The Lebanese Center for Human Rights (CLDH) is a local non-profit, non-partisan Lebanese human rights organization in Beirut that was established by the Franco-Lebanese Movement SOLIDA (Support for Lebanese Detained Arbitrarily) in 2006. SOLIDA has been active since 1996 in the struggle against arbitrary detention, enforced disappearance and the impunity of those perpetrating gross human violations.

Search This Blog

January 27, 2011

Assafir - STL - January 27,2011



المحكمة الخاصة بلبنان:
بداية مرتبكة.. ونهاية أكيدة (1)
هادي راشد
يعيش لبنان منذ أكثر من نصف عقد، وتحديدا منذ صدور القرار 1559 في 2 أيلول 2004، عصرا من التدويل القانوني الأممي المفرط ( Internationalisation juridique accentuée)، يتمثل أولا بسلسلة طويلة من القرارات والبيانات الرئاسية الصادرة تباعا عن مجلس الأمن الهادفة بظاهرها الى حل مشاكله الداخلية أو الأقليمية التي يتخبط فيها، ويتأكد ثانيا بمحكمة دولية خاصة به، ندر وجودها في تاريخ الأمم والشعوب، وهي على كل حال المحكمة الدولية الوحيدة في موضوعها الذي يتمثل في معاقبة مرتكبي جريمة ارهابية استهدفت بالأساس شخصا واحدا.
لقد اعقبت القرار 1559 الشهير، مجموعة من القرارات والبيانات الصادرة عن مجلس الأمن واكبت بشكل لافت الأحداث المتسارعة التي وقعت في لبنان. وقد تأكد لمن عايش وتحمل مآسي هذه الأحداث، ان هذه القرارات كانت تأتي بمثابة رد مباشر وحاضر على هذه الأحداث ان من حيث التوقيت أو من حيث المضمون.
ولعل تتويج هذه القرارات كان في القرار رقم 1757 الذي وضع قيد التنفيذ النظام الأساسي للمحكمة الخاصة للبنان بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة وهو فصل استثنائي يعمل به عند تعريض السلم والأمن الدوليين للخطر الفائق.
فاذا كانت ولادة المحكمة أمرا موثقا في تسلسل زمني واضح ولكن ضمن قواعد قانونية تعرضت للارتباك أكثر من مرة، الا ان التخوف مشروع من ان الارتباك التقني ومن ثم الشعبي، سيأخذ مسارا تصاعديا مع ما هو مرتقب من ولهذه المحكمة ومع ما يمكن ان يكون مصيرها على المدى المتوسط والبعيد.
أولا: البداية... والارباك الدستوري
1- بدأت الرحلة «العلنية» لإنشاء المحكمة ذات الطابع الدولي لمحاكمة من تثبت مسؤوليتهم عن الجريمة الإرهابية التي وقعت في 14 شباط 2005 وسائر الاعتداءات التي وقعت منذ تشرين الأول 2004 في «الرسالة»! التي وجهها بتاريخ 13 كانون الأول 2005 رئيس وزراء لبنان الى الأمين العام للأمم المتحدة والتي طلب فيها انشاء هذه المحكمة.
وعلى ضوء ما يكرره الأمين العام للأمم المتحدة وسائر الدبلوماسيين من ان المحكمة انشئت بطلب من الحكومة اللبنانية، من المفيد الأشارة فورا الى:
- ان السلطة التنفيذية في لبنان ومنذ اتفاق الطائف، تتمثل بمجلس الوزراء مجتمعا وفقا لاحكام المادة 65 من الدستور وليست عائدة لرئيس هذا المجلس. أي ان رسالة رئيس مجلس الوزراء لا يمكن ان تنتج مفاعيل قانونية الا اذا كانت ناتجة عن قرار رسمي متخذ في جلسة لمجلس الوزراء.
- ان صلاحية التفاوض في الشؤون الخارجية مرتبطة برئيس الجمهورية وفقا لأحكام المادة 52 من الدستور على أن يتم ذلك بالاتفاق مع رئيس الحكومة. أي ان مخاطبة الأمم المتحدة على النحو الذي تم يبقى في اطار تبادل الرسائل ولا يلزم السلطة اللبنانية.
2- تأكيدا على ما سبق فقد تكلم القرار 1757 في مقدمته عن أمور «مستغربة قانونا» منها:
- الإشارة الى أن الاتفاق المبرم بين الأمم المتحدة والجمهورية اللبنانية بشأن انشاء محكمة للبنان قد وقعته الحكومة اللبنانية والأمم المتحدة على التوالي في 23 كانون الثاني و6 شباط 2007. في وقت أن رئيس الجمهورية كان رافضا لهذا الاتفاق وفق صلاحياته الدستورية المشار اليها اعلاه.
- الإشارة الى رسالة ثانية ارسلها رئيس مجلس الوزراء يقول فيها ان الأغلبية البرلمانية أعربت عن تأييدها للمحكمة، والتمس بالتالي عرض طلبه بانشاء المحكمة الخاصة على مجلس الأمن على سبيل الاستعجال. في وقت أن مجلس النواب لم يجتمع في تلك الفترة.
بحيث ان هاتين المسألتين تدلان على ان رئيس الحكومة آنذاك اختصر بشخصه رئاستي الجمهورية المخولة التفاوض على الاتفاقيات الدولية ورئاسة المجلس النيابي التي تحدد مواعيد انعقاد المجلس النيابي ومن ثم تحصي أصوات الأغلبيات النيابية عند اجراء كل تصويت.
3- تأكيدا على ما سبق، جاء في مطلع الدليل عن المحكمة الخاصة للبنان الموزع من قبلها، ما حرفيته:
«وبتاريخ 29 اذار/مارس عام 2006، أوكل مجلس الأمن الأمين العام للأمم المتحدة للتفاوض حول ابرام اتفاق مع الحكومة اللبنانية (قرار رقم 1664). وقد جرت المفاوضات وأفضت الى صياغة الاتفاق والنظام الأساسي الخاص بهذه المحــكمة، غير انه لم يتم ابرام هذا الاتفاق نظرا للجمود السياسي السائد في لبنان».
4- رب قائل ان القرار 1757 الصادر بعد ذلك، بقوة الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، قد يمحو العيوب الدستورية الهامة المشار اليها اعلاه، ورب قائل آخر، وفق ما جاء في بيان صادر عن رئيس المحكمة الدولية أنطونيو كاسيز، ان اداء السلطة في لبنان أكد بشكل واضح على القبول بهذه المحكمة وعلى تغطيتها اللاحقة للعيوب الدستورية المبينة اعلاه، الا ان ذلك لن يمنع السلطة التنفيذية في لبنان من اثارة هذه المسائل عند اي تفاوض جديد وقريب مع مجلس الأمن حول المحكمة أو حول صلاحياتها أو... مدتها، وان تم ذلك على سبيل تبيان العيوب لتغيير الأداء والمسار.
5- أما وبمراجعة تسلسل الاحداث التي واكبت القرارات الدولية التي أوصلت الى انشاء المحكمة فنجد ما يلي:
أ- ان هناك قرارين قد صدرا تحت الفصل السابع هما القرار 1644 الذي وسع صلاحيات لجنة التحقيق الدولية والذي كان أحد اساسات القرار 1757 الذي انشأ المحكمة تحت نفس الفصل.
ب- إن أكثرية القرارات كانت نتيجة كتب صادرة عن رئيس الحكومة في لبنان.
ت- لكن اكثر ما كان ملفتا هو انه قبل 3 ايام من اتخاذ القرار 1644 بموجب الفصل السابع تمت عملية اغتيال النائب جبران تويني الوحشية! بتاريخ 12 كانون الأول 2005!!!
وبنفس تاريخ ارسال كتاب رئيس الحكومة في لبنان حول نتائج المداولات على الأتفاق بشأن المحكمة نهار 21 تشرين الثاني 2006 تم اغتيال النائب بيار الجميل في ظهيرة ذاك اليوم على طريقة فرق الكومندوس التي تستطيع منع أي اقتفاء لأثرها.... بحيث يحق للمتابع التساؤل عما اذا كانت الاغتيالات هي ردة فعل على القرارات الأممية أو على النقيض هي محفزة لها؟
كلا الطرحين جديران بالبحث والتعمق... علما ان أصابع الاتهام الجماهرية في تلك الفترة كانت تشير غرائزيا نحو جهة واحدة هي سوريا: بما يسهل على أي طرف آخر الاستفادة من هذا الوضع، وعلما ثانيا ان الاغتيالين المشار اليهما جاءا قبل قرارات الفصل السابع وليس بعدها...
6- لا بد لي من الأشارة هنا الى انه في الفترة الوجيزة التي سبقت كتاب 21 تشرين الثاني 2006 المشار اليه اعلاه تلقيت اتصالا من احد الوزراء في الحكومة يسألني، بحكم اختصاصي، عن المدة التي احتاجها لدرس الاتفاق المنوي توقيعه مع الأمم المتحدة ونظام المحكمة المرفق به، فاجبته انني سأكون بحاجة لما يقارب الأسبوع ، فقال لي لا وقت لدينا اذ ان رئيس الحكومة يريدنا ان ندرسه خلال 48 ساعة. وبالفعل انعقد مجلس الوزراء في تلك الفترة الوجيزة، بعد خروج وزراء الطائفة الشيعة منه وأقر نظام المحكمة.
7- تم بعد ذلك وبتاريخ 14/12/2006 نشر في الجريدة الرسمية المرسوم «النافذ حكما» (أي دون توقيع رئيس الجمهورية) الذي أحال مشروع القانون الذي يرمي الى الإجازة للحكومة ابرام الاتفاق مع الأمم المتحدة، فأخذت على نفسي مهمة دراسة نظام المحكمة وأبداء الملاحظات عليها، فانتهيت من ذلك في 28/12/2006 أي بعد اسبوعين، حيث توصلت بنتيجتها وعلى ضوء الملاحظات الأربع عشرة التي وجدتها، الى خلاصة تؤكد على الأسباب التي حدت بالامين العام لجامعة الدول العربية على الاصرار على تشكيل لجنة من الاختصاصيين لاعادة قراءة مشروع الاتفاق...
8- دخل لبنان اثر كل ذلك مرحلة من التوتر الشديد أدت الى صدور القرار 1757 بالحيثيات المرتبكة التي صدر فيها علما ان خمس دول من أصل خمس عشرة تشكل مجلس الأمن الدولي، امتنعت عن التصويت عليه. ومن بينها دول لها عضوية دائمة تتمتع بحق الفيتو كروسيا والصين تحديدا اللتين كانتا تترددان لا بل حتى تعارضان اتخاذ هذا النوع من القرارات لأنهما كانتا تعتبران انها تشكل تدخلا في الشؤون الداخلية للدول وهي سابقة لا يجب اعتمادها في منظومة مجلس الأمن.
9- فنقرأ في تصريح للسفير الروسي في الأمم المتحدة آنذاك فيتالي شوركين: «إن القرار 1757 مشكوك فيه بموجب القانون الدولي لأنه يلتف على شروط واردة في الدستور اللبناني». وكذلك قال السفير الصيني وانغ غوانغيا: «ان مجلس الأمن تجاهل ضرورة حصول توافق وطني لبناني بشأن المحكمة وان هذا سيسبب مشاكل سياسية وقانونية».
وقال السفير القطري عبد العزيز النصر: «ان القرار لا يدعم الاستقرار في لبنان». وقد تحفظ ايضا سفير جنوب افريقيا وطالب بمزيد من الوقت أما سفير اندونيسيا فقد امتنع عن التصويت...

([) محام متخصص في القانون الدولي ـ محاضر في جامعة القديس يوسف
عضو هيئة تحديث القوانين في المجلس النيابي اللبناني.
(غداً الجزء الثاني والاخير حول سيناريوهات إلغاء المحكمة).

No comments:

Post a Comment

Archives