The Lebanese Center for Human Rights (CLDH) is a local non-profit, non-partisan Lebanese human rights organization in Beirut that was established by the Franco-Lebanese Movement SOLIDA (Support for Lebanese Detained Arbitrarily) in 2006. SOLIDA has been active since 1996 in the struggle against arbitrary detention, enforced disappearance and the impunity of those perpetrating gross human violations.

Search This Blog

December 20, 2010

Assafir - STL - december 20,2010



ليس كلّ ما يطرّزه بيلمار صحيحاً.. الاتصالات نموذجاً
علي الموسوي
لا يمكن لأيّ قاض يلبس ثوب المدعي العام، في العالم كلّه، أن يتهمّ أشخاصاً بجريمة لم يرتكبوها، حتّى ولو تمكّن، عبر طرائق مختلفة، ومساعدات استخباراتية، من توقيفهم وسوقهم إلى المحكمة، حيث سرعان ما تظهر براءتهم وتنهار سمعته القضائية، ويتحوّل هو إلى متهم باحتجاز الحرّيّة وممارسة الاعتقال التعسفي والافتراء الجنائي، ويمكن مقاضاته في الدول الراقية قانوناً وعلماً وإنسانية.
وهذا ما حصل بالفعل مع أوّل رئيس للجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، القاضي الألماني ديتليف ميليس، في قضايا عدة واجهته في المحاكم الألمانية حيث كان يشغل وظيفة المدعي العام، ومنها على سبيل المثال، محاكمة المواطن الألماني يوهانس فاينريش بدعوى مساعدة الفنزويلي كارلوس في ثلاثة اعتداءات وقعت في باريس ومرسيليا وتان ليرميتاج الفرنسية بين العامين 1982 و1983، فطلب له ميليس عقوبة السجن المؤبّد، غير أنّ محكمة الجنايات الألمانية برئاسة القاضي رالف إيهيشتيت، اعتبرت أدلّة ميليس غير كافية لتجريم المتهم، فأعلنت براءته في العام 2004.
ويرى خبير قانوني، أنّ كشف خطورة الاختراق الإسرائيلي لشبكة الاتصالات الهاتفية الخلوية، بالتزامن مع اعتراف المسؤولين الإسرائيليين بتقديمهم معلومات لمكتب المدعي العام الدولي في المحكمة الخاصة بلبنان القاضي دانيال بيلمار، وإقرار مسؤولين في هذا المكتب وفي مقدّمتهم قائد فريق المحاكمة الألماني إكهارد ويتهوبف بأنّهم يعتمدون على إسرائيل كمصدر لمعلوماتهم، قطع الطريق على إمكان الاستناد إلى مسألة الاتصالات الهاتفية في القرار الاتهامي، وجعلها قرينة ضعيفة لا يعتدّ بها، وغير قابلة للتصديق ومن دون قيمة قانونية فاعلة، ولا يمكن الاحتكام إليها لتثبيت تهمة ما مرتبطة بالاتصالات الخلوية.
ومتى كانت الأدلّة هزيلة، سقط القرار الاتهامي في فخّ العجز بإقناع الرأي العام بما يسوقه من اتهامات، وقبل ذلك في إقناع قاضي الإجراءات التمهيدية دانيال فرانسـين الذي، على الأرجح، لن يصادق عليها لهشاشتها، علما أنه لطالما طالب بيلمار بأدلة مقنعة وقوّية، مما يتطلّب إعادة تفعيل التحقيق للتفتيش عن القاتل الحقيقي اذا ظل فرانسين متمسكا بموقفه.
على أنّ الخطورة تكمن في أن ينزلق القرار الاتهامي إلى تمييع كشف الجناة الحقيقيين لاغتيال الرئيس الحريري بتقديمه أدلّة مشكوك في صحّتها وفي مصداقيتها، مثل حالة الاتصالات الهاتفية، وهذا ما يسمح أكثر للمتهمّين الفعليين في الاستمرار في الفرار من العقاب، وبدلاً من أن يكون بيلمار مولجاً بالبحث عن القتلة، فإنّه يساعد، ولو بطريقة غير مباشرة، في حمايتهم، على غرار ما حصل في قضية شهود الزور.
وقد نجح «حزب الله» في الذهاب بعيداً في تأكيد تسييس المحكمة الخاصة بلبنان، على الرغم من المحاولات الحثيثة للدعاة إليها والقائمين بها لإبعاد شبهة التسييس عنها، وفي مقدّمتهم الولايات المتحدة الأميركية، علماً أنّهم تورّطوا في تسييسها أيضاً، أو بالأحرى، أدّى دفاعهم عنها بطريقة غير مألوفة، إلى إقامة شبهات سياسية حولها، فضلاً عمّا قامت به المحكمة منذ نشأتها، من تعديلات غير مسبوقة في قواعد الإجراءات والإثبات الخاصة بها، ولاسيّما في مجال التبليغات، حيث وصفت هذه التغييرات بأنّها تناسب المذاق السياسي أكثر ممّا تتجانس مع تنفيذ العدالة، والمبدأ الرئيسي للعدالة، وهو إحقاق الحقّ.
وتتناسق التعديلات بشكل جذري، مع الترتيبات السياسية المرافقة لصدور القرار الاتهامي والشروع في المحاكمات العلنية ولو اتخذت الأحكام صيغة غيابية، ما دام المهمّ هو منع الحياة على المطلوبة رؤوسهم.
وبات معروفاً أنّ كلّ ما حصل في هذه المحكمة منذ الدعوة إلى إنشائها وتمهيد الأرضية القانونية لولادتها القيصرية الصعبة، مبني على أسس سياسية في الدرجة الأولى، بدءاً من موافقة مجلس الأمن السريعة والمتزامنة مع تصريحات دول كبرى، مع ما يترتّب على ذلك من توافق ضمني لمصالح الدول ويدخل ضمن نطاق «لعبة الأمم»، وعدم مصادقة مجلس النوّاب اللبناني بصفة رسمية عليها، وتجاوز صلاحيات رئيس الجمهورية في التوقيع على المعاهدات الدولية، وهي من صلب اختصاصه واهتمامه ومهامه التي يحفظها ويكفلها الدستور له.
وانهالت التسريبات الإعلامية، والتصريحات السياسية الدولية، وفي طليعتها الأميركية والإسرائيلية منها، محدّدة التوقيت الزمني لصدور القرار الاتهامي، في شهر كانون الأوّل 2010، وأطلقت المحكمة على لسان رئيس القلم فيها الهولندي هيرمان فون هايبل، تواريخ متقاربة لبدء المحاكمات في شهري أيلول أو تشرين الأوّل 2011، وواصلت توقيع مذكّرات التفاهم والاتفاقيات مع معاهد ومنظّمات متعدّدة الوظائف، لتوحي بأنّها مستعدّة للمحاكمات، ومن هذه المذكّرات واحدة مع معهد الأدلّة الجنائية الهولندي بغية «توفير خدمات علمية جنائية للمحكمة» على ما ورد في متن البيان الصادر عن المحكمة في 16 كانون الأوّل 2010، وهذا المعهد «يطبّق عدداً من التقنيات الجنائية لاسيّما تحليل المتفجّرات والأسلحة والحمض النووي وتحليل الآثار والتجاري الرقمية كإعادة بناء مسرح الجريمة باستخدام تقنية الأبعاد الثلاثية»، بحسب بيان المحكمة أيضاً.
ولم يصرّح رئيس القلم فون هايبل عن التكاليف المادية لهذا التفاهم مع أنّه مسؤول عن الشؤون الإدارية والمالية، وأبقاه طيّ الكتمان عن الشعب اللبناني الذي يدفع من جيبه الخاص ما نسبته 49% من ميزانية المحكمة.
كما أنّ فون هايبل لم يشرح الأسباب الداعية إلى توقيع هذا التفاهم، خصوصاً وأنّه سبق للمدعي العام بيلمار أن أشرف على إجراء «انفجار اختباري» في قاعدة كابسيو العسكرية في فرنسا في 19 تشرين الأوّل 2010، وجسّد الاغتيال بالاستناد إلى ما توصّلت إليه تحقيقاته، فلماذا صرف المزيد من المال على أمر جرى تنفيذه وصوّر وبات من ضمن ملفّات التحقيق التي يفترض أن ترفع إلى المحكمة؟ كما أنّه يمكن لقضاة المحكمة أن يعاودوا مشاهدة اختبار بيلمار الذي شارك فيه خبراء دوليون مكلّفون من قبله بهذه المهمّة، وهو محفوظ علمياً على أشرطة فيديو وأقراص مدمّجة، أم أنّ المحكمة لا تثق بهؤلاء الخبراء، وتريد أن تتحقّق من تلقاء نفسها بإحالة المسألة على معهد موثوق منها، وصادف أن كانت جنسية المعهد هولندية مثل جنسية فون هايبل؟.
في الحالين، دفع الشعب اللبناني جزءاً من مصاريف الاختبار الأوّل، وهو ملزم بتأمين تغطية نفقات أيّ تحليل جنائي قد تلجأ المحكمة إلى إجرائه، على أنّ الأهمّ من كلّ ذلك، هو أنّه ليس كلّ ما يفعله بيلمار يكون صحيحاً.

No comments:

Post a Comment

Archives