The Lebanese Center for Human Rights (CLDH) is a local non-profit, non-partisan Lebanese human rights organization in Beirut that was established by the Franco-Lebanese Movement SOLIDA (Support for Lebanese Detained Arbitrarily) in 2006. SOLIDA has been active since 1996 in the struggle against arbitrary detention, enforced disappearance and the impunity of those perpetrating gross human violations.

Search This Blog

January 31, 2011

Annahar - Chlidren rights - January 31,2011



مع اشتداد الضائقة الاقتصادية على العائلات اللبنانية، بدأت ظواهر جديدة تنتشر في المجتمعات، على صعيدي "عمالة الاطفال" و"التسول". وان كانت الظاهرة الاولى شائعة في بعض المناطق والاحياء منذ زمن، فان الثانية تتسع يوما بعد يوم وتظهر في مناطق متعددة من الشمال، وأبطالها اولاد بعضهم لا يتجاوز السادسة او السابعة من العمر، يسيِّرهم وينتقي لهم مكان او امكنة "شغلهم" والد او "مشغل" يراقبهم من بعيد ويجني "غلتهم" عند المساء ليشتري بها في اليوم التالي متطلبات الحياة والحاجات اليومية، يرتاح "على حسابهم" غير مبال بهم، سواء دخلوا المدرسة ام لا، لان المهم جمع المال، والا فالضرب المبرح ليلا، إذا لم يكن الحصاد والغلة وفيرين".
ظاهرة التسول التي تزداد يوما بعد يوم قد يكون اطفالها لبنانيين، او ربما غير لبنانيين، ولا يمكن التدقيق بذلك، لان الكاميرا والسؤال يخيفانهم كثيرا، وليس على من يريد تتبع اثر او معرفة هوية الا انتظار الاولاد وهم يتبادلون الحديث الخاص بينهم ليعرف من لهجتهم ولغتهم هويتهم.
في طرابلس المتسولون كثر، ومن مختلف الاعمار، بعضهم محتاج حقا الى المال، وبعضهم الآخر في امكانه العمل وكسب رزقه بالحلال، لكنه يفضل "اللقمة بدون تعب أو عناء والرزق عَ الله والمدخول مهما يكن يكفي لرغيف خبز أو رغيفين وقطعة جبنة أو مسحة لبنة أو زعتر أو بضع حبات زيتون. ولكن اصحاب العائلات تهمهم أول 1500 ليرة لتأمين ربطة الخبز، وبعد ذلك ما يزيد فهو من باب "كتر خير الله".
وهكذا لا تجد شارعاً أو رصيفاً أو حياً يخلو من امرأة وفي حضنها طفل، تمد يدها وتطلب الحسنة لإطعام الطفل أو لمداواته أو لشراء "علبة حليب"، والمحسنون كثر...
كذلك هناك المسنّون الذين يمدون اليد ويعيدونها بعد مرور سيارة أو عابر سبيل، وقد يكونون حظوا ببعض يسير أو لا، وزحمة السير هنا هي الملاذ الوحيد لهؤلاء الذين ينتقلون من سيارة الى أخرى بلا كثير عناء. وهناك ايضا اصحاب العاهات الجسدية على أنواعها، وهؤلاء يحظون بالمال أما شفقة وأما حسنة، ولكن حصيلة نهارهم غالبا ما تكون لا بأس بها.
ظاهرة تتمدد
الظاهرة هذه، وهي الأكثر انتشاراً في طرابلس من بقية المناطق الشمالية الاخرى، بدأت تتمدد شمالاً باتجاه البترون والكورة وزغرتا، وان بنسب مختلفة. ففي زغرتا مثلاً تنحصر بمجموعات من الاطفال والاولاد لا تزيد اعمارهم عن تسع سنوات ينتشرون على الجزيرة الوسطية للاوتوستراد، ولاسيما في المنطقة الممتدة بين كنيسة مار يوحنا والمفترق المؤدي الى كفردلاقوس، وهي مسافة لا تزيد عن مئة متر تجد فيها بائع اللوتو أو العلكة او اليانصيب، أو الطفل الذي "يتعمشق" بباب سيارة ليظهر يده طالباً حسنة.
"محمود"، تناديه أخته من مسافة قريبة، عندما ترى ان مسعاه لم يفلح في طلب الحسنة، وتشير اليه بالتوجه الى سيارة أخرى سائلاً ثمن "منقوشة" أو "رغيف خبز"، والاخت تتلقى الاوامر من شخص داخل غرفة مقابلة، لأنها الأكبر وهي توجه اخوتها الاصغر سناً، تسألها من أين انتِ؟ فتهرب. تحاول التقاط الصورة فتجمع اخوتها وتختفي.
أما حسن، فيقول خلسة وأنت تعطيه الصدقة "نحن لبنانيون من عكار أتى بنا والدنا الى هنا. وقد استأجرنا غرفة ننام فيها قريبة من هنا، حيث نعمل لكسب قوتنا اليومي".
لكن لهجة حسن تدل الى انه غير لبناني، خصوصاً عندما تسترق السمع اليه وهو يحاكي أخيه بلغة "كردية" لا لبس فيها ولا شك. فتسأل، ويأتي جواب ننقله على ذمة الراوي الذي رفض قول أي شيء عن اسمه أو أسماء الاولاد، ليؤكد "انهم عراقيون بعضهم جاء مع أهله الذين يعملون موسمياً في قطاف التفاح أو الزيتون، فيما بعضهم الآخر يشغل الاولاد وهو يتفرج". ويضيف: "البعض منهم، وهم قلة، من المسيحيين الذين هجّروا من العراق، فوجدوا في زغرتا ملاذاً آمناً لهم ولهذا لا عمل عندهم ولا شغل فيتسول الاولاد لحين الفرج". وعند السؤال كيف تعرف انهم عراقيون ومسيحيون؟ قال: انهم في الغالب أكراد، هذا أنا أكيد منه. أما المسيحيون، وهم القلة، فإنني أراقب دخول أهلهم الى الكنيسة في أوقات معينة "حيث لا يراهم احد" يصلون ثم يخرجون.
التسوّل عمل!
لكن الظاهرة الاشد غرابة تتجلى في قول موسى ابن السنوات التسع إنه زغرتاوي منذ سنوات، وعندما تسأله كيف؟ يجيب: "نحن مجنسون والتسوُّل ليس عيباً بل هو عمل وعلينا تأمين لقمة العيش ولا نخجل مما نقوم به". لكنه عندما يشاهد سيارة الدورية لقوى الامن او للشرطة البلدية يتوارى عن الانظار. البعض من اولاد الطريق بات اليفاً مع السائقين والسيارات، اعتاد على اناس معينين ينتظر مرورهم ليأتيه الفرج، والآخرون لا زالوا جدداً في "الكار" ينتظرون من يمد يده من شباك سيارة ليعطيهم حسنة او يشتري ورقة لوتو بـ500 ليرة زيادة عن السعر الرسمي.
وفي البترون، بدأت الظاهرة هذه تتفشى في شوارع المدينة، لكن بنسب قليلة جداً، وهي تزداد في ايام الصحو وتنعدم ايام الشتاء، وكذلك الحال في الكورة واميون وكوسبا.
عمالة الأطفال
اما بالنسبة الى عمالة الاطفال، فإن الظاهرة تزداد اتساعاً. فمن قطاع ميكانيك السيارات والدراجات، الى الافران والمصانع على اختلافها، أجورهم اقل من العمال العاديين، وأهلهم يريدون تعليمهم مهنة يكسبون من خلالها عندما يكبرون لقمة عيشهم. وهذه الظاهرة تشتد بروزاً في فصل الصيف، حيث لا ترفيه ولا مدارس، وعلى الاولاد العمل لشراء الكتب والقرطاسية والحاجات الاخرى، هذا اذا كان الولد مسجلاً في مدرسة. ولهذا تجد ابن العشر سنوات يجر في احد الافران لوحاً من الخشب الغليظ يكاد يكون اثقل منه وزناً، يعمل على تنظيفه من العجين الجاف المتبقي عليه، قبل ان يدخل الى الفرن ليجلب لوحاً آخر. واذا أراد ان يستريح فعليه وضع ربطات الخبز على رف خشبي امام الفرن لبيعها، وهو عامل نشيط يحب عمله ولا يتأخر في تعلُّم المهنة.
في الاحياء الفقيرة من طرابلس الحياة قاسية وصعبة ومساعدة الاهل واجب، فلذلك تختزن هذه الاحياء نسبة كبيرة من العمال الصغار، بعضهم ترك المدرسة نهائياً وانغمس في سوق العمل والبعض الآخر لا فرص مدرسية عنده، فعطلة الاسبوع مجال للعمل، وكذلك ايام العطل الاخرى، ليوفّق ما بين العمل والعلم، عساه يؤمن مدخولاً يساعد عائلته الفقيرة.
بعض هؤلاء قد يكون المعيل الوحيد لعائلته بعد وفاة الوالد او لسبب مرضي اعجزه عن القيام بالعمل فاضطر الابن البكر الذي لا يزيد عمره عن العشر سنوات الى النزول في سوق العمل لمساعدة أمه واخوته الصغار مقابل أجر لا يتعدى العشرة آلاف ليرة يومياً. ويقول أحد صاحب محلات حدادة ودهان السيارات من المفروض في أهله ان يدفعوا لنا، لأننا نعلّمه مهنة، لكن وضعهم صعب، ولهذا نحن نعطيه اجراً. اما الولد فيعمل في غياب شروط صحية وبيئية معدومة كلياً، إن في معامل الخياطة والحياكة والتنجيد أو في كاراجات الميكانيك وسواها من أماكن أخرى، ولكن الدهر قاس وظروف المعيشة أقسى وأشد ايلاماً.
ظاهرتا التسوّل وعمالة الاطفال المتزايدتان في اتساع يومي ما يطرح السؤال عن دور الوزارات المعنية، وأولها وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة العمل ووزارة التربية وكل من له علاقة بعمالة الأطفال وقانونية هذا العمل، ولماذا هي غائبة عن هذه الظواهر غير الحضارية المضرّة بصورة البلد وسمعته؟ ومن ثم اين هو قانون إلزامية التعليم؟ ولماذا لا يطبّق ولو في المراحل الاولى من الدراسة محافظة على اولاد ومجتمع وعائلة وصورة بلد نتغنى بأنه علّم الحرف؟ ولماذا لا نبعد اولادنا وهم في عمر الورد وعن آفات قد تكون في المستقبل سيفاً مباشراً لتدمير حياتهم والحد من طموحهم؟ وهل ستبقى الامور فالتة في انتظار أن نصبح كلنا، كما تقول الاغنية، "شحادين يا بلدنا شحادين"؟!
طوني فرنجيه      

No comments:

Post a Comment

Archives