المتعلقة بنشوء القوانين التي تعتمد صيغة الدرس او المناقشة او البحث وغير ذلك.
التفاوض هو إجراء يعتمد بين الدول وليس في مطبخ القوانين الداخلي ولذلك لا احكام دستورية تضبط إجراءه. والأهم من هذا ان التفاوض ليس شرطاً لعقد المعاهدات، فقد تصبح المعاهدة نافذة من دون تفاوض معلن كما في الاتفاقية التي عقدها الرئيس كميل شمعون مع الولايات المتحدة ونزل بموجبها جنود «المارينز» على الشاطئ اللبناني في العام 1958.
من هذه المعطيات يتبين ان انتداب او تفويض او توكيل رئيس الجمهورية لمن ينوب عنه في التفاوض لا يلزم الرئيس بالضرورة بما يتوصل إليه المفاوض فهذا يبقى خاضعاً لقراره الذي يكون بالقبول او الرفض او اقتراح تعديل ما.
أما موقع «إبرام» رئيس الجمهورية لمشروع المعاهدة أي توقيعه على المشروع فهو خلاف «التفاوض». فالتوقيع هو الإجراء الذي من دونه تتوقف الآلية المطلوبة لتصبح المعاهدة نافذة الإجراء، وهي بذلك صلاحية دستورية بامتياز ومشابهة تماما لتوقيع رئيس مجلس الوزراء والوزراء المختصين على المشاريع التي يتوصل إليها مجلس الوزراء. فكما انه لا يمكن إحالة تلك المشاريع الى الجهة المختصة لاستكمال آلية درسها وبالتالي نفاذها من دون تلك التواقيع، لا يمكن لمجلس الوزراء ان يضع يده على مشروع المعاهدة من دون إبرام ـ أي توقيع رئيس الجمهورية عليها.
ومن المفيد التذكير أنه في مرات عدة رد فيها مجلس النواب مشاريع الى الحكومة، وذلك لان احد الوزراء المختصين لم يوقع مع رئيس مجلس الوزراء على المشروع المحال. ولذلك فإن أي مشروع معاهدة او اتفاقية يتسلمه مجلس الوزراء ولا يكون محالاً إليه من صاحب الصلاحية الأساسية بإعداد المشروع لا يمكن لمجلس الوزراء ان يتعامل معه بأي شكل من الاشكال باستثناء المبادرة الى رده الى الجهة التي احالته إليه لان من يملك الصلاحية الدستورية لم يوقعه والصلاحيات الدستورية وفق القواعد القانونية لا تفوض بفعل أي ذريعة كانت، فكيف إذا كان رئيس الجمهورية قد دفع صلاحيات ثمينة جداً من صلاحياته ثمناً للمبادرة لإعداد مشروع المعاهدة وابرامه؟
استناداً الى هذه المعطيات هل يمكن القول بدستورية الاتفاقية المتعلقة بالمحكمة الدولية؟
ما يلفت في المادة 52 ـ دستور انها اعتبرت احالة مشروع المعاهدة الى مجلس النواب استثناء للقاعدة عندما نصت على ان لا تكون المعاهدة مبرمة إلا بعد موافقة مجلس الوزراء. «أما المعاهدات التي تنطوي على شروط تتعلق بمالية الدولة... وسائر المعاهدات التي لا يجوز فسخها سنة فسنة فلا يمكن إبرامها إلا بعد موافقة مجلس النواب».
ان هذا النص غريب عجيب. لقد حل مجلس الوزراء بدل المجلس النيابي كسلطة اشتراعية وحل في الوقت نفسه بدل رئيس الجمهورية في ممارسة الرقابة الدستورية وفرض رقابته عليه فكيف يمكن لعاقل بعد هذا «الانقلاب» ان يتساهل في الضوابط التي يجب اتخاذها لتسليم مجلس الوزراء مثل تلك الصلاحيات الخطيرة فيقوم بـ«دسترة» توقيع وزير فوّض بالتفاوض على المشروع فحل بدلاً عن رئيس البلاد في توقيع المشروع ويصبح هو المؤتمن على الدستور والقوانين وحفظ استقلال الوطن وسلامة أراضيه فأي سلامة ترتجى للوطن في ظل هكذا اعتداء صارخ؟
قد تكون هذه المعطيات كافية لإقناع «الراشدين من اللبنانيين» بأن قانون المحكمة الدولية ينتهك الدستور اللبناني على رؤوس الأشهاد. ومع هذا لا بد من الاشارة ولو بإيجاز الى الفقرة الثانية من المادة 52 المتعلقة بمشاريع المعاهدات التي يقتضي إقرارها من مجلس النواب وتحكمها ذات النصوص التي تحكم إقرار المشاريع الاخرى. فهذه الفئة من مشاريع الاتفاقيات والمعاهدات، كما أشرنا سابقا، «لا يمكن إبرامها إلا بعد موافقة مجلس النواب» كما جاء في النص فلماذا إذا اعتبرت المعاهدة نافذة من دون موافقة المجلس. هل يمكن ايجاد أسباب تؤول الى ذلك؟ لو كان هذا ممكناً لكان الدستور قد حدد ذلك كما جاء في حالات استثنائية وردت في النص.
ان الثابت ان مجلس النواب لم يتسلم وبالتالي لم يدرس ولم يناقش ولم يقر مشروع المحكمة وبالتالي يصبح السؤال كيف أبرمت معاهدة «لا يمكن إبرامها» الا بموافقة المجلس النيابي؟
لا سند دستوريا للمحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال الشهيد رفيق الحريري، وذلك تبعا لكل المقاييس القانونية. وما يزيد من حقيقة هذه المقولة التداعيات التي تلامس الخطورة في مسار هذه المحكمة تلك التداعيات التي جاءت لتؤكد ان كل ما ينشأ عن ممارسة لا قانونية لا يمكن ان يوصل الى عدالة ولن يكرس سيادة القانون.

No comments:

Post a Comment

Archives